زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

حديث حول الرجعة

ورد كلام للسيد أحمد الحسن (ع) في الرجعة جواباً على أسئلة وجهت له ، وكالآتي:- حديث حول الرجعه

( س / هل هناك ارتباط بين قصة أصحاب الكهف وموسى (ع) والعالم (ع) أو ذي القرنين وبين القائم (ع) أو علامات ظهوره أو زمان ظهوره أو أصحابه وأنصاره أو أعداءه ؟ .

ج / قصة أصحاب الكهف معروفة وهي باختصار قصة رجال مؤمنين عددهم سبعة كفروا بالطاغوت في زمانهم ، والمتمثل بجهتين :-

الأولى :– هي الحاكم الظالم الجائر الكافر .

والثانية :- هي علماء الدين الضالين الذين حرفوا دين الله وشريعته .

فكل من هذين الطاغوت نصب نفسه إلهاً يُعبد من دون الله؛ الحاكم الجائر نصب نفسه إلهاً يُعبد
من دون الله في ( أمور الدنيا ومعاش العباد وسياستهم ) ، والعلماء غير العاملين الضالين نصبوا أنفسهم إله يعبدون من دون الله في ( أمور الدين والشريعة ) .

وهكذا تحرر هؤلاء الفتية من عبادة الطاغوت ، وكفروا بالطاغوت . وهذا الكفر بالطاغوت هو ( أول الهدى ) . فزادهم الله هدى ، بأن عرّفهم طريقه سبحانه ، والإيمان به ، والعمل لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى :-

﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى﴾ ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً ([1]).  وأصحاب الكهف في زمان قيام القائم (ع) : هم فتية في الكوفة وفتية في البصرة كما في الروايات عن أهل البيت (ع) ، ورأس الحسين ابن علي (ع) نطق مرات عديدة ، وفي أكثر من مرة سمع يكرر هذه الآية

﴿َمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ([2]).

وسمع يقرأ منها فقط

﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ .

وذلك لأن أصحاب الكهف – وهم أصحاب القائم (ع) – هم الذين يأخذون بثأر الحسين (ع) ، وينتقمون من الظالمين . ويقلبون أمر الظالمين رأساً على عقب ولهذا سمع رأس الحسين (ع) أيضاً يقرأ

﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ

وكذلك أصحاب القائم (ع) قوم عابدين مخلصين لله سبحانه وتعالى لا يرون القوة ( إلا بالله ) . يؤمنون بالله وعليه يتوكلون ويقارعون أكبر قوى الظلم والاستكبار على الأرض ، وهي المملكة الحديدية التي أكلت وداست كل الممالك على الأرض كما أخبر عنها دانيال ، وهي متمثلة الآن بأمريكا دولة الشيطان  ، ولهذا سمع رأس الحسين (ع) يقرأ أيضاً (لا قوة إلا بالله) لأنه لن يأخذ بثأره ألا من كانوا مصداق لهذه الآية الكريمة (لا قوة إلا بالله) وفي رواية

(أنهم لما صلبوا رأسه على الشجر سُمع منه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، وسُمع أيضاً صوته بدمشق يقول لا قوة إلا بالله وسُمع أيضاً يقرأ  ﴿أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ﴾ فقال زيد بن أرقم : أمرك أعجب يابن رسول الله)  .

وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) أن زيد بن أرقم سمع الرأس الشريف ينطق بآية سورة الكهف ، وروى عن المنهال بن عمرو أنه سمع رأس الحسين يقول : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي ، أما ما روي أن أصحاب الكهف الذين يبعثون مع القائم (ع) هم بعض المخلصين من أصحاب رسول الله (ص) ، وأصحاب أمير المؤمنين علي (ع) كمالك الأشتر .

فليس المقصود هم أنفسهم ، بل المراد في هذه الروايات هو نظائرهم من أصحاب القائم (ع) أي أن هناك رجل من أصحاب القائم (ع) هو نظير مالك الأشتر في الشجاعة والحنكة والقيادة والشدة في ذات الله وطاعة الله والأخلاق الكريمة وكثير من الصفات التي أمتاز بها مالك الاشتر فلذلك يصفه الأئمة بأنه مالك الأشتر ، وهذا ليس ببعيد عن الفصحاء والبلغاء وساداتهم أهل البيت (ع) ، كالشاعر الحسيني يصف نزول علي الأكبر إلى ساحة المعركة فيقول ما معناه أن محمد (ص) نزل إلى ساحة المعركة وذلك لشدة شبه علي الأكبر خلقاً وخلقاً برسول الله محمد (ص) ، مع أن أصحاب الأئمة الذين محضوا الحق محضاً يعودون ويكرون في الرجعة بعد الإثني عشر مهدياً ، وفي زمن آخرهم وهو آخر قائم بالحق من آل محمد (ع) الذي يخرج عليه الحسين بن علي (ع) ، وهذا المهدي الأخير أو القائم الأخير لاعقب له ولا ولد له .

