عقائد الشيعة

الرؤيا حجة

قال تعالى (  الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ 1 إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 2 نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ 3 ) سورة يوسف .  

  سمى الله سبحانه و تعالى الرؤيا بأنها أحسن القصص و اهتم يعقوب (ع) برؤيا يوسف (ع) التي رآها في المنام فقال ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ 4 ) في هذه الآية الكريمة بأنه رآى رؤيا و قصها على ابيه يعقوب (ع) فقال له (  قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 5 ) فان يعقوب (ع) اوصى يوسف (ع) بأن لا يتكلم بالرؤيا التي رآها على اخوته حتى لا يسول لهم الشيطان ( لعنه الله ) و يحسدوا يوسف (ع) . اذا فهذا حال يوسف (ع) في نبؤته و دليل اعتمد عليه في رسالته و وحي من الله و صدّق يوسف (ع) هذه الرؤى و هنالك الكثير من الآيات الكريمة في القرآن تتكلم عن الرؤيا .ذكر ثقة الاسلام الكليني في الكافي عن ابي الحسن الاول ( ع) قال : ( ان الاحلام لم تكن فيما مضى في اول الخلق و انما حدثت , فقلت و ما العلة في ذلك ؟ , فقال ان الله عز و جل ذكره بعث رسولاً الى أهل زمانه فدعاهم الى عبادة الله و طاعته فقالوا ان فعلنا ذلك فما لنا فوالله ما انت باكثرنا مالاً و لا باعزنا عشيرة فقال ان اطعتموني ادخلكم الله الجنة و ان عصيتموني ادخلكم الله النار فقالوا فما الجنة و ما النار فوصف لهم ذلك . فقالوا متى نصير الى ذلك ؟ , فقال : اذا متم , فقالوا : لقد رأينا امواتاً صاروا عظاماً و رفاتاً فازدادوا له تكذيباً و به استخفافاً فاحدث الله بينهم الاحلام  فاتوه فاخبروه بما رأوا و ما انكروا من ذلك فقال ان الله عز و جل ذكره اراد ان يحتج عليكم بهذا هكذا تكون ارواحكم اذا متم و ان بليت ابدانكم تصير الارواح الى عقاب حتى تبعث الابدان . قيل اي كما في النوم تنام ارواحكم بما لم يظهر اثره على اجسادكم و لا يطلع من ينظر اليكم عليه , كذلك نعيم البرزخ و عذابه ) الكافي ج 8 ص 90 .

        هكذا بدأت الرؤيا مع بني البشر كما ترويها لنا رواية أهل البيت (ع) و علة الرؤيا هو ربط الانسان بعالم الغيب و انتزاعه من عالم المادة و هو عالم الوهم لا الحقيقة و الانسان كلما زادت علائقه بالدنيا و آنس بها ازداد بعده عن الاخرة و استوحش منها , و الرؤيا كما هو واضح من الرواية كانت النافذة التي دلت بني آدم على الحقيقة و لولاها لضلوا سواء السبيل . اذن فالايمان بالرؤيا يعكس مدى ايمان الانسان بالعالم الآخر و هو بالتالي الايمان بالله سبحانه و تعالى , و من يكفر بها فهو كافر بالله بجميع المقاييس العقائدية و يكون كفره بمقدار انكاره و كل بحسبه و سواء شعر بذلك ام لم يشعر فلا فرق بين الامرين . و اقصد بالرؤيا طبعاً الصادقة المؤيدة بقرائن مصداقيتها , و هنا هو بيت القصيد اذ ان الرؤيا لها فيض واسع جداً , يختلط فيه الصادق بالكاذب , فاذا ثبت صدقها كانت حجة ملزمة هذا بصريح الروايات و اذا لم تكن لم يعتنى بها . و بين هذا و ذاك ضيع اغلب الناس الرؤيا جملة و تفصيلاً و اطلقوا احكاماً لم ينزل الله بها من سلطان فقالوا : ( الرؤيا ليست حجة ) , و تنازل بعضهم قليلاً فقال : ( الرؤيا حجة على صاحبها مولاي ! ) .. و هذا كله كلام غير صحيح و عار عن الصحة و غير موجود في سنة محمد و ال محمد ( صلى الله عليه و اله ) , اما الموجود فهو مناف تماماً لما يدعون و هذا ما ساستعرضه في هذا البحث ان شاء الله ليكون الناس على بينه و الله ولي التوفيق .

    قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي في نوم ولا يقظة ولا بأحد من أوصيائي إلى يوم القيامة . بحار الانوار ج 30 ص 132 .

      ولقد حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه ( عليهم السلام ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : من رآني في منامه فقد رآني ، لان الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة أحد من شيعتهم ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة . الامالي للشيخ الصدوق ص 121 .

اقسام الرؤيا :

ما هي اقسام الرؤيا ؟

ان ما يأتي الى الانسان في المنام ينقسم الى قسمين هما : الرؤيا و الحلم .

قال الصادق (عليه السلام ) : ( الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان ) دار السلام ج 4 ص155 .

اولاً : الرؤيا .

و الرؤيا صادقة و ما فيها من الله و مطابق للحق و هي تكون على اوجه :

1-  المبشرات :  قال الامام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) : ( الرؤيا على ثلاث اقسام بشرى من الله و تحزين من الشيطان و الذي يحدث به الانسان نفسه فيراه في منامه ) دار السلام ج 4 ص155 .

و هي ما يبشر الله بها المؤمنين حسب حالهم في الدنيا و الاخرة و كما في قوله تعالى (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 64 ) يونس .

2-  المنذرات : و هي لا تختص بالمؤمنين فقط لان الله سبحانه و تعالى يعطي من سأله و من لم يسأله و من عرفه و من لم يعرفه تحنناً منه و رحمة و لقد ورد عن النبي ( صلى الله عليه و اله ) انه يسأل دائماً عند الصباح اصحابه ( هل من مبشرات هل من منذرات ) .

و الحمد لله رب العالمين و صلى الله تعالى على محمد و ال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً

(صحيفة الصراط المستقيم/ العدد 25/ السنة الثانية/في 11/1/2011- 6 صفر 1432هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى