تستعد المصارف الدائنة لليونان لخسائر أكبر بكثير مما كانت تتوقع لإنقاذ هذا البلد المهدد بالإفلاس والذي حصل أمس الجمعة على وعد بمنحه قرضاً دولياً حاسماً بعد تبني إجراءات تقشفية صارمة.
ووافق وزراء المال في الدول الـ17 الاعضاء في الاتحاد النقدي اولاً على اتفاق للإفراج عن دفعة سادسة من القرض المخصص لليونان قيمتها ثمانية مليارات يورو، جاءت من خطة الإنقاذ الاولى التي أقرت لليونان في ربيع 2010. وتبلغ القيمة الاجمالية لهذه الخطة 110 مليارات يورو.
ويموّل هذه الدفعة الاوروبيون (5,8 مليارات يورو) وصندوق النقد الدولي الذي يفترض ان يعلن موافقته على ذلك.
وتم تعليق دفع هذه الشريحة منذ أسابيع بانتظار الضوء الاخضر من الجهات المقرضة والاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.
وللحصول على الضوء الاخضر، أقرت اليونان الخميس الماضي تشريعاً جديداً حول التقشف اثار جدلاً واسعاً في البلاد وينص على اقتطاعات جديدة من الاجور وإعلان بطالة تقنية لقرابة 30 الف موظف في القطاع العام.
وهذه الدفعة العالقة منذ فترة طويلة مقررة في النصف الاول من تشرين الثاني/نوفمبر وستسمح لأثينا بتجنب الوصول الى مرحلة تعذر تسديد مستحقاتها.
ويفترض أن يصدر صندوق النقد الدولي رأياً ايجابياً مطلع تشرين الثاني/نوفمبر. وقال مصدر قريب من الملف لوكالة فرانس برس ان مديرته كريستين لاغارد ستقدم توصية في هذا الاتجاه.
الا ان كل ذلك ليس سوى تقدم طفيف نظرا لحجم الصعوبات التي تواجهها اليونان.
لكن دول منطقة اليورو تدرس امكانية اوسع اي مشاركة اكبر بكثير للمصارف في اطار الخطة الثانية لمساعدة اليونان التي اقرت مبدئيا في تموز/يوليو وتتعلق بتقديم قروض عامة بقيمة 109 مليارات يورو.
البنوك مطالب بخفض اعتماداتها
وقالت الجهات الثلاث الدائنة لليونان، أي الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي في تقرير سلم الى الوزراء وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه ان الحصول على موافقة المصارف على خفض اعتماداتها حوالى ستين بالمئة يحتاج الى بعض الوقت اذا كانت هذه البلدان راغبة في الابقاء على قيمة الخطة عند 109 مليارات يورو.
واذا لم يتجاوز الخفض الخمسين بالمئة، سيكون على الجهات الثلاث الدائنة زيادة حجم تمويلها ليبلغ 114 مليار يورو.
وقال مصدر دبلوماسي ان وزراء المال ابرموا فعليا النص، موضحا ان “حوالى خمسين بالمئة ضرورية” لهذا الخفض.
واصبحت المفاوضات مع ممثلي قطاع المصارف تجري على هذا الاساس. ويفترض ان يتم التوصل الى قرار خلال القمة الحاسمة لمنطقة اليورو في 26 تشرين الاول/اكتوبر.
ويبقى معرفة ما اذا كانت المصارف توافق طوعا على خسائر بهذا الحجم. وكانت “جهودها” حددت في تموز/يوليو ب21 بالمئة فقط.
وتقدر اوروبا الاحتياجات بما بين ثمانين ومئة مليار يورو وهو رقم اصغر من الذي تحدث عنه صندوق النقد الدولي وهو ضعف ذلك.
محاولات لمنع العدوى
ويتوقع ان تكون المفاوضات لمنع انتقال الازمة، شاقة في الايام المقبلة بسبب خلافات عميقة بين برلين وباريس.
ويتعلق الخلاف بين المانيا وفرنسا بتعزيز قدرة صندوق الانقاذ الاوروبي على التدخل، وهو الالية الضرورية لمنع انتقال ازمة الديون الى دول مثل اسبانيا وايطاليا.
وتريد باريس تحويل الصندوق الى مصرف حتى يتزود بالسيولة من البنك المركزي الاوروبي بينما ترفض برلين هذا الاقتراح بشدة لانه يتعارض مع المعاهدات الاوروبية.
وقال رئيس مجموعة وزراء المال في منطقة اليورو جان كلود يونكر “لا نعطي مثالا جيدا عن القيادة التي تعمل بشكل جيد”، مشيرا الى صورة “كارثية” لهذه الكتلة في الخارج.
وقد شارك الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الخميس في مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.
وحتى الصين اعربت عن قلقها، اذ طلب رئيس وزرائها وين جياباو لدى استقباله رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي الجمعة، ب “اصلاحات جوهرية للمالية وسياسات الموازنة”، بالاضافة الى اجراءات طارئة.
وبانتظار قرارات قمة 26 تشرين الاول/اكتوبر، من المقرر ان يعقد اجتماع جديد لوزراء المالية الاوروبيين السبت قبل لقاء بين ميركل وساركوزي السبت ايضا في بروكسل، للتحضير لقمة الاحد.
المصدر : وكالات