زاوية العقائد الدينية

ويمكرون ويمكر الله: ــ بين خنادق الحكومة العراقية وحصون بني النضير

بسم الله الرحمن الرحيم

على الرغم من أن دعوى التخندق التي تعلنها الحكومة العراقية قد تنطلي على من ليس له أدنى اطلاع على صيرورة العالم في آخر الزمان ، وليس له علم بالأحداث والوقائع التي ستحدث ، وكيف تنقلب حركة التأريخ عقباً على رأس ، وتتغير المشيئة الإلهية بعد أن يتعطل كل هذا النظام الممنطق لحاكمية الناس في حركة الأحداث والوقائع ، ليبدأ العالم بداية جديدة تختلف تماما عما بني عليه تصور الناس من أن هذا النظام ـ نظام حاكمية الناس ـ الذي لا سبيل للخروج عليه أو تبديله ، يتبدل ويتغير بل ويقوَّض من أساسه ، لتبدأ حضارة جديدة قديمة في البناء والإعمار للنفوس المخربة قبل الأبنية والشوارع لتجعلها عامرة بمحبة الله سبحانه ، تلك هي سنة الله سبحانه في الذين خلوا (ولن تجد لسنة الله تبديلا) .

يذكر لنا التأريخ أن بني إسرائيل بنوا يثرب(المدينة المنورة بنور سيد الخلق(ص)) لاستقبال نبي العالم الجديد وسيد الرسل وخاتم الأنبياء(ص) ، وتهيؤوا لاستقباله عندما لاحت لهم علامات يعرفونها في كتبهم على قرب ظهوره ، وما إن ظهر من غير الجهة التي كانوا يأملون أن يأتي منها ؛ حيث كانوا يتوقعونه من بني إسرائيل ، وهو كان كذلك ، ولكنه ليس منهم أي من بينهم ، بل من ولد إسماعيل(ص) ثارت ثائرتهم وقامت نائرتهم وحشدوا كل إمكاناتهم التي يعرفون لتكذيب هذا النبي(ص) ليس لأنه خالف العقيدة التي يؤمنون بها أو غير ثابتا من ثوابتها ، أبداً ، بل لأنه خرج من العرب من مكة ولم يخرج منهم من يثرب ، مع أن الثابت لديهم في كتبهم ؛ إنه من ولد إسماعيل(ص) ، ويأتي من فاران راكبا جملاً ، وأن مهاجره إلى يثرب وليس خروجه منها!!!

وكل ذلك تحقق فضلا على تحقق الكثير من العلامات التي دفعت الكثير من اليهود إلى الإيمان بنبوة محمد(ص) ، أما الذين ركبوا رؤوسهم واستحوذ عليهم العناد لجؤوا إلى التخندق وراء حصونهم حيث يصف القرآن الكريم حالهم بقوله تعالى{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}(الحشر/2) حيث ورد أن نزول هذه الآية كان في يهود بني النضير عندما نكثوا عهدهم مع رسول الله(ص) بعد معركة أحد وذهبوا للتحالف مع قريش!!!

أما اليوم فتبادل القوم الأدوار ، بل ربما هي الأدوار ذاتها ولكن ما تبدل فيها معلن الاتفاق ، ذاك أن المتحالفين هما هما ؛ قريش آخر الزمان ، ويهود آخر الزمان ، وهذا التحالف البغيض يعني أن هناك من هو برعم لمحمد(ص) يريد المتحالفون استئصاله ، على الرغم من علمهم الأكيد أن ما يحاولونه عبث يترفع عن القيام بمثله الحمقى!!!

فهذا الذي يجري على الأرض اليوم لا يحتاج إلى ثاقب نظر ؛ أن هناك حجة لله سبحانه على الخلق والخلق تتآمر عليه ولذلك كلما يتقدمون خطوة في طريق التآمر عليه يعودون عشرات الخطوات إلى الخلف جراء الرعب الذي يداخلهم عندما يجدون عصا الله سبحانه على ظهورهم من دون صوت ولكنها عندما تضربهم تبهضهم وتجعلهم يرجعون القهقرى خاسئين مدحورين!!!

إن سياسة التخندق التي تقوم بها (الحكومة العراقية) اليوم هي تماما تشبه إلى حد كبير تحصن اليهود في حصونهم الكائنة في المدينة المنورة ، وهم بهذا التخندق يظنون أنهم سيعصمون أنفسهم من أمر الله سبحانه ، لكن أنى لهم ذلك ، وقد استدار الفلك واختلفت الشيعة وكفر بعضهم بعضا ، وسمى بعضهم بعضا كذابين!!!

ليس أمام الشيعة اليوم غير سبيل واحد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حلول الفوت ، ذاك أن عندما يحل الفوت فلا يقبل من أي نفس إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا .

إن سياسة التخندق تعطي دلالة واضحة للمحلل السياسي ؛ أن الحكومة العراقية ومن خلفها الرعاية البابوية للسيستاني وحوزة الشيطان ـ في أحسن حالات الظن بها ـ تشعر بمأزق خطير بدأت تتحسس خطورته ، تماما بعد أحداث العاشر من محرم الحرام الماضي على الرغم من كل هذا التكتم الإعلامي ، وسياسة الإخفاء التي تستعملها تلك الحكومة السيستانية ، ولو كان لدى هذه الحكومة(السيستانية) ذرة من شجاعة تتحلى بها لأفصحت عن السبب وراء حدوث خمس هزات أرضية متتالية في مدينة الكوت بعد أيام قلائل من أحداث العاشر من محرم الحرام ،

ولأفصحت عن سبب الأزمات المتفاقمة على الرغم من سياسة القبضة الحديدية التي تنتهجها ـ بمساندة راعيتها القوات المحتلة ـ مع كل من يخالف نهجها في العمل والحركة ، ولأفصحت عن الأوبئة التي راحت تطحن العراقيين طحن الرحى ؛ منها أوبئة ظن الناس أنها باتت من الماضي ولكنها عادت بمنجلها لتحصد ما تطاله يدها ، كالكوليرا ، والسرطانات الغريبة التي تفشت في مدينة النجف وخصوصا في حي الأنصار الذي كانت فيه حسينية (أنصار الإمام المهدي(ص) أتباع السيد اليماني أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي(ع)) ، ومن يشأ التحقق فليذهب إلى كل مكان كانت فيه للأنصار حسينية أو مكتباً ، وليسمع ماذا جرى على سكنة تلك الأماكن بعد تهديم الحسينيات وحرقها وسلبها ونهبها ، واسألوا حكومة الشر ما حقيقة واقعها الذي تعيشه اليوم؟؟؟

ولماذا حفر الخنادق؟؟؟

ولماذا هذا الهدر بالأموال؟؟؟

أ تخشون أمر الله حقاً ؟؟؟!!!

لو كنتم تخشون أمر الله حقاً لأسلمتم قيادكم لمن بعثه الله سبحانه لإنقاذكم من شفا حفرة النار التي أنتم عليها الآن مشرفون ، وبعد تكذيبكم إياه وإرصادكم لمحاربته أبشروا بانهيار شفا الحفرة بكم ، ولتفرح جهنم بالقادمين إليها سعيا على الرأس لا مشيا على القدم!!!

ها أنتم اليوم تحفرون الخنادق لتقيكم عذاب الله سبحانه ، فما تفعلون لو صب الله سبحانه العذاب فوق رؤوسكم صباً ، أو خرت عليكم بيوتكم من القواعد وسقطت عليكم سقفها وأنتم تحتها ، أو غشيكم الموج من كل مكان ولا عاصم لكم ذاك اليوم من أمر الله إلا من رحم ، فهل ستقولون مقالة ابن نوح (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء …) فيأتيكم نداء الحق (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) فبماذا ستنفعكم خنادقكم؟؟؟!!!

لماذا تتمثلون دور النعامة الذي ألصق فيها زوراً ؛ بأن تضعوا رؤوسكم في الرمال كلما أحسستم بالخطر!!!

والخطر هذه المرة عظيم وجسيم ، ولا عذر لكم ولا عاذر ، لقد أسمعكم السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي(ص) كلمة الحق ونصح لكم ، ولكن لا تحبون الناصحين ، قال تعالى{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(الرعد/41) ،

وقال تعالى{بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}(الأنبياء/44) ، ألا ترون كيف أتى الله سبحانه الأرض وراح ينقصها من أطرافها؟؟؟!!!

أ ليست هذه الأعاصير والزلازل والكوارث التي بدأت تنزل في أطراف الأرض هي نذر الله سبحانه وتعالى إليكم يا أهل الأرض لعلكم تعتبرون؟؟؟!!!

أأمنتم مكر الله جلت قدرته والله سبحانه يقول{أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}(الأعراف/99) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى