وهو: (َ فِي كِتَابِ إِكْمَالِ الدِّينِ وَ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ أَنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَأَلْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أَشْكَلَتْ عَلَيَّ فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطِّ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ ع أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ أَرْشَدَكَ اللَّهُ وَ ثَبَّتَكَ إِلَى أَنْ قَالَ وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ . (وسائل الشيعة ج : 27 ص : 140 )
وعند قراءتنا ودراسة هذا الحديث فنرى انه مطابق الى معنى ومراد الحديث السابق من حيث انه لا يوجد تقليد ولكن فقط نقل الرواية اي انه علينا ان نعتمد ونرجع الى احاديث وروايات اهل البيت عليهم السلام عندما تواجهنا أي مسألة شرعية أو أي أمر يمس عقيدتنا أو أمورنا الحياتية ولو بحثنا بدقة في الرسالة لاستدللنا على مايلي:
1- يأمرنا الحجة (عج) بالرجوع الى رواة حديثهم ((فارجعوا الى رواة حديثنا)) وماذا يعطي راوي الحديث أي سوف يعطيك بالطبع حديثهم(ع) ولم يقل الامام (عج) ارجعوا الى الفقهاء أو العلماء بل قال رواة حديثنا ويوجد الكثير من رواة الحديث في علم الرجال من هم ليسوا بفقهاء أو علماء أو أصحاب مذاهب وهذا يخالف مبدأ التقليد حيث أنه علينا أن نقلد الأعلم فقهياً وليس من يروي الحديث عن أهل البيت (ع) ,حيث ان المراجع المُقلَدين حالياً لا يوجد فيهم اي راوي حديث اي انهم بعيدين كل البعد عمن اشارَ الامام(عج) بالرجوع اليهم.
2- في هذه الرواية أيضاً لم يخص الامام بالرجوع إلى شخص واحد أي الأعلم حيث قال ارجعوا الى رواة وهي جمع راوي اي لم يقل ارجعوا الى راوي حديثنا وهذا ايضاً يخالف مبدأ التقليد اي وجوب تقليد الاعلم.
3- ومن الممكن جداً وهو رأي بعض الفقهاء ان هذه الرواية تخص السفراء فقط لأن هذا التوقيع كان جواباً لعدة اسئلة من قبل اسحاق بن يعقوب اعطاها الى السفير الثاني وهو العمري فعندما سئل اسحاق عن الحوادث الواقعة اي القادمة فماذا يفعل فأجابه الامام (عج) ارجع الى رواة حديثنا اي السفراء لانهم هم من ينقل ويروي حديث وأمر الامام الحجة (عج) الى الشيعة.
4- يدعي بعض فقهاء التقليد بأن ما اعطاه الامام الحجة (عج) الى السفير الثاني محمد بن عثمان العمري من صلاحيات وامتيازات وثقه عالية جداً في نفس التوقيع اعلاه حيث قال (عج) (واما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل فأنه ثقتي وكتابهُ كتابي) أنها تشمل كل الفقهاء في كل زمان,وللرد على هذه الفكرة او الرأي هو كالآتي:
أن السفير الثاني في هذا التوقيع وكذلك كل السفراء الاربعة (رض) هم بالفعل ياخذون كتبهم مباشرتاً من الامام الحجة (عج) نفسه اي كما قال الامام (عج) وكتابهُ كتابي, لانهُ مشرف عليهم ويلتقي بهم شخصياً لذلك كانت جميع التواقيع مختومة وصادرة عن الامام الحجة (عج) نفسه ولم يخولهم بالتوقيع عنه (عج) وهو بهذا الامر يخبرنا في التوقيع اعلاه وكل التواقيع الصدرة عن السفراء الاربعة (رض) هي بالفعل صادرة عنه (عج) وانهم ثقته اي انهم لا يكذبون علينا ولا يعطوننا تواقيع صادرة عن مصدر اخر غير الامام الحجة(عج) وهكذا يكون المعنى لقول الامام (عج) بأن كتابهُ كتابي هو فعلي وليس معنى مجازي يمكن ان يطبق على غير السفراء الاربعة (رض) . وان هنالك اثبات اخر لما توصلنا له وهو ما قالهُ السفير الثالث ابي القاسم بن روح نفسه وذلك عندما زاره محمد بن ابراهيم بن اسحاق وسأله عن أمر فأجابه بن روح (رض) مباشرتاً ,فلما رجع شكَ بأن بن روح قد أجابه برأيه وليس عن الامام الحجة (عج) فعاد اليه وهنا أبتدأهُ بن روح (رض) قبل ان يسأله وقال ( يا محمد بن ابراهيم لئن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح من مكان سحيق أحبُ الي من أن اقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي بل ذلك من الاصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه) هذا كان رد أقرب شخص للامام الحجة (عج) في زمنه وهو يعتبر رد جازم وحجة بالغة على كل من تسول لهُ نفسه الى ان يجتهد برأيه في دين الله عز وجل وكذلك هو حجة على كل من يتبع هؤلاء ثم يأتي يوم القيامة فيقول ( ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذاباً ضعفاً من النار فقال لكل ضعف ولكن لا تعلمون) وهنا في هذه الاية الكريمة وعدهم الله بأن لكل منهم الضعف للضال والمُضل لانهم اعانوا بعضهم البعض على معصية الله عز وجل وحجب دور الامام المعصوم (ع) والعياذ بالله من ذلك.
