زاوية العقائد الدينية

ما هكذا تورد يا سعد الإبل!!!

ما هكذا تورد يا سعد الإبل!!!
قراءة في رد المهندس نبيل الجلبي
بدءاً أقدم اعتذاري للأخوة القراء وبالخصوص للأخ المهندس الجلبي لتأخري في إجابة طلبه على ما جاء في ما كتبه ردا على مقال لي عنوانه (ومن يجعل الضرغام للصيد بازه) ،

وكذلك أود أن أبين للأخوة القراء الأكارم عموما أن لغة الحوار الناجع عليها أن تتسم بالهدوء والطرح الهادف للوصول إلى الحقيقة ، ولا شيء غير الحقيقة ، فهذه المفردة ـ أي الحقيقة ـ العظيمة القدر عند ربها سبحانه المهضومة المظلومة عند خلقه كثيراً ما أقحمت في كثير من المواقف إلا بداعي التعصب واللاعقلانية في ميدان الحوار والنقاش ، ولذا أجد أن من الإنصاف أن نعطي للحقيقة حرية التعبير عن نفسها بعيداً عن النهج الجاهلي في العصبية القائم على قاعدة (شرار قومي خير من خيار الناس) ، بل الإنصاف يقول بـ(أن خيار الناس خير من شرار قومي) ، وانطلاقا من قاعدة الإنصاف تلك سأنطلق في حواري مع الأخ المهندس الجلبي ، ولن أنعت هذا الحوار بالرد فنحن لسنا في ساحة صراع بل أنا (والعياذ بالله من الأنا) أطلب الحق والحقيقة وهي غايتي المنشودة من دون تعصب ، وكذلك من باب الإنصاف أرى أن دافع الأخ الجلبي وحميته ـ التي سيرى إن شاء الله أنها للأسف لم تكن في محلها ـ هو معرفة الحق والحقيقة ، وإلا لو كان دافعه غير ذلك ـ لا سمح الله ـ فسيكون الحوار عقيماً ، لاختلاف المنطلقات وافتراق الغايات .
وسأبدأ المحاورة مع الأخ المهندس الجلبي من بيان قمة الإسلام بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما) ، فالثابت أن الأشياء والمسميات لها قمة واحدة وهذا الوصف مأخوذ من أعلى نقطة في الجبل ، أما وجود قمتين لجبل واحد فهذه ما لم يرَ مصداقا لها إلا في الخيالات والأساطير ، ربما ، والقمة الحقيقية للإسلام هو نبيه(ص) خاتم الأنبياء وسيد الخلق أجمعين ، ومن المعلوم أن سنة الله سبحانه في الذين خلوا من الأنبياء(ع) هو أن يكون لكل نبي وصي ، حيث ورد عن : [أبي سعيد الخدريّ أنّه قال : إنّ سلمان قال : قلت لرسول الله  : لكلّ نبي وصي ، فمَن وصيّك ؟ فسكت عَنّي ، فلمّا كان بعد رآني فقال : يا سلمان ؛ فأسرعت إليه وقلت : لبّيك ، فقال : تعلم مَن وصيّ موسى ؟ قلت : نعم ، يوشع بن نون ، فقال : لِمَ ؟ قلت : لأنّه أعلمهم يومئذٍ ، قال : فإنّ وصيّي وموضع سرّي وخير مَن أُخلّف بعدي ينجز موعدي و يقضي دَيني ، عليّ بن أبي طالب .](كشف الغمة:1/150) ، وورد عن : [بريدة عن رسول الله(ص) قال : لكل نبي وصي ووارث وأنّ علياً وصيي ووارثي .](المعجم الكبير للطبراني:6/221) ، وورد عن : [معاذ عن رسول الله(ص) أنه قال : يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي ، وتخصم الناس بسبع ولا يحاجك فيه أحد من قريش : أنت أولهم إيماناً بالله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله ، وأقسمهم بالسوية وأعدلهم في الرعية ، وأبصرهم بالقضية ، وأعظمهم عند الله مزية .](حلية الأولياء:1/65) ، فهذه لمحة من الأحاديث التي وردت عن رسول الله(ص) وذكرها القوم في مصادرهم المعتمدة لديهم ، ولم آتيك بمصدر من مصادر الذين يدينون لعلي(ص) بالولاية ، وهناك عشرات الأحاديث ، بل المئات إذا لم نبالغ لمن شاء أن يحصي ويستقصي ، بينت أن القمة في الإسلام بعد رسول الله(ص) هو علي بن أبي طالب ، وعلى وفق الحديث المروي عن معاذ ليس لأحد أن ينازع عليا(ص) أو يحاجه في هذه الخصال السبعة ، فكيف يكون من ذكرتهم قمما وهم ليس لهم واحدة من تلك الخصال ينمازون بها عن علي(ص) ، إذن فقولك أنهم (قمتي الإسلام) هو قول هوى وتعصب ولا دليل عليه ، بل ولا اعتبار له في ساحة النقاش العلمي ، لأن كل قول أو وصف لا دليل عليه فهو زخرف من القول .
أما وصفك للأول بـ(الصديق) ، وللثاني بـ(الفاروق) وهما صفتان لعلي(ص) سلبهما منه القوم فهو مما لا دليل عليه ، بل الدليل قائم على نقضه بالحديث الذي رواه معاذ بن جبل ، فوصف (الصديق) يطلق على (أول الناس إيمانا بالله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله) والموصوف هنا هو علي(ص) ولا أحد سواه ، ووصف (الفاروق) يطلق على من هو (أقسمهم بالسوية وأعدلهم بالرعية ، وأبصرهم بالقضية) ، وهذا ما شهد به الثاني لعلي(ص) حيث ورد عنه في أكثر من سبعين موضعا أنه قال وبصريح القول (لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن) ، (ولولا علي لهلك عمر) ، إذن كيف يكون قمة وفاروقا من يحتاج إلى فاروق ينقذه من الهلاك؟؟؟؟!!!
أما وصفك إياي بأني (أتهجم ـ في مقالي الذي رددت عليه ـ على الصحابة الكرام) فهذا تعميم لا إنصاف فيه للصحابة ، ولا علمية فيه مطلقاً ، فـ(نظرية) أن كل الصحابة عدول ، هذه النظرية منقوضة في القرآن والسنة ، فلا عدالة إلا لمن التزم نهج الله في العمل ولم يخالفه ، ولذلك فصحابة كسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وآخرين هؤلاء محترمون ومشهود لهم بالعدالة ، أما الأول والثاني أي الشيخين فإن الدليل قائم على أنهما ليسا عادلين ، بل وثبتت ردتهم بعد التحاق رسول الله(ص) بالرفيق الأعلى ، فمن الثابت أن رسول الله(ص) طلب من الناس أن يحضروا له كتفا ودواة ليكتب للناس كتابا لن يضلوا بعده أبدا ، فما كان من عمر إلا أن قال (دعوه فهو يهجر) ، وحاول البخاري التخفيف من جرأة الكلمة على الله ورسوله فرواها (غلب عليه الوجع) ، والقرآن ماذا قال في حق رسول الله(ص)؟؟!! قال تعالى {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(آل عمران/132) والنص هنا فيه أمر على طاعة الرسول(ص) مطلقا إذ قرنها سبحانه بطاعته ولم يستثن الطاعة في أي زمن ، فبأي لسان كان رد عمر لأمر رسول الله(ص)؟؟؟!!! الله سبحانه يأمر بطاعة الرسول(ص) مطلقا ، وعمر يأمر بعدم طاعة الرسول(ص) ، فمن يا ترى نطيع؟؟؟؟!!!!! وهذه المصيبة ذكرها عدد معتد به من مصادر السنة ورووها عن ابن عباس بعنوان (رزية يوم الخميس) ، كما أن الرجلين شملتهما لعنة الرسول(ص) بعد أن أنفذهما في جيش أسامة وأمرهما بالالتحاق به ، فخالفا أمر رسول الله(ص) وتخلفا عن جيش أسامة ورسول الله(ص) (لعن الله من تخلف عن جيش أسامة) ، وبعد انتقال رسول الله(ص) إلى الرفيق الأعلى يخرج أبو بكر على الناس ويقول لهم بصوت عال (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فالله حي لا يموت) وعلى الرغم من أن أهل العامة يعدون هذه المقالة من مناقب أبي بكر!!! ولعمري أي منقبة تلك ، بل أي مصيبة تلك ، وكأن القوم لا يرون إلا بعين الرضا وتلك العين عن كل عيب كليلة ، ولو أننا نظرنا في مقالة أبي بكر تلك لوجدنها دالة على إعلان الرجل لموت دين محمد(ص) ، فمحمد(ص) هو دين الله الإسلام ، وإعلان أبي بكر (موت محمد(ص)) يعني موت الإسلام ، وقوله (فالله حي لا يموت) هو قول إبليس(لع) فإبليس ليس كافراً بالله سبحانه بل هو وصل إلى رتبة طاووس الملائكة بعبادته لله سبحانه ، بل هو كافر بتنصيب الله سبحانه ، ومتمرد على إرادة الله سبحانه في آدم(ع) ، وقول أبي بكر يعكس هذا المعنى تماما ، فإعلان موت محمد(ص) هو إعلان موت سنته ، والشروع في سنة أخرى اصطلحوا عليها بـ(سنة الشيخين) وقول أبي بكر هذا هو تأكيد لقول عمر عندما منع الناس من أن يأتوا بالكتف والدواة لرسول الله(ص) عندما أعقب بعد قوله الفاحش (يهجر) بقولة أدهى وأمر (حسبنا كتاب الله) ولو كان عمر مؤمنا حقا بكتاب الله سبحانه ومحتسبا له كما يزعم لأنفذ أمر رسول الله(ص) فهو مأمور بنص الكتاب بطاعة رسول الله(ص) فلماذا عصا الكتاب هنا؟؟؟؟؟؟ أ ليس عصيانه وتمرده هذا هو عصيان لأمر الله سبحانه وتمرد عليه؟؟؟؟؟؟؟!!! ، وتأملوا قول أمير المؤمنين علي(ص) في واحدة من خطبه ليستبين لكم حقيقة الأمر ، وآمل أن تكون القراءة للكلام وليس لصاحبه ـ لأنني لست في معرض الشهادة لعظمة قائله ـ أي أنني استشهدت به في هذا الموضع من المقال لما فيه من الحكمة والبيان لمن شاء أن ينتصر للحقيقة لا لعصبيته ، حيث قال أمير المؤمنين علي(ص) : [ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم ونفيا للاستكبار عنهم ، وإبعادا للخيلاء منهم فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد ، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة لا يدرى أمن سني الدنيا أم سني الآخرة عن كبر ساعة واحدة . فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصية ؟ كلا ، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا إن حكمه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد . وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرمه على العالمين فاحذروا عباد الله أن يعديكم بدائه ، وأن يستفزكم بندائه ، وأن يجلب عليكم بخيله ورجله] ، فلمن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد(ص) نبياً فعليه أن ينتبه إلى أن حكم الله سبحانه واحد في أهل السماء وأهل الأرض ، فهل بعد هذه البينات الواضحات التي يذكرها القوم في مصادرهم وبصور متعددة ، يبقى لأبي بكر وعمر في ميزان الحق والعدل مكانا ، وهل يجوز لأحد منصف همه الحقيقة أن يسميهما قمتي الإسلام؟؟؟؟!!!
أما حادثة الغار فلو كان هناك قارئ للقرآن منصف لما عدّ ما حصل في الغار منقبة لأبي بكر ، وسوف أضع الآية الكريمة حسب لا غيرها ولنقرأها قراءة منصفة ونتدبرها ـ والمسلمون مأمورون بالتدبر بالقرآن ـ قال تعالى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(التوبة/40) ، تدبر أخي القارئ حيث تطالعنا الآية الكريمة بـ(إلا تنصروه) أي إنكم خذلتموه والخطاب هنا موجه إلى أولئك الذين ينبغي عليهم نصرته وهم صحابته ـ كما يزعمون ـ وهم قطعا ليس علي(ص) فهو قد خلفه في فراشه وافتداه بنفسه ، وقطعا ليس أولئك الذين هم مهاجرون في الحبشة ، ولم يبق إلا أولئك النفر الذين سيقت حول نصرتهم للإسلام الحكايات والأساطير وعلى رأسهم الثلاثة (أبو بكر وعمر وعثمان)!!! فطلب النصرة قطعا لا يكون من كفار قريش فليس هناك عاقل يقول بهذا .
والوقفة الثانية ستكون مع (إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين) والنص هنا يكشف عن أن الأولوية ليست لرسول الله(ص) فهو ثاني ، وكان المفروض أن يكون أولا فهو المقدم عند الله سبحانه ، ولكن أخوتي القراء تدبروا مفردة (أخرجه الذين كفروا) فرسول الله(ص) أخرج عنوة وأكره على الخروج ويبدو أن للأول الذي تقدم في الخروج على رسول الله(ص) يد في مخطط الخروج ، ولذلك كان ترتيب الرسول(ص) في هذا الخروج ثانيا ليكشف عن مظلوميته واضطراره ، وتقدمه من هو دونه ليكشف أن للأول دور في عملية الإخراج الظالمة تلك ، بدليل ما حصل بعد خروجه (ص) حيث انتظر أولئك المتربصون حتى الفجر ودخلوا بيت رسول الله(ص) عازمين على قتله لو كان قد بقي ولم يخرج ، بدليل أن القتلة قبل أن يطعنوا النائم في الفراش ، والمؤكد لديهم أنه كان فراش رسول الله(ص) وهم قادمون لقتله فالحال الاعتيادي يقول كان عليهم الطعن مباشرة لأنه ليس هناك من شك في أن النائم هو محمد(ص) ، أما وقد قاموا بالكشف عن وجه النائم ليتأكدوا فهذا دليل ـ لا أقل ـ يشعر أن الإخراج كان قهريا وبصفقة عقدها الذين كفروا مع الأول وتم تبليغ الرسول(ص) عبره بل وكان خروجه معه لإتمام مخطط تصفية رسول الله(ص) بعيدا عن مكة ومن ثم التنصل عن قتله بأي حجة ولكن (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) فقد أرادوا أمرا ودبروه بليل وأخزاهم الله بتدبيرهم وقلب الأمر عليهم من حيث لم يحتسبوا ، ولو لم يخرج رسول الله(ص) تلك الليلة لكانوا قتلوه ، ولذلك كان الأمر لأولئك القتلة ؛ إنكم قبل تنفيذ الجريمة تأكدوا من النائم فإن كان هو فاقتلوه ، وإن كان غيره فلا تفعلوا ، وأما آية خروجه من داره من دون أن يشعر به القتلة فهذا من تدبير الله ، فلو كان قد أحس به أولئك القتلة لتعقبوا أثره ، حتى يبتعد عن مكة لينفذوا جريمتهم ويتنصلوا من تبعاتها .
تدبر أخي القارئ قوله تعالى وصفا للحال في الغار {إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه} وهنا أود أن الفت الانتباه أن النص الكريم سمى أبا بكر (صاحبه) ولو كان أبو بكر هو خليفة رسول الله(ص) بالحق لكان سماه القرآن (فتاه) كما سمى يوشع بن نون وصي موسى(ع) وخليفته حيث قال تعالى {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً}(الكهف/60) ، ووصف أبي بكر بالصاحب يدلل على ذم ولا يدل على مدح كما ورد في القرآن لفظ الصاحب بصور متعددة في مقام الذم في الآيات الآتية :
1- قال تعالى {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}(الأعراف/184) ، إذن الصحابة هنا يظنون أن صاحبهم وهو الرسول به جنة أي مجنون!!! فهل هذا الحال يجعل لأولئك الصحابة أي كرامة؟؟؟!!
2- قال تعالى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(التوبة/40)
3- قال تعالى {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً}(الكهف/34) فالقائل هنا كافر ، وصاحبه مؤمن .
4- قال تعالى {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً}(الكهف/37) ، والقائل هنا المؤمن وصاحبه الكافر .
5- قال تعالى {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(لقمان/15) فالمصاحبة هنا من الولد لوالدين كافرين .
6- قال تعالى {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ}(القمر/29) ولا أظن أن كفر الصاحب هنا خفي ، وعاقر الناقة هو أشقى الأولين!!
إذن يتحصل لدينا من وصف (الصاحب) إنه إذا كان أحدهم مؤمن فالثاني هو كافر ، أو أن الصاحب كما في الآية (6) هو كافر واضح الكفر . فلا أقل أن وصف (الصاحب) إذا لم يكن قدحا كما في الآيات ، فهو ليس مدحا مطلقا ولا يعطي مرتبة أو يدلل عن مقام يفتخر به صاحبه .
قول الآية الكريمة {لا تحزن إن الله معنا} و(لا تحزن) نهي واضح ولا يحتاج إلى دليل ، والنهي لا يقع من الرسول(ص) إلا عند وقوع منكر ، فإذن أبو بكر فعل منكراً استحق به وقوع النهي من الرسول(ص) ، والذين يحاولون تجاوز الواقع والعمل على تلطيفه كما فعل البخاري مع قول عمر الفاحش (يهجر) وحاول تخفيف العبارة بـ(غلبه الوجع) ، أولئك يفضحون جهلهم فرسول الله(ص) لا يقع منه النهي ـ مجاملة ـ إلا إذا كان الفعل الواقع منكراً ، وليس هناك من تلطف بالحال مطلقا ، والذين يحاولون أن ينتصروا لأبي بكر فعليهم أن ينتبهوا أنهم يتجاوزون منطق اللغة وحكمة قائلها ، ويسيئون لرسول الله(ص) ويجعلون من نهيه عن المنكر (تلطفا ومحاباة) ، كما أن الموقف في الغار لا يستلزم من أبي بكر الحزن!!! لماذا؟؟؟ لأن الحزن لا يقع إلا على فوات أمر يرجى حصوله ، قال تعالى {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(آل عمران/139) ، فما الذي وقع بأبي بكر وجعله يحزن ، والموقف هو موقف خوف لا حزن؟؟؟!!! أترك للقارئ اللبيب مسألة التفكر بسبب حزن أبي بكر الذي نهاه عنه رسول الله(ص) .
قال تعالى{فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها} فالسكينة هنا نزلت على المؤيد منه سبحانه ، فمن يا ترى المؤيد من ربه ؛ رسول الله(ص) أو أبو بكر؟؟؟!!! قطعا المؤيد هو رسول الله(ص) والذي يقول غير ذلك عليه أن يأتي بالدليل ، أما كون الرسول(ص) هو المؤيد يؤكده قوله تعالى {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}(الأنفال/62) ، والذي لم تشمله السكينة هو الصاحب ، ومن لا تشمله السكينة الإلهية هل هو مؤمن؟؟؟!!! والله يصرح في كتابه المجيد إن السكينة منزلها قلوب المؤمنين ، قال تعالى {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}(الفتح/4) ، وقال تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً}الفتح18) ، إذن شهد القرآن أن الصاحب لم يكن مؤمنا ليستحق أن تشمله السكينة ، ولو كان مؤمنا لشملته السكينة النازلة من الله سبحانه .
أما قوله تعالى{ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} يكشف عن حقيقة هذه الرحلة الشاقة التي مرّ بها رسول الله(ص) مع الذين كفروا وصاحبه ، وتبين سبب حزن الصاحب في غير موضع الحزن لقد حزن صاحبه لأن كلمة الذين كفروا جعلها الله السفلى ، وبين مقام كلمته بأنها هي العليا ، فإذا كان كلمة الله العليا هو ؛ محمد(ص) ، فمن هو كلمة الذين كفروا التي جعلها الله سبحانه السفلى؟؟؟!!! أيضا أترك الإجابة كي يتدبرها القارئ اللبيب .
أما مقام ابنتيهما أي عائشة وحفصة فقد كفانا القرآن بيان حالهما مع الرسول الأكرم(ص) حيث قال تعالى {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}(التحريم/4) ، والغريب أن أهل السنة من دون دليل يجعلون معنى (صالح المؤمنين) (أبا بكر وعمر) وهذا من غريب القول حقا ، بل أن بيان حال أبي بكر في آية الغار يخرجه من كونه مؤمنا ، وقول عمر راداً على رسول الله(ص) (إنه يهجر) يدخله في دائرة التمرد والعصيان لأمر الله ورسوله(ص) فضلا على أنهما مشمولان بلعنة رسول الله(ص) لتخلفهما عن جيش أسامة ، فكيف يستقيم وصف القرآن لهما بـ(صالح المؤمنين) ووصفه لأحدهما بأنه فاعل المنكر وأنه المحروم من إنزال السكينة عليه ، فهل يختلف القرآن ، والله سبحانه يقول {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}(النساء/82)؟؟؟!!! كما أن وصف (صالح المؤمنين) فيه بيان مرتبة ومقام ، وفيه إفراد لصاحب المقام ، بمعنى أن الموصوف هو فرد وليس مثنى ، وهو (أمير المؤمنين وسيدهم) ، من جهة ، ومن جهة أخرى هو المدافع عن رسول الله(ص) والذاب عنه ، ولم يعرف أحد يوصف بذلك غير علي بن أبي طالب(ص) ولست بحاجة إلى إعادة الحديث آنف الذكر الذي عدد سبعة من الخصال يتفرد فيها علي(ص) على الناس كلهم باستثناء محمد(ص) ، ولا أريد أن أكشف الكثير من الأوراق التي تبين أن حال المرأتين ضرب الله سبحانه له مثلا في امرأتين من نساء الأنبياء(ع) ، قال تعالى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}(التحريم/10) ، وليس لأحد من نساء الرسول(ص) مواقف لا أقل أن يقال فيها أنها أغضبت الرسول(ص) غير هذين المرأتين ، فأي كرامة لمن شهد القرآن بتمرده على الله ورسوله(ص)؟؟؟!!!
أعتذر عن الإطالة على الرغم من أن ما ذكرت هو غيض من فيض من المصائب التي جرها الشيخان وابنتاهما على الأمة ، حيث كانا السبب الرئيس في الانقلاب عن دين محمد(ص) ، والاستنان بسنة غير سنة محمد(ص) اصطلح عليها أتباعهم بـ(سنة الشيخين) ، واللبيب بالإشارة يفهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى