روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي، عن عبد الله بن مسعود، قال: (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : انتهت الدعوة إلي وإلى علي ، لم يسجد أحدنا لصنم قط ، فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا ))[ انظر: منهاج الكرامة – العلامة الحلي – ص 125].
هذا الحديث سارع ابن تيمية إلى تكذيبه كعادته المعهودة فقد قال عنه: (كذب موضوع ) [المصدر: منهاج السنة – لصفحة أو الرقم: 7/133].
ابن تيمية إذن يكذب الحديث على الرغم من وجوده في مصدر سني، فما الذي يكذبه يا ترى ؟ هل هو كون النبي دعوة إبراهيم عليه السلام، وكونه داع لله تعالى ؟ أم يكذب أن النبي لم يسجد لصنم قط، ومثله علي عليهما السلام ؟ أم لعله يكذب كون النبي صلى الله عليه وآله نبياً ؟
ابن تيمية كما سيعتذر أتباعه قائلين إنه يريد أن يكذب كون علي وصياً، أقول: ولكن هذا نصب لا يقل عن إسائته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو عذر قبيح من جنس الذنب، كما إنه لا ينفع عذراً يرقعون فيه فتق ابن تيمية العريض.
كلام ابن تيمية يرد عليه السيد المرعشي شرح إحقاق الحق – ج 3 – ص 80 – 82:
(( إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي، روى الجمهور عن ابن مسعود قال رسول الله ( ص ) : انتهت الدعوة إلي وإلى علي لم يسجد أحدنا قط الصنم ، فاتخذني نبيا واتخذ عليا ( وليا خ ل ) وصيا ( إنتهى ) قال الناصب خفضه الله أقول : هذه الرواية ليست في كتب أهل السنة والجماعة ، ولا أحد من المفسرين ذكر هذا ، وإن صحت دل على أن عليا وصي رسول الله ( ص ) ، والمراد بالوصاية ميراث العلم الحكمة وليست هي نصا في الإمامة كما ادعاه ( إنتهى ) أقول هذه الرواية مما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب بإسناده إلى عبد الله ابن مسعود ، فالانكار والاصرار فيه عناد ، وإلحاد ، والمراد بالدعوة المذكورة فيها دعوة إبراهيم وطلب الإمامة لذريته من الله تعالى ، فدلت الرواية على أن المراد بالوصاية الإمامة وإن سبق الكفر وسجود الصنم ينافي الإمامة في ثاني الحال أيضا كما أوضحناه سابقا فينتفي إمامة الثلاثة ، ويصير نصا في إرادة الإمامة دون ميراث العلم والحكمة . إن قيل : لا يلزم من هذه الرواية عدم إمامة الثلاثة إذ كما أن انتهاء الدعوة إلى النبي ( ص ) لا يدل على عدم نبي قبله فكذلك انتهاء الدعوة إلى علي ( ع ) لا يدل على عدم إمام قبله ، بل اللازم من الرواية أن الإمام المنتهى إليه الدعوى ، يجب أن لا يسجد صنما قط ، ولا يلزم منها أن يكون قبل الانتهاء أيضا كذلك قلت : قوله : ( ص ) انتهت بصيغة الماضي ، يدل على وقوع الانتهاء عند تكلم النبي ( ص ) وسبق إمامة غير علي ( ع ) ينافي ذلك ، نعم لو قال النبي ( ص ) : سينتهي الدعوة الخ لكان لذلك الاحتمال مجال ، وليس فليس ، فظهر الفرق بين انتهاء الدعوة إلى النبي ( ص ) وبين انتهائها إلى علي ( ع ) لا يقال : لو صحت هذه الرواية ، لزم أن لا يكون باقي الأئمة إماما ، لأنا نقول : الملازمة ممنوعة فإن الانتهاء بمعنى الوصول ، لا الانقطاع وفي هذا الجواب مندوحة عما قيل : إن عدم صحة هذه الرواية لا يضرنا إذ غرضنا الزامهم بأن أبا بكر وعمر وعثمان ليسوا أئمة فتأمل هذا . ويقرب من هذه الرواية ما رواه النسفي الحنفي في تفسير المدارك عند تفسير آية النجوى عن أمير المؤمنين أنه قال : سألت رسول الله ( ص ) عشر مسائل إلى أن قال : قلت : وما الحق ؟ قال : الاسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك ( إنتهى ) )).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 13/سنة 2 في 19/10/2010 – 11ذو القعدة 1431هـ ق)