في كل عام ، حين تطل الذكرى الأليمة ، ذكرى استشهاد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام تهب جموع الشيعة لترضّ صدر الحسين وتريق دمه الطاهر من جديد ، يقتلون الحسين (ع) كما فعل أسلافهم أهل الكوفة وهم يظنون أنهم يُحسنون صنعاً .
في عاشوراء يُقتل الحسين مرة أخرى
أبو محمد الأنصاري
في كل عام ، حين تطل الذكرى الأليمة ، ذكرى استشهاد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام تهب جموع الشيعة لترضّ صدر الحسين وتريق دمه الطاهر من جديد ، يقتلون الحسين (ع) كما فعل أسلافهم أهل الكوفة وهم يظنون أنهم يُحسنون صنعاً .
تخرج جموعهم لاطمة ، تهتف بقصائد الرثاء ، وتسبل دمع العيون ، فالحسين ابن بنت رسول الله (ص) قُتل مظلوماً ، قتله شر خلق الله ، ولم يكتفوا بقتله وهو خامس أصحاب الكساء ، بل قتلوا معه أهل بيته وأصحابه خير أهل زمانهم ، ولم يسلم من إجرامهم حتى الطفل الرضيع ، مأساة لم ولن يشهد التأريخ مثيلاً لها ، مأساة تدمي القلوب ، وتسعّر النيران في صدور المؤمنين ، وقد ورد عن رسول الله (ص) : ( إن لقتل ولدي الحسين حرارة في قلب كل مؤمن لا تنطفئ أبداً ) ، ولكن هذه المأساة لم تكن بلا هدف أبداً ، لم يقدم الحسين عليه السلام دمه الشريف ودماء أهل بيته وأصحابه لتكون للشيعة مناسبة يلطمون بها ويوزعون قدور الهريس !
الحسين كان قربان عرش الله ، فقد قدم دمه الشريف ليكون قرباناً لحاكمية الله ، وصرخة مدوية تهتف في وجوه الطواغيت : إن الحكم لله ، وإن الحاكم ينصبه الله تعالى لا الناس ، هذا المبدأ الذي يشكل عصب الدين الإلهي وعموده الفقري هو ما أراد الحسين عليه السلام أن يرسخه بثورته على الطاغوت ، ويخطه على جبين الدهر بدمه الطاهر .
أما البكاء واللطم وكل الشعائر التي أسس لها أهل البيت فيما بعد فلم تكن سوى وسائل حركية وتثقيفية الهدف منها إدامة الثورة الحسينية والتذكير بأهدافها الرسالية ، وإبقاء صرختها المدوية غضة طرية على مدى الدهر ، تدفع المؤمنين دائماً لترسّم خطى أبيِّ الضيم وسيد الأحرار ، فهي وسائل وليست غايات بحد ذاتها أبداً . ولكن الكثير من الشيعة للأسف الشديد اتخذوا من هذا الشعائر غايات ، فثورة الحسين بالنسبة لهم مناسبة للطم الصدور وتفريغ شحنات القهر والحيف التي يلحقها بهم واقعهم المزري الذي يتحكم به الطواغيت .
فما يحدث في أيام عاشوراء الحسين (ع) إنما هو تزييف وإنحراف عن المسارات التي رسمها أئمة أهل البيت لشعائر الحسين ، بل هو قتل للحسين ولثورته ، فأنتم يا من تلطمون الصدور وتسبلون الدموع على الحسين (ع) وتتأملون الأجر في الآخرة على عملكم هذا سيأتيكم جواب الحسين (ع) : أنتم ممن أُشرك في قتلي ، وستحشرون مع شمر بن ذي الجوشن وحرملة وعمر بن سعد ويزيد عليهم لعائن الله تعالى .
ألا تلتفتون الى أنفسكم وما أنتم فاعلوه ، أنتم تبكون على الحسين بزعمكم الكاذب ولكنكم في الوقت عينه تتبعون أكثر الناس خطراً على ثورة الحسين ومبادئها ، تتبعون فقهاء آخر الزمان الخونة الذين قتلوا مبادئ الحسين بإتباعهم وتشريعهم لحاكمية الناس ( الديمقراطية ) ونبذهم حاكمية الله تعالى التي أرخص الحسين دمه الشريف من أجل تثبيتها في الأرض .
لقد كان الإعتقاد الشيعي الصحيح يتمحور دائماً حول حقيقة أن الحسين عليه السلام قد قُتل في المؤتمر الذي عقده المتآمرون في سقيفة بني ساعدة ، فالسيوف والرماح التي أراقت دمه الشريف المقدس صنعها مؤتمر السقيفة الذي انحرف بالإسلام و أبعد الخلافة عن أهلها ، ولم تكن واقعة كربلاء سوى الثمرة المسمومة المترشحة عن ذلك الغرس المُحرّف ، والإنحراف الذي بلغ حد أن يتسلط على المسلمين بنو أمية الطلقاء الذين جعلوا من الخلافة ملكاً عضوضاً ، هذا الإنحراف كان مقدراً له من عرابوه أن يميت الإسلام ويجعله أثراً من بعد عين ، بل لعلهم أرادوا محو حتى هذا الأثر ، فكان لابد من تضحية جسيمة تحرك ضمير الأمة الميت وإرادتها المشلولة ، فبادر الإمام الحسين عليه السلام لينقذ دين جده المصطفى ، ويضع الأمة أمام مسؤوليتها ويكشف لها نوايا بني أمية الخبيثة التي لا تقف في إنحرافها عند حد ، وللأسف الشديد جاء اليوم فقهاء آخر الزمان ليستكملوا جريمة أسلافهم بالإجهاز على ثورة الحسين وتزييف أهدافها ، والعودة الى ما خطه أسلافهم محرفو الشرائع ، وتصحيح ، بل تشريع عملهم فعقدوا سقيفة الزوراء التي حذر منها رسول الله (ص) ، فعن حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري، عن رسول الله (ص)، إنه قال: (الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما، فقال: أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي) (مناقب العترة /ومائتان وخمسون علامة130) .
وأوهموا الناس أن ثورة الحسين ليست سوى مناسبة ليلطم الخائبون صدورهم ويغسلوا خور نفوسهم بدموعهم ، بل إن الأمر بلغ درجة أن يزعم دجال سجستان ( الإسم المعرب لمدينة سيستان ) أن خروج المرأة للإنتخابات ( حاكمية الناس ) شبيه بخروج زينب سلام الله عليها لنصرة الحسين {مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً }الكهف5 ، وهاهو الحكيم ودجالو حزبه الإرهابي العميل يوهمون الناس بأنهم استمرار لخط الأئمة عليهم ، وأن انتخابهم انتصار للثورة الحسينية ، فهل سمعتم بكفر أكبر من هذا ؟
Aaa-aaa9686_(at)_yahoo.com