تطرق غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي في حديث للصحفيين اليوم 24 يناير/ كانون الثاني إلى دور إيران في تسوية الأزمة السورية وموقف الغرب منها ونشر صواريخ “باتريوت” في تركيا والوضع الإنساني في سورية وقضية الأقليات الدينية وغيرها من المواضيع.
روسيا واثقة من قدرة إيران على أداء دور إيجابي في ضمان تحويل النزاع السوري إلى مجرى سياسي
قال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي في حديث لوكالة “إيتار- تاس” اليوم 24 يناير/ كانون الثاني إن موسكو واثقة من أنه بإمكان إيران ومن واجبها أداء دور إيجابي في ضمان تحويل النزاع في سورية إلى المجرى السياسي.
وأضاف: “نحن ننطلق بحزم من أنه بإمكان إيران ومن واجبها أداء دور إيجابي في تحويل النزاع في سورية إلى المجرى السياسي. ونعتقد أنه لا يجوز السماح بتجاهل قدرات طهران. وقد تحدثنا عن هذا قبيل أول لقاء في جنيف”.
وتابع غاتيلوف قائلا: “يجب التركيز على إشراك وليس عزل الإيرانيين الذين يبقون عنصرا هاما في بنية الأمن الإقليمي. ولدينا انطباع ثابت بأن الإيرانيين مستعدون للإسهام بصورة بناءة في الجهود المشتركة”.
نشر منظومات صواريخ “باتريوت” على الحدود التركية السورية قد يسبب محاولات استفزاز
وبصدد نشر صواريخ ” باتريوت ” في تركيا على الحدود قال نائب وزير الخارجية الروسي : “إذا كانت تركيا تعتبر أن ذلك ضروريا لأمنها، فهذا قرارها السيادي. وبشكل عام، وقد أشار الخبراء إلى ذلك، لا توجد ضرورة لنشر مثل هذه النظم”.
وأضاف: “لذلك من الطبيعي ألا تساهم إضافة هذا العامل الجديد في استقرار عام للأوضاع. بالعكس، إنها خطوة باتجاه زيادة حدة المواجهة والتوتر في المنطقة”.
وتابع قائلا: “قد تحدث محاولات استفزاز”.
وأشار غاتيلوف إلى أن استفزازات قد تحدث بإستخدام السلاح الكيميائي لاتهام الحكومة السورية بها.
وتردد في وقت سابق أن أول منظومة صاروخية من طراز “باتريوت” ستبدأ دوريتها القتالية على الحدود التركية السورية في نهاية هذا الأسبوع. وسيتم نشر جميع بطاريات نظم “باتريوت” في تركيا قبل نهاية الشهر الجاري.
ويذكر أن حلف الناتو اتخذ في 4 ديسمبر/ كانون الأول الماضي قرارا بتوفير وسائل الدفاع الجوي لأنقرة. وتقدمت تركيا بطلب الى حلف الناتو لنشر نظم “باتريوت” في اراضيها في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
الحديث عن إرسال قوات حفظ السلام إلى سورية سابق لأوانه
قال غاتيلوف إنه “في مسألة إرسال قوات حفظ السلام إلى سورية يرجع كل شيء إلى الوضع الميداني العام.وطبقا لقواعد وأصول الأمم المتحدة، فإن إرسال قوات حفظ السلام يتطلب موافقة أطراف النزاع”. وأضاف: “هم الحكومة، وبالطبع يجب أخذ موقف المعارضة بعين الاعتبار، إذا أردنا خلق الظروف لتحقيق استقرار الأوضاع”.
وأوضح أن “هذه المسألة لم تُناقش في إطار عملي بعد”.
وقال غاتيلوف إن “مراقبي الجامعة العربية وبعثة الأمم المتحدة مع مجموعة من مراقبيها قد عملوا في سورية. وبحسب تقديراتنا، فإن عملهم ساهم إلى درجة معينة، في استقرار الوضع ، حيث ساعد في وضع تقييم موضوعي، ومن هذه الناحية أدى دورا إيجابيا “.
وأضاف: “إذا نضجت الظروف مستقبلا لإرسال قوات أممية، فسيكون ذلك عنصرا إيجابيا. ولكنه يجب أن ننظر إلى الوضع بواقعية، ويكمن استنتاجنا في أن الوضع الراهن لا يسمح بإرسال مراقبين دوليين أو أية قوات حفظ سلام دولية أخرى لحفظ السلام إلى هناك”.
هتافات مثل “المسيحيين إلى بيروت” و”العلويين إلى التابوت” مثيرة للقلق
أعرب غاتيلوف عن قلقه البالغ من هتافات المسلحين السوريين مثل “المسيحيين إلى بيروت” و”العلويين إلى التابوت”.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي إن “هناك مسألة في سياق الوضع السوري تقلقنا كثيرا. يجري الحديث عن الأقليات الإثنية والطائفية التي تقيم منذ عقود في سورية في سلام ووفاق وتتعرض اليوم للاضطهادات ، لاسيما في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة”.
وأضاف: “نسمع من المسلحين الذين يقاتلون في سورية هتافات مثل “المسيحيون إلى بيروت” و”العلويون إلى التابوت”. ولذلك تحديدا نصر على أن تثبت تشريعيا ضمانات حقوق وأمان مختلف فئات السكان في سورية جزءا لا يتجزأ من أي نموذج للتسوية السورية”.
دمشق أكدت لموسكو أن ترسانة السلاح الكيميائي مؤمنة تماما
فيما يتعلق بالسلاح الكيميائي في سورية، قال غاتيلوف: “نحن على اتصال دائم بالسوريين بهذا الشأن. نحن نقنعهم بكافة الطرق بضرورة ضمان أمان الترسانة الكيميائية بأقصى درجة. وهم يؤكدون لنا أنهم يتخذون كافة التدابير اللازمة لذلك”.
وأضاف: “مع ذلك، يجب أن يوخذ بعين الاعتبار أن مجموعات المعارضة الراديكالية قد تقوم بعمل استفزازي لكي يتهموا الحكومة السورية بأنها تستخدم هذا السلاح أو لا تؤمنه بصورة جيدة أو تنقله إلى مناطق أخرى”.
وتابع قائلا إن “مثل هذا الوضع قد يثير بالطبع رد فعل لدى شركائنا الغربيين. لقد تحدثوا عن ذلك في محاولة للتأكيد على “خطوطهم الحمراء”. لذلك، فإن الوضع حساس للغاية”.
وقال غاتيلوف: “نحن نتشاور في هذه المسألة مع الأمريكيين أيضا. لا توجد حتى الآن أية دلائل تؤكد بأن السلاح الكيميائي قد يستخدم في أي مكان. وكما فهمنا، فإن الخبراء الغربيين يشاركوننا هذا الرأي أيضا”.
موسكو قلقة من مشكلة اللاجئين السوريين
علق غاتيلوف على إحتمال عقد مؤتمر دولي في موسكو حول مشكلة اللاجئين السوريين ، قائلا إن “قضية عقد المؤتمر تتطلب المزيد من الدراسة. وبشكل عام تثير مشكلة اللاجئين السوريين قلقا بالغا لدى الجميع”.
وأضاف أن “وقف إراقة الدماء وحل مشكلة اللاجئين أمران مرتبطان بأحدهما الآخر، حيث أنه في حال تحقيق وضع مستقر نسبيا في سورية، فسيؤثر ذلك على وضع اللاجئين أيضا. توجد الآن أعداد كبيرة منهم في الدول المجاورة لسورية”.
وتابع قائلا إن “الوكالات الإنسانية الدولية تقدم المساعدة قدر المستطاع، ونحن نحاول الإسهام في هذا النشاط بكافة الطرق”.
وأوضح أنه بحسب التقديرات الأخيرة، فإن الوكالات الإنسانية “راضية بشكل عام عن كيفية تعاون الحكومة معهم فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية للسكان”. وأضاف أن “سلوكيات المعارضة تثير للتساؤلات لديهم، حيث لا يُتاح الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. بالطبع، طالما لا يمكن الوصول إلى مثل هذه المناطق، فلا توجد إمكانية لتخفيف الوضع الإنساني للسكان هناك “.
وتابع قائلا: “على الجميع التوحد في تقديم الدعم للوكالات الإنسانية بغية أن تزاول نشاطها بفاعلية أكبر”.
موسكو لم تتلق ردا ايجابيا من الشركاء الغربيين على إقتراحها بشأن إجراء لقاء ثان “لمجموعة العمل” حول سورية
وقال غاتيلوف ان موسكو لم تتلق ردا ايجابيا من الشركاء الغربيين على إقتراحها بشأن إجراء لقاء ثان “لمجموعة العمل” حول سورية.وتابع قوله:” نحن مستعدون للقاء بأي شكل كان. وقد جرى لقاءان على مستوى ثلاثي: روسيا الاتحادية – الولايات المتحدة – الابراهيمي. ونحن نناقش القضية السورية في اطار مجلس الأمن الدولي وإقترحنا عقد لقاء ثان ” لمجموعة العمل”وما يسمى لقاء ” جنيف – 2″.
وأكد غاتيلوف على ” إننا لم نشعر بعد بأي رد إيجابي من جانب شركائنا الأمر الذي يبعث على الأسف ،لأن هدفنا يكمن بالذات في ان يجري الحديث عن تطبيق البنود الواردة في بيان جنيف”. “ونحن نعتقد ان من المهم توسيع دائرة المشاركين فيها بدعوة بلدان أخرى ،ومنها ايران والمملكة العربية السعودية”…” كما نرى انهما من اللاعبين المهمين في عملية البحث عن تسوية للأزمة السورية، وبوسعهما الاسهام برصيد إيجابي في هذا الأمر”.
ومعروف ان اللقاء الأول “لمجموعة العمل” لتسوية النزاع في سورية قد عقد في 30 يونيو/حزيران من العام الماضي في جنيف.
موسكو تخشى تسييس قرار مجلس الامن الدولي المحتمل حول الوضع الانساني في سورية
وأعرب غينادي غاتليوف عن مخاوف موسكو من احتمال تسييس قرار مجلس الأمن الدولي المحتمل حول الوضع الانساني في سورية .وقال” من حيث المبدأ يتوفر كل ما هو ضروري لدى وكالات الاغاثة الانسانية من أجل ممارسة نشاطها الآن. وإذا كان المقصود هو الدعم السياسي البحت من قبل مجلس الامن الدولي لأفعال مقدمي المساعدات الانسانية فنحن مستعدون لذلك، في أغلب الظن. لكن يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار بأنه اذا ما تناول مجلس الامن الدولي هذه المسألة بالبحث، فأنه يوجد احتمال كبير في ان يتضمن العناصر السياسية أي قرار محتمل او مشروع قرار صادر عن مجلس الأمن”…” وفي اغلب الظن اننا لن نستطيع التوصل الى اتفاق مع شركائنا حول هذه التقييمات السياسية للوضع”.
وأوضح غاتيلوف قائلا ” ان موقفهم معاد للحكومة(السورية) كليا ، وهم يوجهون النقد الى الحكومة ويريدون السكوت عما تفعله المعارضة في سياق النزاع. ويمكن ان تطرح من قبلهم فقط مهمة إتهام نظام الحكومة في هذا الأمر ، وإلقاء اللوم بالكامل عليها – عن الوضع الانساني ، وعن انتهاك حقوق الانسان”.
وأعاد نائب وزير الخارجية الروسي الى الاذهان بهذا الصدد ان نافانيتهيم بيلاي المفوض الاعلى لحقوق الانسان لدى هيئة الامم المتحدة تحدث منذ أيام في مؤتمر صحفي في هيئة الامم المتحدة ” إنتقد فيه الحكومة ، وطرح تقييمات خطيرة جدا بصدد انتهاكات المعارضة السورية لحقوق الانسان. واستطرد قائلا “ثمة احتمال كبير في اننا لن نتمكن من الاتفاق حول إصدار قرار متوازن في المجلس من شأنه ان يعكس بصورة موضوعية تطور الوضع بهذا المجال في سورية”. وأكد أيضا ان روسيا ستواصل ارسال المساعدات الانسانية الى سورية .
الدعوة الى الحوار تشكل بندا هاما في اقتراحات الأسد
قال غاتيلوف ان الدعوة الى الحوار تشكل بندا هاما في اقتراحات الرئيس السوري بشار الأسد.وذكر نائب وزير الخارجية الروسي ” نحن لا نعتبر ما ورد في خطاب الرئيس بشار الأسد بمثابة خطة ما. إنها تمثل في اغلب الظن رؤيته ورأيه في السبل الممكنة لتسوية الأزمة السورية.. لاريب في انها غير كاملة وربما لا تعكس الوضع تماما .. ولكن يمكن الجزم بشكل قاطع بأنها ترمي الى طرح بعض الافكار”.
وتابع غاتيلوف قوله :” مما يؤسف له ان المعارضة تجيب عن كافة هذه المبادرات بشكل سلبي جدا. وهدفهم الرئيسي هو اسقاط نظام الأسد”. وفي جوهر الأمر ان هذا يعتبر العنصر الوحيد الذي يوحد بين جميع اطراف المعارضة. ولا تتوفر لديهم الوحدة بشأن القضايا الأخرى ولهذا فإنهم يضعون هدفا لهم الاطاحة بالسد ، وحسب قولهم :بعد ذلك سنقرر الأمر بأنفسنا”.
” ونحن نعتبر هذا الموقف شيئا خاطئا للغاية ، لأنهم اذا ما كانوا يريدون حقا اجراء تغييرات في المجتمع السوري ، وفي النظام السياسي السوري ، فان هذا يتطلب الحوار بين جميع القوى السياسية المعنية ، ومنها الحكومة الحالية.علما ان هذا لا يوجب مشاركة الاسد نفسه ، بل يمكن ان يقوم بذلك غيره من ممثلي الحكومة السورية ، لكن يجب في كافة الأحوال البدء بالحوار على الصعيد السياسي”.
واشار غاتيلوف الى انه ” اذا وجدت لدى المعارضة رؤية خاصة بها حول كيفية اجراء العملية السياسية فدعها تطرح الاقتراحات المقابلة. لكنهم لم يفعلوا ذلك ، ويبدو انهم لا ينوون القيام به. ولكن بدون ذلك تصعب معرفة ماهو برنامجهم، باستثناء مطلبهم الوحيد في الاطاحة بالاسد”.
وأكد نائب وزير الخارجية مجددا على ” ان أساس أي حوار سياسي موجود في بيان جنيف”..” وترد هناك جميع العناصر الأساسية ، علما انه (البيان) قد صدر بالاجماع”.واشار أيضا الى ان من واجب كافة المشاركين في عملية جنيف مواصلة العمل على هذا الأساس بالذات.
المصدر: وكالة “إيتار – تاس” + “روسيا اليوم”