بالرغم من كل المحاولات التي بذلتها البشرية بجعل (الأنا) البشري معادلا موضوعيا للـ(هو) وحقيقة مؤثرة في الواقع الخارجي إلا أنها كانت دائما ما تصطدم ببعث سماوي ينقض هذا الوهم الذي أغلق أبواب المعرفة الحقيقية بوجه البشرية ، فلا أحد ينكر أن كل الذين سلكوا سبيل الفلسفة كان غاية مشروعهم وشروعهم في سلوك هذا السبيل هو بناء (الجمهورية الحلم) ، بل إن الفلسفة كمشروع فكري بشري ما كان ليرى النور لولا أنه في كل محاولة له يؤكد على تلك الغاية بل ويشدد على جعلها الباعث للعمل والجهد ،
وما غاب عن ذهن الفلاسفة عموما ، وحتى المسلمين منهم هو أن بناء (الجمهورية الحلم) يقتضي أن يكون بانيها مهيمنا على بنائه وليس جزءا منه أو مفردة من مفرداته ، ولعلي لا أجانب الصواب في أن كل فيلسوف حاول بناء مدينة فاضلة هو في واقعه ولسان حاله ينطق بادعاء ألوهية الخلق وربوبية التدبير والإدارة ، فهو وإن كان يفكر ويسطر على مستوى الكلمات حسب ، ولكنه ينشط في أن يكون معلما يروج لما يفكر به ويسطره ، وهو من طرف خفي يشير إلى تلامذته ؛ أن عليكم أن تتعبدوني ، بدليل أن أولئك التلامذة يعملون جاهدين على فهم مفردات فلسفة أستاذهم والعمل على تطبيقها في الواقع ، وعندما تستبين الثغرات في فكرة المعلم الفلسفية ينحى التلاميذ باللائمة على أنفسهم كونهم هم من فشل في التطبيق وليس لعجز بالولادة الفلسفية لمعلمهم ، فاستحال بذلك معلمهم خالقا(مستغنيا) للفكرة وربا(غنيا) للعاملين بها ، ولذلك يُلحظ على التلامذة العمل المجد في تلميع صورة المعلم وتوصيفه بصفات (السوبر مان) المنقذ الذي بعث لهم لإنقاذ الواقع المتردي ، والغريب أن الناس لا تعلم لهذا المعلم جهة أرسلته ، وحتى هو لا يستطيع أن يدعي أنه رسول جهة ما ، فضلا على أن المعلم ارتكب خطأ فادحا من دون أن يلحظ هو أو من تحمس لتبني فلسفته للحياة ، حيث أنه لعب دورين متناقضين لا يجتمعان ولا يرتفعان ـ كما يقول المناطقة في النقيضين ـ فهو عند كتابة النص تقمص دور الإله أي ؛ واهب الكمال ، وكونه واهب الكمال هذا يعني أنه نور لا ظلمة فيه ، فوجود ولو شائبة ظلمة فيه تعني أنه ادعى أمراً مستحيلا ، ذاك أن وجود شائبة الظلمة فيه تجعله محتاجا وعليه التوجه إلى جهة الكمال ، وبذلك تكون جهة الكمال غيره وليس هو ، ومن ثم قيامه بكتابة النص هو تمحل على النص واعتداء على قدسيته ، ويحسن الالتفات إلى أن وصف النص بالقدسية ليس من جهة العاطفة أو العصبية ، بل هذا الوصف هو في ذات النص ، فالنص حامل للمعرفة والمعرفة هي المطهرة من الجهل فبوصفه حاملا للمعرفة أي هو حامل للطهر والكمال ولا يكون الكمال إلا من ساحة القدس ولذلك يوصف بالقدسية ، وينبغي أن يكون هذا النص القدسي صادر من النور الذي لا ظلمة فيه حتى يكون قادراً على التطهير من ظلمة الجهل ، أما وجود الظلمة في صفحة وجوده ولو بقدر الشائبة يدلل على النقص ، والناقص لا يصدر منه كمالا .
واستناداً إلى هذا التحليل ينكشف لنا جملة من الأمور هي على سبيل المثال لا الحصر :
1- الفلسفة بوصفها مشروعا فكريا بشريا ادعى غاية يستحيل عليه تحقيقها ، ولو كان بالإمكان تحقيقها لكان بعث الرسل الإلهيين بالشرائع عبثا ، ولا حكمة فيه ، وواقع الحياة ينقض هذا الإمكان جملة وتفصيلا ، فعندما يفقد الواقع رعاية السماء بواسطة الشريعة والقائم بها المنصب من الله سبحانه يستحيل الواقع إلى غابة مخيفة تعمل على وفق المنطق الغابوي وهو البقاء للأقوى ، ولذا فهي تستحيل ساحة صراع من أجل البقاء فيشيع فيها العنف والقتل لأجل القتل وتأكيد القوة والسلطة .
2- الذين ابتدعوا هذا المشروع تقمصوا وضعا مستحيلا ، فهم عند الشروع بكتابة النص يتوهمون أنفسهم آلهة واهبة للكمال ، ولولا ذلك لما استطاعوا أن يسطروا حرفا واحدا ، وبعدما يتموا كتابة النص يجدون لزاما عليهم تقمص دور المعلم فيكون النص مهيمنا عليهم ، وهم قبل الكتابة وفي أثنائها آلهة ، وبعدها مألوهون ، ولكي يتجاوزوا هذا المأزق الناسف لعملهم تراهم يجتهدون في اصطناع مريدين لهم ومروجين لفلسفتهم كي يقوم أولئك التلامذة بدور الرسل لهذا الفيلسوف أو ذاك ، ويكون هذا الفيلسوف ربا لهم بوصفه مربيهم وعلى يديه يتخلقون!! وهذا الوهم الخطير إذا ما نزل إلى الواقع فهو ينزل منازعاً وليس مصلحا!! لماذا؟؟ لأنه ببساطة يفتقر إلى القراءة المحيطة بالواقع وبمن يقومون بالعمل فيه وكل الذي يملكه هو تصور لواقع غير هذا المعاش ، فيكون عمله منصبا على تغيير الواقع جملة وتفصيلا إما من خلال الاصطدام معه اصطداما عنفيا مستنداً إلى مبدأ الغلبة أو من خلال المراوغة والمخادعة والتمويه استناداً إلى تحقيق المصالح ، وليس الصلاح والإصلاح ، وإن كان هذا شعار ترفعه كل فلسفة تعمل على صناعة اليوتوبيا ، وربما يقول أحدهم ؛ وهذا حال الأنبياء والرسل والأوصياء الإلهيين(ع) فهم أيضا يعملون على البحث عن مروجين لفكرهم وللنص الذي يدعون أنه نازل من السماء ، بل لعل الفلاسفة لم يدعوا أن النص الذي يريدون تطبيقه هو نازل من السماء وهم بهذه الجزئية أكثر مصداقية من الأنبياء(ع)؟؟!! يكون الجواب على أصحاب هذا الوهم من جهات ؛ أولها : إن الأنبياء والرسل(ع) يعلنون أنهم خدم للنص السماوي وأول محكوم به وأول من يعمل على تطبيقه في ساحته قبل ساحة المبعوث لهم ، ولذلك فأولئك الطاهرين(ع) قبل إعلانهم لدعواتهم يكونون مثار إعجاب أممهم بما يمتلكون من بنية أخلاقية عالية تحكمهم ، ولاشك في أن هذا الحال هو معاكس لما عليه الفلاسفة فهم سادة النص بوصفهم صانعوه ، ولذلك هم يشعرون بالفوقية في التعامل معه ، وعندما يظهر فشل مشروعهم في تكييف الواقع فهم يتهمون الواقع في التقصير عن بلوغ مرادهم مما كتبوا ، بينما الأنبياء(ع) عندما يتهمون الواقع فاتهامهم له كونه تخلف عن وضعه الأصل الذي أوجده عليه خالقه ولذا فالأنبياء(ع) دائما يحاولون إعادة البشرية إلى فطرتها ، بينما الفلاسفة فهم يجهدون على تقويض الفطرة الإنسانية وبناء فطرة من صنعهم هم بتوهمهم أنهم (آلهة مستغنون) . ثانيا : إن الأنبياء والمرسلين(ع) من اللحظات الأولى التي يصدعون فيها بالدعوة يأمرون الناس بالعبودية إلى الله سبحانه (الغيب المطلق واهب الكمال ، الغني بذاته المستغني عن خلقه) وبالطاعة لهم بأمر من أرسلهم بوصفهم مربوبين وهم بهذا يؤدون تكليفا كلفهم به من أرسلهم ، أما الفلاسفة فهم مرسلون من أنفسهم فهم الآمرون المأمورون بذات الوقت وهذا تناقض واضح ، فمن أين أن أكون أنا الآمر الأصل ، وأنا المأمور في الوقت عينه ، ولذلك يتخلص أولئك الفلاسفة من هذا التناقض بالارتفاع فوق النص والتمرد عليه بوصفهم غير محكومين بما كتبوا ، بل هم كتبوا ما كتبوا للذين دونهم وهم فوق ما كتبوا ، ومن ثم فهم يدعون أنهم آلهة مستغنية بذاتها ، وهذا ادعاء خطير لما يستبطنه . ثالثا : إن الأنبياء(ع) منذ اللحظات الأولى يصرحون بأنهم مبعوثون لإصلاح الواقع وكشف ما فيه من صلاح مطموس بفعل انحراف الناس ، وفضح الانحراف الحاصل فيه كي يعود الناس عن انحرافهم إلى السبيل القويم الذي هو سبيل الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، أما الفلاسفة فهم يعملون في البدء على انتقاد الواقع كله ، ومن ثم يشرعون في بناء واقع تصوري يعملون على جعله بديلا للواقع الفعلي ، ولذلك هم مداهنون في البدء ثم صداميون عنفيون حتى في جمهورياتهم ومدنهم التي وصفوها بالفاضلة ، ومدنهم تلك لم تزد عن كونها تعبير صارخ عن النقص الذي يعانيه الفكر البشري لأن من يقرأ تلك الجمهوريات يجد أن كل واحدة منها تستبعد الشريحة التي لا تروق لفكر الفيلسوف المعين ، ولذلك فهي جمهوريات قصرية باستبعادها لشرائح من البشر ، وقسرية كونها تفرض نفسها على الواقع الخارجي فرضا قسريا ، في البدء بالخداع والتمويه ، وبعدما تتمكن تفصح عن نواياها العنفية السلطوية . رابعا : يبدأ الفلاسفة فيما يطرحون بمداهنة الواقع وانتقاده انتقاداً لا يكشف عن غايته ، بينما الأنبياء والمرسلون(ع) فمن لحظاتهم الأولى يضعون المبادئ الحق المراد تحقيقها من دون مداهنة للباطل ، مع لحاظ أن الطرح غايته الإصلاح لا التسلط .
3- في المشروع الفلسفي تخريب للمعادلة الإلهية التي أثبتها في صفحة وجود خلقه وسماها الفطرة ، هذه المعادلة تقوم على أن النص هو جهة الكمال والمعلم له هو جهة سد النقص ، ولذا على الخلق أن يعرفوا الله سبحانه بالنص ويتعرفوا على المعلم بالله سبحانه ، ومهمة المعلم هي أنه يعلم الناس النص على وفق ما علمه الله سبحانه كي يتمكنوا من معرفته سبحانه فيكون بذلك النص دالا على معلمه معرفا بصاحبه ، ويكون المعلم مبينا للنص كاشفا عن أسراره ومنابع الكمال ، لأن غاية المعرفة هي أن يكون المرء مثال النص وصورة للناطق به أي يكون كالمعلم المبعوث له ، قال تعالى{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}(الأحزاب/21) ، فتكون معادلة المعرفية الإلهية لها ثلاثة حدود ؛ الحد الأعلى : النص ، والحد الوسط : المعلم المنصب أو خليفة صاحب النص ، الحد الأدنى : الناس المتلقون ، وغاية هذه المعادلة هو الوصول إلى الغيب الغني بذاته صاحب الكمال المطلق ، الذي به يسد نقص الذات البشرية ، وبه تتحصل الكمال المنشود ، بينما المعادلة التخريبية التي يقترحها المشروع الفلسفي البشري فهي : فيلسوف صانع للنص (هو الحد الأعلى) ، نص مصنوع (هو الحد الوسطي) ، وتلامذة مروجون (هو الحد الأدنى) والغاية هي تغيير الواقع البشري على وفق تصورات صانع النص ، وكما نلحظ في الحد الأدنى تغييب واضح للناس عموما وقسرها على جمع من التلاميذ والمريدين ، والباقي من الناس هم خارج نظر الفيلسوف لأن قوله لا يعنيهم ، وبالإجمال فمشاريع (الجمهورية الحلم) التي شرع في بنائها الفلاسفة تستهدف تعطيل المشروع الإلهي في الإصلاح وتأخيره عن ممارسة تكليفه في الواقع كي تتحقق الإرادة الإلهية في أن يكون الخلق كلهم عارفون بربهم معرفة تؤهلهم إلى بلوغ ما أراد لهم في ساحة القدس .
إن من يتأمل المشروع الفلسفي البشري بكل أشكاله وتشكلاته يجده مشروع قائم على محاربة الدين الإلهي ، بل وفي حالات انحراف البشرية عن سبيل الله سبحانه ينصب نفسه معادلا موضوعيا للدين ، ويبدأ باستحداث النص الفلسفي ليشكل تعويضا عن النص الإلهي ، ويعمل في هذا النص على تخريب الفطرة البشرية كي يعمل كل فرد على إنكار النص الإلهي كونه نصا غريباً عما يعرف ويألف ، ومن هنا تبدأ معاناة المرسلين(ع) ، ومن ثم يخرب مقام المعلم بجعله مقاما مشاعا لمن تتوفر فيه جملة من الشرائط هي من وضع المشروع الفلسفي ، وهذه الشرائط يمكن تحصيلها لجملة من الذين يشرعون في سلوك سبيل الفلسفة ، فيحتل أولئك الذين أتموا شرائط النجاح الموضوعة مقام المعلم ويعمل المشروع الفلسفي على تأسيس بنية أخلاقية مغايرة للبنية الأخلاقية الإلهية قائمة على عبادة (الأنا) فالمعلم بالمشروع الفلسفي لا يرى غير نفسه وإن تصنع التواضع ، وأظهر مثل على ذلك موقف الفيلسوف سقراط عندما احتسى السم انتصاراً لما سماه مبادئ هو وضعها ، وقبل من أجلها أن يموت دون أن يضحي بتلك المبادئ التي وضعها لأنه يعلم تماما أنه سيموت في يوم ما ، أما ما وضعه فيزداد ثباتا بقتله لنفسه كون فعله بحسب ما يفهمه المخدوعون المنحرفون عن سبيل الله سبحانه : (شهادة من أجل المبادئ) متغافلين أو غافلين عن أن تلك المبادئ هي من وضع سقراط ، ولذلك هو باحتسائه السم يؤكد ألوهيته التي من أجلها شرع في هذا السبيل ، ولقد تحقق له ما تأمله من فعله في الدنيا حيث وجدنا رجال دين مسلمين يصفون سقراط بـ(شهيد الفلاسفة) ، نعم هو شهيد الفلاسفة الذي شهد بنفسه على عبادة (الأنا) التي هي رسالة المشروع الفلسفي البشري ، وإلى اليوم يلحظ على الكثير من الناس تقديس سقراط بناءً على موقفه ، حتى أن ما كتب عنه أضعاف ما كتب عن الرسل والأنبياء(ع) بل أن الكثير من أولئك الطاهرين(ع) جاؤوا إلى هذا العالم ومضوا من دون أن تحفظ لهم البشرية منقبة واحدة من مناقبهم العظيمة ، بينما أولئك الفلاسفة تجد البشرية تصطنع لهم مواقف خطيرة لا وجود لها إلا في مخيلة أصحابها استناداً إلى تصورات تلامذتهم والمروجين لفلسفتهم .
وآخر ما يستهدفه المشروع الفلسفي بالتخريب هو الوعاء القابل أي الواقع البشري ، حيث يعمل هذا المشروع على توجيه البشرية باتجاه (الأنا) وكل مرحلة يقطعها باتجاه هذا الهدف هو يبتعد عن الـ(هو) ، ويعد اكتمال التوجه إلى الأنا هو مرحلة الانقطاع الكامل عن الـ(هو) ولو حصل ذلك تسيخ الأرض بأهلها وتضطرب كما يضطرب البحر بأهله ، ولا نجاة من الهلاك ، ولذلك عندما تصل البشرية إلى تلك النقطة الحرجة في مفارقة المشروع الإلهي يبعث الله سبحانه لهم من يصلح هذا الفساد الكبير الذي أحدثه المشروع الفلسفي البشري ، ويعمل على إعادة الحياة للمشروع الإلهي وكلما تعود الحياة لهذا المشروع العظيم في نفوس الناس ينتبهون إلى عظيم فساد المشروع الفلسفي ولذلك يعمل سدنة ذاك المشروع على نصب العداء مباشرة لصاحب المشروع الإلهي من خلال استغلال ما جهدوا في بنائه طوال الفترة الماضية من هيكل القدسية الزائفة التي شيدوها في أنفس الناس ، فيقومون بتحريض الناس على ذلك الداعي الإلهي بحجة أنه جاء لتخريب ما اعتاد عليه الناس وتواطؤوا على معرفته كونه الصالح لحياتهم وكونه امتداد لمواريث الآباء والأجداد ، وربما ينجح أصحاب المشروع الفلسفي في تأخير عمل المصلح ولكنهم أبداً لن يستطيعوا المحافظة على مشروعهم قبال مشروعه ذاك أن الشمس في ساعات النهار الأولى تبدو في شبهة الظلمة لتستبين في نهاية الأمر شمسا ساطعة تفضح كل أولئك الذين كانوا يتخفون تحت ستار الظلام .
هذا هو الذي يحمله المشروع الإلهي بعد كل فترة يمر بها وبدايته المشتبهة هي من باب تمييز الناس ووضعهم في مراتبهم بمقدار محافظتهم على الفطرة التي فطرهم الله عليها ، ففي بداية المشروع الإلهي يكون اعتماده على الغيب كبيراً والامتحان به كبير ، ومع مضي الوقت تبدأ أشعة الشمس بالسطوع لتفصح عن نفسها ، فيكون الامتحان بالغيب فيها عظيما ويزداد خفاء كلما ازدادت الشمس سطوعا ، فيكون أولئك الذين آمنوا في البدء امتحانهم أيسر لأنهم عرفوا الغيب بالغيب وعرفوا رسول الغيب بالغيب ، أما بعد سطوع الشمس وظهور الآيات فيصعب على الناس تلك المعرفة الغيبية التي كانت متوفرة لأولئك السابقين ، التي مطلوبة في الإيمان ، فالغيب يطالب الناس أن يعرفوه بالغيب ، وما ظهور الآيات إلا لتكون الحجة له لا عليه لأن له الحجة البالغة سبحانه ، قال تعالى{قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}(الأنعام/149) .