وفي نفس الحديث هناك عدة قراءات الى الجزء الأخير منه وهو:
أ- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله]ب- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم]ج- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم]وأصحاب التقليد يأخذون الحتمال الثالث ويعتبرون قول الامام هناك دلالة على ان العلماء أو الفقهاء هم الحجة على العوام أي لا دخل للإمام المعصوم بالعوام وأن علاقتهُ وحجيتهُ (عج) ستكون خاصة برواة الحديث الذين اعتبروهم حسب رأيهم هم الفقهاء وهو ما فندناه سابقاً,
أي ارتباط الناس بالامام (عج)وبالله عز وجل يجب أن يكون من خلال الفقهاء (الغير معصومين) لأنهم هم الحجة عليهم.
والآن نحلل المقولات الثلاثة لنرى هل هناك صحة لما يدعون:
أ- في الاحتمال الأول [وأنا حجة الله] فهو صادق (ع) ولا معنى لما يقولون من ارائهم أي أن الامام ليس بحجة عليهم فقط وانما هو حجة الله على العالمين.
ب- في الاحتمال الثاني حيث قال وهو ما قرأته في معظم الروايات [وانا حجة الله عليكم] فبهذا يثبت الامام (ع) انه حجة الله علينا في كل الأوقات أي لا يمكن أن يتعذر الانسان بأن يطيع طاعة عمياء بدون فهم ودرايه أحد رواة الحديث أو الفقهاء لانه الحجة الوحيدة عليه وان لا دور للامام في أن يكون حجة عليه وهذا يثبت مرة ثانية ان هذا الحديث يراد منه فقط رواة الحديث وليس الفقهاء الذين يجتهدون لان فقهاء التقليد يأمرون الناس بتقليدهم واتباعهم واطاعتهم بكل فتواهم سواء كانت حلال او حرام بأعتبارهم هم الحجة عليهم والمثل العامي الشائع هو(خليها براس عالم واطلع منها سالم) وبهذا ينكرون تماماً دور تفقه المسلم وارتباطه بامامه المعصوم.
ج- أما الاحتمال الثالث وهو ما يروّجون له ففي هذه الحالة أي [وأنا حجة الله عليهم] فإن صحة هذه الرواية فهي عقلياً كما سيأتي اثباته فهي تعني السفراء الأربعة (رض) فقط لأنهم اذا كانوا حجة علينا وجب عصمتهم في هذا الموضوع وهذا لا يتم إلا اذا كانوا ينقلون عن الامام مباشرةً لأنه هو المعصوم فقط (ع) وهذا لا ينطبق الا في حالة السفراء الاربعة وبهذا يكونون هم المقصودين لما لهم من الأمانة في نقل التشريعات عن المعصوم بدون أي زيادة او نقصان وان الامام مشرف على ذلك بنفسه (ع) وقد اختارهم لهذا الأمر بنفسه عليه السلام. أما ما يدعونه ان المقصود بذلك هو بالفقهاء عامة فالمعروف أنهم كلهم خطاؤون لأنهم غير معصومون وان منهم العملاء والمدسوسين ومنهم الغير متقين وهم يخفون كل ذلك في صدورهم وليس لنا قدرة على كشف ما في صدورهم حيث أن موسى (ع) نفسه لم يكشف ما في صدور أفضل سبعين رجل من قومه ممن لم يشكك في ايمانهم حيث اختارهم لميقات الله عز وجل فكانوا كلهم منافقين وقد صعقهم الله جميعاً ((فاختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا)) فكيف لنا أن نعلم ما في صدورهم وما يخططون له من مكائد للمسلمين وخاصة لشيعة أهل البيت (ع) وكيف يكونون حجة علينا وهم من الممكن أن يقودوننا الى الانحراف أو محاربة الامام نفسه (ع) عند ظهوره الشريف وهذا ما أكدته الكثير من روايات أهل البيت (ع) من معاداة الفقهاء آخر الزمان للحجة (عج) فهم شر الفقهاء وهم أول من يحاربهم الامام (عج) ويقطع رؤوسهم، فكيف يكونون حجة علينا وهم بذلك من الممكن أن يستخدموننا كجنود لمحاربة الامام نفسه (عج) وهذا نص ما ذكر في كتاب الفتوحات المكيه (يقيم الدين ينفخ الروح في الإسلام يعز الإسلام به بعد ذله ويحيا بعد موته يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبي قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله ص لحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله )
د- وفي نفس التوقيع حين سُئل الامام (عج) عن العمري السفير الثاني نفسه أجاب وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل، فانه ثقتي وكتابه كتابي.