أخرج ابن كثير في البداية والنهاية – الجزء : ( 8 ) – رقم الحديث : ( 242 / 243 )
– قال المدائني ، عن شيخ من أهل المدينة ، قال : سألت الزهري كم كان القتلى يوم الحرة قال : سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار ، ووجوه الموالي وممن لا أعرف من حر وعبد وغيرهم عشرة الآف.
– قال إبن جرير : وقد رويت قصة الحرة على غير ما رواه أبو مخنف : فحدثني أحمد بن زهير ، ثنا : أبي ، سمعت وهب بن جرير ، ثنا : جويرية بن أسماء قال : سمعت أشياخ أهل المدينة يحدثون أن معاوية لما حضرته الوفاة دعا ابنه يزيد فقال له : إن لك من أهل المدينة يوماً، فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإنه رجل قد عرفت نصيحته لنا ، فلما هلك معاوية وفد إلى يزيد وفد من أهل المدينة ، وكان ممن وفد إليه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر – وكان شريفاً فاضلاً سيداً عابداً – ومعه ، ثمانية بنين له فأعطاه يزيد مائة الف درهم ، وأعطى بنيه كل واحد منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملاتهم ، ثم رجعوا إلى المدينة ، فلما قدمها أتاه الناس فقالوا له : ما وراءك ؟ ، فقال : جئتكم من عند رجل والله لو لم أجد إلاّ بني هؤلاء لجاهدته بهم ، قالوا : قد بلغنا أنه أعطاك وأخدمك وأحذاك وأكرمك قال : قد فعل وما قبلت منه ألا لا تقوى به على قتاله ، فحض الناس فبايعوه ، فبلغ ذلك يزيد فبعث إليهم مسلم بن عقبة ، وقد بعث أهل المدينة إلى كل ماء بينهم وبين الشام فصبوا فيه زقاً من قطران وغوروه ، فأرسل الله على جيش الشام السماء مدراراً بالمطر ، فلم يستقوا بدلو حتى وردوا المدينة ، فخرج أهل المدينة بجموع كثيرة وهيئة لم ير مثلها ، فلما رآهم أهل الشام هابوهم وكرهوا قتالهم ، وكان أميرهم مسلم شديد الوجع ، فبينما الناس في قتالهم إذ سمعوا التكبير من خلفهم في جوف المدينة ، قد أقحم عليهم بنو حارثة من أهل الشام وهم على الجدر ، فانهزم الناس فكان من أصيب في الخندق أعظم ممن قتل ، فدخلوا المدينة وعبد الله بن حنظلة مستند إلى الجدار يغط نوماً ، فنبهه ابنه ، فلما فتح عينيه ورأى ما صنع الناس ، أمر أكبر بنيه فتقدم فقاتل حتى قتل ، فدخل مسلم بن عقبة المدينة فدعا الناس للبيعة على أنهم خول ليزيد بن معاوية ، ويحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء.
وكذلك أخرج إبن كثير – البداية والنهاية – الجزء : 8 – رقم الحديث : ( 244 )
– وقد أخطأ يزيد خطأ فاحشاً في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام ، وهذا خطأ كبير فاحش ، مع ما إنضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم ، وقد تقدم أنه قتل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد ، وقد وقع في هذه الثلاثة أيام من المفاسد العظيمة في المدينة النبوية ما لا يحد ولا يوصف ، مما لا يعلمه إلاّ الله عز وجل ، وقد أراد بارسال مسلم بن عقبة توطيد سلطانه وملكه ، ودوام أيامه من غير منازع ، فعاقبه الله بنقيض قصده ، وحال بينه وبين ما يشتهيه ، فقصمه الله قاصم الجبابرة ، وأخذه أخذ عزيز مقتدر وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديداً.
وأخرج ابن الأثير – أسد الغابة في معرفة الصحابة – الجزء : ( 3 ) – رقم الحديث : ( 147 )
– وكان سبب وقعة الحرة إنه وفد هو وغيره من أهل المدينة إلى يزيد بن معاوية فرأوا منه مالاً يصلح ، فلم ينتفعوا بما أخذوا منه فرجعوا إلى المدينة وخلعوا يزيد وبايعوا لعبد الله بن الزبير ، ووافقهم أهل المدينة فأرسل إليهم يزيد مسلم بن عقبة المرى وهو الذى سماه الناس بعد وقعة الحرة مجرماً ، فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة قتل فيها كثيراًً منهم في المعركة وقتل كثيراً صبراً.
وأخرج إبن كثير – البداية والنهاية – الجزء : ( 8 ) – رقم الحديث : ( 241 ):
– ثم أباح مسلم بن عقبة ، الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله المدينة ثلاث أيام كما أمره يزيد ، لا جزاه الله خيراً ، وقتل خلقاً من أشرافها وقرائها وإنتهب أموالاً كثيرة منها ، ووقع شر عظيم وفساد عريض على ما ذكره غير واحد.
*صحيفة الصراط المستقيم * العدد 23 * السنة الثانية * بتاريخ 28-12-2010 م * 22 محرم 1432 هـ.ق*