على الرغم من المليارات التي تدخل إلى ليبيا جراء بيع ثروتها النفطية إلا أن ٥٠ في المئة من سكان مدينة بنغازي ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر.ويشتكي سكان الأحياء الفقيرة أو مدن الصفيح في ثاني أكبر المدن الليبية من أوضاع معيشية صعبة وارتفاع في معدلات البطالة بين أبنائها الذين يأملون أن تكون الانتخابات التشريعية المقبلة بمثابة طوق نجاة لهم.
وتمثل منطقة جاريونس نموذجا لمناطق أخرى أكثر بؤسا وفقرا في بنغازي.
وتستقبل جاريونس زائريها بمشاهد عناصرها الفقر والحاجة والجوع. أول ما يلفت النظر في المنطقة تلك الأكواخ المصنوعة من الصفيح والقمامة التي تطوق أركانها.
تسكن أم نميري، وهي ربة لأسرة مكونة من ثمانية أطفال وشباب، هذه المنطقة منذ أكثر من ٢٠ عاما.
وتقول لبي بي سي إن ظروفها المعيشية لم تتحسن بعد الثورة التي أطاحت بالقذافي وإن “سياسة اللامبالاة والإهمال” قد استمرت “مع أننا كنا نعتقد أننا تجاوزناها بعد ثورتنا المجيدة”.
وتعاني ام نميري من انقطاع الكهرباء شبه مستمر في جاريونس. ولا تجد ايضا ما يكفي من المال لشراء ماء صالح للشرب مع الانقطاع الدائم للمياه في صنابير المنطقة العمومية.
ولا تكترث أم نميري بأول انتخابات تعددية ستجرى في ليبيا بقدر ما تكترث “بلقمة العيش”.
وتضيف في نبرة يملؤها اليأس: “يا ابني والله لولا الصدقات والإحسان من أهل الخير كنا مُتنا من زمان”.
أحلام مؤجلة
قاتل محمد الشيبي، وهو أحد سكان جاريونس، في سرية “جليانة” في بنغازي ضد كتائب القذائف.
تعرض محمد، ٤٢ عاما، لإصابات بالغة في جسده أثناء مشاركته في الحرب.
يشعر محمد اليوم بالغبن بسبب عدم وفاء المسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي بوعودهم على حد تعبيره.
يقول إنه “قاتل من أجل ليبيا الحرة وتحريرها من يد الطاغية، لكن جزائي هو الإهمال وعدم صرف راتب لي يساعدني على إعالة عائلتي وابني المعاق.”
وقاتل مدنيون كثر في صفوف سرايا الثوار قبل الإطاحة بالقذافي بمساعدة قوات حلف شمال الأطلسي.
وانضم كثير من هؤلاء المدنيين إلى كتائب وتشكيلات أمنية وعسكرية شكلتها وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية في محاولة منها للقضاء على مشكلة انتشار الأسلحة بمختلف أنواعها في ليبيا.
إلا أن اسم محمد لم يتم إدراجه في إحدى الكتائب الأمنية “لأني أنتمي لقبيلة الورفيلي التي ساندت القذافي في بداية الثورة قبل أن تنقلب عليه”، على حد قوله.
ويعيش محمد في كوخ يصفه “بمركز اعتقال أو تهجير”.
ويشكل توفير مساكن مناسبة حلما يراود سكان مدن الصفيح في بنغازي. إلا أن هذا الحلم البسيط في دولة تعد خامس أكبر مصدر للنفط في العالم قد يكون بعيد المنال في الوقت الراهن.
يقول فرج ساسي، وهو مرشح مستقل، إن مسؤولية المجلس التشريعي المؤقت تنحصر في اختيار رئيس وزراء والتصديق على وزارته واختيار لجنة لوضع دستور للبلاد.
ويضيف متحدثا لبي بي سي “للأسف يظن كثير من الناخبين أن مهمتنا هي ايجاد حلول للمشكلات الاجتماعية في مدينتنا لأن بعض المرشحين يدرجون في منشوراتهم الدعائية برامج تنموية ووعودا للقضاء على الفقر والبطالة وبناء مساكن جديدة”.
ويوضح المرشح عن الدائرة الثالثة في بنغازي أن الحكومة المؤقتة المقبلة التي سيشكلها رئيس الوزرءا ستكون مسؤولة أمام المجلس للنظر في مشكلات المواطنين وإيجاد حلول لها.
لكنه يضيف: “القذافي ترك لنا تركة ثقيلة جدا، وجروحا اقتصادية واجتماعية غائرة تصعب مداواتها في سنة واحدة فقط هي عمر الحكومة المؤقتة بعد تشكيلها”.