زاوية الأبحاث

قانون معرفة الحجة ( الحلقة الثالثة )

اهل البيت ع
بسم الله الرحمن الرحيم

بعد أن ثبت مما سبق ضرورة تحلي خليفة رسول الله (ص) بالقانون الإلهي ( التنصيب + الأعلمية + الأمر بطاعته ) وتكلمت عن هذه الصفات الثلاث بالدليل العقلي، وتكلمت عن ( التنصيب ) بالدليل الشرعي من القرآن والسنة، وصل بنا الدور إلى الكلام عن الصفة الثانية من قانون معرفة الحجة بالدليل الشرعي، وهي ( الأعلمية )، فأقول:
ثانياً: الأعلمية:
ثبت من الموضوع السابق ضرورة أن ينص الله تعالى على الخليفة ويعينه باسمه وصفته بحيث يُميّز عن غيره من الأمة. والآن نبحث الصفة الثانية التي يجب أن يتحلى بها الخليفة أو الإمام، وهي: الأعلمية، أي أن يكون الخليفة المعّين أعلم الأمة،


وإلا لزم السفه من التعيين، لو كان المعّين ليس الأعلم، ولزم منه تقدم المفضول على الفاضل، وهذا مما يأباه الشرع والعقل السليم، بل يأباه من له أدنى مستوى من العقل والحكمة، لعدم ترتب أي فائدة على استخلاف الجاهل وترك العالم، بل الضرر فادح وخطير للغاية، إذ الجهل لا يؤدي إلا إلى الهلاك والخسران، وسأثبت هذه المسألة من القرآن الكريم ثم من السنة كما أثبتَّها من العقل فيما سبق من هذا البحث:
القرآن الكريم:
الدليل الأول:
وأول ما أبدأ به من القرآن الكريم القانون الإلهي الذي وضعه الله تعالى عند خلق أول خليفة له على أرضه من البشر، وهو نبي الله آدم (ع)، هذا القانون الذي احتج به الله تعالى على الملائكة وعلى ما دونهم إلى يوم القيامة ( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) الفتح23، حيث بعد أن أعلم الله تعالى الملائكة بأنه جعل ونصب في الأرض خليفة ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) ، قال الملائكة على نحو الاعتراض الاستفهامي: ( قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )، وهنا تأتي الحجة الإلهية القاطعة التي أسكتت الملائكة وألزمتهم الحجة، حيث لم يجدوا عنها محيصاً، احتج الله تعالى على الملائكة بأن آدم أولى منهم بالخلافة، لأنه أعلم منهم، نعم الأعلمية هي الحد الفاصل ودليل الأدلة الذي احتج به الله تعالى عند أول تأسيسه للخلافة على هذه الأرض، إذ قال الله تعالى في جواب الملائكة: ( … قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )، ونجد في هذه الآيات الشريفة مناظرة ملكوتية لإثبات أحقية آدم (ع) في خلافة الأرض، حيث طلب الله تعالى من الملائكة معرفة الأسماء التي علمها لآدم (ع)، فعجزوا عن الجواب، وقالوا: ( سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )، وبعد أن أثبت الله تعالى عجز الملائكة عن معرفة الأسماء واعترافهم بذلك، أراد أن يثبت لهم أفضلية آدم عليهم من خلال العلم، واستحقاقه للخلافة دونهم، أمر آدم (ع) أن يعلمهم وينبئهم بأسمائهم، فقال: ( قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ … )، وبعد أن ثبت للملائكة أن آدم (ع) أعلم منهم، وأن فطرته أوسع من فطرتهم، وأنه أولى منهم في خلافة الأرض، توجه الله تعالى للملائكة معاتباً لهم في اعتراضهم على تنصيب آدم (ع)، قائلاً: ( أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )، أي إني أنا الله خالق الخلق والعالم بظاهرهم وباطنهم، فأنا وحدي الذي أميّز وأعرف وأنصب وأختار وأجعل الأصلح لخلافة الأرض، لا أنتم لأنكم لا تعلمون حقائق الخلق كما أعرفهم.
وهنا نكتة مهمة يجب الوقوف عندها وهي: أن الله تعالى بكَّت الملائكة وعاتبهم على اعتراضهم، وعلل ذلك أيضاً بالعلم، أي لا يصح لهم الاعتراض على الله سبحانه لأنه أعلم منهم بغيب السموات والأرض وبأنفسهم، إذ قال: ( أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )، فالأعلم لا يصح الاعتراض على اختياره، كما لا يجوز لغيره الاختيار، قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص68.
وبذلك يثبت بما لا يقبل الشك أن الخلافة بيد الله تعالى يضعها حيث شاء ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) وحجته تعالى فيها الأعلمية، أي إن الخليفة يجب أن يكون أعلم أهل زمانه، وأن الأعلمية هي دليل الخلافة التي لا يمكن الاعتراض عليها حتى من قبل الملائكة (ع)، ولا يمكن للأعلم أن يكون محجوجاً بمن دونه في العلم.

الدليل الثاني:
قوله تعالى: ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) الملك35.
نعم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمَّن لا يهدي إلا أن يهدى، هل العالم يهدي الجاهل أم الجاهل يهدي العالم ؟ هل البصير يهدي الأعمى أم الأعمى يهدي البصير ؟ قوانين إلهية تتوالى وتفاض علينا من القرآن الكريم، قانون الهي ييقظ الضمير ويجلي الفطرة ويقيم العقول عن الاعوجاج في التفكير، قانون الهي لا يمكن لصاحب عقل أن يرفضه أو يناقش فيه، وجوب إتباع الهادي إلى الحق دون من يفتقر إلى الهداية ويحتاج إلى هادي، ومن المعلوم أن الهداية إلى الحق متوقفة على العلم والمعرفة بالحق، وكلما كان المرء أعلم ازدادت هدايته ودقة تمييزه بين الحق والباطل، وبهذا يكون أهدى مِن مَن هو دونه في العلم، ولا أظن عاقلاً يفضل أن يسير خلف من يجهل الطريق ويترك من هو أبصر وأعرف بالطريق وما يحتوي عليه، وإن فعل ذلك فقد جانب الحكمة إلى السفه، ولذلك بكَّت الله تعالى ووبخ من يفعل ذلك بقوله: ( فما لكم كيف تحكمون )، مالكم بأي عقل تفكرون وبأي مقياس تقيسون، حيث تتبعون الجاهل وتتركون الأعلم بلا حجة ولا برهان، فما هو المبرر لاتباع الأعمى وترك إتباع البصير؟ هل عهد الله تعالى بالخلافة للجاهل ونص على ضرورة ترك الأعلم؟ وهذا ضروري البطلان، لأنه يستلزم السفه – كما تقدم – وتعالى الله عن السفه علواً كبيراً، فما لكم كيف تحكمون؟!!!

الدليل الثالث:
قوله تعالى: ( … قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ )القلم9.
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون في معرفة الله وخشيته؟ قال تعالى: ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )، وكلما زاد العلم زادت الخشية من الله تعالى، هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون في معرفة أحكام الله تعالى وشريعته، قال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) النحل43، وقال تعالى: ( قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ) يونس89، فالذي لا يعلم يسأل من هو أعلم، فكيف يكون الأعلم محجوجاً بمن لا يعلم؟! والذي يريد الاستقامة على الصراط المستقيم لابد له من اتباع الأعلم، لأن غير الأعلم نفسه يحتاج إلى من يأخذ بيده على الصراط المستقيم، فكيف يكون هادياً لغيره، ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ).
ومما تقدم نعلم أنه إذا تزاحم الأعلم وغير الأعلم على خلافة الرسول محمد (ص) يقدم الأعلم قطعاً، ومن يقول غير ذلك فقد جانب الحكمة إلى السفه، وخالف صريح القرآن والسنة والعقل، ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ).

الدليل الرابع:
قوله تعالى في قصة طالوت (ع): ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة247.
وهنا محاججة أخرى حول الإمامة يقصها علينا القرآن الكريم، وهي اعتراض بني إسرائيل على تنصيب الله تعالى لطالوت (ع) ملكاً على بني إسرائيل، وقولهم بأنهم أحق بالملك منه، وهنا احتج نبي الله (ع) بالقانون الإلهي الذي وضعه الله تعالى عندما أسس الخلافة على هذه الأرض، واحتج به على الملائكة وأثبت لهم أن آدم أولى وأحق منهم بالخلافة، وهذا القانون هو التنصيب والأعلمية والطاعة، فالأعلمية في قوله تعالى: ( وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ ) أي إنه أعلمكم، والتنصيب في قوله تعالى: ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ )، والاصطفاء هو الاختيار والتعيين، وهو نظير قوله تعالى: ( اني جاعل في الأرض خليفة )، وأيضاً يستفاد معنى التنصيب من قوله تعالى: ( وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ) وهو تأكيد على أن الملك بيد الله تعالى يمنحه لمن شاء، ولا يجوز للناس الاعتراض عليه أو أن تؤتي الملك لأحد باختيارها ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء … ).
وقوله تعالى في تنصيب طالوت (ع): ( وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )، هو نظير قوله تعالى في تبكيت الملائكة عندما احتجوا على تنصيب آدم (ع): ( أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )، أي إني أنا الأعلم والأعرف في تمييز الأصلح للخلافة والملك لأني واسع عليم ولأني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما تكتمون.
وبهذا يثبت أن الله تعالى أثبت أحقية طالوت بالملك على بني إسرائيل بدليل الأعلمية ( وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ )، والى هذا المعنى أشار بعض علماء أبناء العامة:
منهم: الشوكاني في فتح القدير ج1 ص264 إذ قال: ( واختيار الله هو الحجة القاطعة ثم بين لهم مع ذلك وجه الاصطفاء بأن الله زاده بسطة في العلم الذي هو ملاك الإنسان ورأس الفضائل وأعظم وجوه الترجيح ).
وهنا يصرح الشوكاني بأن أعظم وجوه الترجيح للخلافة هو العلم، أي إن الأعلم أولى من غيره في الخلافة.
ومنهم: ابن كثير في البداية والنهاية ج2 ص8 إذ قال: ( والظاهر من السياق أنه كان أجملهم وأعلمهم بعد نبيهم عليه السلام : ( والله يؤتي ملكه من يشاء ) فله الحكم وله الخلق والأمر ( والله واسع عليم ) .
ومنهم: الثعالبي في تفسيره ج1 ص490 إذ قال: ( قال أبو عبيد الهروي: قوله وزاده بسطة في العلم والجسم أي انبساطاً وتوسعاً في العلم وطولاً وتماماً في الجسم ).

الدليل الخامس:
الآيات القرآنية التي تنص على أن الأنبياء والأوصياء قد آتاهم الله تعالى الكتاب والحكمة، وهم الذين يعلمون الناس وهم الذين عندهم فصل الخطاب، وقطعاً الذي يُعلم كل الناس هو الأعلم لا الجاهل أو الأقل علماً، وكذلك الذي عنده فصل الخطاب هو الأعلم والمنتصر في كل محاججة ومناظرة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على ضرورة أن يكون خليفة الله في أرضه أعلم الناس، لكي لا يحتاج إلى معلم غير الله سبحانه، ولكي لا يعجز عن جواب ولا يُفحم في محاججة، واليكم بعض الآيات الشريفة وبدون تعليق مراعاة للاختصار:
قال تعالى: ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) البقرة151.
وقال تعالى: ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة251.
وقال تعالى: ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) البقرة48
وقال تعالى: ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) البقرة164.
وقال تعالى: ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً ) البقرة54.
وقال تعالى: ( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً )البقرة113.
وقال تعالى: ( إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) البقرة110.
وقال تعالى: ( وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) البقرة20.
وقال تعالى: ( وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) البقرة63.
وقال تعالى: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) البقرة2.
وقال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ) الأنعام / 83 – 90.

السنة:
نأتي الآن إلى ما ورد في السنة عن طرق أبناء العامة ومصادرهم، لنرى النصوص التي تؤكد على ضرورة أن يكون الخليفة والإمام أعلم الناس:
عن أبي الطفيل قال: كان علي يقول: ( إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤا به ثم يتلو هذه الآية إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي يعنى محمدا والذين اتبعوه فلا تغيروا فإنما ولي محمد من أطاع الله وعدو محمد من عصى الله وان قربت قرابته ) كنز العمال للمتقي الهندي ج 1 ص 379.
وهذا الحديث الشريف واضح الدلالة على أن أولى الناس بالأنبياء أعلم الناس بشرائع الأنبياء وكتبهم المنزلة، ومن المعلوم أن الأولوية هي التقديم والاستحقاق للخلافة لأن ولي المرء من قام مقامه، بحيث له الأولوية في التصرف في كل ما يعود إليه، فمثلاً ولي القاصر أبيه أو جده، وولي الميت أبيه أو ولده، وولي المرأة زوجها … الخ، والخلافة هي أهم ما تركه الرسول محمد (ص)، لأنها حصن الدين ونظام المسلمين وعزهم وشرفهم، فلابد أن يكون شخص معين يقوم مقام الرسول (ص) في تحمل أعباء الخلافة، والمحافظة على ما جاء به الرسول (ص) من عقائد وأحكام وتبليغه للناس كما هو من غير تبديل ولا تحريف، وقطعاً أن الأولى بهذا المقام هو أعلم الأمة بعد رسول الله (ص)، ووضع غير الأعلم ليقوم مقام رسول الله (ص) يكون أقرب للسفه من الحكمة، لأن غير الأعلم يكون محتاجاً إلى تعليم الأعلم من الرعية، وحاشا الله سبحانه أن يجعل حجة على الناس ويكون محتاجاً في خلافته إلى المحجوجين به من الرعية، ولأن غير الأعلم قد يخطأ أو تخفى عليه بعض المسائل المعضلات، وبهذا لا يكون أهلاً للقيام بمقام الرسول (ص)، بل يكون الأعلم هو الأولى بما جاء به الرسول (ص)، ولأن الخليفة قد أمر الله ورسوله بطاعته فلو كان محتمل الجهل والخطأ، كان الله تعالى قد أمر بطاعته حال جهله وخطأه، وهذا محال لأن الله تعالى لا يأمر بمعصية، قال تعالى: ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل90.
ثم إن الله تعالى قد ضرب لنا مثلاً في المقارنة بين عبدين أحدهما على صراط مستقيم ولا يأمر إلا بالعدل والآخر خلافه، حيث قال: ( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) النحل76.
كيف يستويان؟! ومن المعلوم أن استقامة الأعلم عل الصراط المستقيم أدق من استقامة غير الأعلم، فكيف يستويان في استحقاقهما لخلافة رسول الله (ص)، أو يقدم من لا يهدي إلى صراط مستقيم على الذي يهدي إلى صراط مستقيم؟! قال تعالى: ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ).
فإن قلت: بأن الخليفة إذا أخطأ لا يجب على الناس متابعته، وبهذا يجوز خلافة غير الأعلم.
أقول: من أين لعوام الناس المساكين القدرة على أن يكونوا نقاداً لخليفة الرسول (ص)، بحيث يعرفوا ويميزوا بين خطأه وأصابته؟! وإذا رجعوا إلى غيرهم فكيف يصدقونهم ويكذبون خليفة رسول الله (ص)، ثم على هذا الفرض يلزم أن يكون الناس أعلم من خليفة رسول الله (ص)، لأنهم يشتركون معه في معرفة صحة ما يأمر به، ويزيدون عليه بأنهم يعرفون خطأ ما يأمر به وهو لا يعرفه !!! وبهذا ينتفي الغرض من كونه خليفة للرسول (ص) وقائماً مقامه وقائداً للناس، بل تكون الناس هي القائدة لأنفسها، لأن معلوم الصحة والفساد لا يحتاج إلى الرجوع فيه إلى الخليفة، وإنما ما يحتاج الرجوع هو مجهول الحكم، وإذا رجعنا في مجهول الحكم إلى الخليفة، كيف لنا أن نعرف حكم الخليفة خطأً أو صواباً؟!
فإن قلت: الناس هي التي تعرف صواب الخليفة من خطأه.
أقول: هذا خلاف الفرض، وهو مغالطة واضحة، لأنا فرضنا أن الناس تجهل الحكم فرجعت فيه إلى الخليفة، فلو كان الناس تعرف صحيح الحكم من خطأه لاستغنت عن الرجوع إلى الخليفة.
وعلى هذا الفرض يكون الخليفة سائراً في أخطاءه إلى الهلاك، والناس سائرة في مخالفتها له إلى النجاة والجنة !!! فهل يمكن لعاقل أن يرضى بهذه النتيجة المخزية ؟!!!
إذن ثبت أنه من السفه تنصيب غير الأعلم للخلافة، ولا يمكن أن يصدر السفه من الله تعالى أو من رسوله الكريم (ص).
وعن أبي سعيد الخدري عن سلمان رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك، فسكت عني فلما كان بعد رآني قال: يا سلمان فأسرعت إليه فقلت: لبيك، قال: تعلم من وصي موسى ، قلت: نعم يوشع بن نون. قال: لم ؟ قلت: لأنه كان أعلمهم يومئذ. قال: فإن وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي ينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب.
وفي هذا الحديث المقدس يؤكد الرسول محمد (ص) على ذلك القانون المقدس الذي بدأ الله تعالى به الخلافة في هذه الأرض، ألا وهو ( الأعلمية )، يؤكد الرسول (ص) لسلمان المحمدي على هذه الحقيقة بأسلوب لطيف جداً، حيث نبهه أولاً على القانون والعلة التي من أجلها يكون الوصي وصياً، إذ سأله عن وصي نبي الله موسى (ع) من هو؟ فأجابه سلمان بأنه يوشع بن نون (ع). فسأله الرسول (ص) عن العلة في اختيار يوشع للخلافة من بين قوم موسى (ع). فأجابه سلمان لأنه كان أعلم قوم موسى (ع)، وأقره الرسول (ص) على ذلك، ثم أعطاه المثيل والنظير ليوشع بن نون (ع) أي الأعلم والوصي من بعده (ص)، وهو علي بن أبي طالب (ع).
وقد وردت روايات كثيرة عن الرسول محمد (ص) تؤكد على ضرورة تقديم الأعلم والأقرأ لكتاب الله تعالى في الصلاة، وأن من سرهم أن تقبل صلاتهم فليقدموا علمائهم فإنهم الوفد إلى الله تعالى، وأن الإمام في الصلاة هو أمير القوم، فإذا كان غير الأعلم لا يجوز له التقدم وإمامة القوم حتى في الصلاة، فالأولى أن لا يتقدم في الإمامة والخلافة، لأن الخلافة أعظم خطراً من الصلاة، فالصلاة باستطاعة الصبي والمرأة والشاب والشيخ أن يتقنها ويقيمها بحدودها، وأما الخلافة فلا يستطيع القيام بها إلا من اصطفاه الله تعالى، فكيف لا يجوز لغير الأعلم الإمامة في الصلاة، ويجوز له التقدم في إمامة الأمة والقيام مقام الرسول (ص) ؟!!! والروايات كما يأتي:
ذكر البيهقي في سننه: ( عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم ان فيهم اولى بذلك منه واعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين ) السنن الكبرى للبيهقي ج 01  ص 118.
وذكر ابن حجر في لسان الميزان: (عن بن عمر قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أم قوما وفيهم أقرأ لكتاب الله منه وأعلم لم يزل في سفال إلى يوم القيامة ) ميزان الاعتدال للذهبي ج4 ص 325 /  لسان الميزان لابن حجر ج 6 ص 211
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم وإذا أمكم فهو أميركم ) مجمع الزوائد للهيثمى ج 2 ص 64.
وعن واثلة بن الاسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اصطفوا وليتقدمكم في الصلاة أفضلكم فان الله عز وجل يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس ) مجمع الزوائد للهيثمى ج 2 ص 64.
وعن مرثد بن أبي مرثد الغنوي وكان بدرياً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علمائكم فانهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم عز وجل ) مجمع الزوائد للهيثمى ج 2 ص 64.
بل روى الإمام علي (ع) ذلك في خصوص الإمامة والخلافة، فقال: ( وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): ما ولت الأمة رجلاً وفيهم من هو أعلم منه. إلا لم يزل أمرهم إلا في سفال. حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل . فقد ترك بنو اسرائيل هارون . وعكفوا على العجل . وهم يعلمون أن هارون خليفة موسى – عليهما السلام – ) العدد القوية لعلي بن يوسف الحلي ص51.
لأن نبي الله موسى عندما غاب استخلف على قومه أعلم أمته وهو أخيه هارون (ع)، فتركه القوم واتبعوا السامري فانتهى أمرهم إلى عبادة العجل من دون الله تعالى، فإذا كان موسى (ع) غاب أربعين يوماً ولم يترك قومه بلا خليفة، قال تعالى: ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) الأعراف142، فكيف يترك الرسول (ص) أمته بعد وفاته ولا ينصب عليهم خليفة ؟!! والخليفة لابد أن يكون الأعلم، لأن قيادة غير الأعلم يتخللها الجهل والخطأ والانحراف وهكذا إلى سفال حتى ينتهي الأمر إلى عبادة العجل من دون الله تعالى ( أعاذنا الله من ذلك ).

( يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع )

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى