زاوية العقائد الدينية

الإسلام وخرافة العلمانية

حماد الانصاري

من يعترض على ثوابت هامة وراسخة في عقيدة المسلمين الصحيحة يجب ان يمتلك السبيل والحجة القوية لاعتراضه والحمد لله مادامت هنالك دعوة تمثل راية ال محمد فإنها ستكون كفيلة بالدفاع عن تلك الثوابت ما دام الآخرون يغطون في سبات الجاهلية الأمريكية أو كما يتوهمونها ديمقراطية زورا وكذبا ؛ أصحاب الفكر العلماني بالفهم البسيط يفصلون بين الدين والدولة وهذا الفصل يكون على مستويين ؛ المستوى الأول وهو العلمانية الكلاسيكية التقليدية التي تنأى عن الثوابت الإسلامية ولا تتبني شيئا منها وهذه العلمانية بعيدة تماما عن الإسلام مما تخرج المعتقِد بهذه العقيدة من مدار النقاش في هذا الموضوع أصلا إلا اذا كان موضوع فكري مستقل والأنصار مستعدون للنقاش فيه أيضا إنشاء الله .. أما المستوى الآخر في تلك العقيدة العلمانية وهو الفكر الليبرالي الذي تمسك به الإسلاميون في العراق خصوصا ؛ والالتزام بهذا الفكر يستلزم نقض ثوابت مهمة في العقيدة الإسلامية من قبيل النبوة واستمراريتها وحاكميه الله و التنصيب الإلهي وهي تستبطن طاغوتية جديدة بعنوان فضفاض مخادع ويضعون من أنفسهم إماما لم يضعه الله .. يوهم المتلقي بالحرية والديمقراطية ولكن على حساب مساحة المعتقد  فتكون الحرية الناتجة عنه حرية في مقابل الالتزام الديني والقوانين الإلهية ليس إلا .
ويعود منشأ الليبرالية لدى المسلمين من الغرب المادي وتم اعتمادها كبديل للفكر السلامي المتكامل بسبب استسلام الأمة الاسلامة في فترة الغيبة الكبرى لموجة الضغوطات المادية الكبيرة في مقابل الابتعاد عن النور الإلهي المتمثل بوجود الإمام المهدي (ع) تماما .
فعملية فصل الدين عن الدولة كما قال فيها السيد احمد الحسن ((  مغالطة لا تنطلي على أي مسلم مطلع على الدين الإسلامي ولو أجمالا فالدين الإسلامي تعرض لكل صغيرة وكبيرة في حياة الناس كما تعرض للعبادات تماما فلا توجد معاملة اقتصادية واجتماعية إلا وتعرض لها الفقه الإسلامي كما تعرض للأمور العسكرية وقضايا الجهاد والتعامل مع غير المسلمين والعهود والعقود الصلح وما هي السياسة إلا هذه الأمور مجتمعة , ولكن الطواغيت لا يرضون بهذا فالسياسة عندهم الحيل والخداع التي يمارسونها ليتسلطوا على الشعوب الإسلامية سياستهم ضد الشعوب والسياسة التي يريدها الله لمصلحة الشعوب, ومن يريد أن يخرج عن السياسة التي يحددها الله في الإسلام فانه يخرج إلى ظلمات الجاهلية قال تعالى (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50)  وقال تعالى (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44) وقال تعالى (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (المائدة:45) وقال تعالى  (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) (المائدة: 47)
إن السياسة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحكم والحاكم فسياسة الطاغية هي الحيل والخداع وإيذاء الشعب ومحاصرتهم ثقافيا وفكريا واقتصاديا ونشر الفساد والظلم بين العباد أما سياسة النبي صلى الله عليه واله أو المعصوم أو من ينوب عنهم فهي نشر الرحمة بين الناس وعبادة الله ودفع الناس نحو التعقل والتفكر ونشر العدل والإنصاف في المجتمع وتوفير قوت الناس وترفيههم اقتصاديا , أن هدف الطاغية نفسه وبقاؤه في السلطة وهدف النبي صلى الله عليه وآله الناس وإخراجهم من الظلمات الى النور ونشر العدل فيما بينهم , وإذا كان الأمر كذلك فهل يعقل أن الله سبحانه وتعالى يترك المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله دون أن يعين لهم قادة معصومين يحافظون على الدين وينشرون العدل بين الناس كيف ؟ 
وهو الحكيم الخبير الذي لم  يترك الأسرة الصغيرة دون قائد ونص بالقرآن على أن الرجال قوامون على النساء هل يعقل أن الله سبحانه وتعالى ترك الأمة الإسلامية دون قائد معين ليؤول الأمر إلى أعداء الله أمثال يزيد بن معاوية ليقتل الحسين عليه السلام  ويستبيح المدينة المنورة ويضرب بيت الله بالمنجنيق ثم إن أي إنسان يمتلك سفينة صغيرة عليها مجموعة من العمال هل يتركهم دون أن يعين قائداً للسفينة ثم إذا تركهم دون قائد وغرقت السفينة ألا نصف هذا الإنسان بأنه جاهل وغير حكيم , فكيف نقبل أن الله سبحانه وتعالى ترك سفينته وهي مليئة بعبيده تجوب الفضاء دون قائد ؟ أن حرباً نووية بين هؤلاء العبيد اليوم كفيله بإغراق هذه السفينة وتحويلها إلى أشلاء تتناثر في الفضاء فهل من الحكمة ترك أهل هذه السفينة دون شرع وقانون الهي ودون قائد عادل معصوم ينفذ هذا الشرع حاشا الله سبحانه وتعالى الحكيم العدل الملك القدوس ونحن كمسلمون متفقون أن الشرع والقانون في هذا الزمان هو الدين الإسلامي خاتم الأديان وقد عين الله سبحانه وتعالى قادة عدول أطهار معصومين يقومون بأمر الدنيا والدين بالقسط والعدل ولكن الطواغيت اغتصبوا حقهم واستولوا على دفة القيادة بالقوة الغاشمة والناس خذلوا القادة الأطهار ولم ينصروهم فحظهم ضيعوا وربهم أغضبوا .. )) [ التيه او الطريق إلى الله للسيد احمد الحسن ] .
وعليه يكون المحور الآخر في النقاش منشأه غيبة الإمام المهدي (ع) وابتعاده عن قيادة الأمة ( والصحيح ابتعاد الأمة عن قائدها ) وهو السبب المباشرة لمنشأ هذا الفكر الليبرالي الحديث وهو ليس مبررا لذلك الخطأ بل تمادي فيه فبدل البحث عن سبيل للوصول إلى القائد لرأب الصدع الحاصل قام مثقفو الأمة الإسلامية بتوسيع ذلك الصدع بالبحث عن بديل لذلك القائد تكون فيه شروط تفرضها إيديولوجيات آنية وربما مستوردة لشغل الفراغ القيادي ..
فكان الغوص في بحر الطين اقل ما يمكن ان توصف به الأمة الإسلامية في ظل تبني هذا الفكر الهلامي .
والكلام في مسألة الغيبة فيه كلام كثير وهو يستلزم الإيمان بعقيدة التشيع والغيبة ثم باستمرار الإرسال ( النبوة ) ثم الظهور المقدس وهذه من ثوابت عقيدة التشيع ومن ينكرها ينبغي ان يكون الكلام معه على أساس آخر وإلا فانه سيكون خلطاً للأوراق ولا يكون فيه أي نتيجة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى