استعرضنا في حلقات سابقة الرؤية القرآنية للموقف من أعداء الدعوات الإلهية، ومنها الدعوة اليمانية وسنعرض الآن هذا الموقف القرآني من فئتين هما:
-أهل الشبهات والدس والتحريف:
وهؤلاء يستهدفون عادة الفتنة في الدين الحق ، عن الإمام علي (ع) { احذروا الشبه فإنها وضعت للفتنة } .والرد على أهل الشبهات هي من أبرز مهمات الرسل والرسالات الإلهية ، عن الإمام علي (ع) { وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالدين المشهود ، والعلم المأثور ، والكتاب المسطور ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، والأمر الصادع ، إزاحة للشبهات ، واحتجاجا بالبينات ، وتحذيرا بالآيات } نهج البلاغة خطبة 2 .
وقال (ع) أيضا { إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق ، فأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ودليلهم سمت الهدى ، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى } نهج البلاغة خطبة 38 .
والقران الكريم آياته كثيرة برد الشبهات وإزالة اللبس ، وكشف حقيقة من يروجها ويغرر الناس بها ، ومن هذه الآيات الكريمة :
وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ{91} الانعام ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{64} المائدة ،
أما الدس والتحريف فالموقف القراني منه كان الكشف والتعرية ، وبيان الحق وتمييزه عن الزيف والباطل ، وردع أهله والقائلين به ومن الآيات الكريمة التي تبين هذا الموقف :
(مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه ) النساء 46 ، (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) المائدة 13 ، (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) المائدة 41 ، أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{75 البقرة ، َا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{71} ال عمران .
– أهل العهود والمواثيق:
سواء كانت هذه العهود والمواثيق على نحو التسالم الاجتماعي كما هو الحال في المجتمعات المركبة من أتباع الأديان السماوية من أهل الكتاب ، بناء على إطلاق الآيات الكريمة في المورد ، أو كانت على نحو العهد والميثاق والعقد كما كان على عهد رسول الله (ص) وكما هو بين الدول والمنظمات اليوم بمعنى أخر اسلم تسلم ؟! وكذلك يوجد كلام عن الإمام اليماني ما مضمونه ( شريد من الناس بس لا يعادون الدعوة او يقول اقبل من بعضهم فقط شهادة اللسان ) ، والموقف ألقراني من هؤلاء هو احترام العهود والمواثيق معهم ماداموا يحترمون العهد ، ويلتزمون بالميثاق والعهد ، ولا يمنع ذلك من دعوتهم الى الدين الحق والسعي لهدايتهم إليه ، بل هي فرصة جيدة استثمرها رسول الله (ص) في الدعوة الإسلامية ونشره في مجتمع الحجاز آنذاك ، ولعل نفس الحالة نجدها اليوم في المجتمعات الغربية من خلال ما تمنحه بعض قوانينهم من فرص ومجالات للإخوة أنصار الدعوة اليمانية المباركة من خلال فتح حسينيات يقيمون فيها شعائرهم ومناسكهم ومتابعة مستجدات دعوة الله الكبرى او إقامة جمعيات تدافع عنهم بموافقة البلد الذي يقطنون فيه ، وبفضل هذه المنافذ التي يسمح من خلالها نشر أفكار وتعاليم الدعوة المباركة تؤتي أكلها وكما يقول الإمام اليماني (ع) افعلوا ما تشاءون إنكم للوارث تمهدون شاءتهم أم أبيتم ما مضمون الكلام ، وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{3} إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{4} التوبة ، وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ{6} التوبة ، كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{7} التوبة ، عن عقد الدرر عن الإمام علي (ع) في قصة المهدي (ع) وفتوحاته ورجوعه الى دمشق قال : ثم يأمر المهدي بإنشاء مراكب فيبني أربعمائة سفينة في ساحل عكة ، ويخرج الروم في مائة صليب تحت كل صليب عشرة الإلف فيقيمون على طرطوس فيفتحونها بأسنة الرماح ويوافيهم المهدي (ع) فيقتل من الروم حتى يتغير ماء الفرات وينهزم من في الروم فيلحقوا في إنطاكية وينزل المهدي (ع) قبة العباس فيبعث ملك الروم يطلب الهدنة من المهدي ويطلب المهدي (ع) منه الجزية فيجيبه الى ذلك غير انه لا يخرج من بلد الروم ، فلا يبقى في بلد الروم أسير إلا خرج ، ويقيم المهدي (ع) بإنطاكية سنته تلك ثم يسير بعد ذلك ومن تبعه من المسلمين لا يمرون على حصن من بلد الروم الا قالوا عليه لا اله الا الله فتتساقط حيطانه …………….الخ أخر الرواية الشريفة .