بسم الله الرحمن الرحيم
كأي يوم آخر من أيام العراق التي لا تعرف سوى المنغصات ، أطل علينا الوجه الكالح لسالم الجبوري المتحدث باسم جبهة التوافق العراقية ، مطالباً أهل الموصل بالإنضمام الى تركيا ، معللاً هذه المطالبة بالقول : ( إن أهالي الموصل سوف لن يجدوا أي وظائف في المستقبل المنظور كما كان سابقاً في وزارات ودوائر الدولة خصوصاً في بغداد في ظل هيمنة الأحزاب الشيعية والكردية … وقال: “من المعروف إن أهل الموصل من أصحاب الكفاءات وكانت وزارات الدولة العراقية تعج بهم فليس أمامهم الآن سوى عدة مئات من الوظائف والتي تعتبر درجه ثانية لأن الأكراد والأحزاب الشيعية قد استولت على الوظائف والمراكز السيادية كما يطلقون عليها ) .
هكذا بكل صلافة يعلن الساسة العراقيون إن العملية السياسية التي انكشف عنها غبار المجنزرات الأمريكية تلفظ أنفاسها الأخيرة ، فالغرباء الذين جذبهم نداء الدجال الأمريكي : ( إليّ أوليائي ) ، توصلوا بعد ما يقرب من ست سنوات الى نتيجة مفادها ضرورة عرض الوطن في مزاد الأمم العلني ، لأن التعايش بينهم أمر غير ممكن ، بل إنه قدر مستحيل !
إذن توصل الأغراب الذين لفظتهم غفلة الزمن العراقي الى أن اللحظة التي جمعتهم تحت سقف مجلس الحكم لم تكن سوى مصادفة أفرزها خطأ التقدير ، فلا الديمقراطية المغلفة بالورق الأمريكي الملون ، ولا الإبتسامات التي تختطفها الكاميرات ، بقادرة على ترميم الذاكرة العراقية المتصدعة .
بعد ست سنوات طويلة ، دفن فيها العراقيون الكثير من أجساد ضحاياهم الممزقة ، استيقظ الساسة أخيراً على فكرة أن الديمقراطية لعبة لا تناسبهم ، وأنهم قد غُرر بهم ، وعليهم إذن أن يوزعوا الوطن ، أو يعودوا للعبة الموت التي يحسنونها أكثر من أي شئ آخر .
بعد ست سنوات عجاف ذاق العراقيون فيها الأمرين ، ودفعوا أغلى الأثمان ، يطل السفهاء بوجوههم الكالحة القبيحة ليعلنوا بكل وقاحة ممكنة أنهم قد فشلوا ، وأن كل الآلام التي تسببت لنا فيها لعبتهم الشريرة كانت ببساطة أخطاء متوقعة للتجربة !
إذن ليس لدمائنا ولا لآلامنا من قيمة تذكر ، فنحن فئران تجارب ولسنا أناساً نملك مشاعر ؛ نتألم ونحزن ، نجوع ونعرى ، لا ، لسنا حتى فئراناً بعرف هؤلاء الأنانيين الذين لا يعرفون سوى مصالحهم ، ولا يأبهون لشئ أبداً غير ملذاتهم الرخيصة ، وأضغانهم وأحقادهم ، نحن أرقام يتذكرونها في كل أربع سنوات مرة واحدة فقط ، حين تستدعي لعبتهم أن نقف في طوابير طويلة لتحصينا صناديقهم الزجاجية تماماً كرؤوس الغنم .
أ ليس هو الغاية في الإستهتار أن أياً من هؤلاء النخاسين لم يكلف نفسه بتقديم ولو كلمة اعتذار واحدة عن فشلهم الذي هو موتنا ؟ وليتهم اكتفوا بعدم الإعتذار ، بل إنهم وقد نفضوا عن أيديهم غبار مصافحاتهم القديمة ، قرروا أن يبيعونا كرؤوس الماشية تماماً ، فالطرف السني يبيع حصته لتركيا أو لأعراب الوهابية ، والطرف الشيعي لأمريكا أو إيران ، والأكراد لإسرائيل ، وكل من غلب على شئ فعله تماماً كما قال أمير المؤمنين (ع) ، عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) في حديث طويل ، الى أن يقول (ع) ” يعود دار الملك الى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شئ فعله فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب الى أن يقول ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى ابن مريم ” .
أخيراً أ ليس ما يحدث في العراق الآن مصداق واضح لقول رسول الله (ص) : ( تكون فتنة ثم تكون جماعة ثم تكون فتنة ثم تكون جماعة ثم تكون فتنة تعوج فيها عقول الرجال حتى لا يكاد يرى رجل عاقل وذلك في الفتنة الثالثة ) مائتان وخمسون علامة :150 .
أ ليس قد اعوجت عقول الرجال ولا يكاد يُرى رجل عاقل ؟؟
Aaa_aaa9686_(at)_yahoo.com
1٬049 2 دقائق