شاءت الإرادة الإلهية أن تكون وصية رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة من أهم الأساسات التي تبنى عليها القضية المهدوية. الوصية التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تكون صمام الأمان التي يحفظ الأمة من الضياع والاختلاف والتشتت، فأبت الأمة إلا تضييعها، والسير في الطريق المخالف لما ورد فيها، فتفرقت طرائق قددا، كل حزب بما لديهم فرحون.
وسبحان الله ما ضيعته الأمة منذ أكثر من ألف وأربعمئة عام يعيدها المهدي عليه السلام له، ويعيد عليهم الاختبار القديم نفسه، فهل ستؤمن الأمة بوصية نبيها وتتمسك بها وتسير على وفق النهج المرسوم بها، أم ستقول – والعياذ بالله – هجر، كما قالها أسلافها الذين جروا عليها الويلات تلو الويلات؟
طبعاً هذه المرة لن يُعاد السيناريو القديم نفسه، فالأسلاف المفرطين استغلوا واقعة مرض النبي صلى الله عليه وآله ليمرروا أبشع مؤامرة عرفها التأريخ، ويتستروا على أبشع كلمة يمكن أن ينطق بها فم بحق النبي، واليوم سينطق الأحفاد الكلمة القديمة ذاتها، ولكن بلسان آخر، ومبررات أخرى.
نعم للأسف الشديد قد نطقوا بها، بلسان معسول، وبكلمات منمقة، وبقناع مخادع لأبعد الحدود، فاليوم رفضوا وصية نبيهم باسم نبيهم وباسم الدفاع عن الدين الذي بذل من أجله كل غالٍ ونفيس؟ وكأنهم لم يسمعوا أن من مات ولم يوص فقد مات ميتة جاهلية!
ولكن يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، فالمؤامرة التي تُعاد فصولها اليوم سيكتب الله عز وجل لها هذه المرة ختاماً مختلفاً، وستتلطخ الوجوه والأقنعة المخادعة بعار الفضيحة وحتى آخر الدهر.