ليس غريباً، بل إنه من الطبيعي والمتوقع بمكان أن تعمد المسوخ الشيطانية المتزيية بزي رجال الدين إلى تسميم الفضاء الديني بأفكار أبعد ما تكون عن الدين، لتعمد بالنتيجة إلى نشر لغة القطيعة، وما يستتبعها من احتراب وتخريب وسفك للدماء.
الغريب، أو غير المفهوم على الأقل، أن ينخدع الناس بهؤلاء الغربان على الرغم من سلوكهم المنحرف وروائح فضائحهم التي تزكم الأنوف، وكأن حواس الناس معطلة أو مشوشة بفعل أفيون التضليل الإعلامي، والمظاهر المنافقة.
الحق إن على الناس أن لا يفرطوا أبداً بالحكمة البسيطة والرائعة للغاية التي عبر عنها عيسى عليه السلام بقوله (من ثمارهم تعرفونهم)!
نعم فشجر الشوك لا يعطي ولن يعطي أبداً شيئاً آخر سوى الشوك، والصفصاف لا يحمل عنباً، ومن يحرق كتاباً يحث على عبادة الله و يدعو إلى مكارم الأخلاق لا يمكن أن نتوقع منه الخير أبداً، وهكذا من ثمارهم تعرفونهم.
قد يبرر المسخ الشيطاني فعلته الشنيعة بأنها ردة فعل على ما قامت به مسوخ شيطانية تدعي الانتساب للإسلام، ولكن مثل هذا التبرير ليس سوى عذر قبيح كقلب صاحبه.
فالجريمة لا تبررها الجريمة، ومن يتعكز على مبررات هنا وهناك يُفترض أن يكون دافعه الحقيقي هو الحق والفضيلة، وأي حق وأي فضيلة في إحراق كتاب الحق والفضيلة؟
ثم ماذا يظن هذا السفيه أنه يحقق بإحراقه كتاب الله عز وجل، هل يظن أنه مثلاً قدم خدمة لعيسى عليه السلام؟ بالتأكيد لم يقدم مثل هذه الخدمة، بل إنه لا يقصد ولا يريد تقديم مثلها، فغاية مراده هو الثأر لعقد نفسه التي استولى عليها الشيطان وصيّره من خلال تحريكها ألعوبة تافهة بيده.
وهنا أود أن أقول للقس المسخ ولأمثاله من رجال الدين المكارين ما قال عيسى عليه السلام لأمثالهم: (33اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. 34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟).
وقال يحيى (يوحنا) وهو يخاطبهم ويتوعدهم بالمنقذ:
(7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ:«يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ»).