س / في رواية إن القائم يقتل إبليس (لعنه الله) وفي رواية إن رسول الله (ص) يقتل إبليس (لعنه الله) فما هو الصحيح ؟ .

فعن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول إبليس  (رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم )

قال له وهب : جعلت فداك أي يوم هو؟ قال : يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا ، فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة ، وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول : يا ويله من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك يوم الوقت المعلوم).

وعن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : (إن إبليس قال: أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه  فقال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فإذا كان يوم الوقت المعلوم ، ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (ع) فقلت : وإنها لكرات ؟ قال : نعم ، إنها لكرات وكرات ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن من الكافر . فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (ع) في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ، ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له : الروحا قريب من كوفتكم، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين (ع) قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مئة قدم وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات . فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل في ظلل من الغمام ، والملائكة ، وقضي الأمر رسول الله (ص) أمامه بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى ناكصا على عقبيه فيقولون له أصحابه : أين تريد وقد ظفرت ؟ فيقول : إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين ، فيلحقه النبي (ص) فيطعنه طعنة بين كتفيه، فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه ، فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئا ويملك أمير المؤمنين (ع) أربعا وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي (ع) ألف ولد من صلبه ذكرا وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله له بما شاء الله )

ج / بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين.

  القتلة الأولى :- في ظهور القائم (ع) ، والقيامة الصغرى في هذه الدنيا ، حيث يقتله القائم في مسجد الكوفة عند ظهور الحق ، ويلقيه في هاوية الجحيم .

والقتلة الثانية :- في الرجعة (في الأولى) التي تبدأ بعد انقضاء ملك المهدي الثاني عشر حيث يرجع عليه الحسين بن علي (ع) ، ويرجع علي بن أبي طالب (ع) وكل من محض الإيمان محضاً وكل من محض الكفر محضاً ويرجع إبليس (لعنه الله) أيضا لأنه ممن محض الكفر محضاً ويقتله رسول الله (ص) كما في الرواية الثانية.

*** *** **

وقال (ع) أيضاً :-

واعلم أيضاً :- إن المهديين هم علامات الساعة وميقاتها ، فبآخرهم يختم هذا العالم الجسماني ، ويبدأ عالم الرجعة ثم القيامة.

*** *** ***

وقال (ع) :-

س / ما هي الظلمات الثلاث في قوله تعالى ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ([3]) .

ج /بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين

 وهي (ظلمة الذر) ، و(ظلمة الدنيا) و(ظلمة الرجعة) ، وهي عوالم قوس النزول .

 وعوالم قوس الصعود :- هي الأنوار الثلاثة وهي (قبل الفناء) و(الفناء) و(العودة بعد الفناء) ، وهي مراتب محمد (ص) الثلاثة قبل (فتح الحجاب) و (بعد فتح الحجاب) و (بعد عودة الحجاب) ، فهو يخفق بين الفناء في الذات الإلهية فلا يبقى إلا الله الواحد القهار ، وبين عودته إلى الأنا والشخصية .

وهذه المراتب الستة في قوس الصعود والنزول تمثل كل الوجود ، وتجلي النور في الظلمة ، وظهور الموجودات بالنور في الظلمات ، وهي واو النزول ، و واو الصعود تشير إلى الستة أيام وستة مراتب

( ، ) واو النزول

(و) واو الصعود

والدائرة في رأس الواو تدل على الحيرة في قوس الصعود هي الحيرة في النور لعدم إدراك ومعرفة النور التام ، الذي لا ظلمة فيه ، وهو : الله سبحانه وتعالى معرفة تامة وكاملة . فتكون مراتب قوس الصعود هي : (قبل الفتح) و (بعد الفتح) و (الفناء) و الثالثة هي : (العودة إلى الأنا والشخصية بعد الفناء)  .

