عقائد السنة

قال تعالى: ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )

فمن هو الهادي

إعداد أبو محمد الأنصاري

ورد في مسند أحمد ج1ص126ح1041 : ” حدثنا عبد الله – ثقة حافظ – حدثني عثمان بن أبي شيبة – ثقة حافظ – ثنا مطلب بن زياد – صدوق – عن السدي – ثقة واحتج به مسلم – عن عبد خير – ثقة – عن علي في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر، والهاد رجل من بني هاشم “.

وفي المعجم الأوسط ج2ص94ح1361: ” حدثنا أحمد محمد بن صدقة – ثقة حافظ – قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عن عبد خيرعن علي بن أبي طالب في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال رسول الله المنذر والهاد رجل من بني هاشم “.

وفي الأحاديث المختارة ج2 ص286ح668 بسنده ( عبدالله بن أحمد حدثني أبو بكر بن أبي شيبة ثنا مطلب بن زياد عن السدي عن عبد خير عن علي في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهاد رجل من بني هاشم ) وقال ( إسناده حسن ).

وفي تفسير الطبري ج13 ص108: ” ذكر من قال ذلك حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال ثنا الحسن بن الحسين الأنصاري قال ثنا معاذ بن مسلم ثنا الهروي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) وضع صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال أنا المنذر ولكل قوم هاد وأومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي “. فالهادي من بني هاشم فيما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمن غير علي بن أبي طالب في زمنه، ومن غير الحسن في زمنه، ومن غير الحسين في زمنه ؟

قال ابن تيمية الحراني في منهاجه ج7 ص139 عن رواية ( أنا المنذر وعلي الهادي ) : ” إن هذا لم يقم دليل على صحته فلا يجوز الاحتجاج به “؟ أقول : بل قام في رواية ” والهاد رجل من بني هاشم “.

وقال : ” إن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث فيجب تكذيبه و رده “. أقول: على ابن تيمية أن يكون صادقاً ولو لمرة واحدة ! فها هو الحديث حسن الإسناد فأين الوضع؟

وقال في منهاجه ج7ص142 : ” و أما تفسيره بعلي فانه باطل لأنه قال و لكل قوم هاد و هذا يقتضي أن يكون هادي هؤلاء غير هادي هؤلاء فيتعدد الهداة فكيف يجعل علي هاديا لكل قوم من الأولين و الآخرين “. أقول: العلامة الحلي الذي يرد عليه ابن تيمية لم يقل أن عليا هو المتصدي لهداية كل الناس من الأولين والآخرين، رواية الطبري فيها قيد ( بك يهتدي المهتدون من بعدي ).

وقال الذهبي في تلخيص المستدرك ج3ص129 معقبا على قول الحاكم: ” قال علي: رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر وأنا الهادي هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قلت، أي الذهبي: بل كذب، قبح الله واضعه “؟

أقول: مضمونه ثابت بإسناد حسن من مسند أحمد والمعجم الكبير للطبراني والأوسط والصغير، ومن الأحاديث المختارة ، فلماذا الكذب والتدليس ؟

وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج7 ص358: “ولم ينزل في علي شيء من القرآن بخصوصيته !؟ وكل ما يريدونه في قوله تعالى إنما أنت منذر ولكل قوم هاد وقوله ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا وقوله أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في أنها نزلت في علي لا يصح شيء منها “. أقول: هذا من أغرب ما يمكن أن يسمعه الإنسان!

أما الألباني فقد قال عن الحديث في سلسلته الضعيفة ح4899: ” موضوع ” !! وهذا ليس بجهل من الألباني بل كذب ! لماذا ؟ لأنه عثر على رواية مسند أحمد ( والهاد رجل من بني هاشم ) التي بمضمون الحديث، ولكنه قلب رواية مسند أحمد وحرفها نصا وخطاً !! وهذه هي الطامة الكبرى !! قال في سلسلته الضعيفة المجلد العاشر (الجزء الثاني ) ص537 وسأنقل عبارته ورسم قلمه بالنص والدقة بلا أي تغيير ولو بالنقاط والفواصل: ” ومما يؤيد نكارة الحديث: أن عبد خير رواه عن علي في قوله … فذكر الآية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” المنذر والهادي: رجل من بني هاشم “. أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/126)، ومن طريقه ابن عساكر: حدثني عثمان بن أبي شيبة: حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عنه. وهذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات “. انتهى كلام الألباني .

أقول: حرف الألباني الرواية فجعل حديث علي بن أبي طالب هو حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! إذ الرواية في مسند أحمد والأوسط للطبراني والأحاديث المختارة هكذا: ” عن علي في قوله ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهاد رجل من بنى هاشم “. وهي ظاهرة في أن المفسر هو علي بن أبي طالب، بل هي نص في ذلك لأسباب:

1- لو كان المتكلم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما صح أن يقول ( المنذر والهاد رجل من بني هاشم ) كما في الأصل – الذي جاء بسياق حكاية الإمام علي عين ألفاظ الآية وتفسيرها- بل يجب أن تكون ( والهادي ) بالياء. لذلك قام الألباني بتحريفها من ( والهاد ) كما في أصلها إلى ( والهادي ) بالياء!

2- لو كان المتكلم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبـهم الأمر الذي صرح به الله في القرآن! إذ أن الله يقول ( إنما أنت منذر ) و ( أنت ) من أعرف المعارف، فكيف يقول النبي عن المنذر ( أنه رجل من بني هاشم )؟ بل فيه من إخراج الرسول عن مقام الرسالة ما لا يخفى، لأنه في هذه الحالة لا يكون هو المخاطب ب ( إنما أنت )!

نعم يصح هذا التركيب ( المنذر والهاد رجل من بني هاشم ) مع وضوح أن المنذر هو ( أنت ) في حالة واحدة وهي كون الهادي رجل من بني هاشم غير النبي، فيكون النبي بصدد إعطاء الضابطة والقاعدة الكلية من أن المنذر والهادي هما من بني هاشم ولا يخرجان عنها. فيرجع الأمر كما كان ، فتصبح الجملة ( المنذر والهادي رجل من بني هاشم ) بتحريف الألباني في قوة الأصل ( رسول الله المنذر والهاد رجل من بني هاشم ).

3- والأدهى أن الألباني نفسه قبل تحريفه لهذه الرواية كتب رواية المستدرك بخط يده وهي: ” قال علي: رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر وأنا الهادي “. أفلا تعد قرينة على أن المفسر هو علي عليه السلام ؟

بل إن الألباني اطلع على كلام ابن كثير في تفسيره ج2 ص503 ونقل هذه الجملة: ” وهذا الحديث فيه نكارة شديدة “، مع أن بعد هذه الجملة مباشرة أتبعها ابن كثير بقوله : ” وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا المطلب بن زياد عن السدي عن عبد خير عن علي ( ولكل قوم هاد ) قال: الهادي رجل من بني هاشم . قال الجنيد هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ابن أبي حاتم وروي عن ابن عباس في إحدى الروايات وعن أبي جعفر محمد بن علي نحو ذلك “. وهذا تفسير ابن أبي حاتم ج7 ص2225ح12152: ” حدثنا علي بن الحسين ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا المطلب بن زياد عن السدي عن عبد خير عن علي ( لكل قوم هاد ) قال: الهاد رجل من بني هاشم “، فأين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا ؟ فهذا نص صريح صحيح في أن المفسر هو علي عليه السلام وقد رآه الألباني بعينيه ومع ذلك يحرف ويتلاعب في نص حديث مسند أحمد حتى لا يكون مصححا لمضمون قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” أنا المنذر ولكل قوم هاد وأومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي “. والحمد لله !

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى