أخبار الثقافة والإعلامزاوية العقائد الدينية

مقالة في الاخلاق – لأبدأ من نفسي !

بسم الله الرحمن الرحيم

مقالة في الاخلاق – لأبدأ من نفسي !

مقالة في الاخلاق - لأبدأ من نفسي !

ما رأيك لو نغير هذا الإحساس والتذمر السلبي إلى عمل ؟ ما رأيك أن نحمل شعارا آخر ليس الألم والحسرة بل الشعار الذي حمله الأنبياء والأوصياء “الإصلاح“.

وأول خطوات الإصلاح هو أن نبدأ من أنفسنا فلنبدأ إذن من أنفسنا أو الأولى أن أقول : “لأبدأ من نفسي” حتى لا أكون ولا تكون محتاجا  لجماعة  لكي أغير الأمور وأصلح.

الآن كيف ابدأ ؟ ربما احدث نفسي إني لا أملك ما أغير به الوضع : دفع ظلم مظلوم أو جوع جائع أو أرملة أو يتيم أو..وهنا يجب أن اعرف أني نعم قررت أن اعمل للإصلاح وليس فقط انتقد الفساد ولكن يجب علي أيضا أن اعرف أن الإصلاح أو العمل ليس دائما بالسهل اليسير ..فيجب أن استعد ولكن كيف استعد ؟! 

يقول الإمام احمد الحسن اليماني في مقدمة كتاب العجل الجزء الأول :

((إن تحصيل العلوم العقلية والنقلية ليس بعسير ، ولكن أن تعطي طعامك ثلاثة أيام لِأسير ، وابن سبيل ، ومسكين ، وتطوي جائعاً  كما فعل الإمام علي (ع) هو الأمر العسير . أن تعيش حياتك من اجل إسعاد الناس ورفع الحيف والظلم عنهم هو الأمر العسير. أن تعطي في  سبيل الله كما أعطى الإمام الحسين (ع) هو الأمر العسير))

ولننظر أنا وأنت لقصة الإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (ع) والحسن والحسين (ع) لعل الله سبحانه يرحمنا ويجعلنا نعتبر بها

((عن إبن عباس قال في قوله تعالى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً

قال مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما رسول الله (ص) وعادهما عامة العرب فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك نذرا فقال علي أن برآ مما بهما صمت لله عز وجل ثلاثة أيام شكرا وقالت فاطمة كذلك وقالت جارية يقال لها فضة نوبية أن برأ سيداي صمت لله عز وجل شكرا

فألبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير فانطلق علي إلى شمعون الخيبرى فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير فجاء بها فوضعها فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى علي مع رسول الله (ص) ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من أولاد المسلمين أطعموني أطعمكم الله عز وجل على موائد الجنة فسمعه على فأمرهم فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء.

 فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة إلى صاع وخبزته وصلى على مع النبي (ص) ووضع الطعام بين يديه إذ أتاهم يتيم فوقف بالباب وقال السلام عليكم أهل بيت محمد يتيم بالباب من أولاد المهاجرين استشهد والدي أطعموني فأعطوه الطعام فمكثوا يومين لم يذوقوا إلا الماء

 فلما كان اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته فصلى على مع النبي (ص) ووضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب وقال السلام عليكم أهل بيت النبوة تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا أطعموني فاني أسير فأعطوه ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا إلا الماء فأتاهم رسول الله (ص) فرأى ما بهم من الجوع فأنزل الله تعالى هل أتى على الإنسان حين من الدهر إلى قوله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)) إبن الأثير – أسد الغابة – الجزء : ( 5 ) – رقم الصفحة : ( 530 )

قال تعالى (( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) فاطر 29-30

ولعل أهم ما يجب أن تعرفه أن من لا يدفع ماله في سبيل الله لا يدفع نفسه في سبيل الله.

فلأبدأ واخصص حصة من مال الله الذي وهبني للفقراء والمساكين والأيتام والأرامل. ولا أرد أبدا سائلا ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة إن لم يكن عندي.

ولا يضرك صدق السائل  من عدمه لأنك على كل حال ، لن  تفعل  إلا خيراً ، ، بل هو إن لم يصدق لا يضر غير نفسه ، فأنت أقصى شيء تخسره مبلغاً من المال ، أما هو إن كان كاذبا في ادعائه الحاجة فهو يخسر ماء وجهه فضلا عن كذبه .

أنت دائماً عامل الناس بحسب ظاهرهم ، فلم يأمر الله حتى الأنبياء أن يعاملوا الناس بحسب بواطنهم ، فمن يطلب مساعدة ويقول أنه في مشكلة أو خطر كما يقول ساعده سواء صدق ، أم لم يصدق  .

ومن كلام للإمام احمد الحسن اليماني (ع) في كلامه مع احد أنصاره  : ( أمير المؤمنين (ع)  قال : لو كان السائل على حق لهلك المسؤول ، فعاملوا الناس بحسب ظاهرهم ، والله هو من يحاسب الناس يوم القيامة . والله ، أهون عليّ أن يقال عني ألف وألف مرة أني لا أعرف وجاهل ويخدعني أي أحد بكلمتين من أن ألقى الله يوم القيامة بظلم أحد من عباده )

لأبدأ من نفسي !

 ــــــــــــــــــــــــ

(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 1/سنة 2 في  27/07/2010 – 15شعبان1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى