أكثر من مليون وثلاثمئة ألف ضحية خسائر العراقيين منذ أن وطئت قدم الإحتلال أرض بلاد الرافدين ، بحسب إحصاء بعض المنظمات غير العراقية .. رقم مهول بلاشك ، بل كارثي بأي مقياس شئتم أن تقيسوا .
لا أدري حقاً أي دلالة يمكن أن استحضرها الآن وأنا أحدق في هذا الرقم .. هل هو رقم ؟ أ من العدل أن نتعامل مع الأمر بلغة الإحصاء الباردة ، لاشك إن فيكم من هو أرهف شعوراً مني ، وإن صوراً من الألم الممض تعبر الآن فضاء مخيلته كسحاب خريفي يقطر حزناً ، وجوه الأمهات المغسولة بالدموع ، عيون الأطفال المتسائلة ، صور شتى .. أفكر الآن في صورة استلها من مخيلة رجل عراقي لأجعل منها دلالتي في هذه المقالة .. صورة غامضة لقدم أمريكية كبيرة تطبق على كل مشهد المخيلة ، وفي الخلفية صورة وجه ممسوخ لرجل معمم ، هل هو السيستاني ؟
لست مدفوعاً برغبة غير واضحة حين أزج بالسيستاني في المشهد ، فلو إنكم فكرتم مثلما أفكر الآن في أن مثل هذا الرقم المهول من الضحايا كان يمكن أن يكون قرباناً مقدساً لمعركة تخليص العراق من براثن المحتل الأمريكي ، لكنتم بالتأكيد – كما أتوقع – وجدتم الكثير من المنطق في حنقي على هذا الرجل الذي كان له الدور الأكبر في تعطيل فريضة الجهاد الدفاعي ، بل الدور الأكبر في تسهيل سيطرة المحتل على العراق وما جره هذا الإحتلال من مآسي ، بعضها رقم الضحايا الكارثي المذكور .
كلكم تعلمون إن الجزائر قد دفعت رقما مقارباً ونالت في النهاية شرف التحرر والكرامة ، ولعل بعضكم أكثر وعياً مني لحقيقة أن منطق العصر الذي نعيشه ، والكثير من الملابسات الدولية كان من الممكن أن تجعل هذا الرقم أقل بكثير مما هو عليه لو أنه استثمر دفاعاً عن كرامة العراق ، ولم يهدر بهذه الطريقة السيستانية الخيانية .
قال لكم السيستاني يوماً إن مشاركتكم في الإنتخابات سترغم المحتل على مغادرة البلاد ذليلاً محسوراً ، وأنتم صدقتم كلماته على الرغم من كل التهافت والمغالطة التي تنطوي عليها ، إذ كيف يكون المشروع الذي أراده الأمريكي وسيلة لطرده ؟ على أية حال وقفت طوابيركم الطويلة أمام الصناديق ولطختم أصابعكم بالحبر البنفسجي ، وماذا حدث ؟ فاضت الجثث وتناوشتكم عصب الموت من كل صوب ، أما الحكومة التي انتخبتموها لتكون حامياً لكم ، فقد فتحت لكم المزيد من السجون ، وسرقت المزيد من الأموال ، ويوماً بعد يوم صرتم تكتشفون أية خدعة قاسية أدخلكم فيها السيستاني ، وأي خسران مبين حازته أيديكم .
هل اتعظتم ؟ لا يبدو إنكم قد اتعظتم بعد كل هذه المآسي التي غرقتم فيها ، مازالت آذانكم تترقب ما عسى أن تقذف به شفتا السيستاني التي لم تعتد النطق ، وسيقول الكلمة الأخيرة القاتلة ، وستسمعونها ، سيقولها للمالكي ، وستمر عليكم كبصقة في الوجه أقذر اتفاقية يمكن أن تتورط فيها بلاد ، ستمر عليكم فقط لأن السيستاني وافق عليها ، السيستاني الذي رضيتم أن يكون الناطق والمتحكم بمصيركم ، وتغافلتم كلياً عن كل الموبقات التي صدرت عنه . لم يجن رجل على أمة مثلما فعل السيستاني ، ولكنكم ويا للعجب ترون سقطاته التي لا تغتفر آيات لا نظير لها في كل عبقريات الدهر ، بل لقد جعلتم منه صنماً تعبدونه ، وتتعبدون بما يصدر عنه ، ولعلكم تعلمون أنه لا ينطق بشئ ما لم يضمن رضا الأمريكان عنه .
( أ ربٌ يبولُ الثعلبانُ برأسه *** لقد ذلَّ من بالت عليه الثعالبُ )
الحق إني لا أرى في نفسي رغبة لمزيد من الكلمات ، وماذا يمكن لي أن أقول ، وما عسى تحققه الكلمات ، إن من لا يحركه رقم الضحايا – الكارثة ، من لا تحركه كل المآسي التي يغص بها الوطن ماذا عسى الكلمات أن تفعل له ؟
Aaa_aaa9686_(at)_yahoo.com
1٬048 2 دقائق