بعد أن بينت الدليل الشرعي على التنصيب والاعلمية من قانون معرفة الحجة، نأتي الآن إلى الأمر الثالث من هذا القانون وهو ( وجوب الطاعة )، فأقول:
ثالثاً: وجوب الطاعة:
وصل بنا الكلام إلى الصفة الثالثة التي يعرف بها الخليفة والحجة على الخلق، وهي ضرورة أن يكون مأموراً بطاعته، أي إنه لا يمكن أن ينصب الله تعالى خليفة ولا يأمر بطاعته، لأنه ( لا أمر لمن لا يطاع )،
فإن تنزلنا وقلنا: إن التنصيب والأعلمية قد خفيتا على الناس ولا يعلمونهما لمن، فهناك صفة ثالثة تميز الخلفية الحق، فإذا كانت خلافة الرسول محمد (ص) مرددة بين ثلاثة أشخاص مثلاً، فإن أردنا أن نعرف الخليفة الحق من بين هؤلاء الثلاثة، فلابد أن نبحث في كلام الرسول محمد (ص) فإن وجدنا نصوصاً توجب على الناس طاعة أحد هؤلاء الثلاثة وأن طاعته كطاعة رسول الله (ص)، تعين أنه هو الخليفة الحق ولا يجوز لأحد التقدم عليه إطلاقا، لأنه لا يُتوقع أن يُنصَّب الخليفة ولا يُؤمر بطاعته، وكذلك لا يُتوقع أن يُوجب الرسول (ص) على الناس طاعة شخص معين، ثم ينصب غيره للخلافة ويأمر الناس بطاعة الخليفة، وأيضاً لا يتوقع أن ينص الرسول (ص) على وجوب طاعة شخص، ثم يجعله محجوجاً بغيره، لأنه لم يستثنِ أحد من طاعته، وكذلك لم يوجب عليه طاعة غيره من الأمة.
وبهذا نجزم بأن الذي أمر الرسول محمد (ص) بطاعته هو الخليفة الحق ولا ينال رضا الله تعالى إلا بطاعته واتباعه، وكذلك نجزم بأن الرسول محمد (ص) لا يمكن أن يعين خليفة، ولا يأمر الناس بطاعته أو يسمح بمعصيته، لأن ذلك مخالف للحكمة من نصب الخليفة لمقام الرسول (ص)، وحاشا الرسول محمد (ص) أن يخالف الحكمة، وقد خاطبه الله تعالى بقوله: ( … وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } آل عمران113.
واليكم الأدلة من القرآن والسنة، التي تنص على أن الأنبياء وأوصيائهم (ع) لابد أن ينص على وجوب طاعتهم على الناس:
القرآن الكريم:
قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) النساء 64.
وقوله تعالى: ( مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر 7.
وقوله تعالى: ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران 31.
وقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) التغابن 59.
وقوله تعالى: ( قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) التغابن 32.
وقوله تعالى: ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) التغابن 132.
وقوله تعالى: ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ) التغابن92.
وقوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) التغابن 1.
وقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ ) التغابن 20.
وقوله تعالى: ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) التغابن 46.
وقوله تعالى: ( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) التغابن90 .
وقوله تعالى: ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) التغابن 54.
وقوله تعالى: ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) التغابن 56.
وقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) التغابن 33.
وقوله تعالى: ( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) التغابن 13.
وقوله تعالى: ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) التغابن 12.
السنة:
وردت روايات كثيرة عن الرسول محمد (ص) في مصادر أبناء العامة، تؤكد على وجوب طاعة الخلفاء والأئمة من بعد رسول الله (ص)، بل أكدت على أن من يمت وليس في عنقه بيعة لإمام زمانه مات ميتة جاهلية، واليكم بعض تلك الروايات:
احمد بن حنبل في مسنده: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ) مسند أحمد لأحمد بن حنبل ج 4 ص 96.
البخاري في صحيحة: عن ابن عباس عن النبي صلى الله وسلم قال: ( من كره من أميره شيئاً فليصبر فانه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية ) صحيح البخاري للبخاري ج 8 ص 87.
وعن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من خلع يداً من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) صحيح مسلم لمسلم النيسابوري ج 6 ص 22.
وعن ابن عمر: ( أنه كان في نفر من أصحابه فأقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألستم تعلمون أنى رسول لله إليكم قالوا بلى نشهد أنك رسول الله قال ألستم تعلمون أنه من أطاعني فقد أطاع الله وان من طاعة الله طاعتي قالوا بلى نشهد أنه من أطاع الله فقد أطاعك ومن طاعة الله طاعتك قال فان من طاعة الله أن تطيعوني ومن طاعتي أن تطيعوا أمراءكم أطيعوا أمراءكم … ) مجمع الزوائد للهيثمي ج 5 ص 222.
والروايات بهذا الصدد كثيرة, وكلها توجب طاعة الخليفة أو الإمام، وقد احتوت الروايات على لفظ: ( إمام أو أمير أو سلطان … الخ ) وكلها تؤدي الى معنى واحد، وهو الحجة الذي أوجب رسول الله (ص) على الناس طاعته وبيعته، وهنا كلام الرسول (ص) بالعموم أو بالمفهوم – كما يقول المناطقة – أي إنه ذكر الإمام أو السلطان أو الأمير عموماً ولم يحدد المصداق، زيد أو بكر أو … الخ، فهل على الأمة أن تطيع كل من يغلب على منصب الخلافة ويكون أميراً للناس، وإن كان يزيد بن معاوية وبقية خلفاء بني أمية أم لابد من وجود ضابطة تحدد لنا الأمير الحق الذي يكون الخروج عنه شبراً يعتبر دخولاً في الجاهلية، وتكون عقوبة الخارج جهنم وبئس المصير ؟!!!
الجواب هو أنه حاشا الرسول محمد (ص) أن يترك هذا المقام العظيم مفتوحاً لمن هب ودب، بحيث يصدق على الطلقاء والفاسقين الذين أدمنوا شرب الخمور وتربية القرود، كيف يمكن أن يصدق مقام أمير المؤمنين على أمير الفاسقين ؟!!!
فلابد أن يكون الرسول محمد (ص) قد حدد لنا من تجب طاعته باسمه ونسبه، بحيث لا يخفى على طالب حق، فلابد لنا من الرجوع إلى البحث في كلام الرسول (ص) لنستخرج النصوص التي عين وشخص بها من تجب طاعته، وعلينا طاعة ذلك المعين أياً كان ، فالحق أحق أن يتبع، وكلام الرسول محمد (ص) أحق أن يتبع، لا الظنون والاحتمالات، فإن الظن لا يغني من الحق شيئاً.
وإذا وجدنا النصوص التي يؤكد فيها الرسول (ص) على وجوب طاعة رجل باسمه، يكون هو السلطان الحق وهو الأمير الحق وهو الإمام والخليفة الحق، ويكون هو المقصود بالروايات التي ذكرت وجوب طاعة السلطان والأمير والإمام بصورة عامة من دون التعرض للاسم، ويكون انطباق الروايات العامة على الروايات الخاصة التي عيَّنت الاسم كانطباق المفهوم على مصداقه. وسيأتي في مستقبل هذا البحث ذكر الروايات التي تعّين شخصاً باسمه وصفته ونسبه، وأنه واجب الطاعة على الناس، وأن من أطاعه أطاع الرسول (ص) ومن عصاه عصى الرسول (ص)، وهذه الروايات رواها كلا الفريقين السنة والشيعة، وسأعتمد على ما ورد في مصادر السنة إلزاماً للحجة.
وقبل الانتقال إلى موضوع آخر أود أن أبين مسألة مهمة، وهي ما المقصود بالسلطان المذكور في أحاديث الرسول (ص)، هل يراد منه مطلق السلطان أم المراد منه سلطان محدد بضوابط معينة ؟؟
فعلى مذهب أبناء العامة أن السلطان بعد رسول الله (ص) هو من بايعته عامة الناس ورضيت به أن يقوم مقام رسول الله (ص) وأطلقوا عليه لقب ( أمير المؤمنين )، فكل من تولى منصب الخلافة فهو سلطان من فارقه شبراً مات ميتة جاهلية وهو من أهل النار.
فإن قلت: بأنا لا نقر بخلافة السلطان الجائر وطاعته.
أقول: هذا القول لا يستقيم مع الضابطة التي وضعتموها لمعرفة الخليفة، وهي مبايعة الناس له ورضاهم به، فلو بايعت الناس سلطاناً جائراً وجبت طاعته حسب الضابطة، أو إذا بايعت الناس سلطاناً وهم يظنون أنه عادل، ثم تبين أن جائر أو انحرف من العدل الى الجور، فكذلك تجب طاعته ومن عصاه فقد عصى الرسول (ص) حسب الضابطة، وإلا إذا قلتم بعدم وجوب طاعته فستبقى الأمة بلا إمام وبلا خليفة، وهذا ضروري البطلان.
فالأمة قد بايعت يزيد بن معاوية، ولم تبايع الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة بالإجماع، ولم يعترف الإمام الحسين (ع) ببيعة الناس ليزيد ولم يقم لها أي اعتبار، وخرج بأهله وآل بيته إلى أن قتله يزيد وقتل كل أنصاره وعلق رؤوسهم على الرماح، وبهذا يكون الحسين (ع) قد خرج على إمام زمانه يزيد المنتخب من قبل الناس، وإن الذي قتل الحسين (ع) هو خليفة رسول الله (ص) – على فرضكم – وإن الحسين قد فارق وحارب السلطان والأمير الذي قال عنه رسول الله (ص): ( من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية )، والنتيجة واضحة، فأما أن يكون الذي وصفه الرسول (ص) بأنه سيد شباب أهل الجنة وانه ريحانته قد قاتل السلطان وقتله السلطان فهو من أهل النار ( والعياذ بالله )، وأما أن يكون يزيد أمير المؤمنين وخليفة رسول الله (ص) – على فرضكم – بالنار لأنه قتل ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة وابن فاطمة الزهراء (ع) بنت محمد (ص)، فأيهما تختار ؟
والرسول محمد (ص) صادق لا ينطق عن الهوى، قال تعالى: ( وما ينطق عن الهوى * ان هو إلا وحي يوحى )، وقد أخبر (ص) عن الحسن والحسين (ع)، قائلاً: ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) سنن الترمذي ج5 ح3856 ص321 / مسند أحمد ج3 ص 82 / المستدرك للنيسابوري ج3 ص178/ السنن الكبرى للنسائي ج 5 ح8525.
فكيف يكون من أخبر عنه من لا ينطق عن الهوى بأن سيد شباب أهل الجنة يكون من أهل النار ويموت ميتة جاهلية وحاشاه، فمالكم كيف تحكمون ؟!!!!!
وأخرج البخاري في صحيحة: أن رجلاً من العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض فقال له: ( ممن أنت ؟ فقال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول هما ريحانتاي من الدنيا ) صحيح البخاري ج 7 ص 74.
ثم تعالوا معي لننظر إلى الروايات التي تذكر ( السلطان )، فإنها متضاربة، فتارة يقول الرسول (ص): أن طاعته واجبة، وأن طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي، ومن فارقه شبراً مات ميتة جاهلية، وتارة يقول: من تقرب الى السلطان ابتعد عن الله تعالى، ومن لزم السلطان افتتن !! واليكم الروايات من مصادر أبناء العامة:
عن الرسول (ص): ( السلطان ظل الله في الأرض ، فمن أكرمه أكرمه الله ، ومن أهانه أهانه الله ) الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 69 ح4815/ كنز العمال ج 6 ص 4 ح14580.
وعن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن اتبع السلطان افتتن ) السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 154.
وعن الرسول (ص): ( اتقوا أبواب السلطان وحواشيها فان أقرب الناس منها أبعدهم من الله ومن آثر سلطانا على الله جعل الله الفتنة في قلبه ظاهرة وباطنة وأذهب عنه الورع وتركه حيران ) كنز العمال ج 6 ح14887 ص 70.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله وسلم قال: ( من كره من أميره شيئا فليصبر فانه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية ) صحيح البخاري للبخاري ج 8 ص 87.
وعن أبي هريرة عن رسول الله (ص) : ( من بدا جفا ومن تبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً ) كنز العمال ج 51 ح41598 ص 408/ العهود المحمدية للشعراني ص 793.
وعن الرسول (ص): ( سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن مواقيتها ويحدثون البدع، قال ابن مسعود: فكيف أصنع إن أدركتهم ؟ قال تسألني يا ابن أم عبد كيف تصنع لا طاعة لمن عصى الله ) كنز العمال ج 6 ح14889 ص 70.
وعن الرسول (ص): ( اسمعوا هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو وارد علي الحوض ) كنز العمال ج 6 ح14891 ص 70.
فعلى مذهب أهل البيت (ع) ليس هناك تعارض، فالسلطان عندهم تارة يطلق ويراد به الخليفة الذي عينه الرسول محمد (ص) أو عامله، وتارة يطلق ويراد به الخليفة الذي لم ينصبه الرسول (ص) أو عامله، فالروايات التي تأمر باتباع السلطان ووجوب طاعته تحمل على الخليفة المعين أو عامله، والروايات التي تنهى عن التقرب من السلطان وعن متابعته تحمل على الخليفة الغير معين من قبل رسول الله (ص) أو عامله.
وأما على مذهب أبناء العامة فيلزم التعارض، لأن الخليفة والسلطان عندهم هو من اختاره الناس وبايعوه، فتكون الروايات الذامة والمادحة للسلطان لها مصداق واحد في الخارج، وهذا هو التعارض، فأما أن يأخذوا بالروايات التي تذم السلطان والتقرب منه، وأما أن يأخذوا بالروايات التي تمدح السلطان وتوجب طاعته. وأما من قال بأن الطاعة للسلطان العادل دون الجائر فقد تقدم الرد عليه قريباً فراجع.
( يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع )