بأسى بالغ يستقبل المؤمنون الذكرى الأليمة، ذكرى استشهاد أبي عبدالله الحسين وأهل بيته وأصحابه. وكما هو الحال في كل عام بدأت الاستعدادات لإحياء الشعائر المتعلقة بهذه الذكرى منذ وقت مبكر، ولكن أيضاً – وكما هو الحال في كل مرة – سيكون الاستقبال هذه المرة كذلك – وبشهادة طبيعة الاستعدادات – استقبالاً شكلياً لا يحاول الإيغال في عمق الصرخة الحسينية المدوية لاستيحاء أصدائها العميقة وبعيدة المدى.
هذه المرة أيضاً سيغيب جوهر الثورة الحسينية لحساب حضور المظاهر السطحية الطاغي، سيكون هناك لطم وبكاء، وستدوس أقدام كثيرة على تراب الطرقات المفضية لمرقد سيد الشهداء. ستوقد النار تحت القدور، وستنصب الخيم والسرادقات، وسيرتدي العراق ثياب الحداد السوداء. كل شيء سيكون كما في الأعوام المنصرمة، ومن بين الكل شيء هذه سيستمر أيضاً ذلك الغياب الصارخ للمعنى الحقيقي لكل هذه المظاهر الحاضرة!؟
ستحضر المظاهر ويغيب جوهرها، سيحضر الباكون ودموعهم، سيحضر صوت الناعي وصراخ السلاسل، ولكن سيغيب – ويا للحسرة – المعنى الذي أراده الحسين عليه السلام. ستغيب فكرة أن الحسين عليه السلام قد بذل دم مهجته المقدسة من أجل أن يحفر في ذاكرة التأريخ مبدأ حاكمية الله القائل بأن الله وحده هو من يحدد ويختار الحاكم، وأن على الناس في كل أوان أن يبحثوا عن هذا المُنصّب من قبل الله.