قبل أيام قليلة مرت بنا الذكرى السنوية الأليمة لاستشهاد نبي الرحمة صلى الله عليه وآله، وبهذه المناسبة نستذكر وصيته المباركة؛ الكتاب الذي يعصم من تمسك به من الضلال، والذي زهدت به الأمة في أول دهرها، وها هي تعيد الكرة وتزهد بهذا الكتاب مرة أخرى، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا كانت الأمة في أول دهرها قد طعنت بالكتاب العاصم من خلال الطعن برسول الله، حين قال قائلهم : إن النبي ليهجر، والعياذ بالله، ومراده من هذا الطعن قطع السلسلة بين الله عز وجل مصدر التشريع وبين الناس، إذ خلال التوهين من حالة رسول الله بالزعم أنه يهجر، أي ينطق بما لا يعي ابعدوا الأمة عن الكتاب العاصم، أقول فإن الأمة الآن تتبع سلفها من الماضين حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل. فها هم يطعنون بالكتاب العاصم من خلال الدعوى ذاتها، مع بعض التغيير الشكلي.
فبحسبهم وصية رسول الله ضعيفة لأن في رواتها مجاهيل لا يعرفونهم، هذا على الرغم من أنهم يروون بأن من مات ولم يوص فقد مات ميتة جاهلية، فهل مات رسول الله وحاشاه ميتة جاهلية؟
والعجيب العجيب، بل المؤلم غاية الألم ما فعله بعض من ينتسب لأمة رسول الله صلى الله عليه وآله من إهانة لوصية رسول الله، فقد ديست بالأقدام، ومُزقت كأي شيء لا قيمة له والعياذ بالله، وذلك إبان أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، فلم يراعوا حرمة للوصية ولا لصاحبها رسول الله ولا للأسماء المقدسة فيها؛ أسماء رسول الله والأئمة صلوات الله عليهم، ولم يراعوا قداسة المناسبة، ولا قداسة المكان، وهو المنطقة القريبة من كربلاء الحسين المقدسة، والنجف الأشرف.