زاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

خبر و تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , اللهم صلي على محمد و ال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً
قال ابن ابي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة : ( الحمد لله الذي قدم المفضول على الافضل ؟؟؟!!! )  .
لعل المتتبع لاقوال ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح النهج و الذي يذكر فيه مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) يستغرب قوله الذي يقول فيه الحمد لله الذي قدم المفضول على الافضل اي قدم ابا بكر على علي بن ابي طالب (ع) !!! وقبل مناقشة هذا القول نرى ماذا يقول ابن ابي الحديد في علي (ع) في شرح نهج البلاغة ج9 /116 ط دار احياء التراث العربي بيروت – لما يريد ان يذكر بعض فضائله (ع) يقول : ( واعلم ان أمير المؤمنين (ع) لو فخر بنفسه وبالغ في تعديد مناقبه (1) و فضائله بفصاحته التي اتاه الله تعالى اياها واختصه بها , وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة لم يبلغوا الى معشار ما نطق به الرسول الصادق صلوات الله عليه في امره …. وبعدما ينتهي من نقل الاخبار و الاحاديث الناطقة بفضائلة ومناقبه يقول – واعلم انا انما ذكرنا هذه الاخبار ها هنالان كثيراً من المنحرفين عنه (ع) اذا مروا على كلامه في نهج البلاغة وغيره المتضمن التحدث بنعمة الله عليه من اختصاص الرسول له (ص) و تمييزه اياه عن غيره ينسبونه الى التيه والزهو والفخر ولقد سبقهم بذلك قوم من الصحابه , قيل لعمر : ول علياً امر الجيش و الحرب , فقال : ( هو اتيه من ذلك ! ) وقال زيد بن ثابت ما رأينا ازهى من علي و اسامة . فاردنا بايراد هذه الاخبار ها هنا عند تفسير قوله ( نحن الشعار و الاصحاب , و نحن الخزنة و الابواب . ان ننبه على عظم منزلته عند الرسول (ص) و ان من قيل في حقه ما قيل – والكلام لابن ابي الحديد – لو رقى في السماء وعرج في الهواء وفخر على الملائكة والانبياء , تعظماً وتبجحاً لم يكن ملوماً, بل كان بذلك جديراً فكيف وهو عليه السلام لم يسلك قط مسلك التعظم والتكبر في شيء من اقواله ولا من افعاله وكان الطف البشر خلقاً واكرمهم طبعاً واشدهم تواضعاً واكثرهم احتمالاً واحسنهم بشراً واطلقهم وجهاً , حتى نسبه من نسبه الى الدعابة والمزاح وهما خلقان ينافيان التكبر والاستطالة , وانما كان يذكر احياناً ما يذكره من هذا النوع نفثة مصدور وشكوى مكروب وتنفس مهموم , ويقصد به اذا ذكره الا شكر النعمة و تنبيه الغافل على ما خصه الله به من الفضيلة فان ذلك من باب الامر بالمعروف والحض على اعتقاد الحق و الصواب في امره, و النهي عن المنكر الذي هو تقديم غيره غليه في الفضل , فقد نهى الله سبحانه عن ذلك فقال (  أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 35 ) يونس انتهى كلامه.
اقول : ان كلام ابن ابي الحديد في مقدمته لا يخلو من امرين .
الاول : ان الله سبحانه و تعالى قدم المفضول على الافضل وحاشاه لان الله سبحانه لا يعمل المنكر و لا ينقض قوله بفعله ولا يقدم المفضول على الافضل بل امر عباده بمتابعة الافضل وصرح بذلك في قوله ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى ) ثم عاتبهم على سوء اختيارهم و حكمهم قائلا ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) فتقديم المفضول على الافضل ما كان فعل الله سبحانه و تعالى بل هو من تسويلات نفوس المنافقين و من عمل الشيطان الذي ضل و اضل نعوذ بالله رب العباد من التعصب و العناد ومن الضلالة والشقاوة والفساد فاذا كان ابن ابي الحديد معتقد بمقولته ( الحمد لله الذي قدم المفضول على الافضل ) فلا يعدوا ان يكون واحداً من هؤلاء بل اكثرهم عناداً واصراراً على اتباع الباطل بعدما تتابع اقواله من مناقب و فضائل الامام علي (ع) بل يكون مصداقا لقوله تعالى ( جحدوا بها واسيقنتها انفسهم ) فهو يقول اي ابن ابي الحديد كان علي يذكر ما يذكره من فضائله…… لاجل تنبيه الغافل على ما خصه الله به من الفضيلة من باب الامر بالمعروف والحض على اعتقاد الحق والصواب في امره والنهي عن المنكر الذي هو تقديم غيره عليه في الفضل . ثم يقول فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك فقال ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى ).

الثاني : انه غير معتقد بقوله ( الحمد لله الذي قدم المفضول على الافضل ) وانما هي نفثة مصدور ومن باب الشكوى الى الله سبحانه وتعالى من هؤلاء المنحرفين الذين يعتقدون ان الله سبحانه وتعالى قدم المفضول على الافضل وشكوى الى الله من اهل الضلالة والشقاوة والفساد واهل التعصب والعناد الذين يقدمون ابا بكر على علي بن ابي طالب مع ما لعلي (ع) من الفضائل والمناقب التي يذكرها ويبصرهم بها , حتى يقول نهى الله سبحانه و تعالى عن تقديم المفضول على الافضل وذكر الاية الشريفة ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَكما وانه يقول ان امير المؤمنين (ع) حينما كان يذكر بعض مناقبه لغرض تنبيه الغافل على ما خصه الله به من الفضيلة … والنهي عن المنكر الذي هو تقديم غيره عليه في الفضل وهذا يدل على ان الرجل عالماً بان هذا العمل هو منكر واستخدام تحت ذرائع واهية كأن امير المؤمنين فيه دعابة او يبدي الفخر والزهو وما الى ذلك من طمس حقه قلنا لعلها شكوى الى الله من هؤلاء تماماً كما يقول الصالحين ( الحمد لله على عظيم بلائه ) ان امر ابن ابي الحديد موكلاً الى الله سبحانه وتعالى المهم ان الرجل بين في كلام فصيح ان لعلي من المنزلة لم يبلغها احد حتى يقول ( لو رقى الى السماء وعرج في الهواء و فخر على الملائكة والانبياء … تعظماً وتبجحاً لم يكن ملوماً ), بل كان بذلك جديراً على ان فضائل امير المؤمنين (ع) لا يحصيها ابن ابي الحديد ولا غيره لقول رسول الله (ص) لو ان الغياض اقلام والبحر مداد والجن حساب والانس كتاب , لم يحصوا فضائل علي بن ابي طالب !!! ( و سنأتي الى الحديث الشريف في موضوع لاحق ان شاء الله تعالى ) .

قول ابن ابي الحديد في علي بن ابي طالب في شرح نهج البلاغة ص 10/226 ( اما الذي استقر عليه رأي المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم في التفضيل وغيره, ان علياً (ع) افضل الجماعة وانهم تركوا الافضل لمصلحة رأوها ؟! .
ويقول في صفحة 227 وبالجملة من اصحابنا يقولون ( ان الامر كان له ( لعلي ع ) وكان هو المستحق والمتعين ).
 يقول في شرح الخطبة الشقشقية في شرح نهج البلاغة 1/ 157 ط دار احياء التراث العربي , لما كان امير المؤمنين (ع) هو الافضل والاحق وعُدلَ عنه الى من لا يساويه في فضل ولا يوازيه في جهاد وعلم ولا يماثله في سؤدد و شرف , ساغ اطلاق هذه الالفاظ … الى اخره , فلا ينكر احد بفضل الامام علي (ع) على غيره الا عن تعصب وعناد . وروى الكنجي الشافعي في كفاية الطالب الباب الثاني والستين , بسنده عن ابن التيمي عن ابيه قال : فُضّل علي بن ابي طالب على سائر الصحابة  بمائة منقبة , و شاركهم في مناقبهم. و قال : ابن التيمي هو موسى بن محمد بن ابراهيم بن الحرث التيمي. ثقة وابن ثقة , اسند عنه العلماء والاثبات , ثم ذكر المائة منقبة بالتفصيل.
 (صحيفة الصراط المستقيم ـ العدد 26 / السنة الثانية ـ بتاريخ 13 صفر 1432 هـ الموافق ل 18/01/2011 م)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى