يجب على كل صاحب بصيرة أن يحرص على نعمة الفطرة الإلهية ويزكيها لا أن يدسها برذائل الأخلاق ، فالله خلقنا لكي نسعد بمعرفتنا له سبحانه وتوحيده التوحيد الحقيقي الذي جاء عن أهل بيت العصمة {عليه السلام} أو من يقوم مقامهم ،
ولا يجعل هواه هو القائد له ، فمعظم رغبات وميول الإنسان حيوانية قال تعالى
( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوك ) (الأنعام: 116)
فترى اغلب الناس لا يتحملون الحق أو يتحملونه إذا كان يصدر من جهة هم يحبونها ويوالونها ، أما إذا جاءهم الحق من جهة هم يستصغرونها فتراهم لا يقبلون ذلك الحق ، ألم يقرءوا قوله تعالى :
( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) (الأنعام: 124) .
وقوله تعالى :
( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ) (الزخرف: 32) .
وقول أهل البيت {عليه السلام} : ( ربما أشعث اغبر لو اقسم على الله لأبر قسمه ) .
وقولهم أيضاً
(إن الله أخفى أولياءه في خلقه فلا تحتقر أحداً من خلقه عسى أن يكون ولياً من أوليائه) .
وهل من حق الناس أن ينصبوا أولياء الله تعالى أو اختيارهم ، فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا :
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (النساء:54)
فعلينا أجمع نحن أهل الأنا والحسد والحقد ومختلف الرذائل أن نتطهر ، من رذائل الأخلاق والتحلي بالأخلاق الحسنة التي أمرنا بها وأنى يكون ذلك إلا بالعلم والعمل والإخلاص ، لا بالخداع والمكر والتظاهر بالتدين فيكون حالنا حال القبر المزخرف ظاهرة وباطنه جيفة ، وان يكون أحدنا إنساناً حقيقياً لا ذئباً ضارياً ( هم ذئاب وعليهم ثياب كلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الحنظل ) .
ونحن في هذا الزمان كما ترون كم وكم انخدعنا بأشخاص بعنوان الدين ولا حاجة إلى ذكر مواقفهم والكل يعرف ذلك ولكن يسدل عليه الستار وسوف تُسألون عن عدم محاربتكم لهذا الفساد الخفي الجارف وسوف تُسألون عن كتمان الشهادة يوم الإشهاد .
فتراهم يقترفون معظم الرذائل التي لا تحصى ولا يتأدبون بآداب الشريعة المقدسة بل يجعلون على أعمالهم القبيحة ثوب وهالة من القدسية ويجندون لها المئات من عبيدهم العميان عن معرفة الحقيقة التي لا تخفى على كل ذي بصيرة قال تعالى :
( لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (الحج: 46) .
فلماذا نحرم أنفسنا من بركة وهدى الثقلين ونحن بأمس الحاجة لهما ، بل كثير من المسلمين يميلون إلى تقليد الغرب الكافر ، فحالنا اليوم مزري ومخزي إلى ابعد الحدود كالذي بيده الماء وهو يموت عطشاً ، فهذه الشريعة بين أيدينا من تراث وعترة وبقية آل محمد فلماذا لا نشرب من عينها الصافية ومعينها العذب حتى نحيي قلوبنا الميتة . لا أن نأخذ ديننا من أفواه الرجال ، فعنهم {عليه السلام} ما معناه :
( من اخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ومن اخذ دينه من القرآن والسنة زوال الجبال أيسر من زوال دينه ) البرهان ج1 .
فعلينا أن نبحث عن ديننا بأنفسنا لا أن نتكل على الآخرين ، وقد جربنا مرات ومرات فظهر زيف الذين يقولون ( كيت وكيت ) وأخفوا علينا الحق خوفا على مناصبهم مراكزهم الدينية أو الاجتماعية ، مثل الكذب على كثير من العلماء والمؤمنين وأرادوا دفن الحق ، ولكن هل يستطيعون ؟ لا وألف لا .
والآن وبكل وقاحة يكذبون من يلتقي بالإمام المهدي {عليه السلام} :
(( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) (التوبة:32) .
إن لم تصدقوا طوعا فما بقي لكم إلا السيف أو أن تؤمنوا تحت ظل السيف فتكونوا طلقاء العصر .
فإذا جاءكم هذا الرجل – رسول الإمام المهدي السيد احمد الحسن – بالرحمة والرأفة وانتم تستهزؤن به فماذا تريدون بعد الرحمة والرأفة أليس هو العذاب على من كذب . وكذلك سنن الذين من قبلكم .
ففي الحديث عن أهل بيت العصمة {عليه السلام} ما معناه في آخر الزمان !
(( يكذب الصادق ويصدق الكاذب ويقرب الماحل )) يوم الخلاص
(( لا يكون شيء أخفى من الحق ولا اظهر من الباطل )) البرهان ج1
(( ترون المعروف منكرا والمنكر معروفا )) الوسائل
(( تكون الناس كالبهائم ))
(( وحتى يكاد لا يرى عاقل )) . البرهان ج1
وفي الحقيقة الآن من يقول الحق والصدق يتهم بالكفر والسحر والجنون ، فكل شيء معروف عند الناس إلا الحق فأنهم يرونه باطلا !!! والحق عندهم فقط ما يصب في صالحهم ويوافق رغبتهم . فان أحدهم إذا مرض جسديا تراه تقوم قيامته ولا يترك طبيباً أو سبيلاً إلا وسلكه من اجل هذا الجسد المادي الذي يتلاشى بعد فترة قليلة ، ولا يلتفت إلى روحه وهي مصابة بمرض يفوق بكثير المرض الجسدي
(( اللهم إنا نسألك المعافاة في الأديان كما نسألك المعافاة في الأبدان )) .
وهذه الروح باقية دائما إلا ما شاء الله بعكس الجسد المادي ، فما لنا لا نعقل ونقف ونتفكر ونستدرك الموقف قبل فوات الأوان ، وما دمنا في فسحة من الأجل ، وما زال النفس يصعد وينزل وأبواب الرحمة الإلهية مفتوحة ليل ونهار في كل وقت واوان ، وعلينا أن نسرع إلى العلاج والدواء وهو في كتاب الله تعالى وكلام أهل البيت {عليه السلام} التي تشفي كل مرض وعاهة ، عن الرسول محمد (ص) ما معناه :
(( إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع وماحل صادق ومن جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم وعلى نجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة )) مكارم الأخلاق .
فهذا رسول الله (ص) يحثنا على التمسك بالقرآن لعلمه بالفتن وأمراض آخر الزمان وانحرافاتهم قال تعالى
(( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً )) (الإسراء:82)