الكثير من الناس حين تسألهم عن الطريقة التي يمكن من خلالها أن يتعرفوا على المهدي عليه السلام يسارعون إلى القول بأنهم يعرفونه من خلال المعاجز التي تصدر عنه!
أي إن هؤلاء الناس، ومنهم من يُحسب على العلماء للأسف، يظنون إن القانون الذي يتم من خلاله التعرف على حجة الله في أرضه هو المعجزة. بينما نعلم جميعاً أن القانون لا ينبغي أن يتخلف أبداً، ويكون دائماً موجوداً ويتحقق لأي طالب باعتباره الدليل على حجة الله عز وجل، وهذا ما لا ينطبق على المعجزة أبداً.
فالقرآن الكريم يصرح في أكثر من آية بخلاف هذا الأمر، فهو يقول على سبيل المثال: (( قل إنما الآيات عند الله )) الأنعام/109، ويقول تعالى: (( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون))، ومعنى هذا إن الله عز وجل يخبر نبيه الكريم صلى الله عليه وآله بأن يقول للناس إن المعاجز عند الله وهو تعالى قد يرسلها وقد لا يرسلها، وبالنتيجة هذه المعاجز لا يمكن أن تكون هي الدليل على حجج الله عز وجل، بل لابد أن يكون الدليل غيرها.
فالدليل كما سلف القول لا يمكن أن يتخلف أو لا يتحقق، بل لابد أن يكون رهن الطلب، فما أن يطلبه طالب حتى يُستجاب له لأنه دليل الحجة والمعرف به، والآيات المذكورة أعلاه تنفي هذا الأمر وتدل على أن المعاجز ليس كذلك، فقد يطلبها الناس ومع ذلك لا يُستجاب لهم فيها، إذن هي ليست الدليل، أو ليست القانون .
ولكن بطبيعة الحال يجب أن نعي جيداً إن قولنا أعلاه لا يعني إن المعاجز – إذا ما وقعت – لا تدل على أن المدعي هو حجة من الله وصادق في قوله، بل هي في الواقع تدل على هذا، ولكننا نقول إنها ليست القانون لأنها ليست ضرورية الوقوع، أي إنها قد تقع وقد لا تقع، وقد قلنا إن القانون لا يمكن أن يتخلف فلا يقع في آن، بل لابد أن يقع دائماً.
بقي أن نعرف إن إصرارنا على الحديث عن القانون ناتج عن مسألة ضرورية لا يمكن التغاضي عنها وهي إن هناك خواص معينة يتميز بها بعض حجج الله عن غيرهم من الحجج فلا يمكن والحال هذه أن نطالب حجة الله بشيء وهو مختص بغيره مثلاً، بل لابد أن يكون الدليل الذي نطلبه مشترك بين الجميع وهو ما نسميه بالقانون.