لا أزال اذكر تلك الأيام التي كنا نتناول أطراف الحديث حول رفض السيد الصدر رحمه الله تسمية آية الله وكنت اجهل السبب وأتصور انه ربما كان متواضعا
وهكذا كنت اظن ان العلماء السابقين يفعلون ذلك أيضا حيث كانوا يسبقون اسمهم بكلمة العلامة أو المحقق أو الفقير أو المذنب وربما يذكر بعضهم اسم عائلته فقط أما ما يحدث في هذه المرحلة الزمنية الخطيرة من عملية استحمار واستغفال للناس بوضع أسماء مقدسة لعلماء النجف لا تخصهم ولا تمت إليهم بصلة ولكن فقط هو لصنع برقع قدسية زائف ما انزل الله به من سلطان فهو كارثة كبيرة يجب الالتفات لعظم خطرها ؛ فلقب آية الله اسم خاص للائمة تحديدا وآية الله العظمى لقب مخصوص بأمير المؤمنين فقط ولا يحق لأحد حتى الأئمة (ع) التسمي به واليكم هذا البيان الذي أصدره السيد اليماني احمد الحسن وتم توزيعه في جميع المحافظات العراقية ونشر في صحيفة الصراط المستقيم التي توزع في اغلب محافظات الوسط والجنوب والذي يوضح كيف انحرف هؤلاء الجهلة عن المنهج الإلهي ليتقمصوا مقامات الأئمة المعصومين (ع) ويصرون على فعلهم ويتكبروا أكثر وأكثر بالتمادي بإضافة لقب الإمام أيضا علوا واستكبارا وامعانا في سلب حق الائمة (ع) وهذا هو موضع الحاجة من البيان : ـ (( … ( قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طـه:16) .
الآية هي العلامة أو الدليل ، ونسبتها إلى الله سبحانه وتعالى أما من جهة إثبات وجوده سبحانه وتعالى ، وإما من جهة معرفته سبحانه وتعالى .
فأما من جهة إثبات وجوده سبحانه وتعالى فتكون كل المخلوقات والموجودات آيات الله سبحانه وتعالى والإنسان أعظمها ، فكل الموجودات مشيرة إلى وجود الخالق لأنها مخلوقة ، ومشيرة إلى وجود المؤثر لأنها آثار ، والإنسان أكثرها دلالة وإشارة على وجود الخالق سبحانه وتعالى .
وأما من جهة معرفته سبحانه وتعالى فلا تكون آيات الله إلا حججه سبحانه وتعالى على خلقه ، حيث أن بهم يعرف الله فهم الأدلاء عليه بالحق واليقين ، وبهذا المعنى يكون آيات الله هم الأئمة (ع) وآية الله العظمى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بالخصوص ، ويكون آية الله في هذا الزمان هو الإمام المهدي (ع) ، بل ولا يصح بهذا أن يسمى الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) بآية الله العظمى ، لان هذه المبالغة خص بها وصي الأوصياء علي بن أبي طالب (ع) باعتبار انه من عرف الله وعرّف الخلق بالله سبحانه وتعالى بعد محمد (ص).
ولما كان العلماء لا يريدون المعنى الأول قطعاً لانه يشمل كل إنسان سواء كان صالحاً أم طالحاً ، بل أن المعنى الأول ناظر إلى جنس المخلوق ، فاستخدامه للتمييز بين أفراد الجنس الواحد سفه وسفسطة لا طائل من ورائها ، إذن فهم يريدون المعنى الثاني قطعاً ، وهم بهذا قد وقعوا في المحظور ، فاطلاق هذه التسمية أي آية الله على غير الأئمة (ع) حرام بل وإطلاق آية الله العظمى على غير أمير المؤمنين (ع) حرام أيضاً .
وقد ورد في الروايات الصحيحة عنهم (ع) تسمية فاطمة (ع) والأئمة (ع) بآية الله . عن الكاظم (ع) عن آبائه (ع) عن رسول الله (ص) قال (دخلت الجنة فرأيت على بابها مكتوباً بالذهب لا اله إلا الله محمد حبيب الله ، علي بن أبي طالب ولي الله ، فاطمة آية الله … ) كنـز الفوائد ج 1 ص 149 ، وعن أمير المؤمنين (ع) قال (الإمام كلمة الله ، وحجة الله ، ووجة الله ، ونور الله ، وحجاب الله ، وآية الله ، يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الولاية والطاعة على جميع خلقه ، فهو وليه في سماواته وأرضه … ) بحار ج 25 ص 169 ، البرسي مشارق أنوار اليقين ، وورد تسمية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بآية الله العظمى ، قال الشيخ المفيد والشهيد والسيد بن طاووس في كتاب الإقبال (رض) روي أن جعفر بن محمد الصادق (ع) زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه بهذه الزيارة ( … إلى أن قال (ع) السلام عليك يا آية الله العظمى … ) البحار ج 97 ص 373 ، الإقبال ص 608 ، مفاتيح الجنان ص 448 زيارة أمير المؤمنين في يوم ميلاد النبي (ص) .
وورد النهي والإنكار على من يسمي غير علي بن أبي طالب (ع) بأمير المؤمنين ، عن الصادق (ع) (سأله رجل عن القائم (ع) يسلم عليه بإمرة المؤمنين ، قال لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين (ع) لم يسم به أحد قبله ، ولا يتسمى به بعده إلا كافر ، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : يقولون السلام عليك يا بقية الله ثم قرأ (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (هود:86) ) الكافي ج 1 ص 411 . وسُأل الرضا (ع) ( لم سمي أمير المؤمنين (ع) قال (ع) : لأنه يميرهم العلم ، أما سمعت في كتاب الله {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} ) الكافي ج1 ص 412 ، فإذا كان لا يتسمى بعد علي (ع) بأمير المؤمنين إلا كافر فما هو دليلهم على أن يسموا أنفسهم باسم خص به أمير المؤمنين (ع) وهو آية الله العظمى . (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى * أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى … وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً * فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى) (النجم:23-30)
فيجب أن لا يتعدى الناس حدودهم وخصوصاً العلماء وعليهم الالتفات إلى هذا الحق والانصياع له فبالتواضع تنبت الحكمة لا بالتكبر…..))
ومن الأخلاقيات التي التزم بها علماء آخر الزمان والتي تفضح تكبرهم وعصيانهم لأمر الإمام المهدي (ع) هو تقديم أيديهم للتقبيل وهذا ما أجاب عنه السيد احمد الحسن عندما تقدم احد الإخوان له بالسؤال عن هذا الموضوع حيث قال : ـ (( لا يجوز تقبيل أيدي علماء الدين فأن تقبيل اليد لا يصلح إلا لنبي أو وصي كما قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) الحديث في أصول الكافي
وكل عالم دين يقدم يده للتقبيل أو يرضى بهذا الفعل ويسمح للناس بتقبيل يده فهو عاصي لآمر الله ورسوله ولأمر الأئمة ولأمر الإمام المهدي (ع) وعلى العلماء أن يتواضعوا ويخضعوا لأمر الله ورسوله والأئمة والإمام المهدي (ع) وينصاعوا لما يصدر منه (ع) لا أن يتكبروا ويترفعوا على الناس ويقدموا أيديهم للتقبيل متشبهين بالأباطرة والطواغيت وأسال الله لهم الهداية إلا من ابى وكفر))