زاوية الأبحاثزاوية العقائد الدينية

من هو اليماني

اليماني شخصية من أهم شخصيات عصر الظهور، فهو كما سيتضح من خلال البحث حجة من حجج الله لابد لنا لا يسعنا أبداً أن نلتوي عليه، ولكن رغم الأهمية البالغة لهذه الشخصية فإن غموضاً كبيراً يكتنفها، فالروايات لا تصرح باسمه ولا تعلن عن المكان الذي يظهر فيه، وكل ذلك حرصاً على هذه الشخصية وحفاظاً على الخطة الإلهية لحركة الظهور. سنحاول في هذا البحث إلقاء الضوء على هذه الشخصية، لتحديد هويتها، وكشف حقيقتها، وكل ذلك من خلال الروايات الواردة عن آل محمد عليهم السلام.

الحلقة الأولى روى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة ص264، عن أبي جعفر الباقر u قال: (( خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد؛ نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى، لأنه يدعو إلى صاحبكم. فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس، وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق، والى طريق مستقيم )). في هذه الرواية مضامين مهمة كثيرة سنقف عند بعضها لنتعرف على حدود شخصية اليماني، وكما يلي: أولاً / ( لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ) : وهذا يعني أن اليماني صاحب ولاية إلهية فلا يكون شخص حجة على الناس بحيث إن إعراضهم عنه يدخلهم جهنم وإن صلوا وصاموا إلا إذا كان من خلفاء الله في أرضه وهم أصحاب الولاية الإلهية من الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين. هذا المعنى تؤكده روايات كثيرة منها ما ورد في الكافي – الشيخ الكليني ج 1 – ص 185: ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أبو جعفر عليه السلام : دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام : يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل : ﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك ، فقال : الحسنة معرفه الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ، ثم قرأ عليه هذه الآية ). وفي الكافي أيضاً : ( عن بشير العطار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته ). وفيه كذلك: ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : نحن الذين فرض الله طاعتنا ، لا يسع الناس إلا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا ، من عرفنا كان مؤمنا ، ومن أنكرنا كان كافرا ، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء ). وفي وسائل الشيعة – الحر العاملي : ( عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : احذروا على دينكم ثلاثة ، رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك ، فقلت : يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك ؟ قال : الرامي ، ورجلا استخفته الأكاذيب كلما أحدث أحدوثة كذب مدها بأطول منها، ورجلا آتاه الله سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله ، وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي أن يكون المخلوق حبه لمعصية الله ، فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولولاة الأمر ، وإنما أمر الله بطاعة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية ، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته ). وفي الفضائل – شاذان بن جبرئيل القمي : ( عن عبد الله بن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله حب علي ( ع ) حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة ). وفي عيون أخبار الرضا u – الشيخ الصدوق : ( عن إسحاق بن راهويه قال : لما وافى أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له : يا بن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك ؟ وكان قد قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول سمعت النبي ( ص ) يقول سمعت الله عز وجل يقول : لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي قال فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها ). وعن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( قال الله تبارك وتعالى : لأعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله ، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية ، ولأعفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعية في أنفسها ظالمة مسيئة ). وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال : ( إن الله لا يستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية وإن الله ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة). وروايات أخرى في نفس الصفحة من الكافي. فطالما كانت معصية اليماني توجب النار إذن هو إمام عادل من الله تعالى. وفي خبر طويل عن الفضيل بن يسار، عن الرضا u: ( … قلت: ﴿ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾ قال: نعم ولاية علي عليه السلام قلت: ﴿ إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ قال: الولاية قلت: ﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ قال: من تقدم إلى ولايتنا اخر عن سقر ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر ﴿ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾ قال: هم والله شيعتنا قلت: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ قال: إنا لم نتول وصي محمد والاوصياء من بعده – ولا يصلون عليهم – قلت: ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ قال: عن الولاية معرضين قلت: ﴿ كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ﴾ قال: الولاية ). من هذه الأحاديث يتضح أن معرفة الحجة من التوحيد، وطاعته حسنة لا تضر معها سيئة، ولا عذر لمن يجهله، وإن الله إنما أمر بطاعة من أمر بطاعتهم لأنهم معصومون لا يخرجون الناس من حق ولا يدخلونهم في باطل ، وعليه فإن أمرهم بطاعة اليماني وعدم الالتواء عليه ، ونصهم على أن الملتوي عليه من أهل النار ، يدل حتماً على أنه حجة من حجج الله تعالى . ثانياً / ( أنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) : والدعوة إلى الحق والطريق المستقيم أو الصراط المستقيم تعني أن هذا الشخص لا يخطأ فيُدخل الناس في باطل أو يخرجهم من حق أي انه معصوم منصوص العصمة وبهذا المعنى يصبح لهذا القيد أو الحد فائدة في تحديد شخصية اليماني أما افتراض أي معنى آخر لهذا الكلام ( يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) فانه يجعل هذا الكلام منهم بلا فائدة فلا يكون قيداً ولا حداً لشخصية اليماني وحاشاهم من ذلك. ويؤكد هذا المعنى ما ورد في القرآن الكريم:﴿ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ* يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾. فالقرآن يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، ومن هذا شأنه معصوم وإمام بالتأكيد، كما إن القرآن معصوم وإمام. وقوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾. إذا كان الذي يعتصم بالله قد هُدي إلى صراط مستقيم، فحال من يهدي إلى صراط مستقيم لابد أن يكون أكثر اعتصاما بالله بلا شك، بل لابد أن يكون معصوماً. وفي الصراط المستقيم – علي بن يونس العاملي : ( منها قوله تعالى ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ أسند إبراهيم الثقفي إلى الأسلمي قول النبي صلى الله عليه وآله سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل. وأسند الشيرازي من أعيانهم إلى قتادة عن الحسن البصري في قوله ﴿ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً ﴾ قال : يقول : هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم ودين مستقيم فاتبعوه ، تمسكوا به فإنه واضح لا عوج فيه . وفي تفسير وكيع عن السدي ومجاهد عن ابن عباس في قوله ﴿اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ معناه أرشدنا إلى حب النبي وأهل بيته ). فعلي وذريته هم الصراط المستقيم، الأمر الذي يعني أن اليماني الموصوف بأنه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم هو منهم . وفي كتاب الأربعين – محمد طاهر القمي الشيرازي: ( قول علي عليه السلام : إني للقاء ربي لمشتاق ، ولحسن ثوابه لمنتظر ، واني لعلى طريق مستقيم من أمري وبينة من ربي ). وفي بحار الأنوار – العلامة المجلسي: ( إكمال الدين : توقيع منه عليه السلام كان خرج إلى العمري وابنه رضي الله عنهما رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر رضي الله عنه : وجدته مثبتا بخط سعد بن عبد الله رضي الله عنه. وفقكما الله لطاعته ، وثبتكما على دينه، وأسعدكما بمرضاته … إلى قوله: أما تعلمون أن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهرا، وإما مغمورا، أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل إلى الماضي – يعني الحسن بن علي – صلوات الله عليه، فقام مقام آبائه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ). في هذا التوقيع الشريف يقول الإمام المهدي u إن الأئمة من شأنهم أن يهدوا إلى الحق وإلى طريق مستقيم. وفي بحار الأنوار أيضاً ، ينقل العلامة المجلسي دعاء، فيه: ( … إلى قوله: تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب، عليك الهدى تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم. لا تدركك الأبصار وأنت تدرك الأبصار ، وأنت اللطيف الخبير ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير … الخ الحديث ). في الدعاء الله سبحانه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، وإذن من يهدي من البشر إلى الحق وإلى طريق مستقيم لابد أن يكون من الله ومسدداً بالله سبحانه وتعالى. وفي البحار أيضاً : ( قال المفيد رحمه الله وأما الرواية الثانية فهي ما روي عن أبي محمد الحسن بن العسكري عن أبيه صلوات الله عليهما وذكر أنه عليه السلام زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم، فإذا أردت ذلك فقف على باب القبة الشريفة واستأذن وادخل مقدما رجلك اليمنى على اليسرى، وامش حتى تقف على الضريح واستقبله واجعل القبلة بين كتفيك وقل: السلام على محمد رسول الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة رب العالمين أمين الله على وحيه وعزائم أمره والخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله، ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحياته، والسلام على أنبياء الله ورسله وملائكته المقربين وعباده الصالحين، السلام عليك يا أمير المؤمنين وسيد الوصيين ووارث علم النبيين وولي رب العالمين ومولاي ومولى المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين يا أمين الله في أرضه و سفيره في خلقه وحجته البالغة على عباده … إلى قوله: تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، اشهد شهادة حق وأقسم بالله قسم صدق أن محمدا و آله صلوات الله عليهم سادات الخلق، وأنك مولاي ومولى المؤمنين وأنك عبد الله … إلخ الزيارة ). في هذه الزيارة علي عليه السلام يهدي إلى الحق وطريق مستقيم، فاليماني إذن على نهج علي u وهو حجة ومعصوم مثله. وسيأتي في حلقات لاحقة أن اليماني من أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى