زاوية الأبحاثزاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

من هم أهل البيت في آية التطهير الحلقة الرابعة

من هم أهل البيت في آية التطهير  الحلقة الرابعة لازال الكلام في مناقشة الرأي الأول الذي يقول بأنّ المراد بأهل البيت في آية التطهير نساء النبي ، وانتهينا من الأمر الأول، أمّا في هذه الحلقة فسنتعرّض إلى الأمر الثاني:

الأمرالثاني: الروايات المتواترة عند الخاصة، والصحيحة عند العامة التي تنص على نزول آية التطهير في الخمسة أصحاب الكساء، محمد وعلي وفاطمة والحسنان .

أمّا الخاصة، فالروايات متواترة عندها على اختصاص النـزول بأصحاب الكساء، ومع التواتر نستغني عن البحث في الروايات الصحيحة غير المتواترة.

وأمّا العامة، فرووا عدّة روايات صحيحة في ذلك، ونذكر بعضاً من هذه الروايات كي لا نطيل على القارئ الكريم:

أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة قالت: خرج النبي  غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾[ صحيح مسلم:ج7/ص 130، المستدرك: ج3/ص147، السنن الكبرى: ج2/ص142، تحفة الأخوذي: ج9/ص49].

وأخرج أحمد في مسنده عن أم سلمة تذكر أنّ النبي  كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت لها عليه، فقال لها: ادعي زوجك وابنيك، قالت فجاء علي والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء له خيبري قالت وأنا أصلي في الحجرة فأنزل الله U هذه الآية ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾.

قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ قال: إنّك إلى خير، إنّك إلى خير[مسند أحمد:ج 6 / ص 292، أسباب النزول الآيات: ص 239].

وأخرج ابن حبان في الصحيح عن واثلة بن الأسقع قال: سألت عن علي في منـزله فقيل لي: ذهب يأتي برسول الله ، إذ جاء فدخل رسول الله  ودخلت، فجلس رسول الله  على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه، وعلياً عن يساره، وحسناً وحسيناً بين يديه وقال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، اللهم هؤلاء أهل بيتي.

قال واللة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال: وأنت من أهلي. قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرتجي[صحيح ابن حبان: ج15/ص433].

وأخرج الحاكم في مستدركه بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما نظر رسول الله  إلى الرحمة هابطة قال: أدعوا لي أدعوا لي. فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين.

فجيئ بهم فألقى عليهم النبي  كساء ثم رفع يديه، ثم قال: اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد وعلى آل محمد، وأنزل الله U: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ﴾. قال: هذا حديث صحيح الإسناد[مستدرك الحاكم: ج3/ص148].

وأخرج أيضاً عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ﴾، قالت: فأرسل رسول الله  إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي. قالت أم سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: إنك إلى خير، وهؤلاء أهل بيتي، اللهم آل بيتي أحق. قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري[مستدرك الحاكم: ج2/ص416].   

وأخرج أبو يعلى بسنده عن أم سلمة: أنّ النبي  غطّى على علي وفاطمة وحسن وحسين كساء ثم قال: هؤلاء أهل بيتي، إليك لا إلى النار.

قالت أم سلمة: فقلت : يا رسول الله، وأنا منهم؟ قال: لا، وأنت على خير[مسند ابي يعلى: ج12/ ص313]. وأخرج الطبراني عن واثلة قال: إني عند رسول الله  ذات يوم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فألقى عليهم كساء له، ثم قال: ( اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً )[ المعجم الكبير: ج3/ ص55].

هذا بعض من تلك النصوص الصحيحة التي دلت على أنّ آية التطهير نزلت في النبي محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه.

فلذلك نص الكثير من علماء العامة على أنّ المراد بأهل البيت  هم أصحاب الكساء الخمسة محمد وعلي وفاطمة والحسنان ، وإليك عبارات بعضهم:

قال الطحاوي في مشكل الآثار بعد ذكر أحاديث الكساء: فدل ما روينا في هذه الآثار مما كان من رسول الله  إلى أم سلمة مما ذكرنا فيها، لم يرد أنها كانت مما أريد به مما في الآية المتلوة في هذا الباب، وأن المراد بما فيها هم رسول الله  وعلي وفاطمة والحسن والحسين دون ما سواهم.

وقال بعد ذكر أحاديث تلاوة النبي  الآية على باب فاطمة: في هذا أيضاً دليل على أن هذه فيهم[عن تفسير التعلبي: ج8/ص36].

وقال الفخر الرازي: وأنا أقول : آل محمد  هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله  أشد التعلقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل[تفسير الرازي: ج27/ ص 166].

وقال أبو بكر الحضرمي في رشفة الصادي: (والذي قال به الجماهير من العلماء، وقطع به أكابر الأئمة، وقامت به البراهين وتظافرت به الأدلة أن أهل البيت المرادين في الآية هم سيدنا علي وفاطمة وابناهما. . . وما كان تخصيصهم بذلك منه  إلاّ عن أمر إلهي ووحي سماوي . . . والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما أوردته منها يعلم قطعاً أنّ المراد بأهل البيت في الآية هم علي وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم، ولا التفات إلى ما ذكره صاحب روح البيان من أن تخصيص الخمسة المذكورين  بكونهم أهل البيت من أقوال الشيعة، لأن ذلك محض تهور يقتضي بالعجب، وبما سبق من الأحاديث وما في كتب أهل السنة السنية يسفر الصبح لذي عينين – إلى أن يقول – وقد أجمعت الأمة على ذلك فلا حاجة لإطالة الاستدلال له)[ تفسير الثعلبي: ج8/ص37، عن رشفة الصادي].

 وقال الحافظ الكنجي في كفاية الطالب: الصحيح إنّ أهل البيت علي وفاطمة والحسنان[تفسير الثعلبي: ج8/ ص40، عن كفاية الطالب].

وقال القندوزي في ينابيعه: أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين لتذكير ضمير عنكم ويطهركم[ينابيع المودّة للقندوزي: ج2/ص429].

  وقال الآلوسي: وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله : (إني تارك فيكم خليفتين – وفي رواية ثقلين – كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). يقتضي أنّ النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين[تفسير الآلوسي: ج22/ ص16].

وأكتفي بهذا القدر من نقل أقوال علماء العامة في تشخيص المراد من أهل البيت  الذين ذكروا في آية التطهير المباركة، ومن أراد أقوال الآخرين من علمائهم فيطلبها في محلها.

—————————————

(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 5/سنة 2 في 24/08/2010 – 13 رمضان 1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى