أخبار سياسية منوعة

سفه المجلس الأعلى يقوده إلى الهاوية

جميع وسائل الإعلام التي يمتلكها المجلس الأعلى بما فيها قنوات فضائية وإذاعات ومواقع الكترونية وصحف، كل الإمبراطورية الإعلامية منشغلة بالضرب على الوتر الذي يظنه المجلسيون حساساً وكفيلاً بالإطاحة برأس المالكي.. فالحناجر المجلسية دون استثناء تردد معزوفة العودة غير المباركة للبعثيين القتلة في نظام لحني يقترب من الجنائزية ويتطلع دائماً لذروة شعورية يظهر المالكي وحزبه من خلالها بصورة الثعلب الخائن الذي يقايض دماء الشهداء بكرسي لا يدوم .

ولكن المجلسيون، كعادتهم التي أدمنوها، يقعون دائماً في الخطأ القديم نفسه ، خطأ النظر في مرآتهم الخاصة، دون أن يلاحظوا ما تعكسه مرآة الشعب من صور مغايرة، والمالكي الذي يبدو أكثر فطنة منهم لمح في مرآة الشعب ما عجزوا هم عن رؤيته وسيمضي بالشوط حتى نهايته التي لن تكون لصالح المجلسيين أبداً، وإن تصوروا هم العكس.
يعتقد المجلسيون أن الشعب لم ولن ينسى الجرائم الكثيرة البشعة التي أقدم عليها البعثيون أيام حكمهم الغابر، وهذا الإعتقاد لم صحيحاً، لا ينكره إلا متغافل، ويعتقدون كذلك أن إلقاء تبعة عودتهم مرة أخرى في سلة المالكي وحزبه سيكون إستراتيجية إعلامية مُحكمة تقوض كل ما يحرص المالكي على بقائه، وهنا يثبت المجلسيون أنهم لا يحسنون القراءة، ولا يرون الخطوط العريضة الكثيرة التي تغيرت في مشهد الوعي الجماهيري التي كان لسياساتهم الهوجاء على  وجه التحديد دور كبير في إنتاجها.
فالشعب لم يعد يرى البعثيين استثناء لا يتكرر في الفساد والإجرام، فهو قد جرب الكثير من المدعين غيرهم، ولاسيما مافيات المجلس الأعلى وأيقن بما لا مزيد عليه أن كل من يأتي إلى السلطة يمارس بطريقته الخاصة ما سبق للبعثيين أن مارسوه، وأن الأمور لن تكون سيئة أكثر مما هي عليه سواء كان الحاكم بعثياً أم مجلسياً أم شيوعياً، فالأوضاع من السوء بدرجة تستعصي على الزيادة !!
كما أن حصيلة ست سنوات منصرمة تعلم منها الشعب أن يلتفت إلى مصالحه وهمومه اليومية أكثر بكثير من إلفاته إلى الإيديولوجيا ذات البرج العاجي، والتي أثبتت الأيام أن من يرفعون أصواتهم بتصوير مناقبها هم أول وأكثر الناس ازدراء ومخالفة لها. هل يستطيع المجلسيون أن ينكروا حقيقة أنهم هم على وجه التحديد من لطخ وجه الشعار الإسلامي الذي رفعوه لافتة دجلية لحزبهم، هل يمكنهم سد أنوفهم عن روائحهم القذرة، وإذا كان بإمكانهم فما الذي يدفع الشعب لأن يقلدهم في هذا الأمر أيضاً ؟
الشعب المتعب غير الآبه بصرخات أتباع الحكيم المنكرة ذات المزاج السوداوي يعيش منذ زمن غير قصير توجهاً مغايراً، وقناعته تزداد وترسخ بأنه لم يعد ثمة مسوغ لبقائه أسير شعارات تثبت الوقائع اليومية كذبها، الناس يشعرون – وعلى المجلسيين أن يلتفتوا – أنهم كانوا على الدوام ضحية أكاذيب الخطابات والتخويف من المجهول القادم، وأن آوان اليقظة قد حان، والمشهد الشعبي يدلل على أن الناس قد تشكلت لديهم سليقة ساخرة تعرض هذا المجهول المراد له أن يكون مخيفاً ويدفعهم باتجاه قناعات معينة على الحاضر التعيس الذي يعيشونه، لتكون النتيجة دائماً أن الحاضر هو حقاً المجهول الأكثر قسوة، وإرعاباً.                      
دائرة الوعي الجديد هذه التي دخلها الوعي الشعبي في غفلة عن أعين المجلسيين المنشغلين بهمومهم الفاسدة، راهن عليها المالكي في انتخابات مجالس المحافظات، ويراهن عليها في الانتخابات المقبلة، وإذا كانت القاعدة الذهبية بالنسبة لهذا الوعي الجديد هي أن الناس لم يعد يهمهم أمر التشكلات التي تتمظهر بها العملية السياسية، ولم يعد يهمهم ما يدور في العلن والخفاء من مؤامرات وتحالفات، بل لم يعد يهمهم كل ما يهم السياسيين المحترفين، فالهم الوحيد الذي يشغلهم هو متى ينتهي كل هذا الصداع، وهم يملكون استعداد من لا يأبه بشيء لا يهمه لئن يبقوا غير مكترثين بكل الخطابات، ومتحفزين في الوقت ذاته للمح كل ما يجري على أرض الواقع ويقع في دائرة اهتماماتهم، لكل ذلك سينجح المالكي نجاحاً كبيراً يكتسح كل خصومه لأنه عرف كيف يقايض الناس فيأخذ منهم كل ما لا يهمهم وهو العملية السياسية، ويعطيهم ولو بعضاً مما يهمهم وهو منافعهم اليومية.
هذه النتيجة إذا رآها المجلسيون مأساوية باعتبار إشارتها إلى شعب فقد الإرادة، فعليهم هم بالدرجة الأولى أن يعلنوا مسؤوليتهم عنها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى