اعتبرت الحكومة العراقية وتيارات سياسية، مطلع مايو الجاري، أن تسليح العشائر لمحاربة داعش يهدد وحدة البلاد، التي تفرض سلطاتها في الوقت نفسه نظام الكفيل للسماح لأي من أبناء المحافظات بالدخول إلى العاصمة.
وأثيرت قضية حرية تنقل العراقيين بين مدن الوطن الواحد مجددا بعد سيطرة داعش على الرمادي في الأنبار، وذلك حين اكتظ آلاف النازحين عن المدينة على جسر فوق نهر الفرات بانتظار سماح لهم باللجوء إلى بغداد.
وفي إجراء غير مسبوق في دولة موحدة، اشترطت السلطات وجود كفيل في بغداد للسماح بانتقال النازحين من أبواب العاصمة إلى المدينة بحثا عن الأمن، قبل أن تتردد أنباء عن استجابة الحكومة لدعوة البرلمان برفع هذا الشرط.
ونظام الكفيل، الذي لا يسمح للنازحين بالانتقال بين المدن تحت ذريعة إمكانية تسلل “الإرهاب” بين موجات النازحين، يطبق عادة على الأشخاص الراغبين في العمل خارج أوطانهم، مما يثير علامات استفهام عن مفهوم وحدة العراق.
والازدواجية التي تتهم بها السلطات عند معاملة بعض العراقيين، لا تقتصر على تطبيق نظام الكفيل، بل تطال عملية تسليح القوى الراغبة في قتال داعش، الذي يسيطر منذ الصيف الماضي، على مناطق واسعة في المحافظات ذات الأغلبية السنية.
فرئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، سارع قبل أسابيع إلى رفض مشروع الكونغرس الأميركي الذي يرمي إلى تسليح العشائر السنية بالأنبار وغيرها من المحافظات والبشمركة بمعزل عن الحكومة، وذلك لدعم الجيش بالمعركة ضد الإرهاب.
واعتبر العبادي أن عملية التسليح هذه تمس بسيادة الدول وتهدد في الوقت نفسه بتقسيم العراق، قبل أن يستنجد بميليشيات الحشد الشعبي، التي شكلتها تيارات سياسية شيعية بناء على طلب من مرجعيات دينية، وواجهت اتهامات بارتكاب فظائع في تكريت.
وإن أكد العبادي في أكثر من مناسبة أن هذه الميليشيات تعمل تحت إمرة الجيش، وبالتالي باتت جزءا من المؤسسة العسكرية، إلا أنه لم يشر إلى مصدر تسليح الحشد الشعبي في وقت يعاني الجيش وقوات العشائر نقصا في العتاد الحربي.
وتتهم قوى عراقية إيران بتسليح الحشد وتدريبه، بمعزل عن حكومة العراق، الذي دخل منذ الغزو الأميركي عام 2003، في دوامة العنف الطائفي والحروب الأهلية، مما أدى إلى رسم خطوط وهمية بين المناطق وتأجيج النزاع المذهبي.
واللافت أن وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، كان قد أقر في مارس الماضي بعد لقاء في بغداد مع رئيس هيئة الأركان الأميركية، مارتن ديمبسي، أن إيران تقدم “دعما كبيرا” للحشد، وأصر على وصفه بـ”قوى شعبية” وليس ميليشيات.
بينما سبق هذا التصريح، لقاء صحفي مع الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه”، ديفيد بتريوس، أكد فيه أن الخطر الحقيقي على استقرار العراق والأمن في المنطقة على المدى الطويل يأتي من ميليشيات الحشد الشعبي.
المصدر: سكاي نيوز