أما الحيرة في الظلمة : لأنها في أدنى مراتبها لا تـُدرك ولا يُحصَّل منها شيء ، بل هي ظلمة وعدم ليس لها حظ من الوجود ، إلا قابليتها للوجود . وهذه هي حقيقة المادة : ظلمة وعدم ، لا يُحصَّل منها شيء ، ولا يُعرف منها شيء ، لولا تجلي الصورة الملكوتية فيها ، وإظهارها لها .

فتكون مراتب قوس النزول :- هي عالم الذر ثم النزول إلى ظلمة المادة ثم الصعود في قيامة القائم حتى الوصول إلى الرجعة ، وهي المرتبة الثالثة .

وباجتماعهما وتداخلهما يتحصَّل كل الوجود من بدايته إلى نهايته ، وهو محمد (ص)). المصدر: كتاب المتشابهات.

عالم الرجعة إذن هو عالم آخر غير عالمنا الجسماني المادي، وهو يبدأ بعد نهاية  حكم المهدي الأخير من المهديين الإثني عشر (ع)، وعالم الرجعة هو أحد الوقعات الإلهية الثلاث الكبرى ؛ أي القيامة الصغرى وهي قيام القائم (ع)، والرجعة والقيامة الكبرى.

  ففي روضة الواعظين – الفتال النيسابوري :

 قال أبو جعفر  عليه السلام : ( أيام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة )([4]).

وفي مختصر بصائر الدرجات – الحسن بن سليمان الحلي :

 عن المثنى الحناط قال سمعت أبا جعفر  (ع)  يقول : ( أيام الله ثلاثة يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم الرجعة )([5]).

وفي بحار الأنوار – العلامة المجلسي :

عن تفسير علي بن إبراهيم : (﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ﴾قال : أيام الله ثلاثة : يوم القائم ، ويوم الموت ، ويوم القيامة )([6]).

وهذه الأيام الثلاثة يذيق الله تعالى فيها العذاب وينتصر لأوليائه (ع)، وعليه لا يمكن أن تقع الرجعة مع قيام القائم (ع) لأنهما في هذه الحالة تكونا يوماً واحداً لا يومين. أما ما ورد من رجعة بعض المؤمنين في أصحاب القائم (ع) فهو كما وضحه السيد أحمد الحسن هو وجود نظرائهم بين أصحاب القائم، فمن بين أصحاب القائم (ع) رجل كسلمان ورجل كمالك الأشتر وهلم جرا.

ويمكن أن نستدل من بعض الروايات أن عالم الرجعة لا تجري عليه المواضعات والقوانين التي تجري على عالم الدنيا المادي فالأعمار فيه تطول كثيراً ويمكن للرجل أن يبقى ليلد له ألف ولد من صلبه ذكر، وفيها تظهر الجنتان المدهامتان.

وقد وردت رواية في بحار الأنوار – العلامة المجلسي وهي خبر طويل آخذ منه موضع الشاهد قال أحدهم لأبي الحسن عليه السلام: ( إنا روينا أن الإمام لا يمضي حتى يرى عقبه ، قال : فقال أبو الحسن (ع) : أما رويتم في هذا الحديث غير هذا ؟ قال : لا ، قال : بلى والله لقد رويتم إلا القائم وأنتم لا تدرون ما معناه ولم قيل ، قال له علي : بلى والله إن هذا لفي الحديث ، قال له أبو الحسن عليه السلام : ويلك كيف اجترأت على شيء تدع بعضه ، ثم قال : يا شيخ اتق الله ولا تكن من الصادين عن دين الله تعالى )([7]).

وفيه نص على أنهم لا يدرون معنى ما ورد في رواية إن الحسين (ع) يرجع على الإمام الذي لا عقب له ولا يدرون لم قيل.

  ([1])الكهف :16.

  ([2])الكهف :9.

  ([3])  الزمر :6.

  ([4])الفتال النيسابوري : ص 392.

  ([5])مختصر بصائر الدرجات : ص 41.

  ([6])بحار الأنوار : ج 13 – ص 12.

  ([7])بحار الأنوار : ج 48 – ص 270.

__________________________________

 (صحيفة الصراط المستقيم/ العدد 7/ السنة الثانية/في  07/09/2010 -27رمضان1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى