قالت روسيا إنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لعرقلة إصدار قرار يطالب سوريا بنقل السلطة.وتقوم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بمساع من أجل كسب الدعم لمشروع قرار تقدمت به الجامعة العربية يطالب الرئيس السوري بشار الاسد بنقل السلطة الى نائبه.
وقال البيت الأبيض إن الأسد فقد السيطرة على سوريا، لكن نائب وزير الخارجية الروسي قال إن نص مشروع القرار ليس متوازنا.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد قالت في بيان، الاثنين، ان سوريا وافقت على المشاركة في محادثات بوساطة روسية بشأن حل الازمة السورية، مضيفة أن موسكو تأمل أن تقبل المعارضة السورية المشاركة.
وقال عضو بارز في المعارضة السورية انها لم تتلق أي دعوة من موسكو وسترفضها على أي حال.
وعرضت موسكو استضافة المحادثات ضمن مساع لحقن الدماء التي تسال منذ بدء الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السوري بشار الاسد والمستمرة منذ عشرة شهور.
وقالت وزارة الخارجية في البيان الذي نشر على موقعها على الانترنت “تلقينا ردا ايجابيا من السلطات السورية على دعوتنا (لعقد محادثات في موسكو).
وأضاف البيان “نأمل … أن توافق المعارضة السورية على ذلك في الايام القليلة القادمة واضعة مصلحة الشعب السوري فوق كل الاهتمامات الاخرى.”
ويرى محللون أن عرض موسكو استضافة المحادثات قد يكون محاولة لتعزيز حججها ضد مشروع قرار غربي في مجلس الامن يؤيد دعوة الجامعة العربية للاسد الى تسليم السلطة.
وسعت روسيا الاثنين إلى تجنب تصويت فوري في مجلس الامن التابع للامم المتحدة على مسودة قرار غربي عربي بشأن سوريا وقالت انها تريد دراسة توصيات المراقبين العرب قبل بحث خطة تدعو الرئيس السوري بشار الاسد الى التنحي عن السلطة.
تأييد عشرة أعضاء في مجلس الأمن
وفي سياق المساعي المبذولة في مجلس الأمن الدولي الذي من المقرر أن يعقد جلسة الثلاثاء لدعم مشروع قرار يدعو الى انتقال سياسي في سوريا، قال مصدر دبلوماسي فرنسي يوم الاثنين ان مشروع القرار الخاص بالمبادرة العربية بشأن سوريا يحظى بتأييد عشرة على الاقل من اعضاء مجلس الامن الدولي.
ويحتاج طرح مشروع قرار للتصويت في مجلس الامن الى تأييد تسعة على الاقل من اعضائه الخمسة عشر لكنه مع ذلك قد لا يعتمد اذا اعترض عليه اي من الاعضاء الخمسة الدائمين باستخدام حق النقض (الفيتو).
وقال المصدر للصحفيين في باريس “لدينا اغلبية في مجلس الامن الدولي. نحظى بالفعل بتأييد عشرة وربما اكثر.”
بريطانيا وفرنسا
وقالت بريطانيا الاثنين ان وزير خارجيتها وليام هيج سيحضر جلسة الثلاثاء.
وقالت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون “يسافر وزير الخارجية الى نيويورك.. لتقديم الدعم للجامعة العربية وجهودها الرامية الى التوصل الى حل سلمي للازمة الراهنة.”
وذكرت متحدثة باسم وزارة الخارجية ان هيج يسعى لتقديم الدعم لمشروع قرار اوروبي عربي طرحه المغرب على مجلس الامن يوم الجمعة.
وصاغت فرنسا وبريطانيا مشروع القرار بالتشاور مع قطر والمغرب وايضا ألمانيا والبرتغال والولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم كاميرون “نعتقد ان على الامم المتحدة ان تتحرك لدعم شعب سوريا وانه لم يعد بامكان روسيا ان تقدم اي مبرر لعرقلة الامم المتحدة وتوفير غطاء للقمع الوحشي الذي يمارسه النظام (السوري).”
ويدعو مشروع القرار الاوروبي العربي الجديد مجلس الامن للتصديق على مبادرة الجامعة العربية للاسد لنقل سلطاته لنائبه من اجل تشكيل حكومة وحدة والاعداد للانتخابات.
ومن المقرر ان يحضر الان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي اجتماع المجلس يوم الثلاثاء ويلقي كلمة في محاولة لتحريك القرار بشأن تغيير سياسي في سوريا.
وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية يوم الاثنين “سيكون الوزير في نيويورك غدا لاقناع مجلس الامن بالنهوض بمسؤولياته في الوقت الذي تتفاقم فيه الجرائم التي يرتكبها النظام ضد الانسانية.”
وتدعو مسودة القرار التي تدعمها فرنسا وحصلت رويترز على نسخة منها الى “انتقال سياسي” في سوريا ورغم انها لا تدعو لان تفرض الامم المتحدة عقوبات على دمشق تقول ان مجلس الامن قد “يتخذ اجراءات اضافية” اذا لم تلتزم سوريا ببنود القرار.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في افادة صحفية يومية “حان الوقت لان يتحرك مجلس الامن ليجد حلا لهذه الازمة.”
وقال فاليرو “الموقف في سوريا مروع ويزداد سوءا. يجب فعل كل ما يمكن لوضع حد للعنف المتصاعد الذي ادى الى القمع الدامي الذي شهدناه خلال العشرة أشهر الماضية.”
وتريد بريطانيا وفرنسا أن يصوت مجلس الامن الاسبوع المقبل على مسودة قرار تؤيد دعوة الخطة العربية الاسد الى التنحي. ويقول العربي انه يأمل التغلب على المقاومة التي تبديها كل من الصين وروسيا.
لكن جاتيلوف قال ان توصيات المراقبين العرب في سوريا بقيادة الفريق الاول الركن محمد احمد مصطفى الدابي السوداني الجنسية يجب أن تقدم الى أعضاء مجلس الامن بما في ذلك روسيا التي قال انها لم تطلع على نتائج بعثة المراقبين العرب.
ونقلت وكالة انترفاكس للانباء عنه قوله “من المنطقي نظرا للطبيعة المركبة لهذه القضية ان يتمكن اعضاء مجلس الامن من دراسة التوصيات وما خلصت اليه بعثة المراقبة بالتفصيل.”
ومضى يقول “بعد ذلك فقط سيكون من الممكن اجراء مناقشات ملموسة لهذه المسألة في مجلس الامن.”
العربي و آل ثاني
وتوجه نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية الى نيويورك يوم الاحد حيث سيطلع ممثلي مجلس الامن التابع للامم المتحدة يوم الثلاثاء على أحدث التطورات ليطلب تأييد خطة السلام العربية التي تدعو الى تنحي الاسد بعد الاحتجاجات.
وسينضم اليه رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني الذي ترأس بلاده اللجنة العربية المعنية بالازمة السورية.
وفي تصريحات للصحفيين قبل مغادرته القاهرة الى نيويورك قال العربي انه يأمل في التغلب على مقاومة الصين وروسيا لجهود دعم المقترحات العربية.
وصرح يوم الاثنين جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي بأن موسكو تريد ان تسمع أولا وبشكل مباشر من المراقبين العرب الذين أوفدتهم الجامعة الى سوريا وهي خطوة من المرجح ان تؤخر اي تصويت في الامم المتحدة.
ونقلت عنه وكالة انترفاكس قوله “من المنطقي نظرا للطبيعة المركبة لهذه القضية ان يتمكن اعضاء مجلس الامن من دراسة التوصيات وما خلصت اليه بعثة المراقبين بالتفصيل.”
ونقلت وسائل اعلام حكومية سورية عن مسؤول في الحكومة السورية قوله ان سوريا فوجئت بقرار تعليق العمليات والذي سيمثل ضغطا على مشاورات مجلس الامن بهدف الدعوة الى التدخل الخارجي وتشجيع “جماعات مسلحة” على تصعيد العنف.
وقالت ايران انه يجب منح الاسد وقتا لاجراء اصلاحات.
وأيدت ايران بقوة في بادئء الامر موقف الاسد المتشدد من الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ عشرة أشهر ضد حكمه.
لكنها خففت بعد ذلك لهجتها مع استمرار الانتفاضة وتصاعد الضغوط الدولية رغم انها تنتقد ما تصفه بالتدخل الخارجي في الشؤون السورية.
وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي في مؤتمر صحفي على هامش قمة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا “يتعين عليهم اجراء انتخابات حرة. يجب ان يكون لديهم الدستور المناسب ويجب ان يسمحوا لاحزاب سياسية مختلفة بممارسة انشطتها بحرية في البلاد. وهذا ما وعد به (الاسد).”
وقال صالحي الذي تتمتع بلاده بصفة مراقب في الاتحاد الافريقي وتقول ان تعزيز العلاقات مع الاتحاد من اولويات سياستها الخارجية “نعتقد انه يجب اعطاء سوريا خيار الوقت حتى تتمكن بحلول (ذلك) الوقت من عمل الاصلاحات.”
وقالت فرنسا التي تقود دعوات تطالب باتخاذ اجراء دولي اكثر صرامة ضد سوريا أن قرار الجامعة يبرز ضرورة التحرك.
وبحث مجلس الامن الدولي يوم الجمعة مشروع قرار أوروبي-عربي يهدف الى وقف العنف.
دعوة
ومن جهة أخرى، دعا امين عام منظمة التعاون الاسلامي، اكمل الدين احسان اوغلو، مجلس الامن الدولي الى تحمل مسؤولياته في “حماية المدنيين السوريين” واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحقن الدماء.
وقال احسان اوغلو لوكالة فرانس برس الاثنين “اجدد دعوة المجتمع الدولي وخصوصا مجلس الامن الى تحمل مسؤوليته في حماية المدنيين واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحقن الدماء في سوريا وايجاد حل يضمن الامن والاستقرار ويجنبها مخاطر التدخل الخارجي”.
وعبر عن “استيائه الكبير لتفاقم الازمة في سوريا وتواصل سقوط العشرات من الضحايا يوميا من المدنيين الابرياء، فهذا الامر غير مقبول ولا يمكن الاستمرار في السكوت عنه”.
واضاف اوغلو ان “المنظمة تؤكد دعمها للاجراءات التنفيذية للمبادرة العربية التي اقرها مجلس وزراء الخارجية العرب في 22 كانون الثاني/يناير 2012 لايجاد حل سلمي للازمة في سوريا، وتوجه المجموعة العربية الى مجلس الامن للحصول على دعمه”.
تطورات ميدانية
وفي سياق التطورات الميدانية، اندلعت معارك في الشوارع يوم الاثنين قرب العاصمة السورية دمشق في الوقت الذي تسعى فيه القوات التابعة للرئيس السوري بشار الاسد لتعزيز قبضتها على ضواح كان المسلحون قد سيطروا عليها على بعد كيلومترات معدودة من مقر القصر الرئاسي.
وقال نشطاء إن القوات السورية انتزعت السيطرة على حمورية وهي واحدة من عدة أحياء استخدمت فيها القوات السورية العربات المدرعة والمدفعية لاجبار المسلحين على التقهقر بعد ان تقدموا لمسافة لا تبعد عن دمشق سوى ثمانية كيلومترات.
وقال ناشط ان الجيش السوري الحر الذي يضم منشقين عن الجيش النظامي والذين تجمعوا بشكل فضفاض تحت لواء الجيش السوري الحر الذي تربطه علاقات مع المعارضة السورية المنقسمة شن هجمات متفرقة على القوات الحكومية التي تقدمت عبر حي سقبا الذي سيطر عليه المسلحون قبل أيام معدودة.
وقال “قتال الشوارع مندلع منذ الفجر” وأضاف ان الدبابات تتحرك عبر شارع رئيسي في وسط الحي وان “صوت اطلاق النيران يتردد في كل مكان.”
وقال ناشط ان حي سقبا يتعرض لقصف مكثف وأضاف ان الجيش يواجه مقاومة شرسة من المسلحين.
وقال ناشط اخر عرف نفسه باسم رائد ان المساجد تحولت الى مستشفيات ميدانية وتحتاج الى التبرع بالدم. واضاف قائلا “لقد قطعوا الكهرباء. محطات الوقود خالية والجيش يمنع الناس من مغادرة المنطقة للحصول على الوقود للمولدات أو للتدفئة.”
وشهدت ضواحي دمشق مظاهرات ضخمة تطالب برحيل الاسد الذي ظلت عائلته تحكم البلاد على مدى العقود الخمسة الماضية.
وفي بلدة رنكوس الجبلية على بعد 30 كيلومترا الى الشمال من دمشق قرب الحدود اللبنانية قال نشطاء وسكان ان قوات الاسد قتلت 33 شخصا على الاقل خلال الايام القليلة الماضية في هجوم يهدف الى القضاء على المنشقين عن الجيش والمسلحين.
وذكر المسلحون ان 15 شخصا على الاقل قتلوا اثناء انسحابهم من سقبا وكفر بطنا. وكان ناشطون قالوا إن عشرات من الأشخاص قتلوا خلال ثلاثة ايام من المعارك في الاحياء التي شهدت احتجاجات متكررة ضد حكم الاسد وحملات من الجنود خلال الانتفاضة المستمرة منذ عشرة اشهر.
وقال ناشط كان يتحدث من ضاحية كفر بطنا “انها حرب مدن. هناك جثث في الشارع”.
وتحدث سكان بوسط دمشق عن رؤية جنود ورجال شرطة منتشرين حول الميادين الرئيسية.
إعدام
وقالت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الانسان الاثنين ان السلطات السورية اعدمت الاسبوع الماضي مؤسس الجيش السوري الحر المقدم حسين هرموش.
وأضافت المنظمة نقلا عن “مصدر عسكري وثيق الاطلاع”، في بيان وصلت نسخة منه الى وكالة فرانس برس ان “كتيبة من عناصر المخابرات الجوية نفذت الاسبوع الماضي حكم الاعدام رميا بالرصاص بحق المقدم حسين هرموش في ساعة متأخرة من الليل.
تفجير
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء، الاثنين، إن “مجموعة إرهابية” فجرت “خطا لنقل الغاز من حمص الى بانياس بالقرب من تلكلخ.”
وتحدثت أيضا قناة الدنيا التلفزيونية الموالية للحكومة عن وقوع هجوم وقالت ان الانفجار الذي وقع قرب تلكلخ القريبة من الحدود اللبنانية أدى الى تسرب نحو 460 ألف متر مكعب من الغاز.
كما قال سكان في مدينة درعا الجنوبية التي انطلقت منها الاحتجاجات في الانتفاضة المستمرة منذ عشرة اشهر ان المنشقين عن الجيش والقوات الحكومية اشتبكوا في معارك خلفت ما لا يقل عن 20 قتيلا معظمهم من القوات الحكومية.
وتقيد سوريا دخول الصحفيين الى البلاد وهو ما يجعل التأكد من هذه الاقام من جهة مستقلة مستحيلا.