زاوية الأبحاثزاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

ابو طالب المؤمن الموحد والمحامي المدافع الحلقة (2)

أبو زينب

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

  • ابو طالب المؤمن الموحد والمحامي المدافع (2)أبو طالب يذل صناديد قريش .

     لقد جاء في الأخبار بأن قريشاً أمرت بعض سفهائها أن يُلقي على ظهر النبي سَلا الناقة (الكيس الذي يتكون فيه جنين الناقة ، ويعبر عنه في الإنسان بـ (المشيمة) )  إذا ركع في صلاته ، ففعلوا ذلك ، وبلغ الخبر ابا طالب فخرج مُغضباً مع عبيد له، فأمرهم أن يُلقوا السلا عن ظهره (صلى الله عليه وآله وسلم) ويَغْسلوه .

     ثم أمرهـم أن يأخذوه فيُمرُّوه على أسْبلَـة القوم (أي شواربهم) وهم إذ ذاك وجـوه قريش ! وحلف بالله أن لا يبرح ( أحد منهم ) حتى يُفعل بهم ذلك فمـا امتنع أحد منهم عن طاعته ، وأذَلَّ جماعتهم بذلك وأخزاهـم. كتاب إيمان أبي طالب للشيخ المفيد ، ص22 ، ط المؤتمر العالمي .

وهذا احد الاسباب لبغض ابي طالب رضوان الله عليه وهو اذلال بني امية امثال ابو سفيان وعتبة وغيرهم وازداد بغضهم اكثر عندما حمل علي ابن ابي طالب سيفة وقطع تلك الرؤس العفنة التي تمادت في اذية وبغض رسول الله (ص) , الاب يذلهم بهذه الطريقة دفاعا عن رسول الله , والابن يقطع رؤسهم لاجل رفع راية لا اله الا الله محمد رسول الله .

  • أبو طالب ! النبي لا يدعونا إلا إلى الخير .

قال ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ ج2 ، ص38 ، ط 1387هـ ، بيروت .:

     قال أبو طالب لعلي : ما هذا الدين الذي أنت عليه ؟

     قال : يا أبت ! آمنت بالله وبرسوله ، وصلّيت معه .

     فقال ( أبو طالب ) : أما إنه لا يدعونا إلا إلى الخير .. فالزمه.

  • أبو طالب ! صل جناح ابن عمك .

وذكر المؤرخ ابن الأثير الجزري أيضاً :

     إنّ أبـا طالب رأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلياً يُصلّيـان ، وعليٌ عن يمينه ، فقال لجعفـر (رضي الله عنه) : صِلْ جناح ابن عمك وصَلِّ عن يساره .

     وكان إسلام جعفر بعد إسلام أخيه علي بقليل. كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج1 ، ص542 ، ترجمة 759 ، ط بيروت

: أبو طالب ! من فعل بك هذا ؟!

يقول القرطبي في تفسيره :

     كان النبي قد خرج إلى الكعبة يوماً وأراد أن يصلي ، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل : من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته ؟

     فقام ابن الزُبَعْرى فأخذ فرثاً فلطَّخ به وجه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فانفتل النبي من صلاته ثم أتى أبا طالب عمه فقال : يا عم ألا ترى إلى ما فُعل بي ؟!

     فقال أبو طالب : من فعل بك هذا ؟!

     فقال النبي : عبدالله بن الزبعرى .

     فقام أبو طالب ووضع سيفـه على عاتقه ، ومشى معه حتى أتى القوم ، فلما رأوا أبا طالب قد أقبل .. جعل القوم ينهضون .

     فقال أبو طالب : والله لئن قام رجل لجلّلته بسيفي ، فقعدوا حتى دنا إليهم فقال (للنبي) : يا بني ! من الفاعل بك هذا ؟

     فقال : عبدالله بن الزبعرى .

     فأخذ أبو طالب فرثاً ودماً فلطّخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول. كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ، ج6 ، ص405-406 ، سورة الأنعام /26 ، ط 1405هـ دار إحياء التراث العربي ، بيروت .

فهل كان أحدٌ من السّلف الصحابيّ مَن يملك مِثلَ هذه الغيرة والحميّة الإسلامية على الرسالة وعلى الرسول ؟! ألا يجدر الافتخار بمثل هذه المواقف الشّجاعة وقد وَرِثها أبناؤه الغُرر فحفظوا لنا الإسلام ؟!

  • أبو طالب كافل النبي .

جاء في صحيح البخاري : كتاب الأدب ، باب فضل من يعول يتيماً .

     … عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وقال بإصبعيه السبّابة والوسطى . أي أشار بإصبعيه المضمومتين .

     يقول عز من قائـل : { ألم يجدك يتيماً فآوى } الضحى / 6 .

     فالذي آوى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هو عمه أبو طالب ، فهو الذي ربّاه وتكفّله حتى كان أحب إليه من أولاده .

  •  أبو طالب يُهدّد كفار قريش .

ذكر الواقدي في كتابه الطبقات الكبرى :

     فُقِدَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه ، فجمع فتيان من بني هاشم وبني المطّلب ثم قال :

     ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة ثم ليتبعني إذا دخلت المسجد ، فلينظر كل فتى منكم فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية – يعني أبا جهل – فإنّه لم يغب عن شر إن كان محمد قد قتل !

     فقال الفتيان : نفعل !

     فجاء زيد بن حارثة فوجد أبا طالب على تلك الحال .

     فقال ( أبو طالب ) : يا زيد أحسَسْتَ ابن أخي ؟

     قال : نعم ، كنت معه آنفاً .

     فقال أبو طالب : لا أدخل بيتي أبداً حتى أراه !

     فخرج زيد سريعاً حتى أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو في بيتٍ عند الصفـا ومعه أصحابه يتحدثون ، فأخبره الخبر ، فجاء رسول الله إلى أبي طالب

     فقال : يا ابن أخي أين كنت ؟ أكنت في خير ؟

     قال : نعم .

قال : أدخل بيتك ، فدخل رسول الله فلما أصبح غَدَى على النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده ، فوقف به على أندية قريش ومعه الفتيان الهاشميون والمطّلبيون ، فقال :

     يا معشر قريش ، هل تدرون ما هممت به ؟

     قالوا : لا .

     وأخبرهم الخبر وقال للفتيان :

     اكشفوا عمـا في أيديكم ، فكشفوا فإذا كل رجل منهم معه حديدة صارمة فقـال : والله لو قتلتموه ما بقيت منكم أحداً حتى نتفانى نحن وأنتم ، فانكسر القوم .. وكان أشدهم انكساراً أبو جهل. كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد الواقدي ، ج1 ، ص135 ، ذكر ممشى قريش إلى أبي طالب في أمره ، ط1322هـ .

  •  وفاة شيخ البطحاء  .

 ذكر الشبلنجي في كتابه نور الأبصار ص27-28 ، فصل في تعاهد قريش على قتله صلى الله عليه وسلم وموت عمه ، ط1 ، 1405هـ :

     عن علي رضي الله عنه أنه قال : لما مات أبو طالب أخبرت رسول الله بموته ، فبكى ثم قال : اذهب فاغسله وكفِّنه وواره ، غفر الله له ورحمه . ففعلت ، وجعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يستغفر له أياماً ولا يخرج من بيته .

ويقول أيضاً – في كتابه – بأن هذا الشعر لأبي طالب :

ولقد علمت بـأن ديـن محمـد ***  من خيـر أديـان البرية دينـا

قال الحلبي في سيرته :

( ا ن أبا طالب لما حضرته الوفاة جمع إليه وجهاء قريش فأوصاهم وكان من وصيته ان قال يا معشر قريش …. واني أوصيكم بمحمد خيرا فانه الأمين في قريش أي وهو الصديق في العرب وهو الجامع لكل ما أوصيكم به وقد جاء بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن أي البغض وهو لغة الشنآن … دونكم يا معشر قريش كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد منكم سبيله الا رشد ولا يأخذ أحد بهدي هالا سعد ). الحلبي السيرة الحلبية ج2 ص49-50.

روى محمد بن سعد في طبقاته بإسناد صحيح :

( قال اخبرنا عفان بن مسلم اخبرنا حماد بن سلمه عن ثابت الباني عن اسحاق بن عبد الله بن الحارث قال : قال العباس يا رسول الله أترجوا لابي طالب ,قال كل الخير أرجو من ربي ). ابن سعد الطبقات الكبرى ج1 ص124-125.

قال المعتزلي : روي بأسانيد كثيرة، بعضها عن العباس بن عبد المطلب، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة : أن أبا طالب ما مات حتى قال : لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله.

 شرح النهج للمعتزلي 14-71، سيرة ابن هشام 2- 87 ـ الاصابة 4- 116 ـ عيون الاثر 1-131 ـ المواهب اللدنية 1-71 ـ السيرة الحلبية 1- 372 ـ السيرة النبوية لدحلان بهامشها 1 – 89 ـ اسنى المطالب -2 ـ دلائل النبوة للبيهقي ـ تاريخ أبي الفداء 1 – 12 ـ كشف الغمة للشعراني 2 – 144.

وكتب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) رسالة مطولة لمعاوية جاء فيها : (ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق.

وقعة صفين لنصر بن مزاحم /471 ـ الفتوح لابن أعثم 3 / 26 ـ نهج البلاغة الذي بهامشه شرح الشيخ محمد عبده 3 / 18 الكتاب رقم 17 ـ شرح النهج للمعتزلي 15 / 117 ـ الامامة والسياسة 1 / 118 ـ ربيع الابرار للزمخشري باب 66 ـ مروج الذهب 2 / 62 ـ مناقب الخوارزمي الحنفي /18 .

فإذا كان أبو طالب كافراً وأبو سفيان مسلماً، فكيف يفضل الكافر على المسلم ثم لا يردّ عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان ؟!

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 37/سنة 2 في 05/04/2011 – 1 جمادى الاول 1432هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى