نشهد هذه الايام وللأسف الشديد ظاهرة باتت تستشري بصورة لم يسبق أن شهد لها الواقع الفكري العراقي مثيلا من قبل، وهي ظاهرة الوفود التي ترسلها مؤسسات معينة، أو سلطات معينة (بالمعنى الأوسع لكلمة “سلطة” الذي يعني كل نفوذ يمكن ان تمارسه جهة ما) بهدف السيطرة أو ادامة السيطرة المسبقة على وعي الناس، وكبت كل ما يمكن أن يشكل بوادر صحوة أو تحرر فكري.
والمؤسف حقاً أن الوفود التي تستغل مناسبات معينة لتنشيط تحركاتها لا يتضمن برنامجها سوى فقرات مكرورة يمكن تلخيصها بصورة شفرة تتضمن مطلباً، أو مطلبين من قبيل: (وجه الأنظار دوماً لمؤسستنا)، (حذر بأشد العبارات من الابتعاد، أو التمرد عن مؤسستنا).
وحيث إن هذه الستراتيجيات ضرورية التحقيق فإن النتائج ستكون كارثية دوماً، ليس على وعي الناس حسب، بل على حساب الكثير من القيم والمنظومات الفكرية التي تنتظمهم.
ولعل أول وأكثر المتضررين سيكون منصب الإمامة الإلهي، باعتبار أنه – وهنا أستعير من نظام خلايا النحل – في ظل غياب الملكة الحقيقية ستختلق بعض العاملات لمصالح خاصة بها ملكات مزيفات يعثن فساداً في مملكة النحل، وقد يصل الفساد إلى درجة التسبب بالانقسام في الخلية، فيتفل – إن صح هذا التعبير المقصود – بعض النحل في وجوه بعض.