أعلنت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أن استفتاء حول خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سيجري قبل نهاية عام 2017، مضيفة أن الحكومة ستبدأ قريبا التحضير له قانونيا.
وقالت الملكة في خطاب لها أمام البرلمان البريطاني بتشكيلته الجديدة يوم الأربعاء 27 مايو/أيار، إن “حكومتي ستجري مفاوضات حول إعادة النظر في علاقات المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي وستسعى إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي لصالح جميع أعضائه”.
يذكر أن الحزب المحافظ البريطاني الذي فاز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وعد بإجراء مثل هذا الاستفتاء.
وتعهدت إليزابيث الثانية بمنح الحكومة الاسكتلندية “صلاحيات واسعة” جديدة في إطار “الإصلاحات الهيكلية” الجارية حاليا في بريطانيا بعد الاستفتاء حول استقلال اسكتلندا العام الماضي.
ومن المتوقع أن تحصل الحكومة الاسكتلندية على الحق في التحكم بكافة الضرائب في الإقليم وكذلك في النفقات الاجتماعية بحجم 2,5 مليار جنيه استيرليني.
كما تعهدت الملكة بمنح صلاحيات جديدة لإقليمي ويلز وإيرلندا الشمالية.
وأعلنت إليزابيث الثانية أن بريطانيا تنوي أن تلعب دورا رائدا في العلاقات الدولية ومكافحة الإرهاب بالشرق الأوسط، ودعم الحكومة العراقية في إجراء إصلاحات وتوحيد البلاد، وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، ومواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية والأمنية.
من جهة أخرى أكدت ملكة بريطانيا أن لندن ستواصل ممارسة الضغط على روسيا بهدف احترام وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، مشيرة إلى ضرورة تنفيذ اتفاقات مينسك بالكامل.
وأضافت الملكة أن الحكومة البريطانية تنوي تعديل استراتيجية الأمن والدفاع بالكامل كي تتمكن القوات المسلحة من حماية أمن بريطانيا.
وقالت إن الحكومة ستسعى إلى تقليص الخطر النووي وخطر الإرهاب والهجمات الإلكترونية.
استفتاء بريطانيا وانقسام المجتمع
فور فوز حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية في مايو/أيار عام 2015، أكد زعيم الحزب ديفيد كاميرون في خطاب الانتصار على وعده الانتخابي المتعلق بإجراء استفتاء شعبي حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه.
يذكر أن استطلاعات للرأي أجريت منذ عام 2010 أظهرت انقسام الرأي العام في بريطانيا حول هذه الفكرة. وسجل العدد القياسي للراغبين في الخروج من الاتحاد في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، إذ بلغ 56 % ممن شملهم الاستطلاع.
أما الاستطلاع الأوسع نطاقا، فأجري في مارس/آذار عام 2014، إذ شمل قرابة 20 ألف شخص. وأظهر انقسام المجتمع حول المستقبل الأوروبي لبريطانيا بوضوح، إذ قال 41% ممن شملهم الاستطلاع “نعم” للخروج مقابل 41% قالوا “لا” و18% لم يتخذوا قرارهم بعد. لكن من اللافت أن أكثر من 50 % من المشاركين قالوا إنهم سيقبلون بقاء بريطانيا في الاتحاد في حال توصلت الحكومة البريطانية إلى حل وسط مع القيادة الأوروبية حول حماية المصالح البريطانية التي ترى لندن أنها تتضرر بسبب السياسة الأوروبية.
وبعد هزيمة حزب العمل في الانتخابات الأخيرة قالت هاريت هارمان، الزعيمة المؤقتة للحزب إنه سيؤيد إجراء الاستفتاء بحلول 2017، على الرغم من معارضته الشديدة لهذا الاقتراح في السابق.
وتجدر الإشارة إلى أن كاميرون تعهد في يناير/كانون الثاني عام 2013 أنه في حال فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية، سينخرط في المفاوضات مع القادة الأوروبيين حول عقد اتفاقيات جديدة تنظم العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ومن ثم سيجري استفتاء شعبي حول بقاء البلاد في الاتحاد أو الخروج منه.
وانتقد العديد من الزعماء السياسييين في بريطانيا اقتراح كاميرون آنذاك وأعربوا عن تمسكهم بالعضوية في الاتحاد.
وفي مارس/آذار الماضي أكد إد ميلباند الزعيم السابق لحزب العمل (الذي استقال بعد هزيمة الحزب في الانتخابات) أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون أمرا كارثيا. وقال: “إني أريد بقاء بريطانيا في الاتحاد”. واعتبر أن خطط كاميرون ستجر بريطانيا إلى مناقشات لا فائدة منها ستتواصل لمدة عامين.
لكن استطلاعات للرأي أجريت في فرنسا وألمانيا أظهرت تأييد الرأي العام في هاتين الدولتين لفكرة خروج بريطانيا، فيما أكدت حكومات الدول الأوروبية رغبتها في بقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد. أما إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فحذرت من كون مثل هذا المشروع محفوفا بالمخاطر.
وفي حال خروج بريطانيا من الاتحاد فعلا، يمكنها بناء علاقاتها معه بطرق مختلفة. وفي دراسة قدّمت للبرلمان بهذا الشأن عرضت بدائل عدة تمكن لندن من الحفاظ على وصولها إلى الأسواق الأوروبية الداخلية.
بغض النظر عن هذه الاقتراحات، حذرت بعض الشركات الكبرى ومنها شركتا “BMW”و”Ford” رئيس الوزراء من الخروج من الاتحاد، باعتبار أنه سيأتي بعواقب هدامة بالنسبة للاقتصاد البريطاني.
لكن استطلاعا أجري في عام 2013 أظهر أن 18 % من الشركات البريطانية تؤيد الخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي، فيما أيدت 33 % من الشركات الخروج شريطة التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد. من جانب آخر، تخشى 60% من الشركات من أضرار محتملة على مشاريعها بسبب مثل هذا التطور، فيما أكدت 23% من الشركات أنها ستستفيد من بقاء بريطانيا في الاتحاد.
ويرى خبراء أن هذه النتائج تظهر تغير آراء أوساط الأعمال في بريطانيا وتفهمها لضرورة تغيير طابع العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
المصدر: وكالات