من هو المهدي الذي يقوم بالسيف ويُنادى باسمه بين الركن والمقام؟
يظن أغلب الناس أن المهدي الذي يقوم بالسيف وينادى باسمه هو الإمام المهدي محمد بن الحسن عليه السلام، بينما الحقيقة التي تشير لها كثير من النصوص الروائية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وعن أهل البيت تقول إنه أحمد ابن الإمام المهدي والذي هو اليماني الموعود. هذه الحقيقة هي ما تحاول هذه الحلقات المبسطة إثباته إن شاء الله تعالى، نرجو من القارئ فقط أن يصبر ويتأمل.
الحلقة الثانية: المهدي أبوه أفضل منه
على الرغم من أننا تحدثنا عن هذا المعنى في الحلقة الأولى غير أن ها هنا رواية أخرى ودليل آخر يعزز ما سبق أن أوردناه في الحلقة الأولى، والرواية المقصودة مذكورة كذلك في كتاب سليم بن قيس – تحقيق محمد باقر الأنصاري :
ففي رواية طويلة … قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة : (( إن لعلي بن أبي طالب ثمانية أضراس ثواقب نوافذ ، ومناقب ليست لأحد من الناس : إيمانه بالله وبرسوله قبل كل أحد ولم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي ، وعلمه بكتاب الله وسنتي وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير بعلك ، لأن الله علمني علما لا يعلمه غيري وغيره ، ولم يعلم ملائكته ورسله وإنما علمه إياي وأمرني الله أن أعلمه عليا ففعلت ذلك . فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وفقهي كله غيره . وإنك – يا بنية – زوجته ، وإن ابنيه سبطاي الحسن والحسين وهما سبطا أمتي . وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وإن الله جل ثناؤه علمه الحكمة وفصل الخطاب . ميزات أهل البيت الخاصة يا بنية ، إنا أهل بيت أعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحدا من الأولين ولا أحدا من الآخرين غيرنا : أنا سيد الأنبياء والمرسلين وخيرهم ، ووصيي خير الوصيين ، ووزيري بعدي خير الوزراء ، وشهيدنا خير الشهداء أعني حمزة عمي . قالت : يا رسول الله ، سيد الشهداء الذين قتلوا معك ؟ قال : لا ، بل سيد الشهداء من الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء . وجعفر بن أبي طالب ذو الهجرتين وذو الجناحين المضرجين يطير بهما مع الملائكة في الجنة . وابناك الحسن والحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة . ومنا – والذي نفسي بيده – مهدي هذه الأمة الذي يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . قالت فاطمة : يا رسول الله ، فأي هؤلاء الذين سميت أفضل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أخي علي أفضل أمتي ، وحمزة وجعفر هذان أفضل أمتي بعد علي وبعدك وبعد ابني وسبطي الحسن والحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا – وأشار رسول الله صلى الله عليه وآله بيده إلى الحسين عليه السلام – منهم المهدي والذي قبله أفضل منه ، الأول خير من الآخر لأنه إمامه والآخر وصي الأول ))([1]) .
في هذه الرواية يقول الرسول إن أبا المهدي ع أفضل منه – أي أفضل من المهدي – ولكننا نعلم من روايات أخرى أن الإمام المهدي محمد بن الحسن ع أفضل من أبيه العسكري بل أفضل من جميع الأئمة من ذرية الحسين، فيتحصل أن المراد من المهدي في الرواية هو أحمد المذكور في وصية رسول الله والتي ذُكر فيها إن من أسمائه المهدي ، وإليكم بعض الأحاديث عن أفضلية الإمام المهدي محمد بن الحسن ع وكنا قد ذكرناها في الحلقة الأولى، ولكن لا بأس من التذكير بها:
كتاب الغيبة – محمد بن إبراهيم النعماني :
عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله عز وجل اختار من كل شئ شيئا ، اختار من الأرض مكة ، واختار من مكة المسجد ، واختار من المسجد الموضع الذي فيه الكعبة ، واختار من الأنعام إناثها ، ومن الغنم الضأن ، واختار من الأيام يوم الجمعة ، واختار من الشهور شهر رمضان ، ومن الليالي ليلة القدر ، واختار من الناس بني هاشم ، واختارني وعليا من بني هاشم ، واختار مني ومن علي الحسن والحسين ، وتكملة اثني عشر إماما من ولد الحسين تاسعهم باطنهم ، وهو ظاهرهم ، وهو أفضلهم ، وهو قائمهم )([2]).
الإستنصار – أبو الفتح الكراجكي :
عن أبي سعيد يرفعه إلى أبى جعفر ( ع ) قال : ( قال رسول الله من أهل بيتي اثنى عشر نقيبا محدثون مفهمون منهم القائم بالحق يملاها عدلا كما ملأت جورا) وما رواه ابن أبي عمير عن سعيد بن غزوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عن آبائه ( ع ) قال (قال رسول الله ( ص ) (ان الله اختار من الأيام يوم الجمعة ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليله القدر واختار من الناس الأنبياء واختار من الأنبياء الرسل واختارني من الرسل واختار من عليا ( ع ) واختار من على الحسن والحسين ( ع ) واختار من الحسين ( ع ) الأوصياء وهم تسعه من ولد الحسين ينفون من هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين تاسعهم ظاهرهم ناطقهم قائمهم وهو أفضلهم )([3]).
وقوله (ص): ( الأول خير من الآخر لأنه إمامه والآخر وصي الأول ) واضح في دلالته على أحمد المذكور في الوصية فهو وصي الإمام المهدي عليهما السلام.
([1])كتاب سليم بن قيس :ص 133 – 135.
([2])الغيبة النعماني : ص 73.
([3])الإستنصار : ص 8 – 9.
(صحيفة الصراط المستقيم ـ العدد 26 / السنة الثانية ـ 13 صفر 1432 هـ الموافق ل 18/01/2011 م)