بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين
عندما نريد الحديث عن زينب ….ينجر القلم الى المصائب التي لاقتها دون ان يكون هناك تفاعل واقعي مع ما عانته هذه الطاهرة الزكية
فاغلب الافكار الي بثتها الحوزة بواسطة الروزخونيين من الملالي واصحاب العمائم
كانت تتركز على اضفاء صفة المصاب دون محاولة تحليل الوقائع بشكل يجعل الانسان المسلم محيطا بالصورة الحقيقة لما كانت تعانيه هذه البطلة وكيف انها واجهت هذه المعاناة …فالحوزة وعلمائها غالبا ما يعطون لال محمد بعدا وصورة …العصمة ..وليس المراد من ذلك ابراز فضل ال محمد بل على العكس هم يحيطونهم بهذه الصورة لغاية خفية تعتبر الاساس الذي نجحت من خلاله في حرف القضية الاسلامية
ففي الجزء المخفي واللاوعي الانساني يثبتون ان زينب البطلة ليست بطلة لانها استحقت ذلك عن جدارة بل بطلة لانها معصومة ولانها ابنة علي ولانها شاء الله ان يراها سبية وليست لانها اختارت بملء ارادتها ان تنصر امامها الحسين ع وهي عالمة ليست بالاسباب الطبيعية لانها عالمة غير معلمة وفاهمة غير مفهمة وهو ما يسبب الاحباط بل مانع عن المحاولة للافراد عن متابعة الخطوات الزينبية التي اشاعت الحوزة عنها صفة الالزام بدل صفة الاكتساب .
وهو اسلوب من الصعوبة التصدي له وكشف حقيقته
فالحقيقة ان عصمة زينب ليست صفة ارغمت عليها بل هي صفة اكتسبتها خلال مسيرة حياتها وهذا الاكتساب هو الموقف الذي يجب ان يبجل ويحترم ويحتذى
وان يبحث فيه كي يكون مثالا يقتدى ويسار عليه
لكن الحوزة بدل ذلك انتهجت نهج اعطاء الصفة وتثبيتها دون التوعية بأن ما فعلته زينب يمكن ان تفعله كل امرأة وكل رجل بل على العكس صارت تثبت صفة العصمة لترسمها بقلم الخرافة لينتج عنه صورة مستحيلة عن العصمة تبني جدارا يمنع الناس عن التفكر ومحاولة الاقتداء والالتحاق بالركب الزينبي المفتوح في الواقع والذي اغلقته الحوزة وجعلته ماض لن يعود وليس من سبيل الى ممارسته في هذه الايام .
وهذا الاسلوب في تعظيم الائمة وابناءهم منح الحوزة فرصة اخرى للديمومة لانك عندما ستعترض على افكارهم سيسهل عليهم ان يصفونك بالاعتداء على الدين ورفض المقدسات فيحولون المسئلة من اعتراض عليهم الى صورة اعتراض على زينب وانك تستكثر عليها المقامات …فالحوزة بهذا الاسلوب كونت جدارا حامي لها يكون مصدا لان تسمع الناس الانتقاد الموجه ضد الحوزة في نفس الوقت الذي يمنح الحوزة حرية الحركة لتجمد ما تشاء من الحركة التفاعلية بين الاسلام والمسلمين ..بين القران والمسلمين ..بين الائمة والمسلمين بعد ان اظهرت صفة التقديس للائمة بينما هي في الحقيقة تنخر الدين من داخله .
لذلك سنحاول ان نتتبع حياة زينب بصورة اخرى …صورة نشرك فيها ما استطعنا العوامل الاجتماعية والظروف الواقعية التي مرت بها الوقائع التي عاشتها وكيف تفاعلت معها هذه التقية كي ينتهي بها المطاف لان تكون قبلة العالم ومحط تقدير الشعوب .
تبدأ حياة زينب عليها السلام
بين حجر رسول الله و فاطمة وعلي وابتسامة الحسن وحنان الحسين عليهم السلام
في عصر يرى ناظره انه عصر انتصار الاسلام وعصر النور الالهي …لكن خلف تلك السعادة كانت خفافيش الظلام يستعر في داخلها الغل …بغض علي الذي اقام الاسلام بسيفه واودع صدور القوم احقادا بدرية وخيبرية وحنينية ..في تلك الاجواء نشأت زينب لترى ما يعانيه ال محمد من اضطهاد باسم الدين …وتلامس الحقيقة المرة …وهي ان الناس مسلمون بالظاهر وليس الى وقت بعيد …فلو رجعنا قليلا الى الوراء لرأينا المسلمون الذين يعترضون على رسول الله في حياته بل الحرب المناهضة لرسول الله من اقرب الناس اليه ظاهرا …كبعض زوجاته اللاتي حكى القران عنهن وعن المنافقين مالم تجهله زينب وترويه لنا بنفسها
عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ وَ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ ع فَعَمِلَتْ لَهُ حَرِيرَةً إِلَى أَنْ قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ يَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع ]نَظَراً[ عَرَفْنَا مِنْهُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِيّاً ثُمَّ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ يَدَيْهِ يَدْعُو ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ يَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِيبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ ذَكَرَ سَبَبَ الْبُكَاءِ وَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَخْبَرَهُ بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ مِنَ الْمَصَائِبِ الْخَبَرَ . مستدركالوسائل ج : 5 ص : 153
ويروي اخرون بعض تلك الاحداث في زمن رسول الله والتي يجب ان نفهمها لنفهم حقيقة الوضع القائم انذاك :
116- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن خالد قال حدثني أبو علي الواسطي عن عبد الله بن عصمة عن يحيى بن عبد الله عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال دخل رسول الله ص منزله فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها و هي تقول و الله يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لأمك علينا فضلا و أي فضل كان لها علينا ما هي إلا كبعضنا فسمع مقالتها فاطمة فلما رأت فاطمة رسول الله ص بكت فقال لها ما يبكيك يا بنت محمد قالت ذكرت أمي فتنقصتها فبكيت فغضب رسول الله ص ثم قال مه يا حميراء فإن الله تبارك و تعالى بارك في الولود الودود و إن خديجة رحمها الله ولدت مني طاهرا و هو عبد الله و هو المطر و ولدت مني القاسم و فاطمة و رقية و أم كلثوم و زينب و أنت ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئا الخصال ج : 2 ص : 405
ان زينب التي نقدسها …وفاطمة التي نقدسها …وعلي الذي نقدسه لم يكونوا بنظر القوم سوى اشخاص عاديين …ليس لهم من فضل …بل كانت اشارات الرسول لفضلهم تجابه بالرفض وتعتبرها وجهات نظر خاطئة من الرسول الذي هو الاخر بنظر القوم انسان يخطأ ويصيب والمفروض ان الحكم لله وعليه (اي على الرسول ) بنظرهؤلاء ان يكون كل ما يقوله منقولا عن السماء لان الناس عباد الله وتحكم محمد بكل شيء هو مصادرة للحريات …خصوصا انهم يعتبرون انفسهم اصحاب فضل على محمد لانهم (نصروه !!!)
نعم نصروه وهم الذين لم يذكر لهم التأريخ سيفا ضربوا به بين يدي الرسول بل كانوا دوما اول الفارين من سوح النزال …لكن علي لا يفر ….علي كان يصبر ويصمد وتلك كانت خطيئته بنظر القوم لانه بصموده يكشف زيفهم
فَقَالَ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فَنَادَى النَّاسَ فَاجْتَمَعُوا وَ أَمَرَ بِسَمُرَاتٍ فَقُمَّ شَوْكُهُنَّ ثُمَّ قَالَ ص يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ وَلِيُّكُمْ وَ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَقَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَوَقَعَتْ حَسَكَةُ النِّفَاقِ فِي قُلُوبِ الْقَوْمِ وَ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ هَذَا عَلَى مُحَمَّدٍ قَطُّ وَ مَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ ابْنِ عَمِّهِ وَ يَحْمِلَ عَلَيْنَا أَهْلَ بَيْتِهِ يَقُولُ أَمْسِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَ الْيَوْمَ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الْخُمُسِ فَقَالُوا يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَمْوَالَنَا
الكافي ج : 1 ص : 295
عن أبي عبد الله ع قال ضلت ناقة رسول الله ص في غزوة تبوك فقال المنافقون يحدثنا عن الغيب و لا يعلم مكان ناقته فأتاه جبرئيل ع فأخبره بما قالوا و قال إن ناقتك في شعب كذا متعلق زمامها بشجرة كذا فنادى رسول الله ص الصلاة جامعة قال فاجتمع الناس فقال أيها الناس إن ناقتي بشعب كذا فبادروا إليها حتى أتوها
بحارالأنوار ج : 18 ص : 109
فزينب المقدسة اليوم التي نستمع جميعا منها هذا الحديث بخشوع :
عن زينب ابنة علي عن فاطمة بنت رسول الله ص قالت قال رسول الله لعلي ع أما إنك يا علي و شيعتك في الجنة دلائلالإمامة ص : 3
لم تكن في نظر الناس سوى ابنة فاطمة …فاطمة التي تشن الحرب على دولة (خلفاء رسول الله !!!) وزينب المقدسة اليوم كانت بنظر الناس ابنة ذلك الارهابي الذي لايذكر اسمه الا ولاح معه سيفه يقطر من دماء القوم وتروي لنا زينب بنفسها بعض هذه المأساة التي صارت عيانا بعد وفاة رسول الله ص :
عن زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام قالت لمّا اجتمع رأي
أبي بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك و العوالي، و آيست من إجابته لها، عدلت إلى قبر أبيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فألقت نفسها عليه، و شكت إليه ما فعله القوم بها، و بكت حتّى بلّت تربته صلّى اللّه عليه و آله بدموعها عليها السلام، و ندبته. ثم قالت في آخر ندبتها
قد كان بعدك أنباء و هنبثة لو كنت شاهدها لم يكبر الخطب
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغبت عنّا فكلّ الخير محتجب
و كنت بدرا و نورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزّة الكتب
تجهّمتنا رجال و استخفّ بنا بعد النبيّ و كلّ الخير مغتصب
سيعلم المتولي ظلم حامتنا يوم القيامة أنّي سوف ينقلب
فقد لقينا الّذي لم يلقه أحد من البريّة لا عجم و لا عرب
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت لنا العيون بتهمال له سكب
بحارالأنوار ج : 29 ص : 107
ولاحظ للان اننا لا زلنا نتكلم في بداية حياة زينب ..اي اننا نتكلم عن تلك الطفلة التي تربت على التوحيد
16 -1804- مَجْمُوعَةُ الشَّهِيدِ، قِيلَ لَمَّا كَانَ الْعَبَّاسُ وَ زَيْنَبُ وَلَدَيْ عَلِيٍّ ع صَغِيرَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ ع لِلْعَبَّاسِ قُلْ وَاحِدٌ فَقَالَ وَاحِدٌ فَقَالَ قُلِ اثْنَانِ قَالَ أَسْتَحِي أَنْ أَقُولَ بِاللِّسَانِ الَّذِي قُلْتُ وَاحِدٌ اثْنَانِ فَقَبَّلَ عَلِيٌّ ع عَيْنَيْهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى زَيْنَبَ وَ كَانَتْ عَلَى يَسَارِهِ وَ الْعَبَّاسُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَتْ يَا أَبَتَاهْ أَ تُحِبُّنَا قَالَ نَعَمْ يَا بُنَيَّ أَوْلَادُنَا أَكْبَادُنَا فَقَالَتْ يَا أَبَتَاهْ حُبَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ حُبُّ اللَّهِ وَ حُبُّ الْأَوْلَادِ وَ إِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَنَا فَالشَّفَقَةُ لَنَا وَ الْحُبُّ لِلَّهِ خَالِصاً فَازْدَادَ عَلِيٌّ ع بِهِمَا حُبّاً وَ قِيلَ بَلِ الْقَائِلُ الْحُسَيْنُ ع
مستدركالوسائل ج : 15 ص : 215
هذه الطفلة وبكل هذا التوحيد الرائع تعيش وترى بعينيها تلك الخيانات المخزية وترتسم في مخيلتها صورة التحدي ويبدأ رد الفعل الزينبي في الدفاع عن الله وال الله :
عن زيد بن علي عن أبيه عن علي بن الحسين عن عمته زينب بنت علي عن فاطمة ع قالت دخل إلي رسول الله ص عند ولادة ابني الحسين فناولته إياه في خرقة صفراء فرمى بها و أخذ خرقة بيضاء فلفه فيها ثم قال خذيه يا فاطمة فإنه الإمام و أبو الأئمة تسعة من صلبه أئمة أبرار و التاسع قائمهم
بحارالأنوار ج : 36 ص : 351
هذه الكلمات التي تبدو الان من المسلمات لا يمكن ان تعرف كم كلفت زينب غاليا حين كانت تنطقها في ذلك الوقت لان المسلمين كانوا يرفعون شعار رسول الله وكل كلمة ضد منهج الدين القائم انذاك كانت تعتبر كلمة ضد رسول الله وضد دين محمد
وهكذا بتهميش الفارق بين دين محمد ودين عمر واشاعة انهما دين واحد كانت زينب هي المارقة على دين محمد عندما تتصدى لدين عمر
وكيف لا تتصدى لهم وقد رأت كل ذلك الظلم يقع على ال محمد وعاشته وشاهدت ما جرى على امها يوم اقتحموا الدار ثم اسقاط المحسن وسمعت امها يوم وفاتها تكلم عليا ع قبل ان تدفن سرا ثم يحاولون نبش قبرها :
أبكني إن بكيت يا خير هادي و أسبل الدمع فهو يوم الفراق
يا قرين البتول أوصيك بالنسل فقد أصبحا حليف اشتياق
أبكني و أبك لليتامى و لا تنس قتيل العدي بطف العراق
فارقوا فأصبحوا يتامى حيارى يحلف الله فهو يوم الفراق
قالت فقال لها علي ع من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر و الوحي قد انقطع عنا فقالت يا أبا الحسن رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله ص في قصر من الدر الأبيض فلما رآني قال هلمي إلي يا بنية فإني إليك مشتاق فقلت و الله إني لأشد شوقا منك إلى لقائك فقال أنت الليلة عندي و هو الصادق لما وعد و الموفي لما عاهد فإذا أنت قرأت يس فاعلم أني قد قضيت نحبي فغسلني و لا تكشف عني فإني طاهرة مطهرة و ليصل علي معك من أهلي الأدنى فالأدنى و من رزق أجري و ادفني ليلا في قبري بهذا أخبرني حبيبي رسول الله ص فقال علي و الله لقد أخذت في أمرها و غسلتها في قميصها و لم أكشفه عنها فو الله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله ص و كفنتها و أدرجتها في أكفانها فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت يا أم كلثوم يا زينب يا سكينة يا فضة يا حسن يا حسين هلموا تزودوا من أمكم فهذا الفراق و اللقاء في الجنة فأقبل الحسن و الحسين ع و هما يناديان وا حسرتى لا تنطفئ أبدا من فقد جدنا محمد المصطفى و أمنا فاطمة الزهراء يا أم الحسن يا أم الحسين إذا لقيت جدنا محمد المصطفى فأقرئيه منا السلام و قولي له إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا فقال أمير المؤمنين ع إني أشهد الله أنها قد حنت و أنت و مدت يديها و ضمتهما إلى صدرها مليا و إذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعهما عنها فلقد أبكيا و الله ملائكة السماوات فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب قال فرفعتهما عن صدرها و جعلت أعقد الرداء و أنا أنشد بهذه الأبيات
فراقك أعظم الأشياء عندي و فقدك فاطم أدهى الثكول
سأبكي حسرة و أنوح شجوا على خل مضى أسنى سبيل
ألا يا عين جودي و أسعديني فحزني دائم أبكي خليلي
اذن فزينب عاشت المأساة بكل مرارتها وواقعيتها وعرفت ماذا يعني ان يحارب الدين بالدين وكيف يصبح المحق مبطلا والمبطل محقا
وعاصرت اعتى خيانة وشاهدت كيف ان فاطمة ابنة محمد هي المارقة في نظر القوم والمنشقة عن الاسلام لانها لم ولن ترضى بغير اسلام محمد ولان زوجها لم ولن يسكت عن خطايا القوم التي يعتبرونها امرا عاديا وغير مضر بمسيرة الدين ولا تستوجب كل ذلك الغضب من علي بل ربما يعتبرون غضبه ناجما عن حقد عليهم لذواتهم وليس للباطل الذي يفعلونه !!!
وكل ما كان يصدر عن فاطمة يعتبر في نظر القوم تحيز الى ابوها وهكذا بعد رحيل والدها كان ما تثور من اجله فاطمة في نظر القوم هو الدفاع عن زوجها وليس الدفاع عن دين الله المتمثل في علي
وهكذا اليوم دين اغلب المتدينين فهم يرفعون شعار التوحيد ..الائمة …الامام المهدي …ليخفوا خلفه ما يضمرون وكل انتقاد توجهه لهم يحوروه ويحرفوه ويصرفوه عن كونه موجه لهم بضم انفسهم الى الرمز الالهي بحيث يجعلون انتقادك لهم انتقادا للرمز الالهي
وفي خاتمة هذا الجزء ينبغي ان نلتفت ان زينب بعد فترة الطفولة صار لديها بحكم تفاعلها الايجابي مع الاحداث رصيد رصين يجعلها قوية ثابتة على الحق لا تنخدع باستحمار المستحمرين ..فزينب التي نصرت دين علي وال علي لم تنصره لانها من بيت النبوة بمقدار ما نصرته لانها عرفت الحق ونصرت الحق المتمثل في علي واله
وانصراف اغلب الناس عن نصرة علي لم يشكل لديها مانعا عن النهوض باعباء النصرة و السير بخطى ثابتة وهي غير غافلة عن ان النتيجة ستكون اتهامها بانها خارجة عن الدين … ولك ان تفهم حالها بين اناس لا تقر بعصمة علي فكيف بها هي وابسط ما يثار ضدها هو التشكيك بكل ما تنقله عن رسول الله بل الحقيقة ان الناس كانت تنظر لها على انها منشقة عن دين الرسول وتريد ان تحرف الناس عنه بل وان ما تنقله تؤلفه من نفسها وليس تنقله عن الرسول ومقصدها الدفاع عن دين الله بل الدفاع عن امها واباها وتصويرهم بصورة القداسة
يتبع ان شاء الله تعالى
1- ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت علي ع قالت قالت فاطمة ع في خطبتها في معنى فدك لله فيكم عهد قدمه إليكم و بقية استخلفها عليكم كتاب الله بينة بصائره و آي منكشفة سرائره و برهان متجلية ظواهره مديم للبرية استماعه و قائد إلى الرضوان أتباعه و مؤد إلى النجاة أشياعه فيه تبيان حجج الله المنيرة و محارمه المحرمة و فضائله المدونة و جمله الكافية و رخصه الموهوبة و شرائعه المكتوبة و بيناته الجالية ففرض الإيمان تطهيرا من الشرك و الصلاة تنزيها من الكبر و الزكاة زيادة في الرزق و الصيام تثبيتا للإخلاص و الحج تسلية للدين و العدل مسكا للقلوب و الطاعة نظاما للملة و الإمامة لما من الفرقة و الجهاد عزا للإسلام و الصبر معونة على الاستيجاب و الأمر بالمعروف مصلحة للعامة و بر الوالدين وقاية عن السخط و صلة الأرحام منماة للعدد و القصاص حقنا للدماء و الوفاء للنذر
تعرضا للمغفرة و توفية المكاييل و الموازين تغييرا للبخسة و اجتناب قذف المحصنات حجبا عن اللعنة و اجتناب السرقة إيجابا للعفة و مجانبة أكل أموال اليتامى إجارة من الظلم و العدل في الأحكام إيناسا للرعية و حرم الله عز و جل الشرك إخلاصا للربوبية ف اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ فيما أمركم به و انتهوا عما نهاكم عنه
بحارالأنوار ج : 6 ص : 108
فهذا أبكاني و أحزنني قالت زينب فلما ضرب ابن ملجم لعنه الله أبي ع و رأيت أثر الموت منه قلت له يا أبة حدثتني أم أيمن بكذا و كذا و قد أحببت أن أسمعه منك فقال يا بنية الحديث كما حدثتك أم أيمن و كأني بك و ببنات أهلك سبايا بهذا البلد أذلاء خاشعين تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فصبرا فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما لله على الأرض يومئذ ولي غيركم و غير محبيكم و شيعتكم و لقد قال لنا رسول الله ص حين أخبرنا بهذا الخبر إن إبليس في ذلك اليوم يطير فرحا فيجول الأرض كلها في شياطينه و عفاريته فيقول يا معشر الشياطين قد أدركنا من ذرية آدم الطلبة و بلغنا في هلاكهم الغاية و أورثناهم السوء إلا من اعتصم بهذه العصابة فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم و حملهم على عداوتهم و إغرائهم بهم و بأوليائهم حتى تستحكم ضلالة الخلق و كفرهم و لا
ينجو منهم ناج وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ و هو كذوب أنه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالح و لا يضر مع محبتكم و موالاتكم ذنب غير الكبائر قال زائدة ثم قال علي بن الحسين ع بعد أن حدثني بهذا الحديث خذه إليك أما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا
31- يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته صلوات الله عليه ما تواترت به الروايات من نعيه نفسه قبل موته و أنه يخرج من الدنيا شهيدا من قوله و الله ليخضبنها من فوقها فأومأ إلى شيبته ما يحبس أشقاها أن يخضبها بدم و قوله ع أتاكم شهر رمضان و فيه تدور رحى السلطان ألا و إنكم حاجوا العام صفا واحدا و آية ذلك أني لست فيكم و كان يفطر في هذا الشهر ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد الله بن جعفر زوج زينب بنته لأجلها لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ذلك فقال يأتيني أمر الله و أنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب من الليل و قد توجه إلى المسجد في الليلة التي ضربه
بحارالأنوار ج : 41 ص : 300
م أدار عينيه في أهل بيته كلهم و قال أستودعكم الله جميعا سددكم الله جميعا حفظكم الله جميعا
خليفتي عليكم الله و كفى بالله خليفة ثم قال و عليكم السلام يا رسل ربي ثم قال لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ و عرق جبينه و هو يذكر الله كثيرا و ما زال يذكر الله كثيرا و يتشهد الشهادتين ثم استقبل القبلة و غمض عينيه و مد رجليه و يديه و قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم قضى نحبه ع و كانت وفاته في ليلة إحدى و عشرين من شهر رمضان و كانت ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة. قال فعند ذلك صرخت زينب بنت علي ع و أم كلثوم و جميع نسائه و قد شقوا الجيوب و لطموا الخدود و ارتفعت الصيحة في القصر فعلم أهل الكوفة أن أمير المؤمنين ع قد قبض فأقبل النساء و الرجال يهرعون أفواجا أفواجا و صاحوا صيحة عظيمة فارتجت الكوفة بأهلها و كثر البكاء و النحيب و كثر الضجيج بالكوفة و قبائلها و دورها و جميع أقطارها فكان ذلك كيوم مات فيه رسول الله ص فلما أظلم الليل تغير أفق السماء و ارتجت الأرض و جميع من عليها بكوه و كنا نسمع جلبة و تسبيحا في الهواء فعلمنا أنها من أصوات الملائكة فلم يزل كذلك إلى أن طلع الفجر ثم ارتفعت الأصوات و سمعنا هاتفا بصوت يسمعه الحاضرون و لا يرون شخصه يقول
بنفسي و مالي ثم أهلي و أسرتي فداء لمن أضحى قتيل ابن ملجمعلي رقي فوق الخلائق في الوغى فهدت به أركان بيت المحرمعلي أمير المؤمنين و من بكت لمقتله البطحاء و أكناف زمزميكاد الصفا و المشعران كلاهما يهدا و بان النقص في ماء زمزمو أصبحت الشمس المنير ضياؤها لقتل علي لونها لون دلهم.
بحارالأنوار ج : 42 ص : 293
. قال محمد بن الحنفية ثم أخذنا في جهازه ليلا و كان الحسن ع يغسله و الحسين ع يصب الماء عليه و كان ع لا يحتاج إلى من يقلبه بل كان يتقلب كما يريد الغاسل يمينا و شمالا و كانت رائحته أطيب من رائحة المسك و العنبر ثم نادى الحسن ع بأخته زينب و أم كلثوم و قال يا أختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله ص فبادرت زينب مسرعة حتى أتته به قال الراوي فلما فتحته فاحت الدار و جميع الكوفة و شوارعها لشدة رائحة ذلك الطيب ثم لفوه بخمسة أثواب كما أمر ع ثم وضعوه على السرير و تقدم الحسن و الحسين ع
بحارالأنوار ج : 42 ص : 294