زاوية الأبحاث

شبهات حول روايات المهديين وردود عليها ج2

الشبهة الثانية:-
ومفاد هذه الشبهة إنهم يقولون إنه قد وردت روايات كثيرة جداً تحصي من الأئمة إثنا عشر إماماً، فهذه الروايات لا تقول إن الأئمة أربعة وعشرون إماماً، وبالنتيجة هي تعارض ما ورد من وجود إثني عشر بعد الإثني عشر.

شبهات حول روايات المهديين وردود عليها
أبو محمد الأنصاري

الشبهة الثانية:-
ومفاد هذه الشبهة إنهم يقولون إنه قد وردت روايات كثيرة جداً تحصي من الأئمة إثنا عشر إماماً، فهذه الروايات لا تقول إن الأئمة أربعة وعشرون إماماً، وبالنتيجة هي تعارض ما ورد من وجود إثني عشر بعد الإثني عشر.

وللجواب عن هذه الشبهة أقول قبل كل شيء هذه الشبهة من التهافت بدرجة تثير الاستغراب، ولكننا نجيب عنها طالما طرحها بعضهم. والحق إن التعارض لا يُتصور فالمهديون يحكمون بعد الإثني عشر إماماً، فلا تزاحم مكاني أو زماني من هذه الناحية، وكذلك فإن ما ورد من إن الأئمة إثني عشر إماماً لا يعني إن هؤلاء الحجج الإثني عشر هم كل الحجج من آل محمد (ع)، فلم ترد رواية عن آل محمد (ع) تقول إن الأئمة الإثني عشر (ع) لا شيء بعدهم، بل ورد العكس كما تقدم. 
أقول ولعل منشأ الشبهة هو إن الروايات التي ذكرت الأئمة (ع) ذكرت أنهم إثنا عشر إماماً، وكذلك ما يعرف من تسمية الطائفة المحقة بالإثني عشرية. وقد أجاب السيد المرتضى عن هذه الشبهة بقوله: (( وسئل ( رضي الله عنه ) عن الحال بعد إمام الزمان عليه السلام في الإمامة فقال : إذا كان المذهب المعلوم أن كل زمان لا يجوز أن يخلو من إمام يقوم بإصلاح الدين ومصالح المسلمين ، ولم يكن لنا بالدليل الصحيح أن خروج القائم يطابق زوال التكليف ، فلا يخلو الزمان بعده عليه السلام من أن يكون فيه إمام مفترض الطاعة ، أو ليس يكون . فإن قلنا : بوجود إمام بعده خرجنا من القول بالاثني عشرية ، وإن لم نقل بوجود إمام بعده ، أبطلنا الأصل الذي هو عماد المذهب ، وهو قبح خلو الزمان من الإمام . فأجاب ( رضي الله عنه ) وقال: إنا لا نقطع على مصادفة خروج صاحب الزمان محمد بن الحسن عليهما السلام زوال التكليف ، بل يجوز أن يبقى العالم بعده زمانا ” كثيرا ” ، ولا يجوز خلو الزمان بعده من الأئمة . ويجوز أن يكون بعده عدة أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله ، وليس يضرنا ذلك فيما سلكناه من طرق الإمامة ، لأن الذي كلفنا إياه وتعبدنا منه أن نعلم إمامة هؤلاء الاثني عشر ، ونبينه بيانا ” شافيا ” ، إذ هو موضع الخلاف والحاجة . ولا يخرجنا هذا القول عن التسمي بالاثني عشرية ، لأن هذا الاسم عندنا يطلق على من يثبت إمامة اثني عشر إماما ” . وقد أثبتنا نحن ولا موافق لنا في هذا المذهب ، فانفردنا نحن بهذا الاسم دون غيرنا )). رسائل المرتضى – ج 3 – ص 145 – 146. 

فالسيد المرتضى يقول إننا طالما انفردنا بإثبات إثني عشر إماماً لا يضرنا بعد  هذا أن نؤمن بوجود إثني عشر مهدياً ولا يخرجنا القول الأخير عن التسمي بالإثني عشرية، إذ لا موافق لنا في مذهبنا. 
والحقيقة إن قلة روايات المهديين نسبة للروايات التي تنص أو تذكر الأئمة (ع) منشؤها – والله أعلم – أن الهم الأساس في زمن الرسول (ص) والأئمة (ع) هو التركيز على إثبات وجود الأئمة الإثني عشر (ع) فهو موضع الخلاف والحاجة كما قال السيد المرتضى. وقد وردت رواية عن الإمام الصادق (ع) يستشف منها هذا المعنى عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: ” الوصية نزلت من السماء على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) كتابا مختوماً، ولم ينزل على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد هذه وصيتك في أمتك إلى أهل – بيتك(4) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ فقال: نجيب الله منهم وذريته ليورثك علم النبوة قبل إبراهيم وكان عليها خواتيم، ففتح على(عليه السلام) الخاتم الأول ومضى لما أمر فيه ثم فتح الحسن(عليه السلام) الخاتم الثاني ومضى لما أمر به، ثم فتح الحسين(عليه السلام) الخاتم الثالث فوجد فيه أن قاتل وأقتل وتقتل واخرج بقوم للشهادة، لا شهادة لهم إلا معك ففعل وثم دفهعما إلى على بن الحسين(عليهما السلام) ومضى، ففتح على بن الحسين الخاتم الرابع فوجد فيه أن أطرق واصمت لما حجب العلم، ثم دفعها إلى محمد بن على(عليهما السلام) ففتح الخاتم الخامس فوجد فيه أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك العلم واصطنع الأمة، وقل الحق في الخوف والأمن ولا تخش إلا الله، ففعل، ثم دفعها إلى الذي يليه، فقال معاذ بن كثير: فقلت له: وأنت هو؟ فقال: ما بك في هذا إلا أن تذهب يا معاذ فترويه عني نعم أنا هو، حتى عدد على اثني عشر اسما ثم سكت، فقلت: ثم من؟ فقال: حسبك “. غيبة النعماني : 52 – 53 .
فمن الواضح إن قوله (ع): ( حسبك ) يشير على أن ثمة من هو بعد الأئمة، فهو (ع) لم يقل لا يوجد بعدهم أحد، وأما قوله (حسبك) فهو إشارة إلى أن هذا المقدار من المعرفة يكفيك وهو موضع حاجتك كما عبر السيد المرتضى. 

الشبهة الثالثة:-
بعد أن نقل السيد ابن طاووس هذا الدعاء:
(( اللهم ادفع عن وليك وخليفتك، وحجتك على خلقك، ولسانك المعبر عنك بإذنك ……. ( إلى قوله – ع – ): اللهم أعطه في نفسه وأهله وولده وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه ……. ( إلى قوله –ع- ): اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده، وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم واعز نصرهم وتمم لهم ما أسندت إليهم في أمرك لهم وثبت دعائمهم، واجعلنا لهم أعوانا وعلى دينك أنصارا، فإنهم معادن كلماتك وأركان توحيدك ودعائم دينك وولاة أمرك، وخالصتك من عبادك وصفوتك من خلقك، وأوليائك وسلائل أوليائك وصفوة أولاد رسلك، والسلام عليهم ورحمه الله وبركاته )).
وعلق قائلاً:
(( وقد تضمن هذا الدعاء قوله عليه السلام: ( اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده )، ولعل المراد بذلك أن الصلاة على الأئمة يرتبهم في أيامه للصلاة بالعباد في البلاد، والأئمة في الأحكام في تلك الأيام، وان الصلاة عليهم تكون بعد ذكر الصلاة عليه صلوات الله عليه بدليل قوله: ( ولاة عهده ) لأن ولاة العهود يكونون في الحياة، فكأن المراد: اللهم صل بعد الصلاة عليه على ولاة عهده والأئمة من بعده. وقد تقدم في الرواية عن مولانا الرضا عليه السلام: ( والأئمة من ولده )، ولعل هذه قد كانت: ( صل على ولاة عهده والأئمة من ولده )، فقد وجدت ذلك كما ذكرناه في نسخة غير ما رويناه، وقد روي أنهم من أبرار العباد في حياته ووجدت رواية متصلة الاسناد بأن للمهدى صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحار على غاية عظيمة من صفات الأبرار، وروي تأويل غير ذلك مذكور في الاخبار )). جمال الأسبوع – السيد ابن طاووس – ص 310. 
أقول: إن السيد ابن طاووس رحمه الله يذهب هنا إلى القول بأن المهديين ( ولاة عهد الإمام – ع – ) هم أئمة صلاة وأئمة في الأحكام، وإن إمامتهم بالنتيجة طولية نسبة إلى إمامته وغير مستقلة عنها، وهم ( أي الأبناء وولاة العهد ) بالنتيجة كلهم في زمنه بقرينة إشارته إلى قصة الجزيرة الخضراء، حيث قال: (ووجدت رواية متصلة الاسناد بأن للمهدى صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحار ). وكلامه هذا في الحقيقة بعيد تماماً عن الدلالات الواضحة التي تقررها الروايات، فمن الواضح البين إن اصطلاح ولي العهد ينصرف إلى من يستلم زمام الحكم والإمامة بعد أبيه، لا من يتولى منصباً في حياته ( أي حياة أبيه ) فقط دون أن يكون له منصب بعد موته. وكذلك فإن رواية الوصية تنص على أنه يستلم الإمامة بعد وفاة أبيه. ومعلوم بضرورة الشرع وهو ما وردت به الروايات أن الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام، وعليه لابد أن يكون المهديون هم أبناء متعاقبين لا أخوة مجتمعين، وقد ورد في روايات المهديين إنهم أوصياء، ومعنى الوصاية المرتبط بهم يدل على أنهم يأتي أحدهم بعد الآخر كما هو الحال في أوصياء رسول الله (ص) من الأئمة، فكما أن الأئمة جاءوا من بعد الرسول بالتسلسل المعروف يأتي المهديون بعد أبيهم (ع) بالتسلسل نفسه، باستثناء الميزة التي ميزت الحسنين (ع) وهي اجتماع الإمامة في أخوين، وامتناع اجتماعها بعدهم في غيرهم. وعلى هذا لا معنى لما أراده السيد ابن طاووس رحمه الله من توجيه البعدية في عبارة ( والأئمة من بعده ) إلى معنى يساوق الاجتماع في الزمان والتابعية في المنصب. فهو يريد أن يفهم من قوله ( من بعده ) إنهم معه في الزمان وتبع لهم في المنصب فهم على حد وصفه أئمة صلاة وأحكام ينصبهم أبوهم (ع)، كما مر بيانه، وعُرف بُعده عن الصواب.            

الشبهة الرابعة:-
يطعن البعض في سند روايات المهديين ولاسيما رواية الوصية، وفي هذا الصدد نجيب بأن روايات المهديين متواترة من حيث المعنى، كما اتضح من سرد الروايات المتقدم، ومع ذلك ومن باب المبالغة في النصح وعدم ترك ثغرة لنفوذ الشيطان لعقول ونفوس البعض قام الشيخ ناظم العقيلي بتوثيق أسناد هذه الروايات في أكثر من كتاب؛ منها كتاب ( دفاعاً عن الوصية ) وكتاب ( انتصاراً للوصية ) المختصين برواية الوصية، ومنها كذلك كتاب اختص بتوثيق روايات المهديين، وآخر بتوثيق الأدعية التي ذكرت المهديين.
الشبهة الخامسة:- 
ذكرنا فيما تقدم إن إحدى الروايات ذكرت أحد عشر مهدياً بينما جميع الروايات الأخرى ذكرت إثنا عشر مهدياً، وهذا قد يعده البعض اضطراباً وتعارضاً في مضمون الروايات.
والحق إنه إذا أمكن الجمع يسقط قول المعترض، والجمع ممكن هنا تماماً، فالمراد في الرواية المعنية هو الإشارة إلى أن المهدي الأول من المهديين الإثني عشر هو القائم، وسيتضح هذا المعنى المهم أكثر فيما يلي، فهو في الحقيقة قطب الرحى الذي عليه مدار البحث برمته. فالبحث الذي بين أيدينا غايته إثبات أن القائم الذي يخرج بالسيف ويباشر الملاحم هو المهدي الأول ( أحمد ) ابن الإمام المهدي (ع). إذن كل البحث في الحقيقة إنما هو توضيح لمعنى هذه الرواية وروايات أخرى سيتم ذكرها في مطاوي البحث.  

الشبهة السادسة:- 
يستشكل البعض قائلاً هل المهديون معصومون، والظاهر من كلام هذا البعض أنه يستنكر هذا الأمر، وكأنه يرى أن المعصومين هم الأئمة الإثني عشر (ع) فقط، ولعله يذهب لاحقاً إلى أنهم – أي المهديين (ع) – ليسوا ائمة وليسوا حججاً لله في أرضه لحقيقة أن الحاكم المُنَصّب من الله لابد أن يكون معصوماً لا يدخل الناس في باطل ولا يخرجهم من حق.
وبقدر تحقيق نفس مفهوم العصمة وحقيقتها، وهل يمكن أن يكون هناك معصوم غير الأئمة سأترك البحث في هذا، ويمكن أن يتبين هذا الأمر من أراد من خلال العودة لكتب السيد أحمد الحسن (ع) ولاسيما كتاب ( المتشابهات )، فعلى أية حال موضع الخلاف يمكن حسمه من خلال طريق أيسر.
ففي الخصال – الشيخ الصدوق – ص 139
عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت أمير المؤمنين عليا عليه السلام يقول : احذروا على دينكم ثلاثة : رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك ، فقلت : يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك ؟ قال : الرامي ، ورجلا استخفته الأحاديث كلما أحدثت أحدوثة كذب مدها بأطول منها ، ورجلا آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبه لمعصية الله فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله ، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الامر ، وإنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر ، لا يأمر بمعصيته وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته .
في هذه الرواية الشريفة إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته، والمهديون (ع) كما وضح من الروايات التي سردناها آنفاً منصوص على طاعتهم بوصفهم حجج الله وأوصياء الإمام المهدي (ع)، فهم معصومون بالتأكيد إذن.  
وفي الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 298
عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إياك والرئاسة وإياك أن تطأ أعقاب الرجال ، قال : قلت : جعلت فداك أما الرئاسة فقد عرفتها وأما أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلا مما وطئت أعقاب الرجال فقال لي : ليس حيث تذهب ، إياك أن تنصب رجلا دون الحجة ، فتصدقه في كل ما قال .
وهذا الحديث يؤكد على ضرورة عدم تصديق رجل دون الحجة في كل ما قال، ويستفاد منه أن كل إنسان غير الحجة يمكن أن يدخلك في باطل أو يخرجك من حق، والحجة وحده من لا يفعل هذا وهو إذن معصوم، والمهديون (ع) منصوص عليهم بأنهم حجج، فهم بالنتيجة معصومون حتماً.    

الشبهة السابعة:- 
ورد في الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي – ص 360 – 361:
عن المفضل بن عمر ، قال : (( سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) ، يقول : إياكم التبويه والله ليغيبن مهديكم سنين من دهركم يطول عليكم وتقولون اي وليت ولعل وكيف وتمحصه الشكوك في أنفسكم حتى يقال مات وهلك ويأتي وأين سلك ولتدمعن عليه أعين المؤمنين ولتتكفؤون كما تتكفا السفن في أمواج البحر ولا ينجو الا من اخذ الله ميثاقه بيوم الذر وكتب بقلبه الايمان وأيده بروح منه وليرفعن له اثنتا عشرة راية مشبهة لا يدرون أمرها ما تصنع ، قال المفضل : فبكيت وقلت كيف يصنع أولياؤكم فنظر إلى الشمس دخلت في الصفة قال : يا مفضل ترى هذه الشمس قلت : نعم ، قال والله أمرنا أنور وأبين منها وليقال المهدي في غيبته مات ويقولون بالولد منه وأكثرهم يجحد ولادته وكونه وظهوره أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والرسل والناس أجمعين )).

هذه الرواية زعم البعض أنها تدل على عدم وجود ولد أو ذرية للإمام وأن من يقول بخلاف هذا يشمله اللعن الوارد في الرواية، فقد ورد في سلسلة المقالات التي نشرها مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني، في المقال الحادي والعشرون المعنون بـ( من يدعي انه ولدٌ للامام المهدي فالعنوه)، قولهم تعليقاً على الرواية أعلاه:
(( ومعنى ذلك ان من يقول بان المهدي صار له اولاد ايام غيبته فعليه لعنة الله والناس اجمعين.
ومن يقول ان المهدي (عليه السلام) قد ولد له او يدعي احد انه ولده فعليه لعنة الله والناس أجمعين.
انه لو كان لا بد ان يكون للامام (عليه السلام) من ولد في عصر الغيبة الكبرى لذكرت لنا الروايات ذلك ولبشّر به الائمة الاطهار (عليهم السلام)، فلم يكتفوا بعدم ذكرهم له، بل نفوا ذلك كما جاء في هذا الحديث واحاديث اخرى منها:
ما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة في ص 224 عن علي بن ابي حمزة انه دخل على الرضا (عليه السلام) فقال له: انت امام؟.
قال: نعم، فقال له: اني سمعت جدك جعفر بن محمد عليهم السلام يقول: لا يكون الامام الا وله عقب.
فقال: أنسيت يا شيخ او تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر عليه السلام، انما قال جعفر عليه السلام: لا يكون الامام الا وله عقب الا الامام الذي يخرج عليه الحسين بن علي عليهما السلام فانه لا عقب له، فقال له: صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول.
كيف وقد روى الصدوق وغيره عن امير المؤمنين (عليه السلام): (صاحب هذا الامر الشريد الطريد الفريد الوحيد) )).
والجواب على هذه الشبهة التي تمسكت بها المؤسسة السيستانية البغيضة لتخدع أتباعها واضح لمن اطلع على كتاب الغيبة لشيخ الطائفة الطوسي، فالمقصود منه طائفة من الناس قالت إن الإمام المهدي (ع) قد توفي وإن الإمامة قد انتقلت بعده لولده، وهي فرقة من الناس لم يعد لها وجود، فالشيخ الطوسي يقول في كتاب الغيبة – ص 228:
(( فأما من قال: إن للخلف ولداً وأن الأئمة ثلاثة عشر . فقولهم يفسد بما دللنا عليه من أن الأئمة عليهم السلام اثنا عشر ، فهذا القول يجب إطراحه ، على أن هذه الفرق كلها قد انقرضت بحمد الله ولم يبق قائل يقول بقولها ، وذلك دليل على بطلان هذه الأقاويل )).
ما يهمنا من قول الطوسي هذا هو إشارته إلى أن هؤلاء القائلين مجموعة من الناس قالوا بموت الإمام المهدي في غيبته وزعموا أن الإمامة قد انتقلت لولده. ولو تأملنا قوله (ع): ( وليقال المهدي في غيبته مات ويقولون بالولد منه وأكثرهم يجحد ولادته وكونه وظهوره أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والرسل والناس أجمعين ) يتضح لنا أن من يقول بالولد من الإمام أي يقول إن الإمامة قد انتقلت إلى ولده، يسبق هذا القول بأن الإمام (ع) قد مات في غيبته. فقوله (ع): ( ويقولون بالولد منه ) لا يراد به إنهم يقولون إن للإمام ولد كما يريد مركز السيستاني أن يوهم الناس، وإنما المقصود هو إنهم يقولون إنه مات وإن الإمامة قد انتقلت إلى ولده. وهذا لا تقول به دعوتنا المباركة ومركز السيستاني يعلم هذا حق العلم ولكنه في حربه غير الشريفة للدعوة لم يدخر وسعاً، ولا ترك فرية إلا ركبها.
وعلى أي حال تقدم إيراد الكثير من الروايات على وجود الذرية للإمام وهي روايات صحيحة بل متواترة من جهة المعنى وقائلها هم آل محمد (ع)، فهلا يكف السيستاني وجهازه التضليلي عن الإساءة لآل محمد (ع).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى