زاوية الأبحاثزاوية العقائد الدينيةعقائد السنةعقائد الشيعة

من هم أهل البيت في آية التطهير الحلقة السابعة

من هم أهل البيت في آية التطهير الحلقة الرابعةالأمر السادس من الأمور الذي يدل على أن المراد من أهل البيت في آية التطهير هو: إنّ تفسير أهل البيت بنساء النبي (ص) يلزم منه مخالفة السياق، والسياق عندهم حجة.

 وذلك من وجوه:

 الوجه الأول: بلحاظ اختلاف الضمائر، حيث إنّ مخاطبة نساء النبي (ص) بضمير المؤنث، أمّا مخاطبة أهل البيت في آية التطهير فبضمير الجمع.

فروي عن زيد بن علي (ص) قال: إنّ جهالاً من الناس يزعمون أنما أراد بهذه الآية أزواج النبي (ص)، وقد كذبوا وأثموا، لو عنى بها أزواج النبي (ص) لقال: ليذهب عنكن الرجس ويطهركن تطهيراً، ولكان الكلام مؤنثاً كما قال: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن ولا تبرجن …. لستن كأحد من النساء) (شرح اصول الكافي: ج7/ص86).

الوجه الثاني: بلحاظ المدح والذم، حيث إنّ خطاب نساء النبي (ص) جاء للمعاتبة والتأديب، أما خطاب أهل البيت فجاء بلسان المدح، بل فوق ما للمدح من صفات.

قال العلامة المجلسي: (مخاطبة الزوجات مشوبة بالمعاتبة والتأنيب والتهديد، ومخاطبة أهل البيت (ع) محلاة بأنواع التلطف والمبالغة في الإكرام، ولا يخفى بعد إمعان النظر المباينة التامة في السياق بينها وبين ما قبلها وما بعدها)(بحار الأنوار: ج35/ ص236).

 الوجه الثالث: بلحاظ أفراد البيت، حيث لو كان المراد به نساء النبي (ع) لقالت الآية: أهل بيوت النبي أو بيوتكم، فالتعبير بلفظ المفرد – البيت – يدل أنّ المراد ليس بيوت نساء النبي (ص).

 الأمر السابع: تفسير أهل البيت بنساء النبي (ص)يلزوم منه مخالفة أهل اللغة.

 فقد صرح أهل اللغة بعدم دخول النساء في أهل بيت الرجل إلاّ مجازاً، وهو يحتاج ما قرينة مفقودة في المقام، قال الزبيدي: من المجاز: الأهل للرجل: زوجته، ويدخل فيه الأولاد. (تاج العروس: ج14/ص36).

وقال ابن منظور:  سئل النبي (ص): اللّـهم صل على محمد وآل محمد . . من آل محمد؟ قال قائل: أهله وأزواجه. كأنه ذهب إلى إنّ الرجل تقول له: ألك أهل؟ فيقول: لا، وإنّما يعني أنه ليس له زوجة، قال: وهذا معنى يحتمله اللسان، ولكنه معنى كلام لا يعرف إلاّ أن يكون له سبب كلام يدل عليه، وذلك أن يقال للرجل: تزوجت؟ فيقول: ما تأهلت، فيعرف بأول الكلام أنه أراد ما تزوجت.( لسان العرب: ج11/ ص38).

  ويؤيد ما تقدّم عن أهل اللغة أمور:

الأول:  قوله عز وجل:﴿ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ ( غافر: 46).

     روى محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللّـه(ع): جعلت فداك من الآل؟ قال: ذريته محمد (ص)، قال: فقلت: ومن الأهل؟ قال: الأئمة (ع)، فقلت: قوله عز وجل: ﴿ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾، قال: واللّـه ما عنى إلاّ ابنته. (معاني الأخبار: ص94).وفي كمال الدين: (ما عنى إلاّ ابنيه).( كمال الدين: ص 242).

 الثاني: قوله عز وجل: ﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ ( الأنبياء: 76)، وقوله عز وجل:﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ﴾ (القمر: 34)، وقوله عز وجل: ﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ (الحجر: 95).

ولم ينج مع نوح (ع) إلاّ المؤمن كما يشير القرآن إلى ذلك، أمّا زوجة نوح فكانت خارجة، لأنها لم تكن من الذين آمنوا، بل من الذين كفروا بنص القرآن.

الثالث: قوله عز وجل في قصة لوط (ع): ﴿ قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴾( هود: 81).

ومن معلوم أن لوط (ع) لم يأخذ امرأته معه، بل سار ببناته.

الرابع: قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ﴾ ( الحجر: 99).

فإنّ زوجة لوط (ع) لم تكن داخلة في الآية، لأنّها كافرة، والآية جاءت في مقام الامتنان عليهم.

الأمر الثامن: المشهور والمعروف عند الفريقين، وخاصة في تأليفاتهم استعمال كلمة أهل البيت في عترة وذرية رسول اللّـه (ص)، وهم، علي وفاطمة والحسنين (ع)، وعدم استعمالها في زوجات النبي (ص)، ولهذا يعنونون أبحاث نساء النبي (ص) بـ‍ (زوجات رسول اللّـه( ص) أو نسائه). فأحمد ذكر في المسند أهل البيت: الحسن والحسين عليهماالسلام. ولم يذكر عائشة ولا أم سلمة بل أفردهما مع نساء النبي. وكذلك البغوي لم يذكر تحت عنوان (مناقب أهل بيت النبي) سوى أصحاب الكساء، وأفرد للنساء باباً خاصاً. وكذا فعل الخطيب التبريزي في المشكاة، والمقريزي في فضل آل البيت. وكذلك ابن حجر في صواعقه حيث قال: (الفصل الثالث في الأحاديث الواردة في بعض أهل البيت كفاطمة وولديها)، ولم يذكر نساء النبي. والترمذي ذكر في مناقب أهل البيت الحسن والحسين دون النساء.

 نعم في مقام تفسير آية التطهير يدعي بعض العامة نزولها في نساء النبي (ص)، والعلة في ذلك باتت واضحة لدى القارئ الكريم .

وخلاصة القول:

بعد كل ما تقدّم من الأخبار والروايات الصحيحة والأقوال والاحتجاجات يتضح المراد بأهل البيت (ص)، وهم الذين نزلت فيهم آية التطهير، وهم الخمسة أصحاب الكساء، وهم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها (ع)، وواقعة الكساء مشهورة بين الرواة والمحدثين والمفسرين.

حتى المتعصب ابن تيمية المعروف بعدائه لأهل البيت (ع) قال: أمّا حديث الكساء فهو صحيح. (منهاج السنة: ج3/ص4)، وقال: إنّ المختص بأهل البيت هم الأربعة علي وفاطمة والحسن والحسين. (هامش شرح احقاق الحق: ج33/ ص58).

ولكن مع ذلك كله يبقى البعض ينكر اختصاص نزول الآية في أصحاب الكساء! وقد اتضح للقارئ الكريم ما فيه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

والحمد للّـه رب العالمين، وصلى اللّـه على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً.

———————————

(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 13/سنة 2 في 19/10/2010 – 11 ذو القعدة 1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى