ينشغل برلمان دولة خان جغان بمناقشة بيزنطية مدارها؛ هل نعتمد نظام القائمة المفتوحة في الانتخابات، أم القائمة الممهورة بالشمع الأحمر؟
طبعاً بعض العارفين بميكانيزم دولة اللعبة السياسية قد استشرفوا سلفاً نتيجة هذه النقاشات الطريفة! وحددوها بصيغة أنكى وأشد غموضاً من القضية التي شغلت فلاسفة بيزنطة مهددة الوجود، فقالوا إن اختيار برلمانيي العراق المنتخبين بطريقة القوائم المغلقة سيستقر على صيغة القوائم المغلقة – المفتوحة !!
لا أدري بالضبط ما الذي يقصده هؤلاء الظرفاء، فالجمع بين المتناقضات حرفة لا يحسنها أحد كما يفعل برلمانيو العراق! ولكن الأكثر ظرفاً ذلك التوظيف السياسي الانتخابي الفج الذي أفصح عنه أحد رجالات السيستانية السياسية بقوله: إن عدم اعتماد البرلمان نظام القائمة المفتوحة يمثل تمرداً على توجيهات السيستاني!
هذا النوع من الديمقراطية – الديكتاتورية صناعة فريدة، يكتظ رحم الواقع العراقي الفنتازي بالمزيد من نماذجها. الفكرة الفنتازية تتجلى بتأمل بسيط: الفرد الدكتاتور ( أسد العراق: تعرفونه طبعاً!) يلبس ثوب المجموع، ويتسلل لقاعة البرلمان بخطوة قط ديمقراطي ( الأسد قط كبير )، ليعلن هناك عن رغبة الجماهير الملحة .. الرغبة التي نغص الشوق إليها حياتهم الهانئة: يا أعضاء برلمان دولتنا المرحة العابرة عليكم تكثيف الجهود في الأيام القليلة المتبقية، فموتنا وشيك. ولا أخفي عليكم قلقي البالغ من انقراض سلالتنا الفنتازية المتميزة، ولعلكم لا تعلمون بأن الأسد الذي يخاطبكم هو آخر أفراد سلالة الأسود السردابية الفكهة.
أبنائي الأعزاء إن دولتنا ذات الطبيعة .. ههههه، اعذروني هي دولة مضحكة، ولا أدري.. فأنا أحبها وأراها ظريفة جداً، نعم اعتذر.. أقول إن دولتنا التي بنيناها بتضحياتنا الجسيمة .. فقد ضحينا بكرامتنا وما تبقى من سمعتنا بل لقد لطخنا سمعتنا بالأوحال وأنتم على أي حال لا تجهلون هذه الحقيقة، أقول إن دولتنا تلفظ أنفاسها الأخيرة، وكل ذلك بسبب جهلكم بحقيقة دستورتنا وكتابنا المقدس أعني هذا الذي خطه عرابنا الأكبر بول بريمر.
فلقد تلقفته ظنونكم البائسة على أنه من نوع الفكر غير القابل للأخذ والرد، والتناقض والمغالطة، ونسيتم أو ربما تناسيتم بأن دولتنا برمتها قائمة على تسويق أكذوبة أن لنا علم ودستور ومجلس أمة.. لا داعي لإكمال الاقتباس فأنتم تعرفونه .. لا تضجوا أخوتي علينا أن نتقبل هذا الواقع، ولا يظنن أحد منكم إن هذا الواقع مرير أو مؤسف ، كلا إخوتي، هذا قدرنا السعيد فلقد تمكنا أخيراً من تجاوز المرحلة البشرية المثقلة بأعباء الأخلاق ودخلنا المرحلة ما بعد البشرية، مرحلة التحلل من كل ما يمت الى الأخلاق بصلة ، أليس قدر سعيد قدرنا هذا ؟ أخوتي الصارخون اسمعوا صوت سيدكم؛ إن كتابنا الذي نقدسه كما لا نقدس شيئاً آخر هو الجسر الذي نقلنا الى المرحلة المتطورة الجديدة، فيا أعزائي ويا نظرائي باسم إخوتنا العابرة كأي حدث تافه أهتف فيكم أعيدوا قراءة دستورنا ، واشحذوا ألسنتكم بحججه الواهية عسى أن نربح هذه المعركة الخاسرة !!
ماذا تظنون أنتم .. كيف تفكرون، حقاً لقد أعمت الرواتب الضخمة عيونكم الجائعة، فكروا جيداً ، هؤلاء الناس الذين لا يجدون ماءً صالحاً للشرب، هؤلاء الذين لا يحسدهم سكان جهنم على حياتهم المنغصة، هؤلاء كيف نقودهم ؟ كيف يمكننا أن نؤخر موتنا الملتصق كنوات بمبر بعمليتنا السياسية، لابد من خداع هؤلاء الأوغاد، لابد من رمي عظمة لهم. أنتم لا تملكون تقديم شيء لهم .. لا ماء، لا كهرباء .. اعطوهم هذا على الأقل .. أشعروهم أنكم تهتمون بمصائبهم التي أنتم بالذات سببها .. ( همهمات )، نعم أعلم أنتم قلقون على كراسيكم، وهذا لأنكم أغبياء، نعم أغبياء. قلت لكم اقرأوا دستورنا التافه .. افهموا ولو لمرة إننا دولة اللعبة السياسية، نعم لعبة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من هراء.
انظروا لي الآن! من أنا ؟ ماذا أمثل ؟ تفحصوا ثيابي، ألست أمثل الشعب ؟ إذن ما الذي تخشونه ؟ سأجعل الشعب يزحف لصناديق الاقتراع .. نعم أنا صوت الشعب، أنا كل شيء، هل تظنون أن الشعب هو من ينتخب؟ ما أكثر غفلتكم إذن!
أعزائي التافهون، أنا من يفتح القوائم وأنا من يغلقها، أنا من ينتخب، وأنا من يفوز، فوزي هو فوزكم، وفوزكم لن يكون إلا بفوزي! هل رأيتم ديكتاتورية مخاتلة كهذه.
اسمعوني جيداً إذن، وهذا آخر الكلام: لابد من العظمة للكلب الجائع، وإلا سينهش قطكم ،، هههههه ، الأسد قط كبير.
990 2 دقائق