بعد لقاء جمعه بالسيستاني خرج المالكي ليقول بأن المرجع – كما يسمونه – أكد على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، ولكنه من جهة أخرى، وفي تصريح لإحدى وسائل الإعلام قال إن تأخير تشكيل الحكومة لستة أشهر أمر طبيعي !؟
إذن ما معنى كلام المرجع ؟ هواء في شبك، هراء لا قيمة له، أليس كذلك ؟
طبعاً سيقال إن المرجع لا يملك سلطة دستورية تخوله فرض ما يقول على الأطراف السياسية، وإلزامهم به. نعم فالدستور المكتوب للعراقيين لم يمنحه مثل هذه السلطة، ولكن هذا لا يهم ولسنا هنا بصدد مناقشة هذا الأمر، على الإطلاق.
ما يهمنا حقاً هو إن السيستاني يعرف – والشعب يعرف كذلك – بأن المرجع لا سلطان له من الجهة المذكورة على أطراف اللعبة السياسية، وبالنتيجة فإن المتوقع منه هو أن يتكلم بكلام غير ما تفوه به.
أما أن يتحدث هكذا بلسان السياسيين، وينطق بكلمات غير ذات تأثير، ولا تملك مفعولاً على أرض الواقع الخارجي، فهو أمر يحتاج إلى تفسير وبيان للعلل.
فالمتوقع منه أن يكون أميناً للمنصب الذي يتربع عليه، وهو منصب يخوله دون شك أن يعبر عن هموم الشيعة الذين يزعم أنه يقودهم، وبالتالي كان عليه أن يتحدث بلسان هموم هؤلاء وتطلعاتهم، وأن يوجه للسياسيين رسائل قوية تدفعهم للتفكير بالشعب بجدية وحرص.
وطالما لم يحدث شيء من هذا بل حدث العكس تماماً، فإن لنا أن نعيد النظر بموقف السيستاني وبالخانة التي ينتسب لها؛ هل هي خانة الشعب، أم خانة السياسيين.
ولنقلها بكلمة أوضح؛ هل يقف السيستاني في جهة الشعب، أم في جهة جلاديه؟ هذا هو السؤال الذي علينا أن نجيب عنه.
من الواضح إن كلام السيستاني أعلاه لن يشكل قلقاً يُذكر بالنسبة للسياسيين، فهم أيضاً يرددونه يومياً، بل بالعكس سيشكل فارقاً مهماً بالنسبة لهم، فهو يتضمن رسالة يريدونها بشدة، وهي رسالة موجهة للشعب ومفادها إن ثمة عملاً يجري، ودعوات تطلق من أجل التسريع في تشكيل الحكومة، وبالتالي الالتفات لمصالح الناس المتوقفة.
وإذا كان الناس لا يثقون بكلام السياسيين الذين تحوم على كل كلمة يتفوهون بها شكوك كثيرة، لاسيما وأن كثيراً من القنوات الفضائية بدأت تنقل اعترافات منهم بأن ما يعطل تشكيل الحكومة إنما هو أطماع خاصة بالأحزاب ولا علاقة لها بالناس ومصالحهم، أقول فإن كلمة السيستاني الباردة ستكون ذات مفعول مغاير لأنها تنطلق من طرف يُفترض أن يكون منحازاً للناس. ومثل هذه الكلمة ستهدأ حتماً من سخط الناس وتؤجل تفجره بوجه السياسيين ولعبتهم المقيتة، وهذا ما يريده السياسيون الذين يتقاطرون على سرداب السيستاني، وهذا ما يريده السيستاني أيضاً، لأنه يوفر عليه عناء مواجهة نهاية مستعجلة، بعد أن قامر بكل شيء في اللعبة السياسية.
1٬015 2 دقائق