ما هي دلالة الآية (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (آل عمران26) في اثبات ان الحاكمية لله سبحانه وتعالى ؟
الشعار الذي ترفعه الدعوة اليمانية دعوة الامام احمد الحسن (ع) هو ((شعار الحاكمية لله)) سبحانه او ((البيعه لله)) ومعناها ببساطة : ان الله سبحانه هو الذي ينصب القانون والمنفذ للقانون.
وهو دين الله الاسلام الذي جاء به كل خلفاء الله سبحانه في الارض من انبياء ورسل واوصياء.
ومن الآيات القرآنية التي نحتج بها بالخصوص على المخالفين لهذا النهج هي آية الملك: (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )).
وكثيرا ما لا يفهم المقابل موضع الاحتجاج وكيف ان الآية تدل على حاكمية الله سبحانه وتعالى.
وفي هذه السطور احاول ان شاء الله ان اوضح ما هو وجه الاحتجاج بالآية وما هي دلالتها.
الاستدلال ببساطة وكما هو واضح هو :
1). أن الملك لله.
2). وهو سبحانه يستخلف من يريد قال تعالى : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: 30).
3). فليس لأحد بعد هذه الآية أن يعيّن ملكاً أو ينتخب ملكاً أو حاكماً ما لم يعينه الله سبحانه وتعالى.
4). هذا الملك أو الحاكمية الإلهية يهبها الله لمن يشاء.
فعندما نسال السؤال الشرعي المهم : هل لأحد أن يعين ملك أو ينتخب ملك بعد هذه الآية ؟
الجواب لا.
لان الله مالك الملك وهو يؤتيه من يشاء بطريقة شرعية مرضية عند الله سبحانه. بعد ذلك ممكن ان يقبل الناس او لا يقبلون بمن آتاه الله الملك.
وتنبثق هنا مجموعة من الاسئلة :
س1): لماذا لم نرَ من اﻷئمة والمهديين من تولى حكما أو ملكا باستثناء الإمام علي (ع). ورأينا الخلفاء الذين حكموا فعلا لم يكونوا منصبين، فلو كانوا باطل لما حكموا ؟
جوابه انه كما تقدم الله سبحانه مالك الملك وهو يؤتيه من يشاء بطريقة شرعية مرضية عند الله سبحانه. بعد ذلك ممكن ان يقبل الناس او لا يقبلون بمن آتاه الله الملك.
فقد بين الله سبحانه وتعالى كثيرا ممن آتاهم الملك لكن لم يستلموا الملك فعليا على ارض الواقع. قال تعالى (( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً )) (النساء:54)
فمع ان آل ابراهيم (ع) آتاهم الله الملك كما في الآية الكريمة اتيانا شرعيا فانه لم يملك عيسى (ع) بل بيلاطيس (لع) ولم يملك موسى (ع) بل فرعون (لع) … ولم يملك الحسين (ع) الذي خرج من اجل حاكمية الله سبحانه وتبيان حاكمية الله سبحانه بل ملك يزيد (لع).
فهو تكليف للناس وامتحان لهم بخلفاء الله سبحانه من اليوم الاول وقصة آدم (ع) معروفة للجميع…
يقول الله سبحانه وتعالى: (( وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً)) (الفرقان:20)
س2) ما الفرق بين اﻹيتاء الشرعى والنزع الشرعى من ناحية واﻹيتاء الفعلى والنزع الفعلى من ناحية اخرى؟
فرق كبير بين ما يامر به الله سبحانه وتعالى وبين ما يتحقق على ارض الواقع.
الله سبحانه اتى اشخاص الملك والحاكمية : يعني امر الناس بطاعتهم والاحتكام لهم والناس مخيرون اما يطيعون الله سبحانه وتعالى …………… او يعصونه
كما هو الحال بكل التكليفات التشريعية : مثلا الله سبحانه يامر بعدم شرب الخمر ……… والكثيرون لا يمتثلون لهذا الامر ويعصون الله سبحانه وتعالى.
وليس كل ما هو مرضي عند الله سبحانه او امر به الله سبحانه يتحقق على ارض الواقع ولا كل ما تحقق على ارض الواقع فهو مرضي لله سبحانه.
اذا فهناك فرق كبير بين الاتيان الشرعي (الذي يرتبط بنص شرعي من الله يبين رضى الله سبحانه اين يكون) وبين الاتيان الفعلي وهو ما يتحقق على ارض الواقع (الذي يحتمل فيه رضى او سخط الله سبحانه وتعالى ككل التكليفات الشرعية).
لان ما هو شرعي فهو المرتبط به رضى الله سبحانه وتعالى أي ان يكون ((مشروعا مرضيا عند الله)). اما ما يتحقق على ارض الواقع فقد يكون شرعيا ومرضيا عند الله وقد يكون ليس كذلك.
س3) إذا سلمنا بأن اﻵية فيها ما يدل على أن تعيين الحاكم انما يكون من قبل الله سبحانه وتعالى فلابد لنا من التسليم أيضا بأن نزع الملك انما يكون من قبل الله أيضا فاﻵية ذكرت اﻷمرين تؤتى الملك وتنزع الملك فلماذا نقول أن اﻹيتاء بيد الله ثم نقول ان نزع الملك كان بسبب رفض الناس ؟ فان كان النزع بسبب الناس وليس بالنص فكيف يكون الاتيان بالنص والنزع من الناس ؟
جوابه ان الله سبحانه مثلا نزع الملك من ذرية اسحاق (ع) ولم يجعلها مستمرة في ذريته وجعلها في ذرية اسماعيل (ع) الذي منه محمد ص وآل محمد (ع).
والنزع ليس بسبب رفض الناس … بل من الله سبحانه ايضا يعني مرتبط بنص شرعي.
فالنزع في الآية هو نزع شرعي من الله سبحانه اي انه شرعا ينزع الملك من اشخاص وشرعا يؤتي الملك اشخاص ويرتبط بذلك رضى الله سبحانه ان امتثل الناس لله سبحانه وسخطه ان لم يمتثلوا.
انظر اخي القارئ لهذه الآية التي تبين انه بعدما آتى الله سبحانه طالوت الملك بنص شرعي قال ان الله يؤتي ملكه من يشاء.
(( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) (البقرة:247).
بين الله سبحانه ان اتيانه للملك لطالوت بنص شرعي وان الله يؤتي ملكه من يشاء بهذه الطريقة الشرعية وهي النص عليه وليس ما يريده الناس او ما يتحقق على ارض الواقع بالضرورة.
وختاما اقول : ان شاء الله يكون قد تبين وتوضح ما هو وجه الاحتجاج بالآية المباركة من الله سبحانه التي تبين تكليف شرعي بعدم اختيار او انتخاب ملك او حاكم الا ان يؤتيه الله الملك بنص شرعي.
فالنص الشرعي الذي يدل على اتيان الملك من الله سبحانه وتعالى هو الذي يعرف به خلفاء الله سبحانه وتعالى الذين ارتضى لهم تنفيذ قانونه على هذه الارض بالاضافة الى العلم الالهي والمطالبة بهذه الحاكمية الالهية. وهذا ما جاء به الامام احمد الحسن (ع) وصي ورسول الامام المهدي (ع) واليماني الموعود حيث رفع النص الالهي : وصية رسول الله محمد (ص) التي وصفها بانها ضامنة للامة من الضلال والتي ذكرته باسمه والتي لا يدعيها غير صاحبها ، وجاء بالعلم الالهي الذي اعجز الجميع على الاتيان بمثله وكتبه موجودة ومتوفرة مجانا على الانترنت يمكن للجميع تحميلها وقراءتها ، ورفع راية البيعة لله بعد ان اتبع الجميع راية البيعة للناس او ما يريد الناس او الانتخابات التي وقفت دائما قبال ما يريده هو سبحانه.
………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………
(صحيفة الصراط المستقيم – العدد 24 – السنة الثانية – بتاريخ 4-1-2011 م – 29 محرم 1432 هـ.ق)