زاوية العقائد الدينية

المهدي المنتظر وخرافية قراد الثقافة في التعاطي معه!!!

بسم الله الرحمن الرحيم
المهدي المنتظر وخرافية قراد الثقافة في التعاطي معه!!!

لأيام متعددة كان الحضور إلى غرفة (العراق شمس الحرية) في البالتوك أمراً كاشفا عن إرهاصات التعاطي مع قضية المنقذ العالمي ، وكيف أن عموم المواجهين لأنصار الإمام المهدي(ص) الذين كانوا يحاولون جاهدين تثبيت صورة تعاطيهم مع قضية المهدي المنتظر من خلال وصمها بـ(الخرافة) ، مع سيل جارف كشف عن مدى الابتعاد عن ساحة ميزت إنسانية الإنسان ألا وهي الأخلاق في الحوار ،

حيث وجد أنصار الإمام المهدي(ص) أنفسهم محاصرين بسواد كبير من مدعي الثقافة ولكنهم يفتقرون إلى أبسط خلق التعامل فضلا على عدم امتلاكهم لخلق التحاور ، وهذا الحكم ليس مصادرة وليس حوبا وليس انحيازا لجهة على حساب جهة وإنما هو من باب إنصاف واقع ما حصل فمجموع ما يخرج به المتابع لتلك الحوارات سواء ما حصل منها على المايك أو ما كتب على التكست يكشف عن انهيار النسيج الأخلاقي لأولئك الذين يصطلحون على أنفسهم (مثقفين)!! مع الالتفات إلى أن داعي الإنصاف يلزمنا أن نذكر أونر الغرفة (أبو أحمد) ، والكاتب المنصف علي البصري ونشهد لهذين الرجلين بالتحلي بالخلق الكريم ، وأدب الحوار والتعاطي مع هذه القضية العظيمة تعاطيا يكشف عن مدى صدقيتهم في البحث ، ورغبتهم الجادة في الوصول إلى الحقيقة .
لقد ترددت في تلك الغرفة وعلى امتداد ساعات الحوار عبارة اتهام أنصار الإمام المهدي(ص) بأنهم يسوقون لـ(خرافة)!!! وأنهم يدعون الناس إلى التخلي عن عقولهم ، وأنهم يحاولون العودة بالعراق إلى قرون التخلف والجهل ، وأنهم … ، وأنهم … إلى غيرها من الاتهامات التي قيض الله سبحانه لها هذين المنصفين أونر الغرفة ، والكاتب البصري ليعدلوا ميل الانحراف الأخلاقي الذي يشيعه المحاورون للأنصار بغية استفزازهم واستعداء السامعين بالإضافة إلى المشرفين على الغرفة ليقوموا بخنق صوت الأنصار وكتمه وكيل الاتهامات المجانية لهم ، واستوقفني إصرار السواد المتكاثر الذي يدعي الثقافة وهو منها بعيد بعد الثرى عن الثريا عند تعاطيه مع قضية الإمام المهدي(ص) حين يصفها بالخرافة ، حيث نصب ذاك السواد نفسه قاضيا وجلادا بالوقت نفسه من دون أن ينتبه إلى أن ما يؤمن به ـ بحسب ما يدعي ـ من الديمقراطية يحرم عليه أن يماهي بين ما فصله النظام من المؤسسات ، فينبغي أن تكون مؤسسة القضاء مستقلة عن المؤسسات التنفيذية ، وهذه واحدة من اللمحات التي تكشف عن أن أولئك القراد المتطفل على الثقافة مازال إلى الآن لا يفهم ما سوقه الغرب له من أنشودة الديمقراطية فراح يرددها كالببغاء ، لذا كان ينبغي على من جعل نفسه بمقام الحكم على هذه القضية أن يكون نابها في سرد ما ينقضها لا اجترار مقولات الاتهام التي ـ بفضل الله سبحانه ـ كشفت حقيقتها النورانية الناصعة للناس السامعين ، فالقاضي عليه أن لا يتهم بدءا بل عليه أن ينظر في دلائل القضية وما يثار حولها من الشبه والمقولات التي تكيل الاتهام بالمجان من دون دليل ليصل بفعل قواعد الإنصاف إلى أن يقول كلمة الإنصاف التي لطالما رددها الأخوين البصري وأونر الغرفة ، ولكن كلت الألسن عن النطق بكلمة الإنصاف ولم تجد بداً من اجترار اتهامات المرجعيات البائسة التي خرمت دين الناس وألقتهم في غيابة جب الضياع ، بل ألقتهم في صحراء التيه فلا كلأ ولا ماء ، لا دين ولا معرفة يترسمون بها خطى النجاة والخلاص ، فكثير من أولئك الذين يجهدون أنفسهم في لعب دور المحاور المتشاطر هم لا يعدون كونهم (قوالة) بكل ما تعنيه هذه المفردة في مفهومها العرفي لدى أهل العراق خاصة وبعض من يعرفها من غيرهم ، أما القليل الذين كان السامعون يتوسمون به الحوار الجاد يكشف عن جهله من لحظات الكلام الأولى عندما يبدأ بتشبيه القضية بقضايا أخرى منحرفة لا رابط بينها وبين هذه القضية المهمة لا من قريب ولا من بعيد ، وإنما ذلك التقارب المصطنع كان نتاج خيال ذلك المتكلم الذي عبثت به الأوهام فألبست عليه مصادر الأشياء بمواردها وتماهت عنده الحدود فما عاد يرى ؛ بأي دليل وجد أن قضية أنصار الإمام المهدي(ص) هي تشابه الدعاوى الباطلة التي حضر لها جردة طويلة؟؟؟!!! ليس هناك من دليل على الرغم من أن أنصار الإمام المهدي(ص) ذكروا للسامعين مرارا وتكرارا أن دعوتهم لديها دليل نصي وكل الدعوات الباطلة ابتنيت على نقض الدليل النصي الثابت وعملت على الاستخفاف به وإبطاله ، أما هذه الدعوة فقد أبرزت الدليل النصي وبينت أهمية مقامه وكونه الفيصل في بيان أحقية هذه الدعوة فضلا على مئات الأدلة التي لا يمكن لعاقل منصف ردها بغض النظر عن كونه يؤمن أولا يؤمن ، حيث وضحوا للناس مرارا وتكرارا أن الإيمان بدعوة اليماني أو عدمه شيء ، والنظر بعين الإنصاف لأدلة الدعوة شيء آخر ، ذاك أن قضية الإيمان بتلك القضية هو أمر عائد لذات الشخص ، أما التعاطي بإنصاف مع أدلة الدعوة ومحاكمتها محاكمة عادلة هو أمر عام لا يخص شخصا دون آخر وذلك لأن هذه القضية أبى الناس أو قبلوا فهي مكيفة لحياتهم ، وقادم الأيام سيثبت ذلك ، ومن الغباء والبله أن يتعامل معها الناس تعامل ما اتهمت به النعامة من أنها عند إحساسها بالخطر تغط رأسها بالرمال!!
إذن فأنصار الإمام المهدي(ص) هم يدعون الناس للبحث والالتفات إلى هذه القضية ، ولا يجبرون الناس على الإيمان بها ، بل ويصرون على الناس أن ينظروا إلى هذه القضية المهمة بعقلانية وأن يبحثوا في أدلتها وما تقوله بجدية عالية ليصلوا في النهاية إلى قرار الاختيار بحرية كاملة ؛ أما الإيمان أو الكفر بها ، أما ما يحاول الكثير من قراد الثقافة والطفيليات المرجعية تسويقه على الناس من خلال إشاعة منطق (الشك والترهيب والتخويف) فهو باعث على الأسى على تلك العقول التي خلدت إلى النوم وتركت أهواءها تعبث بها أيما عبث ، ولابد لها يوم من أن تصحوا ولكن صحوها لن ينفعها لأن ذلك الصحو سيكون كما وصفه الله سبحانه في قوله{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ}(الأنعام/158) .
ما يثير الأسى في هذا السواد هو أنه يتعاطى بخرافية مع قضية هي حق وعليها بني هذا العالم منذ آدم(ع) إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وقضية المهدي المنتظر من أعظم حقائق هذا العالم الذي لا سبيل إلى دفعها إلا بالاستكبار وقيام الجهل مقام العلم ، ولذا فأولئك الذين يصفون قضية الإمام المهدي(ص) ودعوة وصي ورسول الإمام المهدي(ص) اليوم بأنها (خرافة) هو إنما يفضح واقعه النفسي الخاوي المتهالك الذي قبل أن يتحول إلى ساحة من وصفهم الله سبحانه بقوله الحق{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف/179) ، لقد عطل هذا السواد الذي مسخته الحياة المادية وسلبته إنسانيته جوهرة العقل عن العمل ، وصيَّر من عقله مطية لهواه وشهواته فصار لا يرى إلا الذي بين قدميه بل في أحيان كثيرة لا يرى حتى الذي بين قدميه ، بل لا يرى إلا ما يتوهمه وما يتمناه ، متناسيا أن الحياة الكريمة لا تبنيها الأهواء والأماني المتعلقة بأذيالها ، بل يبنيها المنطق السليم والدليل القائم على الحق ، ولذلك فرواد هذه الغرفة على اختلاف مشاربهم وتنازعهم في الجزئيات ، بل وتصارعهم وتهارشهم على فتاة المادة ، اتفقوا على وصف القضية الحق على أنها (خرافة) كاشفين بذلك عن ضحالة ما انطوت عليه أنفسهم ، وأي سرطان خبيث عشعش في قلوبهم فصبغها بصبغة الرين الكدرة فصاروا مصداقا صارخا لما وصف الحق إياهم بقوله{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(المطففين/14) ، لقد كشفت ألسنتهم مدى انغماسهم في مستنقع الدنيا والمادة الآسن حتى صاروا لا يفرقون بين الحق والباطل ، بل لا يرون إلا الباطل والدنيا والمادة ولا شيء سواها ، وتأملوا في قول وصي ورسول الإمام المهدي السيد أحمد الحسن(ص) عسى أن يكون هناك إنصاف في النظر والتدبر : [هذه هي الأيام الأخيرة واللحظات الحاسمة وأيام الواقعة وهي خافضة رافعة , قوم اخذوا يتسافلون حتى استقر بعضهم في هوة الوادي وقوم بدءوا يرتقون حتى كأنهم استقروا على قلل الجبال وقوم سكارى حيارى لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء همج رعاع يميلون مع كل ناعق , وفي هذه اللحظات الحاسمة لحظات الامتحان الإلهي لأهل الأرض سقط معظم الذين كانوا يدعون أنهم إسلاميون أو يمثلون الإسلام بشكل أو بآخر ومع الأسف فإن أول الساقطين في الهاوية هم العلماء غير العاملين حيث أخذوا يرددون المقولة الشيطانية (حاكمية الناس) التي طالما رددها أعداء الأنبياء والمرسلين والأئمة(ع) ولكن هذه المرة جاء بها الشيطان الأكبر فراقهم زبرجها وحليت في أعينهم وسماها لهم ((الديمقراطية)) أو الحرية أو الانتخابات الحرة أو أي مسمى من هذه المسميات التي عجزوا عن ردها وأصابتهم في مقاتلهم فخضعوا لها واستسلموا لأهلها وذلك لان هؤلاء العلماء غير العاملين ومن اتبعهم ليسوا إلا قشور من الدين ولب فارغ فالدين لعق على ألسنتهم ليس إلا.
وهكذا حمل هؤلاء العلماء غير العاملين حربة الشيطان الأكبر وغرسوها في قلب أمير المؤمنين علي(ع) وفتحوا جرح الشورى والسقيفة القديم الذي نحى خليفة الله عن حقه واقر حاكمية الناس التي لا يقبلها الله سبحانه وتعالى ولا رسوله ولا الأئمة(ع) وهكذا اقر هؤلاء العلماء غير العاملين تنحية الأنبياء والمرسلين والأئمة(ع) واقر هؤلاء الظلمة قتل الحسين بن علي (ع) .
والذي آلمني كثيراً هو أني لا أجد أحداً يدافع عن حاكمية الله سبحانه وتعالى في أرضه حتى الذين يقرون هذه الحاكمية الحقة تنازلوا عن الدفاع عنها وذلك لأنهم وجدوا في الدفاع عنها وقوفا عكس التيار الجارف الذي لا يرحم والأنكى والأعظم أن الكل يقر حاكمية الناس ويقبلها حتى أهل القرآن وللأسف الشديد إلا القليل ممن وفى بعهد الله مع إنهم يقرؤون فيه (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ) .
وهكذا نقض هؤلاء العلماء غير العاملين المرتكز الأساسي في الدين الإلهي وهو حاكمية الله وخلافة ولي الله سبحانه وتعالى فلم يبق لأهل البيت(ع) خلفاء الله في أرضه وبقيتهم الإمام المهدي(ع) وجود بحسب الانتخابات أو الديمقراطية التي سار في ركبها هؤلاء العلماء غير العاملين ، بل نقض هؤلاء العلماء غير العاملين القرآن الكريم جملة وتفصيلا فالله سبحانه في القرآن يقول ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة )( البقرة: 30 )) وانزل الدستور والقانون في القرآن وهؤلاء يقولون أن الحاكم أو الخليفة يعينه الناس بالانتخابات والدستور يضعه الناس وهكذا عارض هؤلاء العلماء غير العاملين دين الله سبحانه وتعالى بل عارضوا الله سبحانه ووقفوا إلى صف الشيطان الرجيم لعنه الله .
ولذا ارتأيت أن اكتب هذه الكلمات لكي لا تبقى حجة لمحتج وليسفر الصبح لذي عينيين مع أن الحق بين لا لبس فيه وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الكلمات حجة من حججه في عرصات يوم القيامة على هؤلاء العلماء غير العاملين ومقلديهم ومن سار في ركبهم وحارب الله سبحانه وتعالى وحارب آل محمد(ع) وأقر (باتباعهم) الجبت والطاغوت وتنحية الوصي علي بن أبي طالب(ع) والأئمة من ولده (ع) .](مقدمة كتاب حاكمية الله لا حاكمية الناس ليماني آل محمد(ص) السيد أحمد الحسن) .
بعد هذا البيان لصاحب الدعوة اليمانية آمل أن ينتبه أولئك المسوقين لمفردة (الخرافة) إلى أنهم بفعلهم هذا إنما يفضحون ما انطوت عليه أنفسهم من جهل وانغماس بالمادة أفقدهم إنسانيتهم ، وجعلهم يتخبطون في ظلمات الوهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وليس أمام الناس اليوم إلا الانتباه إلى أين تسير بهم أقدامهم ليعرفوا غايتهم ، فقيمة الإنسان تتجلى في معرفته للغاية ، ولا إنسانية لمن يعمل بلا غاية حقيقية ، لذا فالخرافة هي ما تنفثه ألسن أولئك من جهالة مرة ، ولا خرافة في النور الذي جاء به يماني آل محمد(ص) ، وفي ذلك فليتدبر المتدبرون ويتفكروا ويبينوا للناس صدق ما يتهمون به هذه الدعوة إن كان أولئك المتهمون عقلاء حقا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى