زاوية العقائد الدينية

المهدي ( ع) الميلاد والظهور

بقلمالدكتور إسماعيل مهران الخزرجي
عندما أقترب تسلسل أئمة العترة (ع)  من الثاني عشر ، تفاقم خوف السلطة العباسية فأجبروا الإمام علي الهادي (ع) وولده الإمام الحسن عليه السلام على الإقامة في العاصمة سامراء التي كانت تسمى العسكر فعرفا بلقب العسكريين ؛

ثم بدأ للخليفة العباسي ان يقتل الأمام الهادي (ع) وشدد الرقابة على ولده الإمام الحسن العسكري (ع) ثم قرر الخليفة و بعده ان يقتله ليستريح منه فيمنه ولادة الأمام الثاني عشر الموعود حتى لا يكون زوال ملكهم على يده ( المعجم الكوراني ص 788) ولكن مشيئة الله فوق كل مشيئة فقد اعتق الإمام جاريته نرجس الرومية وتزوجها وشاء الله ان يكون ولده المهدي عليه السلام منها وقد عاصر الإمام العسكري بعد وفاة أبيه الخليفة العباسي المعتز الذي حكم ثلاث سنوات وتسعة أشهر ثم اجبره القادة الأتراك على خلع نفسه وهو الذي قتل الإمام الهادي (ع) ، ونصبوا بعد المعتز المهتدي فحكم احد عشر شهرا حتى قتله الأتراك وهو الذي حبس الإمام العسكري (ع)ى وأراد قطع نسله ففي كمال الدين : ج2 /407 بسند صحيح عن موسى بن جعفر ابن وهب البغدادي انه اخرج عن أبي محمد (ع) توقيع (( زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل وقد كذب الله عز وجل قولهم والحمد لله )) مهج الدعوات ص 276 البحار 51/ 30 تاريخ الأئمة .
وبعد المهتدي نصب الأتراك المسيطرون المعتمد ابن المتوكل الذي حكم ثلاث وعشرين سنة وفي السنة الخامسة من حكمه قام بجريمة قتل الإمام العسكري (ع) وقد استشهد ولي الله الحسن العسكري (ع) وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة مات مسموما يوم الجمعة لثماني ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة 260 ه ق ودفن في داره إلى جانب قبر أبيه علي الهادي (ع) بسر من رأى وقد رافقت وتزامنت مع ولادة الإمام المهدي (ع) ظروفا سياسية اتسمت بعدم الاستقرار فقد تحرك احد الخوارج في البصرة وسيطر الأتراك على الحكم فتحكموا بالرقاب وسعوا ليفسدوا في الأرض ويهلكوا الحرث والنسل في تلك الظروف القاتمة ولد الخلف المهدي (ع) وقد وصف محمد بن عثمان العمري (قد) ولادته بقوله (( لما ولد الحلف المهدي (ع؟) سطع نور من فوق رأسه إلى أعناق السماء ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالى ذكره ثم رفع رأسه وهو يقول {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران18ان الدين عند الله الإسلام وكان مولده يوم الجمعة اثباة الهداة 3/ 669
وقد شهد برؤية الإمام المهدي في حياة أبيه العسكري وبأذن منه عدد من أصحاب العسكري وأبيه الهادي عليهما السلام كما شهد آ خرون برؤية الإمام المهدي بعد وفاة أبيه العسكري (ع) وذلك في غيبته الصغرى التي امتلأت من سنة 260 هجرية إلى سنة 369 ومنهم الكليني الذي أدرك الغيبة الصغرى بتمامها والشيخ الصدوق الذي أدرك من الغيبة الصغرى أكثر من عشرين عاما لذلك الشيخ المفيد والشيخ الطوسي / في كمال الدين ج2 ص 381 عن أبي هاشم داوود بن القاسم قال سمعت أبا الحسن عليه السلام الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف فقلت ولم جعلني الله فداك ؟ فقال إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكرهم باسمه فقلت فكيف نذكره ؟ فقال قولوا الحجة من آل محمد .)) علل الشرائع 1 / 245 .
وقد اخبر أهل البيت عليهم السلام انه بعد ولادته سيغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يطهر ولغيبته أسباب  لامجال لذكرها ولكن بقيت الأمة منتفعة بوجوده فلولاه لساخت الأرض بأهلها فكان كالشمس يحجبها الغمام ولكن ينعم بنوره الكون وعلى قلة التواقيع الصادرة عنه عليه السلام للسفراء الأربعة أو لغيرهم كانت كافية لتعديل ما اعوج من الدين وتصحيح ما يجب تصحيحه من العقائد وهو القائل (ع) لأمة جده (ص) : الذي يجب عليكم ولكم ان تقولوا إنا قدوة الله وأئمة وخلفاء الله في أرضه وأمناؤه على خلقه وحججه في بلاده نعرف الحلال والحرام ونعرف تأويل الكتاب وفصل الكتاب )) البرهان ج1 ص 71
وقد بشر أهل بيت النبوة (ع) بظهوره قبل مئات السنين ووضعوا لذلك علامات وإشارات أجمعت كلها على ان زمن ظهوره يكون مشاها لزمن ولادته من حيث انتشار الظلم واختلاط الحق بالباطل واشتباه الأمور على الناس الذين يتقلبون في الفتن حتى يخرج من الدين من كان يظن انه من أهله ويتسلط على الرقاب حكام ظلمة طغاة ومن يوجه الأمة أئمة ضلالة خونة وقد اخبروا عليهم السلام ان الناس سينكرونه عند ظهوره وحتى عندما يأتيهم بالعظائم فأنهم يتأولون عليه القران فيرجع متشابهه إلى محكمه فيثقل عليهم ثم يطلبون منه معجزة فيحذرهم من عاقبة طلب المعجزة اذ يعقبها العذاب .
وقد روي عنهم (ع) : (( ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء الا  ويظهر الله تبارك وتعالى مثلها في يدي  قائمنا لإتمام الحجة على الأعداء )) أربعون ، الخاتون آبادي صفحة 518
ولكن أعدائه يريدون ان تأتي المعجزة على أهوائهم فهذا يقول له لحيتي بيضاء أجعلها سوداء وذاك يقول شيء في نفسي اخبرني به وآخر يطالب بإحياء الموتى وعندما يجيبهم إلى ذلك يتنصلوا من طلبهم ويزدادوا بعدا عنه ويوغلوا في أعمالهم التخريبية لتشويه دعوته وتكذيب رسوله الذي يرسله إلى الناس كما كذبوا  مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين إلى آهل الكوفة ولكن مسلم لن يقتل هذه المرة بل سيمكنه الله من رقاب بني امية وأذنابهم وخوارج بني العباس وهو وعد الهي من النصر والتمكين عن أبي الجار ود عن آبي جعفر (ع) في قوله تعالى {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41قال (ع) :هذه الآية لآل محمد عليهم السلام إلى آخر الراية والمهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويميت الله به واصطحابه البدع والباطل كما آمات السفهاء الحق حتى لا يرى اثر للظلم )) المعجم للكوراني 922
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: (( … ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله تعالى في كتابه بقوله (وعد الله ا لذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ) إذ لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه وغاب صاحب الآمر بإيضاح الغدر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون اقرب الناس أشدهم عداوة له وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ويظهر دين نبيه (ص) على يديه على الدين كله ولو كره المشركون ..)) البحار 93 / 125ان ظروف ظهور الإمام (ع) تكاد تكون مشابهه لظروف الميلاد غير أن الأمة تجد نفسها أن لاخلاص لها مما هي فيه إلا في العودة إلى الدين المحمدي الأصيل ووزن الأمور بميزان الحق ونصرة حامل الكتاب وتوحيد الكلمة ولا تجتمع الأمة إلا في نصرة ال محمد (ع) لوقوع الخلاف في غيرهم 

والحمد لله وحده وحده وحده

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى