لم تذكر الروايات المعتبرة أن الرسول محمد (ص) أمر بطاعة أبي بكر وعمر بن الخطاب لا في حياته ولا بعد مماته (ص)، بل نجدهم ليسا من أهل القيادة في المعارك والحروب، ولم نجد أن الرسول (ص) أمَّرهما على اثنين !
بل العكس هو الصحيح، فدائماً تجدهم منطوين تحت لواء أمير أو قائد ما، سوى في فتح خيبر عندما كلفهما الرسول بفتح حصن خيبر ولم يفلحا بذلك وكان ما كان … ! وخير مثال مسألة جيش أسامة بن زيد، حيث جعل الرسول (ص) اسامة بن زيد قائداً للجيش بما فيهم أبو بكر وعمر ولعن من تخلف عن جيش اسامة، وقد تخلف الشيخان عن الجيش.
أخرج المتقي الهندي تحت عنوان: عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قطع بعثا قبل موته وأمر عليهم أسامة بن زيد وفي ذلك البعث أبو بكر وعمر فكان أناس من الناس يطعنون في ذلك لتأمير رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة عليهم . . . الحديث ) كنز العمال ج10 ص570 571 ح30264.
وبنفس المضمون في الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص249 و ج4 ص66.
وكان سن أسامة بن زيد يومئذ ثمانية عشر سنة على اعلى التقادير الواردة في الاخبار بل نجد ان الرسول (ص) أمَّر عليهم حتى عمرو بن العاص وعبيدة بن الجراح على ما روي في مصادر أبناء العامة، ورغم ان الامرة على الجيوش لا تدل على استحقاق الخلافة إلا انه يدل على ان أبا بكر وعمر ليسا من شأنهما القيادة حتى في هكذا أمور فضلاً عن قيادة أمة كاملة والقيام في مقام الرسول محمد (ص) !
وبغض النظر عن القيادة فاننا نجد مثلاً عمر بن الخطاب ليس من أهل الثبات في الحروب حين يحمى الوطيس، فمثلاً في معركة أحد كان عمر من المنهزمين الذين تركوا رسول الله (ص) بين جيوش الكفر والالحاد وهذا ما نصت عليه مصادر أبناء العامة:
قال الفخر الرازي في تفسيره: ( قال القفال: والذي تدل عليه الأخبار في الجملة أن نفرا منهم تولوا وأبعدوا، فمنهم من دخل المدينة، ومنهم من ذهب إلى سائر الجوانب ، وأما الأكثرون فإنهم نزلوا عند الجبل واجتمعوا هناك. ومن المنهزمين عمر، الا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين ولم يبعد، بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم أيضا عثمان انهزم مع رجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة، انهزموا حتى بلغوا موضعا بعيدا ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ” لقد ذهبتم فيها عريضة ” …. إلى ان قال الرازي:
المسألة الثانية: قوله: ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ) هذا خطاب للمؤمنين خاصة يعني الذين انهزموا يوم أحد ( إنما استزلهم الشيطان ) أي حملهم على الزلة. وأزل واستزل بمعنى واحد ، قال تعالى: ( فأزلهما الشيطان عنها ) وقال ابن قتيبة: استزلهم طلب زلتهم، كما يقال استعجلته أي طلبت عجلته، واستعملته طلبت عمله ) تفسير الرازي ج 9 ص 50 – 51.
وقال الآلوسي في تفسيره: ( … أما سائر المنهزمين فقد اجتمعوا في ذلك اليوم على الجبل ، وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان من هذا الصنف كما في خبر ابن جرير … ) تفسير الآلوسي ج 4 ص 99.
بل اعترف عمر نفسه بهزيمته يوم أحد، على ما نقله عنه السيوطي:
( … لما كان يوم أحد هزمنا وفررت حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى … ) الدر المنثور ج2 ص88 / كنز العمال ج2 ص376 ح4291 / جامع البيان للطبري ج4 ص193.
ومما يدل على ان ابا بكر كان أيضاً من المنهزمين يوم احد هو الخبر الذي روته عائشة عن أبي بكر نفسه والذي يقول فيه انه ( كان أول من فاء يوم أحد ) أي اول من رجع بعد الهزيمة:
أخرج الطيالسي في مسنده: … حدثنا ابن المبارك عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله قال: أخبرني عيسى بن طلحة عن أم المؤمنين عائشة قالت: ( كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد بكى ثم قال: ذاك كله يوم طلحة ثم أنشأ يحدث قال: كنت أول من فاء يوم أحد … ) مسند أبي داود الطيالسي ص3 / فتح الباري لابن حجر ج 7 ص 278 / كنز العمال ج10 ص424 – 425 ح30025 / تفسير ابن كثير ج 1 ص425 / تهذيب الكمال للمزي ج 13 ص 417 / تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 190 – 191 / البداية والنهاية لابن كثير ج 4 ص 33 / السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 58.
ومما تقدم يتبين ان أبا بكر وعمر لم تناط بهم القيادة في عصر الرسول محمد (ص) ولم ينص الرسول محمد (ص) على وجوب طاعة الناس لهم لا في حياته ولا بعد مماته (ص)، وبهذا فلا يمكن ان يكونا من خلفاء الرسول محمد (ص) ولا يمكن ان يكونا حجة من حجج الله تعالى على الخلق، لما تقدم اثباته شرعاً وعقلاً من ان الحجة على الخلق لابد ان يكون منصوصاً على وجوب طاعته طاعته.
وكذلك تقدم اثبات ان أبا بكر وعمر لم ينصبهما الرسول محمد (ص) للخلافة وهذا ما يقره كل أبناء العامة، وايضاً ثبت أنهما لا يتمتعان بالعلمية فضلاً عن الاعلمية على الأمة، وبهذا فلا ينبغي ولا يصح لا شرعاً ولا عقلاً القول بصحة خلافتهما للرسول محمد (ص)، فلا يمكن لمن يفتقر إلى التنصيب والاعلمية والامر بوجوب طاعته ان يكون حجة لله على الخلق، وهذا مخالف لشريعة السماء ويأباه كل عقل سليم.
………………………………………………………………………………………………………………………………..
( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 28 – السنة الثانية – تاريخ 1-2-2011 م – 27 صفر 1432 هـ.ق)