قال رسول الله (ص):- إنما أتخوف على أمتي من بعدي ثلاث خصال أن يتأولوا القران على غير تأويله أو يتبعوا زلة العالم أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا وسأنبئكم المخرج من ذلك أما القران فاعملوا بمحكمه وامنوا بمتشابهه وأما العالم فانتظروا فيئه ولا تتبعوا زلته وأما المال فان المخرج منه شكر النعمة ) ( الخصال للصدوق ج|1 | ص145 )
وقد جعل الرسول الأكرم (ص) مسالة تأويل القران في مقدمة مخاوفه على أمته لما لها من آثار خطيرة على الإسلام ومستقبله وقد وجه ألامه إلى العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه وهذا العمل من اختصاص المعصوم وحجة الله على خلقه (ص) بعبارة أخرى يدعو ألامه إلى الرجوع إلى أوصيائه في كل عصر وزمان فهم حملة القران وترجمانه عن ابن البحتري عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : -( أن العلماء ورثة الأنبياء – إلى أن قال – فانظروا إلى علمكم هذا عمن تأخذونه فان فينا أهل البيت في كل خلف عدو لا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) (الكافي ج1 ص32)
والأحاديث في ذلك كثيرة والمراد هنا بالعدول هم النبي (ص) والائمه وأوصيائهم وقد روي عن أمير المؤمنين(ع) انه قال في كلام له : –إننا أصبحنا نقاتل إخواننا في الدين على ما دخل فيه من الزيغ والشقاق والشبهة والتأويل ) (نهج البلاغة |179 الخطبة |122) والحقائق التاريخية أكدت أن مسالة التأويل والتلاعب بالنصوص والمفاهيم كانت قد بدأت منذ عهد السقيفة وما تلاها من أحداث وقد حرص بنو أمية على تحريف تلك المفاهيم لتثبيت سلطانهم الدنيوي ومن تلك المفاهيم ( مفهوم أولي الأمر ) والذي قاموا بتحريفه والترويج له حيث طالبوا المسلمين بطاعتهم طاعة مطلقه في الخير والشر وهو ما أوقع فلاسفة الشيعة والمتكلمين في شبه التناقض بين طاعة الله وضرورة طاعة الحكام حتى في المعاصي لأنه أمر بطاعتهم قال تعالى ( يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واواي الأمر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه غالى الله والرسول أن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) ) (النساء|59 ) ومن المعلوم إن التاريخ كتب لصالح الطغاة فانخدعت به اجيال واجيال إذ ساوى بين حجج الله وحكام طغاة ومن هنا أصبحت الحاجه ملحه لإعادة كتابة التاريخ من خلال غربلة الإحداث ووضعها في الميزان الحقيقي ميزان الحق المطلق الذي لا يعزب عنه شئ في تفسير البرهان عن الصادق (ع) في قوله تعالى (والسماء رفعها ووضع الميزان ) (الرحمن : 8 )
قال (ع) : ( السماء رسول الله والميزان امير المؤمنين نصبه الله لخلقه قلت ( إلا تطغوا في الميزان ) قال (ع) لا تعصوا الإمام ولا تخسروا الميزان لا تبخسوه حقه ولا تظلموه ) وما اشد الحاجه اليوم إلى مثل هذا الكلام ونحن نعيش عصر الظهور لإمام العصر والزمان ( مكن الله له في الأرض ) وقد ذكرت رواياتهم (ع) انه سيلاقي اشد مما لاقاه جده رسول الله (ص) من عنت الناس وجهلهم فقد كان الناس في زمن جده (ص) يعبدون الأصنام وهي عبارة عن حجارة وخشب منحوت أما في زمنه (ع) فان الناس يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه مع العلم بان الدلائل على إمامته قد أصبحت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار أن من يقوم بتأويل القران عليه هم بعض العلماء والمراجع في زمن ظهوره وليس عامة الناس وذلك عن طريق إقامة مذاهب وتيارات تعمل على تقوية نصوصا معينه مقابل تضعيف أخرى واستبعاد نصوص لا تتفق مع مراميهم ثم يقومون بتأويل القران على ضوء ما قرروه سلفا وهم بذلك يريدون أن يصبحوا أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم وهم بذلك قد دخلوا الفتنه بل أصبحوا هم الفتنه التي يدخل بها أكثر الناس إلى جهنم لان خلافة الإمام المهدي (ع) هي خلافه إلهيه وهي ألقيامه الصغرى ويوم الله الأكبر إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا والعاقبة للمتقين ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
………………………………………………………………………………………………………………………………
( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 23 – السنة الثانية – بتاريخ 28-12-2010 م – 22 محرم 1432 هـ.ق)