زاوية العقائد الدينية

عندما توزن الحقائق بالآراء تصير تابوهات!!

بسم الله الرحمن الرحيم

د. موسى الأنصاري

بدءا لابد من الإشارة إلى أن معنى (taboo) هو ؛ دال على المفردات المحرمة التداول في مجتمع ما ، والغريب أن يجعل هذا المصطلح عنوانا لمقال يتحدث عن تعابير ذات دلالات عقائدية ، مثل تعبير (عليه السلام) و (رضي الله عنه) ، ويتناسى من تناول هذه التعابير وتغافل تماما عن أن تلك التعبير ليست صناعة بشرية ، بل هي كلام إلهي وصف به مستحقيه من العباد ، وليس للناس في هذا الأمر أي يد ،

أما ما هو شائع في واقع المسلمين اليوم من حال التخندق الطائفي والتفرقة والتناحر لم تخلقه هذه التعابير ، ومن يجعل هذه التعابير سببا فهو يقفز على الواقع التاريخي الذي شكل منعطفا خطيرا في حياة المسلمين ذاك هو ما حصل بعد رحيل رسول الله(ص) حيث عمل من يسمون أنفسهم (صحابة) على تغيير السنة الإلهية ، والعمل على الانقلاب على الإسلام ، وهذه الحقيقة أكدها القرآن وحذر الناس من الوقوع فيها بقوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}(آل عمران/144) ، والآية الكريمة تكشف عن أمر غاية في الخطورة ألا وهو أن الإسلام ليس هو محمد(ص) ، أي لا تجعلوا من محمد(ص) صنما يعبد من دون الله سبحانه أو مع الله سبحانه ، فليس محمد(ص) إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، فالباقي هو الدين ، وأما الرسل(ع) فهم يتعاقبون لتذكير الناس ودعوتهم إلى الحق ، ولذا فسنة الإرسال مستمرة مادامت الحياة مستمرة ، ولا تتوقف هذه السنة الإلهية برحيل محمد(ص) فهي كما جرت فيمن سبق ستجري فيمن سيلحق ، بدليل قوله تعالى {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}(النساء/165) ، فمن يقول بانقطاع الإرسال بعد محمد(ص) فهو يقول أن (الحجة للناس على الله سبحانه) والحق سبحانه يقول (لا حجة للناس على الله) فمن نصدق قول الناس أم قول الله سبحانه؟؟!! ولا أظن عاقلا يقول ؛ إن القول قول الناس وليس قول الله سبحانه!! ولذلك جنح الذين قبلوا بدين السقيفة على أن يلفوا ويدوروا على الحقيقة كي يجعلوا على أبصار الناس وبصائرهم غشاوة ، وذلك من خلال تسويق ما تشابه على الناس من الأقوال ، ونبذ المحكم من القول تماما كما وصف الحق سبحانه {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ}(آل عمران/7) ، والآية المحكمة هي السنة الإلهية الثابتة (أن لكل أمة رسول) لكي لا يكون للناس على الله حجة ، وتكون الحجة البالغة لله سبحانه من قبل ومن بعد ، ولذا لابد من وجود رسول بعد محمد(ص) ، وهذا الرسول إما أن يكون مرسلاً مباشرة من الله سبحانه كما هو محمد(ص) ، أو هو مرسل من رسول الله(ص) بوصفه خاتم النبيين(ص) أي أن النبوة في محمد(ص) أخذت كمالها وتمامها ، ولهذا الكمال والتمام استحقاق هو أن يكون به (ص) ختم الإرسال المباشر ، ومنه (ص) يبدأ نهج جديد في الإرسال ولعل فيما حصل في حادثة تبليغ (سورة براءة) لما نزلت لأهل مكة خير دليل ، ففي البدء لما كان الأمر بيد رسول الله(ص) أرسل أبا بكر ، ولكن سرعان ما أتاه الوحي ليبلغه بأمر الله سبحانه (أن لا يبلغها إلا أنت أو رجل من نفسك) فاستدعى رسول الله(ص) عليا(ص) وأمره بأن يلحق أبا بكر ويأخذ منه سورة براءة ويبلغها لأهل مكة ، وفيما حدث دليل قطعي على أن الاختيار ليس بيد محمد(ص) بل الاختيار بيد الله سبحانه وما على الرسول(ص) إلا الطاعة ، وهذا الأمر حصل مع موسى(ع) عندما جعل أمر الاختيار بيده وقع اختياره على سبعين منافقا كان يظن موسى(ع) بهم الصلاح ، ليستبين للرسول وللناس من خلاله أن الاختيار هو أمر إلهي ثابت ، فحتى من ينصبه رسول الله(ص) فهو لم ينصبه باختياره هو بل نصبه باختيار الله سبحانه له ، وبذلك يدفع عن رسول الله(ص) وعن علي(ص) تهمة الانحياز النسبي التي كان المجتمع العربي قبل الإسلام يتنفس برئتها ويعيش من خلالها ، وعلى الرغم من أن هذه الحادثة التي لا يفترق المسلمون عليها عند ذكرها ، إلا إننا نرى اليوم سوادهم الأعظم يؤمن بمقالة عمر (وقوله ليس حجة مطلقا حتى بشهادة أتباعه) أن العرب كرهت أن تكون النبوة والخلافة في بني هاشم!!! وواقع الحال أن قول عمر ينطوي على كذبة كبيرة وواضحة لكل ذي فطرة سليمة ، ولعل أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو : كيف عرف عمر أن العرب تكره ذلك؟؟؟ هل عمل إحصاء أو استفتاء استفتى به العرب على خلافة علي(ص) فجاءت نتائج الاستفتاء بالنتيجة التي قالها عمر؟؟؟!!

ليست العرب هي من كرهت خلافة علي(ص) وصي محمد(ص) وخليفته ورسوله إلى الناس ، بل كرهه أولئك الذين وقعوا على الوثيقة السوداء ، وهم الذين عملوا على هندسة السقيفة الانقلابية بعد وفاة الرسول(ص) من خلال سيناريو غريب يبدؤه عمر عندما أراد رسول الله(ص) في مرضه الذي توفي فيه كتابة الوصية وسماها (ص) كتابا ضامنا من الضلال ، وتكون كتابتها بشهادة عامة المسلمين فما كان من عمر إلا الانبراء بوجه رسول الله(ص) وقال للناس لا تحضروا له صحيفة ولا دواة فالرجل (يهجر)!!! ومن يقرأ هذه الحادثة الأليمة على قلب كل مسلم حقيقي في صحاح القوم يرى أن البخاري عندما يذكر اسم عمر يحاول أن يلطف رده بالقول (غلبه الوجع) ، وعندما يغيب اسم عمر من السياق ويستبدل بـ(فقال جماعة) تعود مفردة (هجر) إلى السطح واضحة جلية ، مع أن هذا الفعل يكشف قبح فاعله ، فالقائل هو عمر وليس جماعة لأنه لا أحد كان يجرؤ على الرد على رسول الله(ص) والتشكيك بأوامره من المسلمين غير عمر وتاريخه يشهد على ذلك ، والمفردة هي (هجر) وليست (غلبه الوجع) لأن الموقف واحد ولا يتحمل اختلاف العبارة ، كما لا يمكن أن يقع اختلاف في العبارة لأن راوي هذه الرزية هو ابن عباس فلا يعقل أنه يرويها مرة (هجر) ومرة (غليه الوجع) ، ولكن هي اليد المدلسة العابثة التي عمقت جرح التخندق الطائفي من خلال لي عنق النصوص ، وإخفاء الحقائق ، حتى لا تنكشف مصيبة من يسمونهم اليوم (صحابة) ، ويستمر هذا السيناريو على وفق ما رُسم له ، فعند إعلان وفاة الرسول(ص) وبحركة مسرحية مبكية مضحكة يشهر عمر سيفه أمام الناس قائلا بهم : (من قال إن محمداً قد مات علوته بسيفي ، محمد لم يمت ولكن ذهب إلى لقاء ربه كما ذهب موسى بن عمران) ونتوقف قليلا أمام هذا النص الذي جعله محبو عمر دليل عبقريته ، ولكن لنقرأه بتجرد ؛ رسول الله(ص) مسجى وقد فاضت روحه الشريفة ، وموسى(ع) عندما ذهب إلى لقاء ربه ذهب بجسده الحي ولم يذهب ويترك جسده مسجى ، فكيف ربط عمر بين الأمرين مع أنهما لا مشابهة بينهما لا من قريب ولا من بعيد؟؟؟!!! ثم منذ متى كان عمر يجرد سيفا وهو الذي لم يذكر له تاريخ غزوات رسول الله(ص) موقفا بطوليا واحداً ، ولا حتى نصف موقف ، وهذا التاريخ أمامكم تصفحوه ، على الرغم من أن أغلب التاريخ هو مكتوب بيد أتباع عمر؟؟!!

ويستمر هذا السيناريو فيسمع أبو بكر ويأتي مسرعا ثم يدخل على الرسول(ص) ويجده مسجى ، ثم يخرج على الناس قائلا : (أيها الناس من كان يعبد محمداً(ص) فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فالله حي لا يموت)!!! وهذا قول أغرب من سابقه ؛ فمتى كان الناس يعبدون محمداً(ص)؟؟؟!!! الجواب : لا أحد كان يعبد محمداً(ص) العبادة التي تخرجه من التوحيد ، ولكن ما الذي عناه أبو بكر في قوله هذا؟؟!! وهو يعلم أن لا أحد كان يعبد محمداً(ص) بالمعنى المتعارف من العبادة ، ولكن من عادة أبي بكر ومن جرى على سنته أن يعمدوا إلى التورية في القول كما يروون عنه أتباعه (أنه كان مع رسول الله(ص) في رحلة فخرج عليهم جماعة من الأعراب فسألوه عن الذي معه؟ فأجابهم : هادٍ يهديني ، فبهذه التورية ألبس عليهم الأمر حيث ظنوا أن الهادي هو الدليل في الصحراء كما هو متعارف عليه ، وأبو بكر كان يعني ـ كما يزعمون ـ أنه هادٍ يهديني من الضلال)!!! ولو قرأنا قول أبي بكر على هذا النهج ذاته يستبين لنا أنه عنى : من كان يعبد محمداً (العبادة التي هي المعرفة ، والمعرفة هي نهج ونظام وقانون ثابت لا يتبدل ولا يتغير) فإن محمداً قد مات (أي نهج محمد قد مات) وربما يقول قائل : أنت تتحامل على الرجل وتقوله ما لم يقل؟؟ يأتيه الجواب : إن واقع ما حصل يكشف عن نية أبي بكر وأنه عنى ما قال تماما ، فهرولة الثلاثة ؛ أبو بكر وعمر وأبو عبيدة الجراح إلى سقيفة بني ساعدة لهي خير دليل على ذلك ، فلو كان أحد منهم مهتما لرحيل رسول الله(ص) لشغله حزنه عن التفكير بأي شيء غير رسول الله(ص) ، فهذا محمد(ص) ليس شخصا اعتياديا ولا عزيزا نسبيا ، هذا دين الله وصراط الله ووجه الله ويد الله ، وهذا ركن الهدى مسجى ، فهل يوجد عاقل يقول إن فعل أولئك بالهرولة إلى السقيفة كان عملاً رشيداً؟؟!! وهنا لا أتحدث من منظار عاطفي بل الحديث من منظار حقيقة الموقف ، وليعلم القارئ الكريم أن الذين يقولون ؛ إن سعي أولئك كان لدرء الفتنة لأن الأنصار كانوا قد عقدوا الأمر إلى سعد بن عبادة!! فهذا القول مردود تماما لعلم الأنصار أن الأمر لا يكون لهم من دون قريش ، كما أنه لا أحد يستطيع أن يتكهن بما كان يجري في السقيفة قبل قدوم الثلاثة عليها ، بل إن الفتنة بدأت منذ دخول الثلاثة على السقيفة وتداولهم أمر تنصيب أحدهم حيث قام أبو بكر بترشيح أبي عبيدة لها ، وكثر اللغط بين الناس فما كان من عمر إلا أن ضرب على يد أبي بكر مبايعا له بالخلافة وتلاه أبو عبيدة ، ولم يجد الأنصار بداً من الخضوع فهم ـ ويا للأسف ـ من أحضر حطبها ، وكانت هذه الصفحة الثالثة من السيناريو الذي اتفق عليه أولئك الثلاثة ومن كان معهم في الوثيقة ، والغريب أن تسمع عمر بعد فترة يقول (كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها)؟؟؟!!! ومن قال (وقى الله المسلمين شرها)؟؟؟!!! وها هي الأمة إلى اليوم تحصد شرورها وتحلبها دما عبيطا ، بل غاص المسلمون بشرها ، وهذه السقيفة هي صناعة يهودية بامتياز كتلك التي عقدت في نيقية وجعلت النصارى يخرجون من دين الله الحق ليدينوا بدين الصنمية المقيت باتخاذهم عيسى(ع) أو يسوع إلها يعبد مع الله سبحانه ، واليهود هم أنفسهم من اتهموا هارون(ع) وصي موسى(ع) بأنه ـ وحاشاه ـ هو من صنع العجل وتسبب في ضلال بني إسرائيل!! وهم أنفسهم عملوا مع من كان يترك القرآن ويذهب ليتعلم كتابهم وجاء إلى رسول الله(ص) قائلا : (إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا فترى أن نكتب بعضها؟ فقال(ص) : أ متهوكون (أي متحيرون) كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي) ، ومن يتتبع أتباع دين السقيفة يجدهم بماذا يرمون من يخالفهم وأشهرهم الشيعة؟! يرمونهم بأن مذهبهم هو صناعة يهودية من خلال اختراع شخصية عبد الله بن سبأ اليهودي!!! ولماذا يفعلون ذلك؟؟ أظن الآن بات السبب واضحاً فالقوم يحاولون التملص من نقيصة جللهم عارها ويرمونها على أكتاف غيرهم لأنهم يعلمون أن عملهم هذا يقوم بقوة السلطة التي اغتصبوها وسخروا لها كل حجر ومدر ، ومن شاء فليقرأ علاقة (الخلفاء) الثلاثة (أبو بكر وعمر وعثمان) مع اليهود ، والدليل الواضح على تلك العلاقة هو أنهم خالفوا وصية رسول الله(ص) الواردة في صحاحهم وخاصة في البخاري ، حيث ورد عنه أن رسول الله أوصى بثلاث ؛ الأولى : أجيزوا الوفد بمثل ما كنت أجيزه ، وأخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، والثالثة نسيتها (يقول الراوي) ، فلماذا لم ينفذ أولئك الخلفاء وصية الرسول(ص) بإخراج المشركين من جزيرة العرب؟؟؟ أ ليس اليهود هم المشركون؟؟ بل يُلحظ العكس تماما حيث قويت العلاقات حتى أن من منح لقب الفاروق لـ(عمر) هم أولئك اليهود وهذا ما ذكرته مصادر (أهل السنة) حيث أخرج [ابن شبة عن صالح بن كيسان أنه قال : قال ابن شهاب : بلغنا أن أهل الكتاب أول من قال لعمر : الفاروق ، ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر من ذلك شيئاً ، ولم يبلغنا أن ابن عمر قال ذلك .] (حياة الصحابة للكاندهلوي : ج2 ص22) ، وكذلك هو قول محمد بن سعد في طبقاته ، إذ قال : [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان قال ، قال ابن شهاب : بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق ، وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم ، ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر من ذلك شيئاً ](الطبقات الكبرى : ج3 ص270.) ، وهو ما قاله الطبري أيضاً ونقله في تاريخه : ج3 ص267 … ومصادر أخرى كثيرة .

إذن فمن يستند بمذهبه إلى اليهود هم من يسمون أنفسهم (أهل السنة) وليس الشيعة الذين ساروا على سمت الهدى ؛ سنة الله الثابتة ، أن في كل أمة رسولا لله من آل محمد يعلمهم حلال الله وحرامه ، لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .

أما تعبير (عليه السلام) فهو تعبير قرآني بامتياز حيث قال تعالى {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(الرعد/24) ورد عن علي بن إبراهيم أن هذه الآية نزلت في الأئمة(ع) وشيعتهم الذين صبروا . (ينظر تفسير البرهان : مج3/251) وكذلك تعبير (رضي الله عنه) وهو غير مخصص إلا بمن خصه به الله سبحانه ، والأمر ليس بيد الناس ، فلا قول (عليه السلام) على الأئمة هو من ابتداع الناس ولا تعبير (رضي الله عنه) ، ولكن ما يحدث الفرق هو أن هناك قوماً يتعبدون الله بآرائهم وأهوائهم ومن ثم يضعون المصطلحات الإلهية بحسب ما يشتهون ، وآخرون يتعبدون الله سبحانه بالنص الذي تعبدهم به فيجعلون بإزاء كل اسم ما ثبت له بالنص الإلهي لا بالهوى ، وها هم السنة يروون الحديث عن رسول الله(ص) وفيه نهي عن الصلاة البتراء وأمر بالصلاة التامة ولكنهم يصرون على أن يخالفوا أمر رسول الله(ص) فيعملون بما نهى عنه ، ويعطلون ما أمر به ، حيث ذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة حيث قال (ص) (لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال : تقولون اللهم صلّ على محمد وتمسكون ، بل قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد (الصواعق المحرقة : 225 طبعة بيروت). فالذي يتخندق بالطائفية هو الذي خرج من ساحة النص الإلهي إلى التعبد بالرأي والهوى ، والتابوهات المزعومة هي ليست تابوهات ، والقفز على الوقائع التاريخية بدعوى التوحيد هو إعادة لإنتاج المصيبة مرة أخرى من خلال نفخ الحياة في منهج الصنمية القديم المتهرئ ، ولذا من شاء أن يكون منصفا لنفسه عليه العودة إلى نهج الله سبحانه الذي بينه في كتابه الكريم {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ}(فاطر/24) فلا تخلو أمة من نذير إلهي ، ولو خلت لصارت الحجة للناس على الله سبحانه ، وهذا لا يكون أبداً فالحجة لله جل وعلا من قبل ومن بعد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى