الإفتتاحية

الثورة الحسينية والدعوة اليمانية


ما خرج الحسين عليه السلام أشراً ولا بطراً، بل خرج كما قال عليه السلام لطلب الإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. والإصلاح المقصود لم يكن غير السعي لتحقيق حاكمية الله عز وجل، التي تعني ضرورة تحكيم شرع الله، وعلى يد من اختاره ونصبه الله تحديداً. وإذا علمنا أن شهادة لا إله إلا الله تبقى ناقصة إلا إذا اقترنت بشرطها، وشرطها الإيمان بخليفة الله وإطاعته، وعدم الدخول في أي مشروع مغاير، يتضح لنا أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام كان هدفها الحقيقي إنقاذ التوحيد من براثن الشرك التي أطبقت عليه، عبر التأكيد على لبّه المتمثل بحاكمية الله في أرضه.

هذا المعنى هو جوهر ثورة الحسين عليه السلام ومن لم يفهمه لا يفهم شيئاً من ثورة الحسين، بل لعله وللأسف الشديد سيكون ممن يعادي الحسين عليه السلام ويزيف رسالته ويحول دون وصولها للأجيال، وممن يحارب الله عز وجل بسيف ورمح، وإن كان ممن يزعم أنه يقيم شعائر عاشوراء الحسين!
بل إن الشعائر والمراسيم الحسينية إذا ما أقيمت بعيداً عن التأكيد على المعنى الحقيقي الذي يُفترض أن تكون عنواناً له ودليلاً عليه ستكون بمثابة طعنة غدر توجه للحسين وهدفه العظيم، فما بالك وهي للأسف الشديد صارت تُتخذ مناسبة للترويج لعناوين ومشاريع أبعد ما تكون عن أهداف الثورة الحسينية، بل إنها تسير بالاتجاه المضاد تماماً لأهداف الثورة الحسينية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إن ثورة الحسين أخوتي المؤمنين صفعة لا يمكن لشياطين الإنس والجن أن يخفتوا صداها المدوي، على الرغم من كل محاولاتهم ومكائدهم، وهم يعلمون هذا جيداً، ومن هنا يحاولون الآن الالتفاف عليها وتوجيه ضربة قاتلة لها عبر تحريف هدفها وتحويلها بالنتيجة إلى مراسم فلكلورية خالية من أي مضمون فكري يتعلق بحاضرنا وواقعنا الديني والأخلاقي.
من هنا كان إصرار الدعوة اليمانية المباركة على مبدأ حاكمية الله عز وجل وعلى الدعوة لحجة الله المنصب من قبل الله عز وجل، فهذا المبدأ كما علمنا هو لب الدين الإلهي، ولهذا ورد عرّف الإمام الباقر شخصية اليماني، بقوله عليه السلام: “يدعو لصاحبكم”، أي إن اليماني يدعو للإمام المهدي عليه السلام ويدعو بالتالي لحاكمية الله والتوحيد الإلهي الحق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى