غير مصنف

السر وراء عرض فوكوياما لنظرية نهاية التاريخ، والموقف من الديمقراطية الليبرالية

فرانسيس فوكوياما
فرانسيس فوكوياما

فرانسيس فوكوياما  صاحب نظرية نهاية التاريخ والتي نشرها في مقاله الشهير “نهاية التاريخ” الذي نشرته مجلة النيوزويك كان قدم في هذا المقال ((الذي تحول الى كتاب تحت عنوان نظرية نهاية التاريخ)) نظريته والتي يقصد من خلالها طرح فكره الذي يقول فيه ان انظمة الحكم السياسية قد وصلت الى غايتها في الديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق  ولا يرى فوكوياما ان هناك امكانية لتشكيل انظمة حكم غير التي اثبتت فشلها امام الدنظام الديمقراطي وبذلك تصل الانسانية كما يرى المؤلف الى الشكل النهائي لنظام الحكم وماياتي بعده سيكون تطوير للنظام الديمقراطي وليس بديل له.

وان نظرية نهاية التاريخ لفوكوياما، تم بناءها على اساسات نظرية التحديث، القائمة على مقابلة التقليدية بالحداثة، والتي تذهب الى ان عماد التطور الاقتصادي للشعوب يستند الى تحول المجتمعات المتخلفة، وتبنيها للانظمة الحديثة، ولاتعدوا هذه العملية (حسب نظرية الحداثة) عن كونها مشكلة فنية، وترى النظرية ان هذا التحول لابد ان يتم بشكل خطي وباتجاة النموذج الغربي الامريكي. وبصيغة اخرى وكما نظر لها العالم الثالث

فإن نظرية الحداثة اصبحت عملية تجنيس لشعوب العالم الثالث، او تبعية للنموذج الغربي، وبذلك فقد تم رفض هذا الطرح من قبل شعوب العالم الثالث، وبالنتيجة رفض نظرية التحديث، مما جعل الغرب ينظر الى نظريته على انها فشلت في ان تتخذ لها موقعا في المجتمعات الانسانية، حتى ان بعض مفكري الغرب مثل ايمانويل ولرشتاين(كما اشار الى ذلك في نظريته عن النظم العالمية في اواخر السبعينات) كان يرى موت نظرية التحديث وكرامة الميت دفنه.

الا إن انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وما تبعه من انفراط عقد حلف وارشو، واتجاه اعضاءه نحو اقتصاد السوق، جعل من فرانسيس فوكوياما ينشط في تقديم الديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق على انها النماذج المشروعة الوحيدة على الساحة العالمية للتنتظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وانهما سوف يتم تبنيهما في انحاء العالم كافة حتى لو تأخرت هذه العملية.*

من خلال ذلك نرى ان ادعاء نجاح التجربة الديمقراطية لم يأتي من نجاح حقيقى بقدر ما كان مستمداً من انهيار التجارب المقابلة وبقاء الساحة خالية الا من الديمقراطية الغربية، وهي بذلك وكما يرى واضعوها خير حل ممكن للمشكلة الانسانية، متناسين حجم المشاكل في المجتمعات الديمقراطية، ومتجاهلين التفكك الاجتماعي وضياع القيم الانسانية في المجتمعات الغربية التي اصبح فيها الانسان مجرد الة للانتاج متحصيل المقابل في اطار تنظيمي ضمن المجتمع.  

فلو اخذنا احد الجزئيات ونظرنا من خلالها لتفاعل مكونات المجتمع فيما بينها، وهي الضريبة على الدخل، فكل من افراد المجتمع (اصحاب الدخل المنتظم) يساهم من خلال دفع جزء من دخله في بناء مؤسسات الدولة المتنوعة، ويحصل بالمقابل جميع افراد المجتمع على خدمات متساوية. رغم ان المبدأ فيه صورة من صور التكافل الاجتماعي التي يحث عليها الاسلام، ولكن من يدفع من الناس ليس سعيدا كما هو حال المتلقي من افراد المجتمع والمنتفع من وجوده فيه، بل اننا جميعا نسمع من الافراد من دافعي الضرائب التذمر من استنزاف طاقاتهم ودخلهم الشهري رغم انهم من المستقيدين من ذلك ايضا، ولولا العقوبات التي يفرضها القانون لما بادر افراد المجتمع لدفع الضرائب التي يفرضها القانون، فالذي يقف وراء ذلك ليس النظام الديمقراطي بل هو قوة القانون وصرامة المنفذين له لما له من اهمية في قيام الدولة وتأديتها لواجباتها تجاه المجتمع.

باختصار ان مجموعة النظم الاداريو او الاجتماعية المطبقة في الغرب ليست من مختصات الديمقراطية، بل انها من الممكن ان تتوافر في أي نظام حكم بغض النظر عن اتجاهاته الفكرية، اذا ما توفرت الادارة والقانون والتطبيق الصحيح.

ولدينا في الاسلام نظاما افضل بكثير من ضريبة الدخل، نظام اقره الاسلام وعمل به الرسول الكريم (ص) متمثلا بالزكاة والخمس، وتتوافر لدينا الالية الكاملة والصحيحة للتطبيق،اضف الى ذلك ان استعداد الناس للعمل بنظام الزكاة والخمس اعلى بكثير من الاستعداد للعمل بنظام ضريبة الدخل رغم التشابه الكبير بينهم، ان هذه الحيثية فقط (ولنسميها التكافل الاجتماعي في الاسلام) لو تم تطبيقها من قبل مؤسسات ملتزمة، تعمل لرضا اللّـه وخدمة الانسانية، مع تاريخ الاسلام الممتد لاربعة عشر قرنا، لعكست صورة مشرقة عن الاسلام ولربما كانت السبب في انتشار الاسلام بين دول العالم المتحضر والمتعطش للمثل الاجتماعية الصحيحة، ولكننا بالعكس ننظر لخصوم الاسلام وهم يطبقون ذلك بصورة لا تقترب في مستواها من الاثر الاسلامي على انهم لهم قدم السبق في نظام التكافل الاجتماعي، ونطالب انفسنا بالاقتداء بتجربتهم المستحدثة وننسى ان الاصل لدينا.

الا نحاسب انفسنا لنرى من وراء ذلك، هل هو ضعف في الاسلام؟؟ ام هل ان الرسول الكريم (ص) قصر في ايصال الرسالة؟؟ ام تراه (حاشاه) قد قصر في التطبيق؟؟ ام من جاء بعده ويدعي انه على هداه هو الذي انحرف بالامة الى طريق الشيطان؟؟ ليصبح من على راس الاسلام ومن يسيس الناس اكلاً للسحت ومانعا الفقراء من ارزاقهم التي كتبها اللّـه لهم في اموال الاغنياء. 

………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………..

(صحيفة الصراط المستقيم-العدد4- السنة الثانية-بتاريخ 17-8-2010 م – 6 رمضان 1431 هـ.ق)


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى